المحرر موضوع: التراث العربي المسيحي,,حياة أبي زكريا ,,2  (زيارة 2321 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Khalid Sagmani

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 76
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الجـزء الأول

 

                                    التراث العربي المسيحي


 

الفصل الأول

حياة أبي زكريا يحيى بن عدي

1 – نشأته

 

       ولد أبو زكريا يحيى بن عدي بن حميد بن زكريا(1) التكريتي في تكريت سنة 893م .

 

أ  - تكريت مركز ثقافي

 

     وكانت تكريت من أهم مدن العراق في ذاك الزمان ، ولم تفقد بعض أهميتها إلا في عهد المغول(2). أما في أيام يحيى ، فكانت مركز مطارنة(3) السريان ، بل العاصمة الفكرية للكنيسة السريانية . وذلك من سنة 629م إلى سنة 1156م(4) .

 

     وقد اشتهر فيها قرياقس التكريتي ، بطريرك أنطاكية من 793م إلى وفاته سنة 817م ، صاحب كتاب "العناية الإلهية" ، وكتاب "الاعتراف" ، ومؤلفات طقسية(5) .

 

     ونبغ في بداية القرن التاسع أبو رائطة حبيب بن خدمة التكريتي ، الناقل والفيلسوف . وصفه ديونوسيوس التلمحري بأنه متبسط في علم المنطق والفلسفة . وشارك الفيلسوف نونا

_____________

 

1)       ويلاحظ أن في مخطوطة طهران دانشكاه 4901 (ورقة 15 ظ و 143 ظ) ومخطوطة طهران مجلس شوراي ملي طباطبائي 1376 (ص 55 و254) ، يكمل اسمه هكذا: "ين يحيى بن عثمان بن حميد بن بزرجمهر" . وفيهما أيضا هذه الحاشية: "كان من أولاد الفرس ، وكان اسمه بزرجمهر بن أبي منصور بن فرخان شاه المنجم" . ولا يخفى على أحد أن هذا النسب مخترع لجعل فيلسوفنا مقبولا لدى أبناء الفرس!

2)       بخصوص التاريخ المسيحي لمدينة تكريت ، راجع مقال                                 Jean-Maurice FIEY, Tagrît       

Esquisse d'une histoire chrétienne, in L'Orient.·Syrien 8 (1963), p. 289-342.     

3)   يقال عادة إن تكريت مركز مفارنة (جمع مفريان) السريان . إلا أن لقب "مفريان" لم يطلق على مطارنة تكريت إلا بعد سنة 1130م . راجع FIEY (حاشية 2) ص 306 – 308 .

4)   راجع FIEY (حاشية 2) ص 306 .

5)   بخصوص قرياقس التكريتي ، راجع باومشتارك BAUMSTARK ص 270 – 271 ، و "اللؤلؤ المنثور" رقم 144 (ط2 = ص 410 – 412 وط 3 = ص 329 – 331) ، وأبونا ص 386 – 387 ، وجراف ج2 ص 227 – 228 .


 

  NONNUS النصيبيي(6) في شكواه ضد فيلوكسينوس مطران نصيبين ، سنة 828م. ودافع عن مذهب الكنيسة السريانية ضد ثاودورس أبي قرة الملكي(7). وترك لنا عشر مقالات فلسفية لاهوتية في غاية الجودة(8) .

 

     وفيها ولد وترهب أنطون التكريتي ، المعروف بالبليغ أو الفصيح ، صاحب الكتاب الموسوم ب "معرفة الفصاحة" الذي وضعه نحو سنة 825م (9) .

 

     وفيها جادل أبو الحسن علي بن الحسين ، الشهير بالمسعودي (المتوفي سنة 345ﻫ/956م أو 346ﻫ/957م) ، الفيلسوف السرياني أبا زكريا دنحا ، المؤرخ واللاهوتي ، نحو سنة 313ﻫ/925م (10) . وتمت هذه المجادلات أحيانا ببغداد وأحيانا بتكريت في "الكنيسة الخضراء"(11) . وقال المسعودي : "ورأيت له كتابا في ذكر ملوك الروم واليونانيين ،

_____________

 

6)                           بخصوص نونا الأرشيدياقن ، راجع "اللؤلؤ المنثور" رقم 155 (ط2 = 423 – 424 وط 3 = ص 340 – 341) ، و BAUMSTARK ص 277 – 278 ، وأبونا ص 393 – 394 .

7)                           بخصوص أبي رائطة التكريتي ، راجع "اللؤلؤ المنثور" رقم 147 (ط 2 = ص 414 وط 3 = ص 332) ، وجراف ج2 ص 222 – 227 . وانظر أيضا ما نقول عنه في خاتمة الفصل الثامن .

8)                           حقق جورج جراف مؤلفات أبي رائطة ، وطبعها في لوفان سنة 1951.

 Die Schriften des Jacobiten Habīb Ibn Hidma Abū Ra´ita, herausgegeben von George GRAF, in Corpus Scriptorum Christianorum Orientalium, vol. 130. (vol. 131 ― Uebersetzung).                   

