نبارككم بمقعدكم البرلماني (الكلداني) ونعاتبكم على بذاءة لسانكم ووساخة كلماتكم
الكتابة هي اراحة الضمير وليس انتقاء ما في الجعبة من اوسخ الكلام لاجتذاب ما يمكن من الذباب.
كانت الانتخابات العراقية الاخيرة ولا زالت فرصة مناسبة للبعض من المتلونين والمتملقين والانتهازيين لافراغ ما في جعبتهم من قاذورات واوساخ وارخص الكلمات والمصطلحات بحق المرشحين والكيانات التي يعارضونها مصالحيا وليس فكريا، فباشروا مع اعلان النتائج بالرقص والاحتفال بفوزهم بمقعد برلماني بواسطة اصوات حصلوا عليها من خارج البيت المسيحي وفي الوقت نفسه جعلوا من هذا الفوز فرصة اضافية للطعن بمرشحي القوائم الاخرى والتشكيك بسمعتهم ومصداقيتهم ونعتهم بشتى الصفات (اللامحترمين، التابعين، اللانزهين، ولائهم للغريب، والخضوع لاجندات سيئة تفرض من الغير، وووو الخ) البعيدة كل البعد عن الصفات الحميدة والاخلاق الرفيعة التي يتحلى بها الكثير من مرشحي الكيانات المعنية، والتي توازي او هي اكثر من سمعة كيانهم حتى.
لست هنا بصدد عملية التزوير التي حصلت في الانتخابات، ولا بتوضيح وشرح الطريقة التي فاز بها مرشحي الكوتا بمقعدهم البرلماني (لان هذه الامور معروفة للقاصي والداني)، لكن في نفس الوقت لا استطيع قبول التطاول من بعض المتفلسفين والمتحولين والمتثقفين بحق مرشحي الكيانات الاخرى (كوني واحدا منهم)، اضافة الى ان اغلب المقالات التي نشرها هؤلاء اشباه الكتاب لم تكن مقالات او تحليلات او انتقادات او بحوث او اراء تتناول الانتخابات والكيانات المشاركة فيه بشيء من الشفافية بقدر ما كانت تهجم غير منطقي وغير اخلاقي على شخصيات كانت ولازالت في مقدمة المدافعين عن شعبنا وحقوقه في الوطن.
كنت اتمنى ان يحاول هؤلاء المتثقفين والمتسيسين واصحاب المباديء المرموقة المتباكين على شعبنا الكلداني السرياني الاشوري، ولو لمرة واحدة، ان يكتبوا شيئا مفيدا باسلوب حضاري مبتعدين عن اسلوبهم القديم في تكويم الزبالة لجمع الذباب، ويطرحوا خارطة طريق لاخراج شعبنا من دوامة المعاناة والضياع التي يدور فيها، او يحاولوا تقريب وجهات النظر بين اعضاء برلماننا الجدد كخطوة اولى لتوحيد خطابنا السياسي وانقاذ ما يمكن من مصالح وحقوق وارواح بعيدا عن التعصب الطائفي والتكتل الحزبي العمياوي والتعامل المنفعي مع قضيتنا ومستقبلنا الذي مزق شعبنا ودمره وجعل منا ديدانا تحت اقدام الاخرين او بيادقا بايديهم في افضل الاحوال.
على كل المتباكين على شعبنا وقضيته ان يعلموا ويفهموا (ان كان هناك مكان في عقولهم للتفكير والعلم والفهم) ان الدفاع عن حقوقنا ومستقبلنا لن يكون برصف الكلمات وترتيب البذاءات ولا بتعظيم النفس وشخصنة القضية والصراع على المناصب والامتيازات، ولا بعمليات البيع والشراء التي تجري خلف الكواليس، ولا بالتلاعب واثارة العواطف والمشاعر الانتمائية لنيل الاصوات وتسنم المناصب، بل يتحقق عبر النضال والتضحية، عبر ترسيخ مباديء الاخوة والتسامح بين ابناء شعبنا اولا والشعوب الاخرى، هذه المباديء التي نؤمن بها وتعاملنا بها مع الاخر رغم اختلافاتنا الفكرية والسياسية، ايمانا منا بان وحدتنا ووحدة خطابنا السياسي هو السبيل الاوحد لنيل حقوقنا وضمان مستقبلنا.
كل انسان له مطلق الحرية في التعبير عن رأيه في الجلسات الحوارية والنقاشية التي تدور من حوله وتمس انتمائه العقائدي او الفكري او الحزبي، لكن عندما يترقى هذا التعبير عن الرأي الى مستوى نشره في الجرائد والمواقع الالكترونية (وما اكثرها في زمننا الحاضر) فعلى الانسان الكاتب المفتخر بثقافته وعلمه، اضافة الى تقيده وانصياعه لاساليب النشر، ان يراعي بعض الامور الاساسية ليحفظ مصداقيته وسمعته بين القراء والتي من اهمها ان يتحلى بالشفافية والابتعاد عن تشويه الاخر والتشكيك بسمعته واستقلاليته واخلاصه لقضية شعبنا دون اية ادلة او اثباتات تدعم اتهاماته، لذلك على من يكتب عن وضعنا القومي والديني عليه ان يكون صادقا مع نفسه قبل ان يكون صادقا مع غيره والا سيجعل من نفسه اضحوكة لتلطيف المجالس.
اهمية المقعد البرلماني المخصص للكوتا المسيحية لا تكمن في من يشغله او يمثلنا به، ولا تكمن ايضا في انتمائه الجغرافي او الحزبي او الطائفي، فلا يهم اذا كان سريانيا او كلدانيا او اشوريا او اذا كان من اربيل او دهوك او البصرة......، بل ان اهمية التمثيل البرلمان تكمن في الية عمل ممثلنا وثقافته القانونية وجرأته في معارضة التشريعات والقوانين والقرارات التي تمس ايماننا ومعتقداتنا الدينية والاساليب التي تهدد مستقبلنا ووجودنا في الوطن، تكمن في اخلاص الممثل البرلماني لقضيته ودفاعه عن حقوق شعبه وعدم خيانته لثقته (حتى لو كان ممثلنا البرلماني، المحتفلين به، قد فاز باصوات مدينة ليس له فيها احد ولا يزورها الا بالاحلام او عبر المنظار).
ان الساحة ايها الاخوة المحترمين المخلصين لشعبنا وقضيته (وهذا الكلام يشمل كل المتملقين الذين يغيرون مبادئهم وانتماءاتهم حسب ما تقتضيه الحاجة) مفتوحة امام الجميع بلا استثناء، وليست حكرا على شخص واحد او جهة سياسية محددة، لتقديم ما لديهم من اعمال وخدمات، وتضحيات اذا امكن!، لابناء شعبنا المظلوم، لكي تكون المنافسة على الانجازات وليس عبر تشويه تاريخ العظماء وانجازاتهم.
همسة:- لا تجعلوا من الكوتا اداة لتدميرنا بل وسيلة لتثبيت حقوقنا والاحتفاظ بالبقية الباقية في الوطن.
كوهر يوحنان عوديش
gawher75@yahoo.com