تركيا تعيد ممتلكات الكنيسة السريانية المصادرة
عنكاوا كوم \ كريستيان هيدلاينز
ترجمة وتحرير \ ريفان الحكيمرحب المسيحيون السريان الارثوذكس بإعادة الحكومة التركية 55 سندا, تمثل حوالي نصف ممتلكاتهم القديمة في جنوب شرق تركيا, والتي صادرتها الدولة في السنوات الاخيرة.
وفي 22 ايار, تم تسليم خمسين سندا من صكوك الملكية الى دير مور غابريال السرياني الذي يعود تاريخه الى القرن الرابع والذي يقع قرب ميديات في مقاطعة ماردين. وقد سلمت الوثائق المتخاصم عليها الى كل من المطران تيموثيوس صامويل, المطران السريان الارثوذكسي في طور عابدين, وقرياقوس ايرغون رئيس مؤسسة مور غابريال. كما وتم تسليم خمس سندات ملكية اخرى الى مؤسسة مسيحية اخرى في ماردين.
وقد سمحت الاجراءات المعدلة حديثا التي وقعها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بعودة هذه الممتلكات السريانية التاريخية, التي سبقت الدولة العثمانية بالكثير, الى اصحابها الاصليين.
وقال ايرغون لصحيفة جمهوريت في 27 ايار: " هذه هي المرة الاولى التي يتم فيها اعادة ممتلكاتنا العقارية" مشيرا الى ان التعديلات القضائية الجديدة قللت الى حد كبير من مشاكل الملكية العقارية للسريان في جنوب شرق تركيا.
وقال رئيس المؤسسة :"هذه السندات المعادة خلقت فرحا عظيما بين المسيحيين السريان في ماردين والذين يعيشون في الخارج".
وشدد ايرغون "وفي الوقت نفسه, هذا يعني ايضا عودة حقوق جماعتنا"
لكن على الرغم من انه اعلن ان التغيير القانوني "ذو اهمية كبيرة بالنسبة لنا". فقد اوضح ايضا لوكالة دوغان للأنباء:" لا يزال لدينا نزاع قانوني حول ملكية الاراضي التابعة للمجتمع". ان استرداد العديد من الاديرة السريانية وكنائس القرى, والمقابر, الى جانب حوالي 70 كرما ومزرعة وحديقة, لا تزال معلقة في المحاكم المحلية.
عام من المفاوضات
جاء النقل الرسمي بعد اشهر من المفاوضات القانونية البطيئة الخطى منذ حزيران 2017, بعد ان اكد المجتمع السرياني في ماردين لأول مرة انه, وبدون علمهم, تم الغاء الملكية القانونية لما لا يقل عن 110 من ممتلكاتهم في الكنيسة وتم تسليمها الى كيانات حكومية منذ عام 2014.
وعندما عارض المجتمع السرياني بشكل صريح نزع الملكية على نطاق واسع, تراجعت محافظة ماردين في تموز 2017, وأسست لجنة لحل النزاع وذكرت ان التعديل القانوني سيكون ضروريا للحل الدقيق للخلاف.
وبدون مبرر, العديد من السندات المسيحية السرياني تحولت الى خزينة الدولة, ثم نقلت الى سيطرة مديرية الشؤون الدينية, وهي مؤسسة عامة تعنى بشؤون المؤسسات الاسلامية في تركيا.
وفي البداية نفى بعض المسؤولين الحكوميين الاخبار حول مصادرة املاك الكنيسة, بما في ذلك رئيس ادارة الشؤون الدينية, ووصفوا تلك الاخبار بالكذبة "والدعاية الغامضة" يجري تداولها في الخارج لتشويه سمعة تركيا.
لكن في نهاية المطاف, اقر نائب رئيس الوزراء هاكان تشاويش اوغلو في تشرين الثاني 2017 بمصادرة الاراضي على نطاق واسع, واعلن ان عمليات النقل قد تم تنفيذها "بالخطأ" وتعهد بإرجاع حقوق الملكية الخاصة بالكنيسة.
بحلول اوائل شباط, افادت وسائل الاعلام التركية ان التعديلات المصممة لحل قضايا الملكية السريانية تضاف الى مشروع قانون جديد ومخطط في البرلمان. بعد مراجعة النص المقترح, علق المحامي رودي سومر من مؤسسة مور غابرييل على صحيفة حريت اليومية بان قضايا الملكية في الكنيسة "ستحل جزئيا" في التعديلات المقترحة.
وقال سومر حينها "ان العقارات الثلاثين التي يجب اعادتها تشمل اديرة مور مالك ومور يعقوب ومورد يميت" هذه الاديرة الثلاثة مهمة للغاية.
وفي 8 شباط, اشار البرلمان الاوربي تحديدا الى مصادرة الملكية السريانية وذلك في قرار بشان حقوق الانسان في تركيا, ويدين مصادرة 50 كنيسة ودير ومقبرة في ماردين, ويدعو المفوضية الاوربية الى "معالجة هذه القضايا مع الحكومة التركية على وجه السرعة".
بدأت عملية نقل الملكية المثيرة للجدل في عام 2008, عندما قامت السلطات الاقليمية بإدماج ماردين مع بلدية العاصمة وتحديث سجل الاراضي وإعادة رسم حدود دير ما غابريل التاريخي.
وأدت التغييرات القانونية في واقع الامر الى قطع مساحات كبيرة من الاراضي المملوكة للدير, واجازت للمسؤولين المحليين اعادة توزيع الاراضي وغيرها من ممتلكات الكنيسة في القرى المجاورة باعتبارها ممتلكات "المؤسسات التي انتهت صلاحية كيانها القانوني"
واوضح ايرغون لصحيفة جمهوريت "قبل عام 2000, لم تكن هناك حقوق للإعلان عن ملكية المؤسسات العقارية الغير قابلة للنقل. لذا فقد تم في وقت سابق تسجيل كنائسنا واديرتنا ومقابرنا باسم شخص قروي واحد
منطقة طور عابدين (وتعني جبال العابدين) في ماردين, هي الموطن القديم للمسيحيين السريان, الذين لا يزالون يتحدثون بلهجة ارامية قريبة من لغة يسوع, ويعود تاريخ اديرتهم وكنائسهم الى القرون السبعة عشر الماضية.
ما زال اقل من 3000 مواطن مسيحي سرياني تركي يعيش في المنطقة, وعلى الرغم من ان ما يقدر بـ 20 الف يعيشون الان في اسطنبول. هاجر عشرات الالاف الى اوربا خلال العقود القليلة الماضية بسبب القتال المسلح بين الانفصاليين الاكراد والقوات العسكرية التركية في الجنوب الشرقي..
