المحرر موضوع: بابليون داخل حِصان طروادة  (زيارة 1688 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
بابليون داخل حِصان طروادة
قيل الكثير عن الأنتخابات البرلمانية العراقية في الفترة القليلة الماضية، ولتشكيل معرفة أكثر، وبلورة أفكار اكثر أتساع وعمق مع الحالة الراهنة التي يمر به العراق الان بعد الإرهاصات الاخيرة للأنتخابات، يجب علينا أن نكون واعين وجدين مع كل طرح، ونقارب المنطق على ضوء الواقع والوقائع  مانستطيع لذلك سبيلا. وهذه حقيقة قاسية فعلاً و لكنها حقيقة على أي حال. أولا اجُريت الانتخابات في وضع شاذ خاصة في مناطق الشمال، فمحافظة نينوى ومركزها الموصل ومع كل التدابير الأمنية المُتخذة لم تشهد أقبلاً بما يكفي، والسبب هو الهجرة والتهجير والنزوح وجيوب عناصر تنظيم الدولة الاسلامية التي هددت بالقتل كل من يشارك في الأنتخابات، وهذا أبو الحسن المهاجر المتحدث باسم التنظيم يبث كلمة صوتية (49 دقيقة) يتوعد الحكومة فِيهَا. الوضع ليس أحسن منه في المناطق الكردية، فالاكراد لم يستفيقوا بعد من الضربة الموجعة التي وجِهت لهم من الداخل والخارج بسبب الأستفتاء على دولة الكّرد المزعومة. تراشق تهم الخيانة والعمالة والتفرد بأخذ القرارات والأصطفاف خلف إيران بين الحزبين الكبيرين، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، أعطى بدوره انطباع سيّء للناخب الكردي بشكل عام فلم تشهد صناديق الاقتراع اقبل كثيف. نسبة المشاركة في عموم العراق كانت دون المتوسط، حسب أحصائية المفوضية العليا للأنتخابات، 44 بالمئة، مقارنة بالانتخابات الماضية في سنوات 2010 و 2014 حيث كانت المشاركة أفضل بكثير، وهذا قياس على أن الناخب العراقي فقد الثقة بالسياسي والبرلماني ورجل الحكومة، لا بل يراه حمل أوجه كثيرة، فهو السارق والمرتشي والكذاب والمنافق، فعلى أي أساس يُنتخب المرشح اذا كانت صفحته سوداء من الأساس، وهذا له مبرراته طبعاً. رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر والحاصل على أكبر نسبة مقاعد في البرلمان الجديد ما نفكّ يقطع وعوداً للشعب من زهاء اربع سنوات ونيفَ بتشكيل حكومة تكنوقراط بعيدة عن المحاصصة والطائفية والمذهبية، وهو بالأساس جاء عن طريق المحاصصة الى السلطة يحمل لواء المذهبيّة كشعار لتياره الصدري. والسؤال الأهم الذي يجب أن يطرحه السيد الصدر على نفسه،  إين همّ شريحة التكنوقراط أصلاً؟، آي المهندسين والمعماريين والاقتصاديين والمشتغلين بالعلوم، أليس كلهم خارج البلد وفي دول الخليج تستفيد الشركات والحكومات من خبراتهم واختصاصاتهم!. المكون المسيحي لم يكن أفضل حال، فالمجلس (الحزب) الشعبي الكلداني السرياني الآشوري فقد زخمه، وتأثر بالمتغيرات الجيوسياسية التي عصفت بالمنطقة،  خاصة في قرى سهل نينوى بعد سيطرة داعش في 2014، هروب ونزوح وهجرة المسيحين وضمور وتلاشي أفواج الحراسات أثر سلباً على القاعدة الجماهيرية للمجلس فخسر الرهان. الحركة الديموقراطية الآشورية هي الأخرى فقدت بريقها ومعه فقدت حصتها من بقايا المقعد   المحطم. كتائب بابليون، وهوه تشكيل من الحشد الشعبي الشيعي وجزء منه ومدعوم بشكل مباشر من المرجعية الشيعية، لا دخل للمسيحين به غير التسمية فقط  (الحشد الكلداني)  مهزلة من العيار الثقيل، دخل على الخط المواجه راكباً حصان طروادة واستحوذ على مقعدين من أصلا خمسة هي حصة المسيحين، كوتا، وهي مقاعد شكلية لا اكثر تنفع كواجهة للمحافل الدولية وعنوان باهت اللون، ( عضو  في البرلمان العراقي ممثل  عن المكون المسيحي) ماذا تفعل ثلاث مقاعد أمام 320 مقعد.
الأنتخابات كانت اِمِتهان للحكومات المتعاقبة على حكم هذا البلد المُنهك والمُمزق والمحطم، الذي لم يخدمه أحد الى اليوم بصدق وشرف ووطنية وأخلاص، لا عجب أن يظهر العراق على رأس القوائم للدول السيئة والفاشلة، على وزن أن استلمت منصب رفيع  في الحكومة اسرق وهرب.
لم تعد تنفع الشعارات الرنانة والزائفة، العراق العظيم، بلد الخير والخيرات، الشعب الذي لا ينذل،... الخ من هذه الأكذوبة التي لا تنفع أحد، يجب أن يتغير الوعي العام ويُوظف في سياق عصري حديث، ويَرَ السياسي والبرلماني ورجل الدّولة الوضع على حقيقته ويخرج من عقلية الإحتيال والتزوير والسرقة والتلاعب بأموال الشعب، فهذا الشعب ملّ وله كل الحق في ذلك.