المحرر موضوع: ناشينال كاثوليك ريجيستر: كيفية اقناع المسيحيين بالبقاء في العراق ما بعد داعش  (زيارة 2434 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 37766
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عنكاوا كوم \ ناشينال كاثوليك ريجيستر
ترجمة وتحرير \ ريفان الحكيم


اربيل, العراق – بعد مرور عام تقريبا على تحرير الموصل من الدولة الاسلامية وهزيمة التنظيم الإرهابي, تبرز تحديات جديدة لتواجه العدد القليل نسبيا  من المسيحيين المتبقين في البلدات لمسيحية القديمة في شمال العراق والذين يشعرون بان الولايات المتحدة خذلتهم والغرب يتجاهلهم.

وقال الاسقف الكلداني في اربيل بشار وردة " كان داعش مثل محاكمة توجب علينا مواجهتها, والان لدينا محاكمة اخرى, تتمثل بكيفية مساعدة المسيحيين على البقاء".
بالنسبة للأسقف, فان الهدف الان ليس فقط النجاة, بل الازدهار.ولفعل ذلك, يعتقد انه ليس هناك حاجة للوظائف فحسب, بل ايضا لمشاريع مستدامة والتي تمنح المسيحيين فرصة لعرض مواهبهم ومؤهلاتهم, "فرصة ليشهدوا"

في سهل نينوى الذي كان ذو كثافة سكانية مسيحية شرق وشمال الموصل, كانت التحديات مشابهة, رغم ان كل حالة تختلف وتتوقف الى حد كبير على السلطات المدنية المسؤولة. اكثر من 90 الف مسيحي كانوا يعيشون في المنطقة قبل داعش, لكن ذلك العدد انخفض الى اقل من 40 الف.

في قرقوش التي كانت في يوم من الايام مزدهرة وذات الغالبية المسيحية على بعد اميال قليلة شرق الموصل, لم يعد الامن موضوعا متعلقا بالحماية من الارهابين الاسلاميين, بل ضمانات البقاء في ظل نسبة السكان المستنزفة. (لغاية الان, عاد ما يزيد قليلا عن 25000 مسيحي- وهذا العدد اقل من نصف عدد السكان الاصليين المسيحيين – ولم تتم استعادة سوى حوالي ربع الممتلكات التي دمرها داعش).

وقال الاب السرياني الكاثوليكي عمار ياقو, كاهن الابرشية في المدينة, "التغيير الديموغرافي هو نقطة مؤلمة جدا بالنسبة لنا" لذلك فهو يريد ان يرى مسيحيي قرقوش يقطعون مستقبلا مستداما وقابل للتطبيق اقتصاديا لتشجيعهم على البقاء.

عدم الثقة لا تزال قائمة

في كثير من الاحيان, يكمن التحدي في التعايش السلمي مع جيرانهم المسلمين.
وقال الاب ياقو "يتذكر العديد من مسيحيي قرقوش كيف ان المسلحين المتشددين طاردوهم, واخذوا مقتنياتهم وسمحوا لداعش بأخذ كل شئ" وبالتالي هناك عدم ثقة, ويتساءل الكثير من المسيحيين ما هي نقطة العودة. لكن كاهنهم لايزال واثقا من ان 90% سيعودون في نهاية المطاف. وحذر الاب ياقو قائلا" "اذا فقدنا قرقوش, فسنفقد المسيحية في العراق".

بعيدا قليلا الى الشمال, تم التغلب على مدينة برطلة, التي كانت سابقا ذات غالبية مسيحية, من قبل الشبك. بسبب اضطهادهم من قبل القاعدة في الفترة بين 2003 -2010, هرب الكثيرون من الموصل الى برطلة وحصلوا على الدعم المالي من الحكومتين العراقية والايرانية, وهذا مكنهم من شراء عقارات للمسيحيين.

على الرغم من عودة ما يقرب من 6000 مسيحي بعد هزيمة داعش, الا ان اكثر من ثلثي مسيحيي برطلة لم يعودوا بعد, وما زالت 162 عائلة تعيش في مخيمات اربيل.
وقال الاب بهنام بنوكا, وهو كاهن من ابرشية السريان الكاثوليك "نحن مستضعفون تماما, ما الذي سيحدث في المستقبل؟ من يستطيع ان يضمن لنا وجودة دائم هنا في سهل نينوى؟ من يستطيع ان يضمن السلام والامن؟"

وقال الاب بنوكا انهم ينفذون دعاية اسلامية, ويقومون ببناء مساجد جديدة بشكل مطرد ويؤذنون بصوت عال طوال اليوم. "انهم يظهرون انهم القوة الوحيدة في المدينة. لايوجد جنود عراقيون هنا ومدير الناحية لم يكن يوما مسيحيا بل دائما يكون شبكي".
المسيحيين يعودون الى تللسقف

في تللسقف, وهي بلدة بعيدة الى الشمال, الوضع افضل, ولكن ليس بدون تحديات خاصة بها: فقد عاد ما يقرب من ثلثي سكان البلدة البالغ عددهم حوالي 7 الاف نسمة. وقد تم ترميم اكثر من ثلثي ممتلكاتهم. البلدة كانت اقل تضررا من داعش الذي احتلها لحوالي اسبوع فقط.

