البطريرك شيخو والرئيس الراحل
بقلم /سلوان ساكو
في معرض القاهرة الدولي للكتاب والمُقام على أرض المعارض في مدينة نصر من سنة 2016، كنتُ هُناك متواجد على طول أيام المعرض الخمسة عشر، وشاركتُ بالندوات والفعاليات المقامة على هامش المعرض. في الخيمة الثقافية والتي تدير فعاليتها الدكتورة والروائية والناقدة المصرية سلوى بكر، حيث كانت تشرح عن الشعراء العرب في بداية العصر الاسلامي وفي تلك الفترة وقبلها أيّ قبل الأسلام، وبعد الاسترسال في المحاضرة والخوض في أهم المصادر المتوافرةَ، جاءت على ذكر الاب بولس شيخو 1906- 1989 والذي سوف يكون لاحقاً بطريرك الكلدان الى سنة 1989، حيث أستشهدت به الدكتورة بكر كأهم مصدر يؤرِخّ لتلك الحقبة فهو حاصل على الدكتوراه في العلوم الشرقية من روما سنة 1933. الذي لفت نظري أكثر هو أن البطريرك شيخو يصبح متداول في الوطن العربي والدول الاسلامية، ونحن اصحاب هذا الميراث لا نعلم عنه شيء، وتضيع عنا كتبه ومنتجه الفكري والفلسفي الرصين، وتُفقدّ الكتب من مكتبات الكنائس الكلدانية، والذي يحصل هو أننا نترك كل هذا الأرثّ الفكري ونتمسك بقصة عادية ليس لها معنى ونعتبرها هي الأساس وهي ذات الكرامة والعزة ونركب صور سريالية مِنْهَا والتي يجب أن نتداولها في مجالسنا المفتوحة والمنغلقة فنُعيد الرواية ونكررها مرات ومرات لكي ما نعوض بها بعضٍ من نقصنا ونريح العقل من البحث والتفكير. تقول القصة المحكية أن البطريرك بولس شيخو ذهب لتعزية الرئيس الراحل صدام حسين بوفاة والدته صبحة، فدخل هو ومعه أحد كهنة بغداد القصر الجمهوري، فجتازا الباب الاول والباب الثاني ولم يبقى غير الباب الزجاجي الفاصل بين الرئيس وضيوفه، فطلب أحد أفراد الحماية الخاصة من الوفد الداخل بخلع الملابس، لغرض تفتيشهم قبل الدخول، ولكن البطريرك رفض بشدة وقال اذا كُنتُم لا تثقون بِنَا لا داعي لحضورنا من الأساس، وأمَّ بالخروج مع مرافقه الكاهن دون تقديم العزاء، ولكن صدام حسين كان يراقب الوضع، وتسائل عن سباب ذهاب البطريرك دون الدخول، فقال له عنصر الحماية أنه يرفض أن يخلع ملابسه لغرض التفتيش، فطلب الرئيس من الحماية أن يدخلهم فوراً دون تفتيش واعتذر بدوره للبطريرك على ما قام به هذا العنصر. طبعاً هذه الواقعة تنمْ عن الاحترام والتقدير بدون شكّ، ولكن ليست هي الأساس وليست هي المتن وهنا المعضلة،، فهذه الأمور وماشابهها تقع بين الفترة وآخرى، ولكن ما يجب ان نبحث عنه هو الميراث الحقيقية للرجل، ولا نترك الأمور على عواهِنهِا، وهنا نسقط في مطبّ النسيان أو التناسي، فهذا هو الباقي والدائم وهو مستند بقاء الجماعة الرئيسي. أعُدم صدام حسين، ورحل البطريرك الى الحياة الابدية، ولكن كتبه لم تذهب، و يجب أن لا تذهب، ويُعاد طبعها من جديد وتتوافر في المكتبات وعلى النيت، ليطلع عليها الشعب وينهلون من هذا الفكر الحر والصافي لتشكيل معرفة متنوعة وجدية.