المحرر موضوع: منظمات المجتمع المدني بين الضرورة والتخوين  (زيارة 1013 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سمير يوسف عسكر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 335
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مفهوم المجتمع المدني منذ ظهوره داخل المجتمع اليوناني وارتباطه بوجود المدنية تميز حيث ما هو فرد وما هو عمومي. في الفلسفة اليونانية استخدم الفلاسفة مفهوم المجتمع المدني كمرادف للمجتمع الجيد. ارسطو دعا الى تكوين المجتمع يسود فيه حرية التعبير عن الرأي، وحماية العدالة والمساواة، سيشرون أراد العودة لروح الشعب واساس المجتمع المدني الذي عنده المساواة والعدالة للصالح العام. وحديثاً في تحديد الدور والوظيفة في البناء السياسي والاقتصادي في الدولة. وهو بهذا المعنى يقدم التجربة الغربية في صناعة المؤسسات المدنية ومنها يعالج مجموعة من المفاهيم القضايا الاكاديمية التي تزيح الستار عن معوقات نشأة المجتمع المدني. باستعراض البنية الاجتماعية والثقافية والسياسية، التي تعمل بإطارها منظمات المجتمع المدني فتقع بين ثقافة العجز واسترقاق السلطة للمجتمع واحتكار للحراك الاجتماعي وبين مقايضة القوى الخارجية. نشأة المجتمع العربي في عالم الشرق الأوسط وشمال افريقيا، فهو يعاني من أزمات عضوية، مركبة ومعقدة يسودها الخوف والاستبداد والطغيان. الخوف من الحرية الديمقراطية والتعددية وبروز الأنظمة الطائفية والشمولية التي تقوم على الغاء المجتمع المدني. عندما انعقد مؤتمر القمة العربية في الرباط عام 2006، حضره 50 منظمة اجتماعية واكاديمية وصحفيون وبرلمانيون من منتدى المجتمع المدني ودعوا من خلاله الحكومات الى الغاء كافة القيود الأمنية والإدارية والتشريعية التي تعيق الاصلاح السياسي والى تحديث التشريعات التي ترعى عمل المجتمع المدني لكي تتماشى مع المعايير الدولية. وقد جاء هذا المنتدى بمثابة تحدٍ للقادة العرب للوفاء بالتزاماتهم السابقة حول الإصلاح السياسي والتعددية. والمنظمات ما زالت تواجه تحدّيات كبيرة تتضمن قيود داخلية وخارجية تحدّ من قدرتها على التنظيم وطلب التمويل وصرفه، وتواجهها معوقات الثقافة المتجذرة في الدين وتأثيرات الاحتلال الخارجي والنزاعات المسلحة والاستحواذ على الثروات والفساد الإداري والمالي. فالموقف المصري على وجه التحديد كان صارحاً ففي 2003 رفضت وزارة الشؤون الاجتماعية طلبي تسجيل منظمتين بارزتين في مجال حقوق الانسان، وفي عام 2013 ادانت محاكم القاهرة 43 شخصية من منظمات تعمل بشكل اساسي في مجالات الديمقراطية وحقوق الانسان. في فلسطين الضفة الغربية وقطاع غزة واجهت المعوقات البيروقراطية على مضايقة موظفي البرنامج وتدخلاتها في عمليات المنظمات عن طريق رفض تصاريح الفعاليات وتعليق اعمالها بشكل تعسفي. في الأردن فقد حجبت أكثر من 300 موقع اليكتروني بموجب تعديلات عام 2012 قانون الصحافة والنشر. في المغرب لقد قوّضت عدة حلقات للمنظمات من حرية الصحافة والتعبير، في البحرين عام 2004 اعتقل مسؤولين من مركز البحرين لحقوق الانسان واقفل المركز وتم قمع كل نشاطات المجتمع المدني. في العراق كان المجتمع المدني في نظام صدام حسين مقيداً وكان كل من تعامل فيه معرض لخطر كبير، وكان مفهوم المنظمات غير الحكومية وثقافة المجتمع الحر بعيدان كل البعد عن المجتمع المدني. وبعد 2003 عانت المنظمات الاقصاء والخروقات والمضايقات من قبل الأحزاب والكيانات الدينية وحكوماتها وهذا يرجع الى الوضع الأمني المتردي، واعتبرتها ذات جذور غربية بتوجيهات ليبرالية تقاطع والسلطة الحاكمة الدينية. (أتمنى من منظمات المجتمع المدني التي ستخوض الانتخابات لأول مرة في شهر مايس النجاح والتغيير والتخلص من الوجوه الفُحُومَة الفاسدة التي دمرت العراق ل 15 سنة). في لبنان قمت بزيارة لها الشهر الماضي (آذار)، وخلال شهر لمست واطلعت على البرامج الانتخابية البرلمانية لشهر مارس القادم للأحزاب المشاركة منها لائحة التكتل الموحد لمنظمات المجتمع المدني ضم في صفوقها 20 منظمة وجمعية. وأكدت الاستطلاعات والمعلومات ان الخطة تؤمن في تحقق نتائج إيجابية، وهذا التشكيل النيابي يعتبر الخرق الأول على هذا المستوى لدوره السياسي في البلاد ومن أجل احداث التغيير. في إسرائيل أقرّ الكنيست الإسرائيلي قانوناً مثيراً للجدل يفرض رقابة على تمويل منظمات المجتمع المدني ويلزم المنظمات غير الحكومية عن تفاصيل التبرعات الدولية التي تتلقاها إذ كان أكثر من نصف تمويلات تلك المنظمات تأتي من حكومات ومؤسسات اجنبية من الاتحاد الأوربي والحكومات الاوربية كحكومة الدنمارك والسويد وبلجيكا والنرويج التي لا تتمتع بعضوية الاتحاد. يوجد 30 ألف منظمة غير حكومية في إسرائيل أغلبها مؤسسات فاعلة في المجتمع، كما يبلغ عدد الجمعيات الحقوقية المهتمة بالصراع العربي الإسرائيلي 70 جمعية. على ضوء القانون المثير صرح ناسمان شاعي عضو الكنيست المعارض ان (إسرائيل سوف تدفع ثمن الدمار لزمن طويل). وقال إيزاءك هيرزوغ القيادي المعارض في حزب الاتحاد ان (قانون المنظمات غير الحكومية ليس إلا ناشئة تزحف الى المجتمع الإسرائيلي). اما جماعة (السلام الآن) فقالت: (قانون من يريدون تكميم الافواه وإسكات كل صوت ينتقد الحكومة بخصوص السياسات الاستيطانية). ادمون بيرك فسرّ منظمات المجتمع المدني بانها (تتكون من الاسرة الكبيرة)، وبحسب الباحثين والمراقبين انها المعيار البارومتري للتوجهات السياسية المقبلة في منطقة الشرق الاوسط عموماً.               الباحث/ ســــمير عســــكر