المشاكل هناك مع الاكراد, الذين يفرضون قيودا على التنقل حول المدينة بسبب التوترات السياسية مع العراق القريب ( وكانت كردستان قد صوتت للاستقلال في يلول 2017, الا ان بغداد رفضت منحهم اياه)

على الرغم من ان الموصل تقع على بعد 20 ميلا فقط, الا ان الطريق مغلقة ويستغرق الامر ساعتين للوصول الى المدينة عبر طريق بديل. يسمي الاكراد تللسقف منطقة متنازع عليها, لكن هذا الامر يزعج المسيحيين الذين يقولون ان المدينة لم تكن قط كردية.
الامن اقل اهمية هناك, لكن بعد العودة الى البلدة, يفكر العديد من المسيحيين بالهجرة, وفقا لكاهن رعية البلدة الاب سالار كاجو, وهو محام كنسي (درس في المعهد البابوي الشرقي في روما) ومتخصص بالشريعة.

وقال الاب سالار "لايوجد فرص عمل هنا, يجري اصلاح المنازل لكن الوظائف مهمة ايضا, الناس لديهم منازل ولكن ليس لديهم دخل لدفع الفواتير"

واعرب عن امتنانه لمساعدة لحكومة المجرية, والتي قدمت مليوني دولار للمساعدة في اعادة الاعمار, والتي كانت موجهة بشكل كبير لإعادة بناء كنيسة مار كوركيس التي تضررت من داعش والقوات الكردية. لكنه قال ان المساعدات الانسانية من المنظمات الغير حكومية ساعدت في خلق "اشخاص كسولين"  وما يحتاجون اليه اكثر هو المساعدات التي تذهب الى التمويل الاصغر- القروض الصغيرة لبدء الاعمال التجارية- والاستثمار.

وقال الاب بينيدكت كيلي, مؤسس موقع nasarean.org, وهي مؤسسة خيرية تركز على مساعدة الشركات الناشئة للمسيحيين المضطهدين "المفتاح هو التمويل الاصغر على نطاق صغير – وليس ضخامة رؤوس الاموال من المنظمات الغير حكومية الضخمة. هناك فرصة هائلة لقادة الاعمال في الغرب, ليس فقط للمساعدة من خلال الاستثمار, بل ليكونوا مرشدين"

هناك عدد كبير من المسيحيين في المنطقة, وخصوصا في قرقوش, لديهم ضمان في الحصول على وظائف حكومية, رغم ان ذلك قد جاء مع قيود مرفقة, بما في ذلك سحب مؤقت للرواتب الا اذا عادوا الى ديارهم.

جهود اعادة الاعمار

تحاول الكنائس في العراق تنسيق جهود اعادة الاعمار وجلب الامل للمؤمنين في نينوى. ويتم تنفيذ الكثير من هذا العمل من خلال لجنة اعادة اعمار نينوى, وهي منظمة تشكلت في العام الماضي بالتعاون مع منظمات كاثوليكية غير حكومية لتشجيع المسيحيين على العودة الى مناطقهم. وقال ايميري دي فيراك, المستشار المالي للجنة: "من المثير للإعجاب جدا سرعة حدوث اعادة الاعمار" بعدما تحولت الى مدن اشباح عقب تحريرها في اواخر عام 2016, اصبحت تلك البلدات اليوم مفعمة بالحياة".

وسررت الكنائس بشكل خاص بعد قيام البابا بترقية بطريرك الكلدان لويس ساكو من بغداد الى رتبة كاردينال, والمؤمنين ينظرون الى الام بشكل عام على انه علامة امل للمستقبل.
لكن القادة المسيحيين وغيرهم من المؤمنين اعربوا في كثير من الاحيان عن خيبة املهم في الرئيس الامريكي دونالد ترامب, لاسيما لعدم التزامه بوعده بإعطاء الاولوية لمساعدة المسيحيين المضطهدين.

تعهد نائب الرئيس الامريكي بنس في تشرين الاول 2017 بأن امريكا ستقدم الدعم المباشر الى المجتمعات المضطهدة من خلال الوكالة الامريكية للتنمية الدولية (USAID) يبدو انه لم يتحقق. وقال الاسقف وردة: "للاسف يبدو ان كل المساعدات ستتم من خلال نفس النظام, دون الاستماع الى الاحتياجات وعدم اعطاء الاولوية للمسيحيين".

وقال الاب كاجو "وعد ترامب باعطاء الاولوية لمسيحيي الشرق الاوسط, لكنه لايفعل ذلك, فهو لم يحفظ كلمته. كان كله مجرد كلام".

