المحرر موضوع: سبب مقاطعة البعض من ابناء شعبنا للانتخابات العراقية  (زيارة 905 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل زيا ميخائيل

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 26
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


سبب مقاطعة البعض من ابناء شعبنا للانتخابات العراقية
تعالت الاصوات هنا وهناك حول مقاطعة الانتخابات العراقية من قبل بعض ابناء شعبنا, وتراوحت هذه الطروحات بين التهكم والتسقيط والطرح الواقعي, كما كانت الردود على هذه الطروحات بنفس الكيفية بل تجاوزت بعض الردود الى الشتم والاسائة, وهذا ان دل على شيء فانه يدل على فقدان الوعي السياسي والمنهج الديمقراطي عند الطرفين الذين يستخدمون هكذا اسلوب في الطرح والحوار.
ولكي نصل الى حقيقة فكرة المقاطعة ومن اين اتت وكيف تطورت واسبابها ودوافعها, فمنها واقعي ومنها سخط على الاداء والاخر فشل في التمثيل وغيرها من الاسباب. وقبل ان نتناول هذه الظاهرة بشكل موضوعي, يجب ان نعترف اولا ان من حق الناخب ان يقاطع اي انتخايات او تصويت او يعطي صوته لاي جهة دون اخرى, وهذه من مباديء الديمقراطية وحقوق الانسان التي تعطي الحق للناخب بمحاسبة المرشح بعد فترة تمثيل قاشلة حسب رؤيته, ومن حق الناخب ان يعاقب المرشح بعدم التصويت له او لغيره. اي مبدئيا لا يحق لاي مرشح او اتباعه او مؤيديه ان يحاسبوا الناخب على المقاطعة. لكن ممكن ان نبحث اسباب وصول الناخب الى هذه المرحلة من السخط على المرشحين والاحباط من العملية الانتخابية, ويمكننا بحث الموضوع من اداء الاحزاب والشخصيات المرشحة للانتخابات لانها الوحيدة المسؤولة عن كسب ثقة الناخب وارتباطه بهؤلاء المرشحين ودعمهم في الانتخابات, اذا تلمس الناخب المنجزات والمواقف لهؤلاء المرشحين والتي تنسجم مع طموحات هذا الناخب.
قبل كل شيء تعالوا نتفق ان المقعد في البرلمان العراقي او في مجالس المحافظات هو مكان للخدمة وتمثيل, اي من يصل هناك يجب ان يكون خادما للمجموعة التي اوصلته ولتحقيق طموحاتهم التي بسببها انتخب هذا الشخص, وهو ليس مكرمة للشخص المنتخب ولا جائزة او استحقاق لانه عبقري او جميل او انيق, لذلك من الطبيعي ان تختار الشعوب ممثليها وتغيرهم عند الحاجة او بتغيير المرحلة, لان لا يمكن ان يتولى شخص مهام خدمة لجميع المراحل, ففي الحروب هناك رجالها والسلم كذلك وهكذا البناء والاقتصاد والحقوق القانونية وغيرها. ومن هنا يقرر الشعب من هو الاصلح لهذه المرحلة ويختار, اما اذا الشعب او جزء منه لم يجد من يمثل طموحاته لكي يختاره, اي وصل الى مرحلة الاحباط قيعزف عن المشاركة ويعلن المقاطعة وعدم الثقة بالجميع المطلق, لان لو ان الشخص المحبط يرى في مرشح واحد امل, لاختاره ولم يقاطع. وسنتناول المرشحين المستقلين كانوا والمجربين سابقا بدون ذكر الاسماء واخطائهم, كما الاحزاب وكيف فقد الناخب الثقة بهم ووصل الى الاحباط.
الاشخاص..
دخول الاشخاص المستقلين في السابق كان قليل جدا, دون اللجوء الى تنظيمات واحزاب, ولهذا لم يفرق عند الكثير توجهات هذه الشخصيات المستقلة عن توجهات الاحزاب التي تختارهم, و في المناصب الوزارية, تولى البعض لفترات مناصب تنفيذية, والتي لم يحس الناخب بوجود هذا المنصب او تاثيره على المستوى المنجز العام اي منجز للشعب, لانه اما استفاد هو ومن كان مقرب له من منصبه او استفاد الحزب الذي رشحه, لذلك لم تكن صلة مباشرة للناخب بهذه الشخصيات لتنتقدهم او تلومهم على التقصير, لكن التقصير سجل في ذهون الناخبين.
الاحزاب..
وهنا الكلام الكثير, واسباب الاحباط لدى الناخب. فحينما كانت هذه الاحزاب وبعضها ريادية والناخب دعمها بشكل مطلق في السابق, دون التفكير بغيرها, لانه كان يؤمن بهذه الاحزاب ومناهجها السياسية والقومية ايمانا مطلقا, ووعدت هذه الاحزاب الناخبين, بانها ستفعل الكثير وستمثل الناخبين احسن تمثيل, وبعد ان نجحت في الانتخابات وصلت الى البرلمان او الحكومة تغير خطاب الممثلين ومنهجهم, وطريقة طرحهم لقظايا من انتخبهم, بالاضافة الى ردود افعالهم الركيكة في الاوضاع الماساوية التي مر بها الشعب الذي انتخبهم, وبهذا تراجعت شعبية هذه الاحزاب خطوة, وبدلا من ان تراجع هذه الاحزاب نفسها وتقوم ادائها السياسي بنفسها لتكسب رضى شعوبها, اخذت تبرر وتخون وتلقي اللوم على الوضع والاحزاب او القوى المعادية التي تحاربهم, وكانهم انتخبوا للخدمة في برلمان سويسرا لكنهم نقلوا الى العراق بعدها فتفاجأ بالوضع. وبعد تكرار العملية الانتخابية وترشيح نفس الاشخاص من نفس الاحزاب, بالرغم من بدأ الاعتراض على هؤلاء المرشحين من داخل الاحزاب نفسها, وتكرار الاخطاء لعدة مرات من قبل هؤلاء الاشخاص في التمثيل الصحيح وتحويل اتجاه الخدمة العامة وتمثيل شعب باكمله الى الاستفادة الشخصية والعائلية وصنع الصنمية من لاشيء, ومحاولة التبرير المستمرة للفشل, وتسمية واجباتهم التي يجب ان يقوموا بها بالمنجزات, لا بل وصلت الحالة من الافلاس الى تحويل مذكرة احتجاج او طلب ما على ورق بالمنجز.
وهكذا بدأ السخط على هذه الاحزاب وعلى قياداتها يتوسع ليتعمق داخل الاحزاب نفسها, وهنا تبدا القيادات بعزل المحتجين والمطالبين بالتغيير, فتحدث الاستقالات والعقوبات والتنحية, الى ان وصلت الى حل تنظيمات مناطقية ومحلية بالكامل, بالاضافة الى الانشقاقات في القيادة نفسها, وفي كل عملية غربلة تخسر هذه الاحزاب كوادر واكادميين ومتعلمين بدرجات اكاديمية عالية, لانهم هم المعنيين بايجاد الاخطاء ومحاولات تصحيحها واحداث التغيير الايجابي, كما ان هذه  القيادات لم تفهم ان هذا الحزب جمع الناخبين والمؤيدين بهؤلاء الكوادر والاكاديميين, لكن القيادات ونرجسيتها تصورت انها بلغت حد الخلود السياسي والزعامة الابدية, ومع الوقت لم يبقى قريب او منتمي لهذه الاحزاب الا المطبلين او الذين لايمتلكون من التعليم والقدرة السياسية لتقويم المسار ومحاسبة هذه القيادات, وهذا كله جرى والناخب يراقب ويسمع ويرى الانشقاقات في القيادة وانهيارات كبيرة في القاعدة, ومع ذلك يجد اشخاص تتربع على قيادة هذه الاحزاب وتحاول تخوين المنشقين تارة وتقصير المنتمين تارة اخرى, كما ان الناخب ممكن ان يكون قد صدق هذه القيادات في البدأ, لكن عندما استمر المنهج لاربع عشر عاما من فترة المشاركة في العملية السياسية وقبلها في الاقليم, لم تعد تمر هذه السياسة على الناخب, وخصوصا بعدم وجود منجزات تلبي طموحات هذا الناخب, والتبريرات من قبل هذه القيادات بفشلها, وخاصة المحاججة بالوضع العام للبلد, وتعرف هذه القيادات جيدا انها من المشلركين بهذا الوضع.
وهنا وصل الناخب الى  الاحباط وفقدان الامل بهذه الاحزاب, ويقول الكثير من هؤلاء الناخبين المحبطين, لمن انتخب, نفس الاشخاص ونفس الفشل ونفس التبريرات. وهنا نسال, اذا كان وضع البلد السياسي هكذا ولن يتغير, فلماذا اذن ترشح نفسك اذا كنت تعرف ان هذا الوضع لا يسمح لك بالانجاز اولا, وانك غير قادر على تغيير هذا الوضع ثانيا, بل انك مصر على الترشيح, وكما سمعنا من بعض المرشحين ان يدهم تحت الحجر, وهنا اتسائل انا بصوت منخفض.. كم هي ممتعة وضع اليد تحت الحجر لكي اطلب من شعبي ان يضع يدي تحت هذا الحجر مرات ومرات؟
وعلى الاحزاب فهم وجه نظر هذا الناخب المحبط اولا قبل ان ترجمه بالحجر, فهو ايضا لا يريد بداخله المقاطعة, بل البعض منهم كانوا من اشد الناس حماسا ودعما لهذه الاحزاب, لكن اللوم يقع على هذه الاحزاب والقيادات التي لم تستطيع عمل منجز داخل احزابها, فكيف تنجز خارجه, وهذه القيادات يجب ان تغادر الاسلوب العنجهي مع المنتمين اولا لهذه الاحزاب ومن ثم مع مؤازريها وناخبيها, وتعترف بما اخطأت وتسمع للحكماء ولا تكون كاللذي يكسر قدحا ويقول انكسر القدح, بل كن جريء وقول انا كسرت القدح, لان القدح لوحده لا ينكسر.
وهنا يجب ان اقول ايضا ان هذه الاحزاب بدأت تشعر بخط تراجع شعبيتها في هذه الانتخابات, من خلال اقبال الجمهور على ندواتهم الانتخابية والمحصورة على اشخاص, وليس الكل مسموح له باقامة الندوات, وهذه الندوات تحولت الى برنامج اخباري لسرد الاحداث وتعظيم المنجزات الوهمية كما تفتقر لاي برنامج انتخابي, فقط عملية تخويف الناخب من الوضع وازياد ياس الجمهور واحباطهم, لكي يظهرو مدى التحديات الوهمية التي يجابهونها في عملهم البطولي داخل البرلمان, كما افتقارها  للجمهور, فبينما كانت المئات تحضر لهكذا ندوات في الماضي, وفي عدة دول اصبحت اليوم عشرات ودول قليلة جدا, وبظهور منافسين اخرين لهم الامكانية على حشد الجماهير واقناعهم وتطرح برنامج انتخابي وتوعد الناخب بما يطمح له, او على الاقل تكون واضحة وتقبل النقد والمحاسبة, غير الكثير من هؤلاء الناخبين المحبطين والمقاطعين رايهم, وهذا شيء ايجابي, ولكن نرى التسقيط على هؤلاء الناخبين  من جهة والتشكيك بامكانية اداء المرشحين الجدد من جهة اخرى, واثارة موضوع ابناء شعبنا في الداخل والخارج للتشويه السياسي لا غير, لكن الناخب اصبح واعيا ويعرف كيف يقيم الاداء السياسي, ويعرف اان الغناء والموسيقى والرقص بالانغام القومية شيء جميل, لكن لن يجلب له حقوقه القومية ويحمي وجوده كامة حية, كما ان الشعب والناخب سيحاسب من اخطأ ويعاقبه, لكي لا يتصور ان قياديا يبعد كل من يحاسبه من تنظيمه سينجوا من المحاسبة, بل حساب شعب معروف قساوته ولا يتفاوض او يساوم ولا يرحم المخطيء.
اتمنى اننا اوصلنا صورة اوضح لسبب احباط الناخب ومن يجب ان يلام, لذلك يجب نقبل الاخر رغم اختلافه عنا بالراي, لان الزمن يتغير وبسرعة, ولكي نلحق الزمن يجب ان نرى الامور بعقول متفتحة, لكي نميز الصالح لشعبنا, ولان القضية ليس تخص شخص او حزب او قائد بل مصير امة وحق شعب اينما يكون, والانتخابات والمشاركة لشعبنا بها هي مجرد خطوة من رحلة الف ميل, فلنكن ارقى لنتمكن من الرحلة الاكبر. وليحفظ الرب هذا الشعب.
زيا ميخائيل