المحرر موضوع: الوعي السياسي عند الأقليات  (زيارة 1334 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الوعي السياسي عند الأقليات
يتأثر الوعيّ السياسي عند الفردْ ويعمل بشكل صحيح  عندما يرتبط مع المحيط والجماعة من حوله بسياق فكري أو تنظيمي يتحدّ مع الوضع القائم ليبلور في النهاية رؤى واضحة المَعالم، وهذا الوضع القائم سواء كان في دولة أو حزب يمسك بمقاليد سلطة هذه الدولة ويوجهها حسب  أيديولوجيا (عقيدة سياسية) معينة حيث يُشكل هذا الفرد وعيه وسلوكه وممارسته السياسية من خلال فهمه لهذا العمل ومدى تقبله له، كفرد فينومينولوجي ( كذات حرة ) تدرس الظواهر كموضوعات مرتبطة بالوعي وكيفية حضورها في خبرته للوصول إلى معرفة موضوعية ويقينية يستثمرها لصالحه أو لصالح هذه الجماعة، حتى وأن كان برغماتي النزعة، رهان صعب ولكن ليس مُستحيل، وكلما توغل النظام الاستبدادي في قمع الحريات ولجمْ نشاطه كلما قل الوعي وتزعزعت اليقينيات، وتبدأ ملكة السؤال والنقاش والجدل والشكْ بالتلاشي تدريجياً إلى أن تضمحل نهائياً، وهنا يكون إصلاحها صعبا بعد ذَلِك، لان الشعور ترسخ على عدم الاكتراث واللامبالاة في سيكولوجية الجماهير والجماعة، حيث نجد فريق ينظر إلى العملية السياسية برمّتها على إنها إناء فارغ من المحتوى لا جدوى تذكر منها، وهذا أوعز  بدوره إلى عدم المشاركة الفعلية، سواء بانتخابات برلمانية أو مجالس محافظات، أو تشكيل حزب سياسي ذات منصة فكرية جادة، أو حتى تأيد أو رفض هذا وذك، على وزنّ أن الأمر لا يهمني فلما وجعْ الرأس من الأساس.
التجربة البعثية في العراق ومن عام 1968 فشلت في خلق مناخ ديمقراطي تعددي،  كانت الدوغمائية مُتأصلة حتى النخاع فخنقت كل الحركات السياسية العاملة في البلد، الشيوعية، الكردية، الشيعية، المسيحية، اليسارية، واليمينيّة، وتفرد بالسلطة من عام 1975 فصعوداً، واستحوذ البعث على جلَ القرارات لوحده، وهذا كان له نتائج كارثية على البلد سوف تظهر لاحقاً. لربما يظن البعض أو يؤمنون أن النظام السابق كان حامي الأقليات وحارس على الأمن، حيث يتداول الكلام في كل مكان أن حرية المسيحين كانت مصانة، وأن المسيحي كان يُمارس شعائره الدينة بحرية مطلقة، وأن الكنائس تظل مشرعة الأبواب ليل نهار دوَّن المساس بها، ربما هناك وجهة نظر صحيحة في ذلك وأن الحديث عنه يُجاري الصواب في بعض الأحيان، ولكن أيضاً هنالك فقدان الهوية لهذا المكون الأصيل، ومشاركته في صنع القرار  وتعزيز  مكانته  في دوائر  الدولة وليس ساعي بريد( مراسل). هَذِه الإشكـــالات ينبغي الإجابة عنها بشكل واضح حتى يتسنى لنا رسم خارطة ذات ابعاد واضحة للمستقبل.
لم يتلون إصبع السبابة بالحبر القاني في الأنتخابات البرلمانية الاخيرة، على الأقل في ولاية مالبورن الأسترالية، للمثال وليس الحصّر، كانت نسبة المشاركة ضئيلة، ليس دون الوسط ولكن دون الربع مقارنة بسنوات ماضية، قُبلت هذه الممارسة بالسخرية غير أن ما يبعث على الدهشة هو البرود الذي واجه العملية برمتها، سؤال يجرّنا إلى سؤال أخر، هل هي فقدان الثقة، أم عجز السياسي عن تكوين خطاب يقنع الناخب، أم أشياء نقف عاجزين عن فهمها؟.
إن السياسة الصحيحة  تعمل على إقامة نوع من التناغم بين كل أفراد المجتمع وتحثه على ممارسة حقه بكل شفافية وصدق، وهنا يخلق هذا المناخ السياسي نوع من المجتمع الصحي يتوالف مع كل أطياف المجتمع دون إقصاء تهميش أحد، هذا ذمّي، هذا كافر، هذا زنديق، وتكون المعارضة تحت قبة البرلمان بالمرصاد لكل الأخطاء والتجاوزات والتلاعب، تُعدل من ذراع السلطة  التنفيذي الحاكمة بهدف ترسيخ مبدأ التداول الصحيح لنظام الحكم بجوّ ديمقراطي. يجب القضاء على التصور القديم وخلق وعي جديد وفهم جديد أيضاً، وعسى أن تكون الأنتخابات الاخيرة ومصاحبها من إخفاقات درسّ يستفيد منه الجميع.


