المحرر موضوع: د. حامد الحمود يكتب في "القبس": إطلالة على العراق من أربيل (3-3)  (زيارة 1288 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 37773
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

القبس الكويتية

ذكرت أني سافرت إلى أربيل برفقة كتاب «الايزيديون وأصولهم الدينية ومعابدهم والأديرة المسيحية في كردستان»، للمستشرق الفرنسي توماس بوا، مما حفزني أن أزور كنائس في دهوك وأربيل. كما كنت أود أن أقابل رجال دين مسيحيين لأتحدث معهم عن علاقة الإسلام بالمسيحية، وبالذات بالمسيحية النسطورية.

ولم أكن أعرف أيا من الكنائس المسيحية في العراق هي الأقرب إلى النسطورية. ولم أتوقع أن أجد ذلك بهذه السهولة، فعندما أخذني السائق والمرشد السياحي إلى منطقة عين كاوة في أربيل إلى الكنيسة الكلدانية – وكانت مغلقة – أخبرني حارسها بعد سؤالي، أن الكنيسة الأشورية هي الأقرب إلى النسطورية. وعندما توجهت إلى الكنيسة الأشورية وجدتها مغلقة كذلك. لكني تحدثت مع شاب أشوري على ثقافة واسعة بالدين، مع أنه درس نظم المعلومات في جامعة بغداد. وبعدما عرفته عن نفسي، ذكر لي أن اسمه سرجون. ولربما حمَّله هذا الاسم عبء التاريخ.

والتشابه النسبي في بعض الأمور بين الإسلام والمسيحية النسطورية يأخذنا الى علاقة اللغة العربية باللغة السريانية. فكلاهما لغتان ساميتان. ففي القرن السابع الميلادي كانت السريانية لغة مكتوبة اكثر من العربية. فأكثر من طائفة مسيحية كانت تكتب الإنجيل بالسريانية. وفي هذا المجال أودّ أن أشير الى أبحاث الندوة العلمية التي عقدت في جامعة نوتردام في الولايات المتحدة عام 2006 حول المحيط الثقافي الذي نزل فيه القرآن. وقد نشرت هذه الأبحاث دار الجمل في كتاب بعنوان «القرآن في محيطه التاريخي». فنحن المسلمين على وعي بالمحيط الثقافي الأدبي او الشعري العربي الذي نزل فيه القرآن، لكن معرفتنا بالمحيط الثقافي المنسوج باللغة السريانية شبه غائبة. وعندما ناقشت الآثار السريانية في لغة القرآن مع الدكتور عبدالباري المدرس استاذ التاريخ الإسلامي واستاذ البرديات في جامعة هايدلبيرغ وجامعة الإمام الأعظم في بغداد، أكد لي وجود هذا التأثير وأعطى مثالا على ذلك بالطريقة التي تكتب فيها الصلاة والزكاة في القرآن، حيث تكتبان صلوة وزكوة، وهما اللفظان السريانيان لهاتين الكلمتين.

هذا ولعل أهم ما يلفت انتباه الزائر لمدينة أربيل من الناحية الجمالية هو متنزه سامي عبدالرحمن، الذي يعتبر اكبر حديقة في العراق والعالم العربي داخل مدينة. فقد مشيت فيه اكثر من ساعة ونصف الساعة من دون أن ادرك أبعاده. وسامي عبدالرحمن كان نائبا لرئيس حكومة كردستان وقد استشهد في عملية ارهابية قضت على مجموعة من القياديين الأكراد من الحزبين الرئيسين في اول أيام عيد الأضحى والذي صادف ١ فبراير من عام ٢٠٠٤.
وهذا المتنزه يعكس وعيا متقدما لمن خطط للتوسع العمراني لمدينة أربيل في العقدين الأخيرين. كما انها رسالة للعراق وللعراقيين كلهم. فالأرض التي أصبحت متنزها باسم سامي عبدالرحمن كانت مقرا للفيلق الخامس من الجيش العراقي. والمتنزه ليس غنيا بتنوعه الخضري فقط، وإنما اصبح أغنى في بناء مكتبة عامة جميلة التصميم في وسطه.
فهناك اكثر من سبب لزيارة أربيل، ولعل متنزه سامي عبدالرحمن من أهمها.

د. حامد الحمود
‏hamed.alajlan@gmail.com
‏hamedalajlan@
أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية