رسالة مفتوحة إلى القادة الدينيون والسياسيون والمعنيون بترتيب البيت الأشوري بكافة طوائفه ومذاهبه أبناء شعبي المحترمون . . إن التباينات الحاصلة في المشهد الآشوري قبيل الانتخابات البرلمانية وبعدها , يذكرنا بالمثل العراقي المشهور :
الما يعرف تدابيره . حنطته تأكل شعيره . . ؟الحقيقة إن ما لمسناه على الساحة العراقية مؤخراً لا يبعث على الطمأنينة آشورياً , فمن خلال إلقاء نظرة سريعة على الحرب الإعلامية والسياسية التي اتبعت في الانتخابات البرلمانية العراقية لعام , 2018 يتبين إن القوى السياسية الكبيرة نقلت حربها إلى داخل بيتنا الأشوري المغلوب على أمره ,هذا الشعب الذي يبدو ان النكبات أصبحت قدره , فقد تعرض إلى هجمة شرسة , إثناء سقوط نينوى التاريخية وسهلها في عام 2014 بيد دولة داعش الخرافية , والتي لا ثقافة لها ولا أخلاق ولا إنسانية , والتي لم تقتصر على القتل والذبح والتهجير القسري وتدمير التراث الديني والقومي والإنساني , بل عملت على تمزيق نسيج الحضارة الأشورية وقطعت الصلة بين ماضيها وحاضرها .
أما النكبة الجديدة التي نحن بصددها اليوم , فهي الانتخابات البرلمانية العراقية التي كانت نتيجتها آشورياً , وصول أربعة نواب من أصل خمسة إلى القبة البرلمانية (الكوتا المسيحية ) بأصوات من خارج البيت الآشوري , وتحديداً عربية وكردية , وهو ما يعد اعتداء وتجاوزاً خطيراً على حقوقنا القومية والوطنية , ولكن هذا لا يعفي القوى الآشورية بمختلف مشاربها من المسؤولية التاريخية عما جرى , فقد أثبتت سياساتها المتبعة في الانتخابات الأخيرة والتحضير لها بأنها قوى مشتتة لا رابط ولا هدف قومي يوحدها , ولا مصلحة قومية , وهي لا تمتلك سوى الحد الأدنى من ثقافة الوحدة .
كان يفترض بهذه القوى أن تتخذ تدابير وقائية أكثر من اجل تجنب هذه النتيجة المؤلمة , هذه القوى حملت مسؤولية تاريخية وكان يجب ان تكون خطواتها ومسارها بمستوى هذه المسؤولية , ما جرى قد جرى , ولكن يجب مقاربة هذا الحدث بمسؤولية وجرأة , ومن زاوية المسؤولية عن هذا الفشل الذريع , والمهم اليوم وغداً الاستفادة من هذا الدرس السياسي واخذ العبر منه لمستقبل آشوري أفضل .
المطلوب اليوم من القوى السياسية الكبيرة بين أبناء شعبنا العمل على زيادة اللحمة بين أبناء شعبنا الأشوري وحمايتهم من التشتت وضمان بقائهم بعز وكرامة في أماكنهم التاريخية في ارض الآباء والأجداد , وذلك من اجل تجنب تكرار هذه التجربة المريرة التي آلمتنا كلنا كقوى ومؤسسات وأفراد , ونحن مسئولون عنها ونتحمل نتيجتها شأنا أو أبينا .
المطلوب اليوم سلك كل الطرق السالكة وغير السالكة , المعبدة والترابية , من اجل الوصول إلى تفاهمات وتوافقات وحدوية قومية بين قوانا كافة ومؤسساتنا , لكي نتمكن مستقبلا من منع مصادرة أصوات أبناء شعبنا , من قبل القوى السياسية العراقية الكبيرة في بغداد وشمال العراق .
المطلوب اليوم من قوانا ومؤسساتنا الآشورية السياسية والدينية حرف المسار الحالي , وتحويل هذا الجدال العقيم و وهذا التناحر العبثي , وهذا الصراع الفارغ , من اجل مصالح حزبية أو شخصية أو طائفية , إلى صراع وجدال وتناحر ايجابي من اجل حقوق شعب مشتت , وانجاز وحدة قومية , وتحقيق آمال وطموحات أبناء شعبنا الآشوري في وطنه التاريخي آشور , وان تحسم هذه القوى القومية ماهية هذه المطالب القومية وإطارها , وتحت أي اسم قومي موحد , وعدم قبول المصطلح الحالي كوتا مسيحية أو مصطلح حقوق المسيحيين في العراق , فنحن آشوريين وقضيتنا كذلك , ولا مصطلح آخر أثبت جدواه حتى الآن رغم كل المحاولات والتجارب التي قمنا بها , بتسمية ثنائية حينا , كلدوآشورية ولغتها سريانية , أو ثلاثية حينا آخر , كلدانية سريانية آشورية , وهنا لا بد من التذكير والتاريخ شاهد على ذلك , إن شعبنا الآشوري كان موحداً أكثر عندما كان الالتفاف حول التسمية الحقيقية الآشورية , وكانت حقوقنا في العراق عموماً مصانة أكثر , وكان تمثيلنا النيابي أقوى وأصح .
وان التسميات الأخرى لم تخلق إلا جديد واحد , وهو مزيد من التناحر والتشتت , وفتحت الباب واسعاً على مصراعيه أمام بعض القوى العراقية التي كانت متربصة , لاستعمال سياسية فرق تسد بين أبناء شعبنا , حيث أصبحت في بعض الأحيان والمحطات هي الحكم بين أبناء شعبنا , في حين عندما كنا موحدين نحن الذين كنا قوات فصل عسكرية بين قوات تلك القوى المتناحرة حينها , نحن نطمح للعودة إلى ذلك الوضع , حين كنا موحدين تحت اسم قومي واضح وتنظيم قومي قوي موحد القوى , لكي نعود نحن الحكم بين الأفرقاء .
.أما فيما يتعلق بالمثل :
الما يعرف تدابيره . . حنطته تأكل شعيره !يضرب هذا المثل لكل شخص أو حزب له مسؤولية تاريخية وإنسانية ودينية وقومية ... لا يحسن تدابير أموره فيأكل ماله بعضه بعضا ، ويذهب كل ما يملكه وحققه من انجازات ومكاسب طيلة الفترة الطويلة من الزمن هباء منثورا , غفلة منه وقلة نظر وقصر رؤية مستقبلية .
كان من المفروض أن لا نصل إلى ما نحن عليه اليوم , وهذا المستوى الذي نعيش فيه اليوم, كوننا أقدم شعب واعرق تاريخ وأعظم حضارة وأصحاب الشريعة والتمدن .
الشماس كوركيس حنا مشكو
19 . 5 . 2018 م - 6768 آ