غير متصل متي اسو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 926
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: الوعي السياسي عند الأقليات
« رد #1 في: 22:19 25/05/2018 »
الاستاذ سلوان ساكو المحترم
صدق من قال " بدون الوعي لا توجد إضطهادات ولا ظلم "
الوعي يخلقه " النقد " ، النقد الهادف الذي لا يعرف الهوادة ولا المهادنة ... نقد الذات اولا ، ونقد ومحاربة الاضطهادات والظلم ثانيا .
النقد جهد نضالي من صميم عمل المثقف الواعي ... ولا ادري إن كان مثل هذا المثقّف موجودا اصلا بين الاقليات المغلوبة على امرها... يبدو ان " الوعي " لدى مثقفينا قد تم إختطافه من قبل ما يُسمّى بـ " القومية والطائفية " .
القهر والاخفاقات والمصائب الجسيمة التي اصابت الاقليات على مر الازمنة والدهور ، اكرر على مدى الازمنة والدهور ، جعلت منهم قوما يرضى ، بل يبرّر احيانا ، معظم المصائب التي تتوالى عليه ، جعلته يعتاد عليها ويحسبها مألوفة لا ضير فيها ، جعلته يردّد كالببغاء ما إعتاد ان يردده اولئك الذين يضطهدونه ... لكنه في الغالب يصبح متنمّرا على ابناء ملّته فقط . ( يذكرني ذلك عندما يصفع عادل امام احدهم عندما يكتشف انه " مش معاهم " ، مع الحكام طبعا ), هذا الوضع العصيب دفع بعدد من ابناء الاقليات كي يفتشّوا عن مستقبل افضل " حسب ظنّهم "  فقط بالانتماء الى الحزب الحاكم ، وكان ذلك كارثة ما بعدها كارثة عندما يتحول الانسان من " ناقد " يخلق الوعي الى مبرّر ورقّاع ... والمصيبة انهم لا يزالون الى الان يطمسون الحقائق ويبرّرون ويكذبون .... وللظروف القاسية ، ولقلّة الوعي هناك من يصدقهم ......
 " النظام السابق كان حاميا للأقليات " ؟؟؟ كيف ، وما هذا الكذب الصلف؟؟؟ ... ما فعله النظام السابق بالبلدات والقرى المسيحية لم يفعله اي طاغية آخر من عهد هولاكو الى عهده البغيض ( هذا إن استثنينا ما فعله الرفاق الدواعش فيما بعد ).. كما تفرّد بإصدار قانون الاحوال المدنية السيء الصيت الذي ينال من الاقليات وحقوقهم ... وماذا بشأن حملته الايمانية التي اصبحت خميرة سيئة  رسّخت كره الآخر فيما بعد ؟
نتحدث عن الامن ؟؟؟ ما فعله رفاقه بعد ذهابه كان السبب الرئيسي لما حصل في العراق ، وفي الموصل تحديدا .
وان مشروع الاستحواذ على البلدات المسيحية من قبل الشيعة الان لم يكن ليحصل لولا إفتتاح المشروع الكارثي من قبل الطاغية المقبور .
الوعي لا يأتي من المحيط الحزبي او الطائفي او العشائري ، بل بالانفتاح على التجارب العالمية والانسانية وتشخيص الواقع الفعلي ..... وان السياسي الان ، أكان في جهاز الحكومة أم في البرلمان سوف ينحصر " وعيه " في كيفية مداراة  وظيفته الجديدة ، مع الحكومة ومع اولئك الذين انتخبوه ، ولو بعسل الكلام .
تحياتي


غير متصل كوركيس أوراها منصور

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1091
  • الجنس: ذكر
  • الوحدة عنوان القوة
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: الوعي السياسي عند الأقليات
« رد #2 في: 01:41 26/05/2018 »
عزيزي سلوان ساكو المحترم

تحية وتقدير .. بداية أود القول بانني معجب بكتاباتكم ومقالاتكم التي هي مختصرة ومفيدة ومحتواها من واقعنا المعاش، وهي مقالات بعيدة عن ثقافة التعصب والأنغلاق وتهميش الاخر التي يتصف بها البعض من مثقفينا الذين يدعون انهم يكتبون لبث الوعي بين ابناء امتنا.

الوعي السياسي الحقيقي يكون حيث تكون الديمقراطية الحقة التي هي حكم الشعب فكرا وفلسفة وعملا، وليس الديمقراطية المستوردة التي يدعي ساسة عراق اليوم بانهم يعيشونها ويمارسونها في عملهم اليومي، أن هؤلاء يستغلون أجواء الديمقراطية التي يدعون أنها موجودة ومشرعنة بموجب الدستور الجديد، من أجل نقد معارضيهم وتسقيطهم وأن هؤلاء يستغلون الأعلام ومواقع التواصل الأجتماعي للوصول الى غاياتهم المرجوة، في الوقت الذي يعرفون جيدا بان الديمقراطية عندهم هي مجرد شعار يمارسونه للغرض المذكور.

لا يمكن للديمقراطية أن تمارس وتتقدم وتحترم في محيط موبوء بالتخلف وبين أبناء شعب لا يزالون يفتقرون الى الأمن والأمان والى لقمة العيش المغموسة بالكرامة الأنسانية، وطالما كان شعبنا العراقي عموما وأبناء الأقليات خصوصا يفتقرون الى هذه الأركان الأساسية في الحياة من (أمن وأستقرار وكرامة وثقافة وحقوق غير منقوصة)، وعليه فان الوعي السياسي وحتى المجتمعي يبقى منقوصا وغير قابل للتطور ولا للممارسة طالما لا زلنا نعيش في دولة الميليشيات الطائفية التي ولاء قادتها هو لغير الوطن ولا للمواطن وأنما للغرباء والأعداء.

هذه المعادلة غير المتكافئة في حياة ابناء شعبنا أنتجت عوامل السخط والتذمر والياس من الحياة القائمة، ولذلك أعتبروا الأنتخابات الأخيرة أمتداد طبيعي لسابقاتها من حيث شكل وبرامج وأسماء المرشحين وكتلهم والغاية من الفوز بها، فعزف ابناء الشعب عن المشاركة الفعالة فيها لايمانهم بعدم وجود جدوى من المشاركة فيها.

وكما ترى فان الصراع بعد ظهور نتائج الأنتخابات والذي هو على شكل تجاذبات ومشاورات بين القوى والكتل السياسية الفائزة هو اقوى وأشد من الفترة التي سبقت الأنتخابات، والكل يبحث مع من يمكن ان يستحوذ على لقمة الحرام والكرسي اللعين حتى يتفق عليها حتى وأن كان ذلك مع الشيطان (والأحزاب الكردية التي تتشاور في بغداد الان مثالا، حيث تراهم يشاورون الخصوم وأعداء الأمس من أجل مصالحهم الضيقة).

وبرأي فان المشاورات الحالية على تشكيل الحكومة الجديدة لن تنتج عن تغيير جذري يرضي الشعب، وانما سيكون تأثيرها شكليا وربما سيقومون بتغيير لعبة توزيع الأدوار من أجل ذر الرماد في العيون ولاسكات الأصوات الثائرة التي ومع الأسف لا حول ولا قوة لها في المشهد السياسي القاتم؟؟

شكرا وتقبل أحترامي

كوركيس اوراها منصور   

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: الوعي السياسي عند الأقليات
« رد #3 في: 12:09 26/05/2018 »
الأستاذ كوركيس أوراها منصور المحترم
شكراً على مرورك، والتعليق الذي جاء في متن المقال. نعم الوعي السياسي الصحيح يجر في نهاية المطاف إلى الديمقراطية الحقة وليس على مقولة القذافي ديموقراطية (ديمو الكراسي)، ولكن المشكلة هو كيفية خلق هذا الوعي الذي مات في السنوات الثلاثين والعشرين الاخيرة وبات متجذرّ في الوعي الجمعي، وتفشة الجهل السياسي وهنا الأشكال الكبير.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: الوعي السياسي عند الأقليات
« رد #4 في: 12:25 26/05/2018 »
الأستاذ الكريم متى إسو المحترم:
شكراً على المداخلة التي جاءت بصلب الموضوع. النقد والجدل (ديالكتيك) والتصور والأمل والحلم وحتى اليأس همّ ما يميز الأنسان عن باقي المخلوقات، بهم يكتشف أنسانيته ويرتقي إلى مدارات ومدارك عليا، ويبدأ بفرز الغث من السمين والخطأ من الصواب، الخطير هو حين يفقد الأنسان كل هذا ماذا يبقى له بعد ذلك ياترى؟.