المحرر موضوع: حياة ــ قصة قصيرة جداً ــ بقلم : شذى توما مرقوس  (زيارة 2676 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل شذى توما مرقوس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 586
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


حيَاة

 
شذى توما مرقوس


ــ قِصَّة قَصِيرَة جِدَّاً  ــ

..... خَاطبَ نَفْسَهُ مُنْتَشِياً وهو يُوَجِّهُ بُنْدَقيَتَهُ نَحْوَ طائرٍ جميلٍ سَعيد يَعْتَلي غُصْن
 شَجَرَةٍ جلِيلَة :
ــ " كإِله .... نَعم كإِله .... في يَديّ خيُوطَ الحيَاةِ والمَوْت ..... في يَديّ القَرَار ، إِنْ شِئْتُ تَرَكْتُ لِهذَا الطائرِ الحيَاة ، وإِنْ شِئْت سَلَبْتُها عَنْهُ  " .

ابْتَسَمَ سَعيداً ثُمَّ أَخْفَضَ بُنْدَقِيَتَهُ ورَاحَ يُراقِبُ الطائرَ الَّذِي طارَ عَنْ غُصْنِهِ ، وبَيْنَ الحِيْنِ والحِيْنِ وفي حرَكاتٍ سَرِيعة يَتَنَقَّلُ مِنْ مكانٍ لآخَر جامِعاً بِمِنْقَارِهِ الصَغِير كُلَّ ما يُمْكِنُ أَنْ يَبْني بِهِ عِشَّه ، وجنَاحاهُ يَخْفِقانِ فَرَحاً ، لَمْ يَشْعُرْ بِالخَطَرِ المُحدِق بِهِ ، وكَمْ كانَ الرَجُلُ مُسْتَمْتِعاً بِمُمارسَةِ هِوايَتِهِ الَّتِي تَرْفَعهُ لِمَصَافي الآلِهة وتَغْدِقُ علَيْهِ السرُور بِلا حُدُودٍ وتُعْطيهِ الرَغْبَة بِعُمُرٍ أَطْوَل كُلَّما اقْتَصَّ مِنْ حيَاةٍ أُخْرَى وغَيَّبَها ، وكأَنَّهُ يُضِيفُها إِلى رَصِيدِ حيَاتِهِ مِنْ الأَيَّام ، هو الَّذِي يُقَرِّرُ أَنْ يَحْيَا هذَا الكائن أَمْ لا ... كإِله ، تَماماً كإِله ، بِيَدِهِ الحيَاةُ والمَوْت ، يَتَمَنَّى لِنَفْسِهِ عُمُراً أَطْوَل أَكْثَرُ انْغِماسَاً في هِوايَتِهِ ، لكِنَّ صَوْتُ ذَلِك الشرِير صَدِيقُهُ طَنَّ في أُدُنِيهِ ثَانِيَةً وأَعادَ علَيْه ذاتَ الكلِمات ، قَرَّر أَنْ يَسْحقَ ذلِك الصْوْت ويَرْمي بِهِ بَعيداً عَنْهُ لاعِناً إِيَّاه فصَوَّبَ بُنْدَقِيَتَهُ نَحْوَ طَرِيدَتَهُ ، وحِيْنَ علا صَوْتُ الإِطْلاقَة شُلَّ الطائر ، ما عادَ بِمَقْدُورِهِ رَفْرَفَةَ جنَاحيهِ ، هوَى أَرْضَاً  ، تَأَوَّهَتِ الشَجَرَةُ وأَنَّت مِنْ هَوْلِ ما حدَث ، مَسَّ قَلْبَها صَوْتُ ارْتِطام الجَسَدِ بِالأَرْضِ ، أَرادَتْ وفي مُحاولَةٍ فَاشِلَةٍ أَنْ تَقْبُضَ علَيْهِ بِأَغْصانِها كي لا يَرْتَطِمُ أَرْضَاً فمَالَتْ بِغُصْنِها خَلْفَه علَّهُ يَتَشَبْث بِهِ هو أَيْضاً  وكأَنَّها تُدْلي بِحِبْلٍ لِغَرِيق ، أَرادَتْ أَنْ تَحْتَضِنَ جسَدَهُ النَازِف وتُغطيهِ بِأَوْراقِها ، أَرادَتْ أَنْ تَحْجُبَهُ عَنْ عُيونِ صيَّادِهِ وتُدَثِّرَهُ بِأَوْراقِها ، لكِنَّ ما اسْتَطَاعَتْ أَمْراً .....
مَدَّ يَدَهُ لِيَمْسكَ بِجسَدِ الطائر المُسَجى على الأَرْضِ يَنْزُفُ ، طَنَّ ذَلِك الصَوْتُ الشرِير في أُذُنِيهِ ثَالِثَةً  مُفْسِداً علَيْه مُتْعتَهُ ونَشْوَتَهُ  :
ــ مَرَّةً أُخَرَى ..... هَلْ تَعْرِفُ ما اقْتَرَفْت ...... لَقَدْ انْهيْتَ حيَاةَ كائن ....

لَمْ يَتَبَقَّ مِمَّا دار غَيْر الشَجَرَة والتُرْبَة الَّتِي تَشَرَّبَتْ بِدُمُوعِها  .....
رُبَّما لِمِئاتِ المَرَّات سيَطُنُّ هذا الصَوْت الشرِير في أُذُنِيهِ ، لكِنَّ ذَلِك لَنْ يَنَالَ أَبَداً مِنْ إِيغالِهِ حُبَّاً لِهوايَتِهِ كإِله .... تَماماً كإِله .... في يَديهِ خيُوطَ الحيَاةِ والمَوْت ....

 8 / تموز / 2015 م

غير متصل لطيف نعمان سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 691
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أختي العزيزه دكتوره شذى المحترمه
كل التحايا لك ..
لماذا قتلت الطائر في قصتك ؟.. ما كنت أريد لهذا الطائر أن يقتل  لاسيما  وهو في مرحلة بناء  بيته  ليعتني  بصغاره ..
انه العراق .. نعم العراق بعد أن فاق من جراحه الغزيرة  وحروبه أراد أن يبني بيته ، لكن الاشرار ذبحوه !..
هاهو  يذبح كل  يوم الف مرة على أيدي الغرباء + البعض  من خونة الدار  أبناء البلد .قد يكونوا  من الدواعش ، وقد يكونوا العملاء من حملة الجنسيات المشتركة..
حزينة  قصتك سيدتي ، وغارقة بالوجع ..
كم تمنيت أن تخطىء البندقية  هدفها وينجوا  ذلك الطائر ويحلق  بعيدا  من غصن الى غصن  الى أن يغادر قاتله المكان ،  ثم يعود لأستئناف  بناء  عشه ..
شكرا لك دكتوره ننتظر منك مزيد من التغريدات العذبة التي  عوّدتينا عليها ..
محبتي  لكم ..

لطيف نعمان سياوش
     عنكاوا

غير متصل شذى توما مرقوس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 586
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
  خالص تحياتي وتقديري لأخي الفنان ذو الحس النبيل أبو رمشة
صدقني أنا لم أقتل الطائر وإنما الصياد الشرير فعل ذلك ، أنا لم أكن هناك لأمنع ذلك مع الأسف الشديد ، إذ ليس بمقدوري قتل نملة فكيف بحيوان أحبه وأقدره حق قدره . 
حين كتبتُ القصة كان نصب عيني أمر واحد عليّ ايصاله للقارئ / ة ، وهو إن حياة الطائر لها نفس القيمة التي لحياة الإنسان ، فالحياة هي الحياة ولها نفس القيمة وإن اختلفت أشكالها أو فورماتها ( حياة صدفة على شاطئ البحر ، حياة أرنب ، حياة إنسان ، حياة طائر صغير ، حياة نملة ... وإلخ ) ، وإنه لا يحق لنا كبشر إنهاء حياة الكائنات الأخرى أو سلبها ، هذا ما كان نصب عينيّ ، لكنني حين قرأتُ رؤيتك للقصة ، وجدتُ إنها ممكنة أيضاً ويمكن لكل شخص أن تكون له رؤيته الخاصة للقصة ، وهذا أسعدني لأن هذا يعني إن القصة قد نجحت وإن إلى حدٍ ما في إعطاء صورٍ متعددة المعاني والمقاصد ، أقول لك أخي أبو رمشة رؤيتك رائعة أدمعت عينايّ ، نعم من الممكن جداً أن يكون الطائر الذي ذُبح بيد الصياد الشرير هو الوطن الذي نبكيه في قيامنا وقعودنا .
وطننا الحبيب سنحملهُ في قلوبنا أينما كُنّا ، وسيبقى محفوفاً بالخير والسلامة رُغماً عن أنوف الأشرار ، وسينهض عاجلاً أم آجلاً .
انتظر منك وأنت المُبدع أن تكتب قصة مقابلة لهذهِ كمحاورة قصصية تُحيي فيها هذا الطائر الذي لفظ أنفاسه في قصتي ، ويكون الأمل الخاتمة التي تشرق على الجميع .
دمت بألف ألف خير ، وممتنة جداً لمتابعتك واهتمامك .