كما سلط الكاهن الضوء على الفساد والهدر من جانب الامم المتحدة, التي لم تقدم سوى القليل من المساعدة للمسيحيين العراقيين. واشار الاب بينووكا الى ان الكنائس لم تتلقى اية مساعدات من الحكومة العراقية والوضع السياسي ايضا لايساعد

الاضطرابات السياسية

الانتخابات العامة التي جرت في البلاد في شهر ايار, نتج عنها ائتلاف بزعامة متشدد مناهض للولايات المتحدة. رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر, يسبب عدم الاستقرار وعدم اليقين في جميع انحاء المنطقة. والمثير للدهشة ان العديد من المسيحيين يتوقون الى ايام صدام حسين, الذي كان يحمي الكنائس وحافظ عموما على الاستقرار وكان معروفا بسرعة الاستجابة وبلا رحمة لأي مسلم هاجم المؤمنين, وخاصة رجال الدين. وقال يوحنا يوسف, وهو مزارع من قرقوش "يقتل اسقف او كاهن ولاتوجد اعتقالات على الاطلاق", في اشارة الى مقتل رئيس اساقفة الموصل بولس فرج رحو والاب رغيد كني قبل 10 سنوات.

ومما يثير القلق ايضا ان بعض اعضاء داعش ما زالوا موجودين ولكنهم مختبئين. سيمون اسوفي وهو طبيب اسنان من الموصل يعمل الان في اربيل مع منظمة SOS وهي جمعية خيرية كاثوليكية فرنسية للمسيحيين المضطهدين, قال انه كان على علم بان بعض المسلمين في الموصل يستغلون حرياتهم الجديدة ليستقبل بعدها رسائل تهديد.

وقال "كلما تحدثوا بشكل سيء عن داعش, يتلقون رسائل تهديد على هواتفهم "لاتعتقدوا اننا ذهبنا, نحن لانزال هنا, لذا كن حذرا. وقال" لكن الحكومة امرت العديد من رجال الشرطة في المدينة بمحاولة القبض على هؤلاء الناس"

ومع ذلك, وبالرغم من هذه الحوادث القصصية, فان اي ظهور لداعش يبدو غير محتمل الى حد كبير.

وقال يوسف معربا عن امله في ان تتحسن العلاقات بين المسيحيين والمسلمين "جميع المسلمين ضد فكر داعش الان لأنهم عانوا الكثير منهم"

وقال "الناس تغيرت بشكل جذري في الموصل ويرون المسيحيين "زهور المدينة" مضيفا انه اخذ حفيده مؤخرا لمراجعة طبيب هناك ورفض الكادر اخذ اي اموال منه لانه مسيحي.

كان الوضع ايضا فرصة للشهادة. بعد ان قام تنظيم داعش بتفجير نصب تذكاري شهير, ذهب يوسف واخرون للمساعدة "قال مسلم لي: "قتلنا شعبك. لماذا تساعدنا؟" قال يوسف " لقد اجبت: " لان هذه هي المسيحية"

التحديات الحالية

قال معن ابراهيم, وهو مسلم من الموصل يعمل في موقع بناء كنيسة سريانية كاثوليكية في المدينة – وهو شيء سمح للمسلمين حديثا بالقيام به في الاونة الاخيرة- قال للصحفيين "ان كل شيء يتعلق بداعش سيء وان الحياة في ظلهم كانت قاسية جدا" وقال انه وغيره من المسلمين يعتبرون المسيحيين اخوانهم ويأملون ان يعود جميع المسيحيين الى المدينة
ولذلك يبقى الامل وكذلك التحديات التي يمكن تلخيصها على انها ضرورة لضمانات الحق في المواطنة المتساوية  في ظل سيادة القانون والامن والقدرة على العمل وتربية الاسرة بسلام.
وقال الاب كيلي: "كل هذه الرغبات مرفوضة او معرضة للخطر او غير موجودة"

في رحلته الخامسة الى المنطقة منذ عام 2015, قال الاب كيلي ان الوضع يبدو افضل من الفترة التي تلت الابادة الجماعية, لكنه مع ذلك يشعر باليأس, حتى من اولئك الذين كانوا اكثر ايجابية مما كانوا عليه في الماضي. بسبب قلة الوظائف والمخاوف الامنية. كثير من الشباب المسيحيين, الذين يسمعون من اصدقاء يعيشون الان بسعادة في الخارج, يميلون بشدة الى المغادرة.

وقال الاب كيلي "لن يبقى احد بدون عمل, بالاضافة الى مساعدة الشركات الصغيرة, من المهم العمل في مجال التعليم والدفاع عن حقوق الاشخاص المضطهدين, لاسيما من خلال تشجيع الكنيسة في الولايات المتحدة على عدم نسيان الاضطهاد العالمي".

لهذا السبب يقود مشروعا لفتح ضريح للمضطهدين, في 12 حزيران في كنيسة مار ميخا في مدينة نيويورك

قال الاب كيلي "انهم يشعرون انهم منسيون من قبل اخوانهم المسيحيين. يجب ان نظهر لهم انهم ليسوا كذلك 
 
أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية