المحرر موضوع: إيران.. قلق من احتمال حكومة عراقية غير موالية  (زيارة 1446 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31445
    • مشاهدة الملف الشخصي
إيران.. قلق من احتمال حكومة عراقية غير موالية
تشكيل حكومة عراقية جديدة محتملة غير موالية لإيران من شأنها تحجيم التمدد الإيراني فمن المتوقع المطالبة بحل الحشد الشعبي مع طرح مشروع وطني بديل للمشروع المذهبي يعلي استقلالية القرار العراقي.

ميدل ايست أونلاين/ عنكاوا كوم
بقلم: عبدالرؤوف مصطفى الغنيمي
لا يمكننا فصل دوافع الدور الإيراني في الاصطفافات الحزبية العراقية عن الدوافع الإيرانية الكبرى المتعلقة بمركزية العراق في الفكر الاستراتيجي الإيراني، إذ يمثل العراق خطًّا فاصلًا وسدًّا منيعًا ظل لفترات تاريخية طويلة يفصل بين حضارتين، ما يجعله إحدى أهمّ حلقات الممرّ الإيراني المزعوم الذي يربط إيران بالبحر المتوسط، فضلًا عن المكانة الجيوبوليتيكية للعراق بوقوعه على رأس الخليج العربي الذي يكون مع بقية دول الخليج العربي أكبر مصدر للطاقة في العالم.

لا يمكننا إغفال التركيبة المذهبية للمجتمع العراقي وانتشار المراقد والمزارات الشيعية في النجف وكربلاء، واحتوائه على أكبر المرجعيات الشيعية في العالم، إذ تحتضن النجف أكبر جامعة علمية شيعية وهي الحوزة، ولذلك تسعى إيران لسحب البساط من مرجعية النجف لصالح مرجعية قم، فضلًا عن المكانة السياسية المتمثلة في قوة النظام السياسي العراقي وتوجهاته الإقليمية والأمنية المتمثلة في قدراته العسكرية قبل الغزو الأمريكي، ولذلك شكل إسقاط نظام صدام حسين فرصة لإيران للحيلولة دون ظهور العراق كفاعل إقليمي من جديد، يناطح إيران ويحدّ من قدرتها على مدّ نفوذها وتحقيق أهدافها في الإقليم العربي، إذ يطغى على أذهان صناع القرار الإيرانيين «عقدة التهديد العراقي» منذ الحرب العراقية-الإيرانية.

احتل العراق مكانة تاريخية مهمّة في العقلية السياسية الإيرانية في مختلف المراحل التاريخية، بدءًا بالإمبراطورية الإخمينية، التي أسسها قورش الكبير، وحتى قيام الجمهورية الإيرانية 1979، ويشكل مركزًا حضاريًّا وثقافيًّا باعتباره موطنًا من أولى الحضارات في التاريخ، فالعراق في المدرك الاستراتيجي الإيراني يحمل أهمية لإيران عبر مختلف العصور، وإذا كان هناك اختلاف فإنه بالوسائل وليس بجوهر الإدراك الإيراني، أي إن العراق وبحكم موقعه الجغرافي وثقله الاقتصادي وأهميته الأمنية والعسكرية سيبقى على الدوام ذا أهمية استراتيجية كبرى لإيران، ولن يتوقف واضعو الاستراتيجية الإيرانية عن وضعه في أولويات بنائهم الاستراتيجي الإقليمي.

فقد أدركت السلطات الإيرانية بعد سقوط نظام صدام حسين أمرين: الأول، وجود حكومة موالية لطهران في بغداد يمنح إيران حدودًا آمنة من الغرب من جهة، ويسمح لها بالتأثير على أسعار النفط العالمية من جهة أخرى، ويحول دون إقامة الأكراد لدولة مستقلة، ما يؤثر على الأكراد الإيرانيين وطموحاتهم من جهة ثالثة. الثاني، وجود حكومة عراقية موالية للولايات المتحدة يعني تطويقًا أمريكيًّا لإيران لخنقها، فهي تتقاسم حدودًا طولها 920 كيلومترًا مع أفغانستان وأخرى طولها 960 كيلومترًا مع باكستان وهما حليفتان للولايات المتحدة، ولذلك بادرت بمد النفوذ بقوة إلى الداخل العراقي حتى أصبحت اللاعب الأبرز على الساحة العراقية.

يأتي الدور الإيراني في الاصطفافات الحزبية العراقية استكمالًا لما تفتضيه الاستراتيجية الإيرانية لـ«التحكم في عملية صنع القرار العراقي»، القائمة على أن التحكم في قوة وتوجّهات وسياسات العراق داخليًّا وخارجيًّا يتطلب نفوذًا قويًّا واختراقًا حقيقيًّا داخل المؤسسات العراقية العسكرية والاقتصادية والسياسية والثقافية، فعسكريًّا نجحت إيران عبر الضغط على حكومة العبادي والبرلمان في إدماج قوات الحشد الشعبي بالجيش العراقي. وإذا ما علمنا أن الجزء الأكبر من قوات الحشد الشعبي (يتألف من 150 ألف شاب شيعي عراقي، موزعين على 66 فصيلًا شيعيًّا مسلحًا) تابعون للولي الفقيه بينما قلة منهم موزعون بين السيستاني والصدر، نصل إلى نتيجة مفادها أن الحشد إحدى الأذرع الإيرانية القوية في العراق لتنفيذ المخطط الإيراني بقوة السلاح.

وقد حققت إيران تقدمًا آخر على الصعيد الاقتصادي في ملف التبادل التجاري (الصادرات/الواردات)، إذ تحتلّ إيران المرتبة الثانية في التجارة مع العراق بنسبة 13%، بينما احتلت تركيا المرتبة الأولى بنسبة 22%، وجاءت الصين في المرتبة الثالثة بنسبة 12%، وتستحوذ إيران على 10-15% من السوق العراقية،وأعلن الملحق التجاري الإيراني في العراق محمد رضا زاده أن التبادل التجاري بين البلدين بلغ 13 بليون دولار، مشيرًا إلى أن صادرات إيران إلى العراق تضاعفت 17 مرة خلال العقد الأخير، بينما توقع رئيس غرفة تجارة طهران يحيى آل إسحاق ارتفاع حجم التجارة ليصل إلى 20 مليار دولار في السنوات المقبلة، لكن على صعيد الاستثمارات لم تحرز تقدمًا، إذ تسعى حكومة العبادي إلى تنويع المستثمرين على المستوى الدولي، بينها الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية.

أما على الصعيد السياسي فتطمح إيران عبر البوابة التشريعية إلى تحقيق اختراق سياسي كون البرلمان العراقي يتمتع باختصاصات واسعة، إذ يختص باختيار رئيسَي الوزراء والجمهورية، والنظر في مشاريع القوانين المقترحة من رئاسة مجلس البرلمان أو مجلس الوزراء بما في ذلك مشروعا قانونَي الموازنة العامة والموازنة التكميلية، فضلًا عن الرقابة على السلطة التنفيذية، ولأعضاء المجلس سحب الثقة من أحد الوزراء بالأغلبية المطلقة، ويُعَدّ الوزير مستقيلًا من تاريخ سحب الثقة، ولمجلس النواب سحب الثقة من رئيس الوزراء بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، وفي هذه الحالة يقدم جميع أعضاء مجلس الوزراء استقالتهم بناءً على سحب الثقة من رئيس الوزراء.

إيران ودلالات العملية الانتخابية
إدراك ووعي المواطن العراقي: أهمّ نتيجة توصلت إليها الدراسة هي إدراك ووعي المواطن العراقي لحضارة العراق الممتدة عبر التاريخ وانتمائه لمحيطة العربي، وهو ما يفسر إدلاءه لتحالف سائرون العابر للطائفية، فضلًا عن إدراكه أن إيران سائرة في طريق المواجهات العسكرية، وبعد خوض العراق لحروب متتالية أدت إلى تدمير البنية الوطنية والاقتصادية العراقية فضّل الناخب العراقي النأي بالنفس عن التصويت لصالح التحالفات الموالية لإيران الساعية للصدام العسكري بشكل دائم.

سوء الإدراك الإيراني: ترتبط بالنتيجة السابقة، إذ اعتمدت إيران في تمددها في العراق على البعد الطائفي بدعمها المكون الشيعي ضد المكون السنّي ظنًّا منها في استمرارية الشيعة العراقيين بدعم مخططاتها ومشاريعها في العراق، وهذا يعكس سوء إدراك إيراني (miss perception) بمدى تجذر الحضارة العراقية وتاريخها في العقلية الإيرانية، وهو ما كشفت عنه نتائج الانتخابات التشريعية لعام 2018.

