المحرر موضوع: الموسيقى تجمع ما فرقته السياسة في سوريا  (زيارة 1302 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 37773
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

الموسيقى تجمع ما فرقته السياسة في سوريا


عنكاوا دوت كوم/العرب
فنانون سوريون من جذور عرقية ودينية مختلفة يجمعهم الغناء والموسيقى، والجمهور يطالب بتعميم التجربة والخروج بها من العاصمة إلى بقية المدن الأخرى.

عرب وشركس وكرد يؤلف بينهم النغم

دمشق - يزخر المجتمع السوري، بالعديد من المكونات العرقية والدينية التي تشكل منه مجتمعا قائما على فسيفساء من الطوائف، عاشت على امتداد الآلاف من السنين في حالة من الانسجام والتواصل، التي لا تشوبها النوازع العرقية.

وعلى امتداد هذه الفترة الزمنية كانت هذه المكونات حريصة على التشبث بمعتقداتها وتراثها الفني والأدبي، الذي يتشابه في ما بينه حينا، ويتناقض حينا آخر.

ففي منطقة الجزيرة السورية تحديدا، والتي هي جزء هام من الهلال الخصيب الذي يمتد نحو أواسط العراق، عاشت عبر الأزمنة حضارات وأجناس بشرية مختلفة (عرب، وكرد، وأشوريون، وسريان، وأرمن، وشركس، وتركمان، ويزيديون، وغيرهم).

انتماء كل هؤلاء إلى جذور عرقية ودينية مختلفة لم يمنع من إكساب المجتمع المزيد من الحيوية التي عاش عليها سكان المنطقة فألفوا مزيجا حضاريا غنيا.

في الحدث السوري الآن، حيث تعصف بالمنطقة أحداث الحرب والتشتت بمختلف أشكالها، يبرز هذا الاختلاف الذي يكاد يقسم المجتمع إلى فرقاء متصارعين سياسيا، بحيث أصبح مستقبل نسيج المجتمع السوري برمته في مهب الريح.

ورغبة من المهتمين من السوريين بالشأن الثقافي والفني عموما، في إيجاد حالة وطنية جامعة مبنية على العامل الفني، تعالت أصوات في سوريا لبعث مشروع يهدف إلى تعريف الكل السوري بالكل السوري، عبر الغناء والموسيقى.

الغناء والموسيقى هما الإبداعان اللذان يمكن فهمهما من الجميع لكونهما يقومان على الأنغام التي تجمع كل مشاعر العالم.

إدريس مراد، باحث موسيقي سوري كردي، كان واحدا من هؤلاء، اهتم بالموضوع منذ سنوات، وكانت له نشاطات خاصة في مجال تنظيم العديد من الفعاليات الموسيقية والغنائية التي تسير في اتجاه جمع الأطياف السورية على الأنغام والموسيقى، فأسس قبل سنوات بالتعاون مع وزارة الثقافة السورية، مهرجان قوس قزح، الذي يهتم بالتراث الشعبي من رقص وغناء وموسيقى لجميع الأعراق الموجودة في سوريا.

وبعدها، وفي مسار مواز، تأسس مشروع نوافذ ثقافية، وهو كما يعرف عن نفسه، “مشروع ثقافي أدبي موسيقي فني، يلقي الضوء على الساحة الثقافية السورية، عبر ندوات دورية، تناقش فيها إصدارات أدبية (رواية ، وشعر، ومسرح، وسينما)، ومعارض فن تشكيلي وأمسيات موسيقية، بمشاركة أبرز النقاد السوريين والعرب”.


 وضمن هذا المشروع، تمت استضافة العديد من القامات الفكرية والفنية السورية الفاعلة في المشهد السوري سابقا، وفي الدورة الخامسة التي أقيمت في شهر مايو الجاري، ألقيت محاضرة عن موسيقى التراث الشركسي أولا، ثم في اليوم التالي أمسية حول التراث الغنائي السوري القديم، شملت تقديم غناء للعديد من التنوعات العرقية الموجودة في سوريا (عربي، كردي، سرياني، أشوري، أرمني، شركسي، مردلي).

أقيم الحفل في مجمع دمر الثقافي التابع لدار أوبرا دمشق، بمشاركة فرقة موسيقية محترفة بقيادة المايسترو نزيه أسعد، وقدمت خلاله فقرات فنية متتالية ومتنوعة، فكانت البداية مع يارا إبراهيم، وهي ناشطة في العمل التطوعي، تغني في فرق عديدة ولها مشاركات في العديد من الفرق الهاوية، قدمت غناء عن المنطقة الجنوبية والساحلية.

وقدمت ماري هوسبيان (مرنمة في عدة كنائس وجوقات وعضو في جوقة الفرح الدمشقية) أغاني من التراث الأرمني، أما ثالث ظهور فكان للشاب آلان مراد (مشارك مع فرقة شباب سوريا وفرقة التراث السوري للموسيقى وأوركسترا الموسيقى الشرقية، و بارمايا السريانية وفرقة ميغري الأرمنية وفرقة آشتي الكردية)، الذي قدم مع غادة عمر غناء كرديا.

وغادة عمر ناشطة في مجال المسرح والغناء، وعضو في فرقة شباب سوريا وفرقة نبض، شاركت في عدد من المسرحيات كممثلة ومخرجة، وتؤدي الغناء باللغات؛ الكردية والعربية والمردلية.

وفي فصل غنائي آخر، قدمت راما حنا بعضا من التراث المردلي وغناء أشوريا ، وراما مهندسة ومرددة ترنيمات في العديد من الكنائس في دمشق ومحافظات سورية أخرى، تلته أغان بصوت فرح بغاصة وهي طالبة في كلية الإعلام بجامعة دمشق، ومغنية هاوية.

مواهب الفنان زياد قات لم تتوقف عند الفن التشكيلي والنحت فاهتمامه بالغناء الشركسي جعله يشارك المجموعة المتنوعة من الفنانين السوريين بتقديم وصلات من الغناء الشركسي ليثري الحفل ويجعله فسيفساء من الموسيقى السورية التي تجمع ما فرقته السياسة والحرب.

اختتم الحفل الفنان عبدالوهاب الفراتي الذي قدم اللون الفراتي الذي يطرب جميع السوريين باختلاف ثقافتهم وأذواقهم الموسيقية.

وعبدالوهاب مغني من دير الزور يقدم اللون الفراتي الشهير، وقدم حفلات في سوريا وفي العديد من العواصم العربية.

الحفل كان تحت إشراف مايسترو نزيه أسعد وهو خريج المعهد العالي للموسيقى بدمشق مدرّس في المعهد العالي للموسيقى في العاصمة السورية، ومدرّب لكورال الفرقة الوطنية للموسيقى العربية التابعة للمعهد العالي للموسيقى.

وفي رصد انطباعات بعض من الجمهور عن الحفل، فقد تم تسجيل اهتمام كبير لدى أغلبهم بفكرة تعميم التجربة والخروج بها من العاصمة إلى بقية المدن الأخرى، لكونها تقرّب بين أطياف المجتمع المختلفة، وهي الحاجة التي تبدو ملحة في قادم الأيام.
نضال قوشحة

كاتب سوري
أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية