المحرر موضوع: مقدمة في أثر الفكر العربى علي الشخصية القبطية  (زيارة 497 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل اولـيفر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 546
    • مشاهدة الملف الشخصي
مقدمة في أثر الفكر العربى علي الشخصية القبطية
Oliver كتبها
- بقاء الكنيسة القبطية بشخصيتها المتفردة في مصر هو من أعظم أعمال الله في الوجود البشرى.ليس بسبب ما تعرضت له الكنيسة من اضطهادات فهذا حدث لكنائس كثيرة.ليس الأقباط وحدهم الذين تعرضوا لمذابح.الكنيسة الروسية و السريانية و الأثيوبية و الأرمينية و اليونانية تعرضت ربما لما هو أفظع. لكن المعجزة التي لا ينكرها أحد هو الشخصية المتفردة للكنيسة القبطية برغم ما عبر عليها من مؤثرات يمكن أن تعصف بأعتي الثقافات قدام تيارات أرادت أن تتسلل إلى كنيستنا القبطية. فبقاء الكنيسة في مصر معجزة و إحتفاظها بشخصية مستقلة معجزة أكبر.إستقلال الثقافة المسيحية في مصر ظل سائداً رغم التضييق في كل شيء.كانت الثقافة محفوظة بالعبادة و لغة الإنجيل و بالطقوس و الأيقونات ثم بالكتابات و الألحان و بممارسة اللغة اليونانية ثم القبطية كان أقباط مصر يصنعون شخصيتهم و يصبغونها بالقداسة الناشئة من العشرة مع الله و الإتكال عليه.
-عاش شعب إسرائيل مستعبداً في أرض مصر لم يمكنه أن يعيش بشخصية مستقلة. تأثر بكثير مما في مصر.لما قتل موسى المصرى هدده عبرانى شاهد الواقعة  بالإبلاغ عنه.مظهراً أن ولاءه لفرعون أقوى من موالاته لموسى المدافع عنه.هذه أسوأ وسائل التشوه الثقافي حين يرتبط الولاء لفرعون و ليس لله. الثقافة المصرية و العبادة المصرية تغلغلت في دهاليز شخصية و ضميرشعب الله.لما تأخر موسى النبى علي الجبل كان أقرب إله فى أذهانهم هو عجل أبيس الذهبى هذا ما صنعه هرون للشعب..لقد عشش أبيس في العقلية الجمعية لشعب الله حتي بعدما عبروا البحر و رأوا عجائب الرب إذ نقرأ عن تذمرهم كثيرا مشتهين الثوم و الكرات و البطيخ الذى في مصر متناسين حلاوة المن و السلوي في أفواههم.هذا هو العائق الثاني أن تبق في ألسنتنا مفاهيم و ألفاظ لا تعكس ما لشعب الله لكنها عبودية الفكرالتي أراد الله لنا أن نتحرر من اسرها فننطلق إلى حرية مجد أولاد الله.
 -الكتابة في زمن موسى النبي و حتي قبله بألف عام كانت تتم على أوراق نبات البردي.كان من الطبيعي و السهل أن يكتب الرب لموسى النبي وصاياه العشرة علي بردية لكنه لم يشأ أن ينظر شعبه المختار إلي الوصايا كأنها إمتداد للوصايا الفرعونية التي كانت تكتب علي البردي فأعطي موسي وصاياه منقوشة على حجر.كأنه يريد لشعبه ثقافة متميزة عن غيره.ليست أحسن و لا أسوأ لكن  متفردة.حديثنا هنا عن الثقافة و ليس عن الوصايا.لهذا لا نجد للكتاب المقدس مخطوطات بردية قبل الميلاد  لكن كلها رقائق جلدية كالتي وجدت في قمران بالأردن1947 و تعود لسنة 150 ق م  و لكن بعد أن ضاع الخوف من تقليد طريقة الكتابة علي البرديات بدأ مؤمنوا العهد الجديد في نسخ الكتاب المقدس على أوراق البردى. لهذا نجد بردية شيستر بيتي في متحف دبلن تحوي معظم العهد الجديد من القرن الثانى.و مثلها بردية بودمر و تحوي إنجيل يوحنا من القرن الثاني أيضاً و النسخة السينائية من القرن الرابع  كذلك النسخة الإسكندرانية المنسوخة بيد المصرية الشريفة تكلا  مكتوبة باليونانية في القرن. بهذا نري التحرر من فكرة الإمتناع عن إستخدام البردي للنصوص المقدسة في العهد الجديد.لقد إحتاجت الثقافة اليهودية ألف عام و أكثر لتتخلص من هذا المنع غير المكتوب.إحتاجت ألف عام للتخلص من ثقافة سائدة لم تكن وصية بشأنها بل إنطباع أو تصور ليس إلا.
- كان آريوس هو أول تهديد حقيقي لتغيير الثقافة القبطية و ليس فقط العقيدة المسيحية القويمة.لأن تحالف آريوس مع البلاط الملكى جعل الشخصية القبطية تحت خطر داهم.لم تكن لآريوس هرطقة فحسب بل صارت هرطقته أداة سياسية إستخدمها أباطرة زمانه لتقسيمات كثيرة و حروب كانت الكنيسة القبطية أكبر ضحاياها و مع هذا ظلت محتفظة بشخصيتها كما إيمانها.
-. عبرت مرحلة آريوس و نسطور و أوطاخي بدءاً من القرن السادس لكن بعد أن زرعوا جذورهم في الصحراء العربية.ثم ظهر الإسلام  مستمدا كثيراً من ثقافته من تلك الجذور. بدأ المسيحيون في الشرق الأوسط يتعرضون لغزو عربى يستهدف ليس أموال البلاد  فقط بل دينها و ثقافتها و لغاتها الأصلية.
 - بعد أن تم إكراه المسيحيين في مصر علي الكتابة باللغة العربية بدأ منحني الثقافة القبطية الخالصة يميل إلى النقصان,حدث هذا بدءاً من القرن الثاني عشر تقريباً .لأن القبطية ظلت متداولة رغم المنع و التحريم حوالي مائتي عام ثم بدأت تتهاوي أمام اللغة العربية بحد السيف و تقلصت تماماً بدءاً من القرن السابع عشر.ثم إنقرضت.و العجيب أن إنهيار اللغة القبطية أمام اللغة العربية لم يتبعه إنهيار الشخصية القبطية أمام الفكر القادم من شبه الجزيرة العربية.بقيت الشخصية القبطية كأحد أعاجيب الزمن.
    - فرض اللغة العربية علي المصريين و جعلها لغة التجارة و لغة الدواوين بالإضافة إلى السيف الجاهز في يد الخلفاء كان سبباً رئيسيا  في عصر الإظلام ايام الخلافة العثمانية  بينما بقيت الثقافة القبطية نوراً وحيداً في الأفق المصرى.لكن تحالف إستثناءات من أساقفة و بطاركة مع الخلفاء كان وصمة عار و مدخل تسربت من خلاله  أفكار ظلامية إلي الشخصية القبطية لم تقضى علي الشخصية القبطية لكنها تركت بعضاً من بصماتها المعيبة عليها.كان هذا هو بداية تشوه ثقافى قبطي و نشكر الله أن هذا التشوه محدود و ملحوظ و يمكن معالجته إذا لم نرهب التغيير .
- نلتقي في مقال تالى عن نقاط سريعة للتشوه الثقافي القبطي بشأن نظرة البعض للمرأة الذى نتج عن تسرب بعض مفاهيم  الفكر العربى بشأن المرأة  ثم  مقال بشأن تشوهات في  تعريف بعض المفاهيم و تسرب بعض الألفاظ  غير المسيحية إلي لسان الكنيسة.