دور أكبر للثنائي الصدر-السيستاني: سيلعب الثنائي دورًا في المرحلة المقبلة، وسيستطيع السيستاني تعظيم مكانة الحوزة النجفية، مع تعاظم فرص حل الحشد الشعبي إذا ما دعا السيستاني صراحة، وهو أمر متوقع في ضوء المعادلة العراقية الجديدة.

تعاظم فرص رجوع العراق إلى محيطة العربي: نتيجة تقدم ممن يؤيدون عروبة العراق تعاظمت فرص عودة العراق إلى محيطه العربي، لا سيما الخليجي، ومن ثم إمكانية تكثيف الزيارات المتبادلة العراقية الخليجية للتنسيق المشترك، على نحو يعجل بعراق جديد تحت العباءة العربية.

القلق الإيراني
عادة ما يترتب على نتائج انتخابات النظم البرلمانية في العالم تركيبة برلمانية جديدة تسفر عن حكومة جديدة، إما ذات توجهات داخلية وخارجية مغايرة لسابقتها في حالة تبدل التحالفات الحاكمة، وإما استمرارية التوجهات داخليًّا وخارجيًّا حال استمرارية التحالفات الحاكمة، وفي الحالة العراقية جاء تحالف سائرون الأقرب لتحالف العبادي العابر للطائفية، الذي يقف على مسافة بعيدة من التحالفات الشيعية الطائفية مثل تحالفي الفتح ودولة القانون، بيد أنه في حالة تشكيل «حكومة ائتلافية» جديدة لا تشمل تحالفي الفتح ودولة القانون (وهو السيناريو الأقرب في ضوء نتائج وتصريحات قادة التحالفات الفائزة في الانتخابات والمواقف الإقليمية والدولية) نكون أمام معادلة عراقية جديدة ليست في صالح الدور الإيراني في العراق، بل وفي المنطقة، كون العراق الدولة المحورية والمركزية في قلب الاستراتيجية الإيرانية التوسعية.

إنّ تشكيل حكومة عراقية جديدة محتملة غير موالية لإيران من شأنها تحجيم التمدد الإيراني في العراق، فداخليًّا، من المتوقع مطالبة السيستاني بحل الحشد الشعبي، مع طرح مشروع وطني بديل مغاير للمشروع المذهبي يعلي من استقلالية القرار العراقي ويقلل من تأثير المكون الشيعي على عملية صنع القرار العراقي. وخارجيًا، من المرجح تعاظم عودة العراق لمحيطه العربي والانفتاح أكثر على الدول الخليجية، خصوصًا السعودية، مع تراجع الدور الإيراني في الملفات الإقليمية في ضوء الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي وعودة العقوبات الأمريكية على إيران، فضلًا عن التحركات الإسرائيلية-الأمريكية-الأوروبية العسكرية لتحجيم الدور الإيراني في سوريا.

ارتباطًا بما سبق، وحال شعورها بابتعاد العراق عن إيران وإن كان من الصعب فك الارتباط الإيراني-العراقي بسهولة، يتوقع أن تدعم إيران سيناريو الفوضى في العراق وإيران قادرة على ذلك من خلال انتشاء ميليشياتها المسلحة- مثلًا من خلال دعمها ظهور جماعات متطرفة أخرى على غرار داعش كذريعة لاستمرارية قوات الحشد التي لعبت دورًا رئيسيًّا في القضاء على داعش، وهذا ما يجب الالتفات إليه وضرورة المسارعة في إعادة إعمار المناطق المحررة، أيضًا مع احتمال عودة سيناريو التصفيات والاغتيالات لبعض المسؤولين العراقيين ممن يرفضون المشروع الإيراني.

لكن إذا ما زادت الضغوط الإقليمية والدولية على إيران وأنشطتها الإقليمية بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي وعودة العقوبات المؤثرة على الاقتصاد الإيراني الذي يمر بحالة تردٍّ، مقابل تنامي حالات السخط الشعبي الإيراني، فستمثل قيودًا أيضًا على الدور الإيراني في العراق حال ابتعاده عن إيران مستقبلًا.


غير متصل النوهدري

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 24150
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي

الحقيقة الواضحة للجميع ان ايران فشلت في بسط
سطوتها على العراق منذ اجراء الإنتخابات العراقية الحالية ،
ويأمل العراقيون الشرفاء ان تقطع ايدي ملالي ايران من التدتخل
في الشأن العراقي الداخلي ، وان تنبثق حكومة عراقية وطنية
تخدم طموحات الشعب ، ولتذهب حكومة الشر بإيران الى الجحيم ! .