9)                           بخصوص الربان أنطون التكريتي ، راجع BAUMSTARK ص 278، و"اللؤلؤ المنثور" رقم 153 (ط2 = ص 418 – 421 وط 3 = ص 336 – 338) ، وأبونا ص 392 – 393 . وانظر مقال الأب الدكتور ميخائيل بريدي 

Michael BREYDY, Précisions historiques autour des œuvres d'Antoine de Tagrît et des manuscrits de St. Marc de Jérusalem, in Erkenntnisse und Meinungen, herausgegeben von Gernot WIESSNER, t. 2, coll Göttinger Orientforschungen, I, Reihe : Syriaca, Band 17 (Weisbaden : Otto Harrassowitz, 1979), p.15-52.                                                                             

10)                        راجع المسعودي : "كتاب التنبية والإشراف" ، طبعة المستشرق ميخائيل دي خويه (Michael Jan de GOEJE) ليدن 1894 ص 155. انظر الأب لويس شيخو ، في "المشرق" 12 (1909) ص 484 – 485 ، و"اللؤلؤ المنثور" رقم 177 (ط 2 = ص 443 وط 3 = ص 356 – 357) ، وجراف ج 2 ص 250 – 251 .

11)                        "الكنيسة الخضراء" هي كنيسة مار أحودمه ، التي بناها المطران دنحا الثاني (688 - 728م) . وفي سنة 495 هـ/1101 - 1102م (على ما جاء في "البستان الجامع") أصبحت الكنيسة جامعا . ثم أعيدت للنصارى فيما بعد . وهي أشهر كنائس تكريت . راجع FIEY (حاشية 2) ص 333 - 334   و 342 (الخريطة) .


 

وفلاسفتهم ، وسيرهم ، وأخبارهم"(21) .

 

     وفيها نبغ ، في منتصف القرن الحادي عشر ، الفيلسوف أبو نصر يحيى بن جرير التكريتي ، المتطبب والمؤرخ ، صاحب "كتاب المرشد" وغيره من الكتب العلمية والتاريخية واللاهوتية(13) .

 

     كما أن لأخيه أبي سعد الفضل بن جرير ، طبيب الأمير ناصر الدولة بن مروان ، بعض المؤلفات اللاهوتية ، لا سيما كتاب "تصحيح الكهنوت" المذكور في "كتاب المرشد" لأبي نصر(14) .

 

     فهذه النجوم الزاهرة في سماء تكريت أقوى دليل على أهمية هذه المدينة في تاريخ الفكر السرياني العربي . فقد ترعرع إذا يحيى في بيئة حملته على الدراسة ، وشجعته على التعمق في المنطق والفلسفة .

 

ب - إبراهيم بن عدي أخو يحيى

 

     وكان لأبي زكريا أخ شقيق (صنو) ، يعرف بإبراهيم بن عدي الكاتب . وقرأ إبراهيم على الشيخ أبي نصر محمد الفارابي في حلب . وكان الفارابي يملي عليه تفسيره لكتاب البرهان (أو "أنالوطيقا الثاني") لأرسطوطاليس ، على ما ذكر ابن أبي أصيبعة(15) . وقال البيهقي إن ابراهيم كان "من أخص خواص" الفارابي ، و "مدون تصانيفه"(16) .

 

     ويبدو أن الأخوين لم يكونا متفقين دائما في المذهب الفلسفي . فقد ذكر جمال الدين القفطي (المتوفي سنة 646ﻫ/1248 م) ، في "تاريخ الحكماء" ، مقالتين ليحيى بن عدي ، يرد فيهما على أخيه إبراهيم . والمقالتان مفقودتان ، وعنوانهما :

_____________

 

12)                        راجع المسعودي (حاشية 10) ص 156.

13)                        أبو نصر يحيى بن جرير التكريتي تلميذ أبي علي عيسى بن زرعة (المتوفي سنة 1008م) ، تلميذ يحيى بن عدي . وكلهم من أبناء الكنيسة السريانية . راجع ابن أبي أصيبعة ج 1 ص 243 ، وجراف ج 2 ص 259 – 262 .

14)                        بخصوص أبي سعد الفضل بن جرير ، راجع ابن أبي أصيبعة ج 1 ص 243 ، وجراف ج 2 ص 262 – 263 .

15)                        راجع ابن أبي أصيبعة ج 2 ص 139/19 – 20 .

16)                        راجع البيهقي (ت 565ﻫ/1169 – 1170م) : "تتمة صوان الحكمة" ، طبعة محمد شفيع (لاهور 1935) ص 102 .


 

1-     "مقالة بينه وبين إبراهيم بن عدي الكاتب ، ومناقضته(17) في أن الجسم جوهر وعرض .

2-    مقالة في جواب إبراهيم بن عدي الكاتب" (18) .

 

وهذا يدل على أن الدراسات النظرية ، ولا سيم الفلسفية منها ، كانت راسخة في عائلة يحيى بن عدي .

 

2 – يحيى طالب في بغداد

 

     ثم أتى أبو زكريا إلى بغداد ، لمتابعة دراساته . وقد يكون ذلك نحو سنة 910 – 915م.  فقرأ على أشهر فلاسفة عصره ، لا سيما أبي بشر متى وأبي نصر الفارابي .

 

أ  - أبو بشر متى بن يونس

 

     أما أبو بشر متى بن يونس القنائي(19) ، فقد ولد في دير قنى ، وتوفي ببغداد سنة 328ﻫ/940م . وهو الذي نقل الكثير من تصانيف أرسطوطاليس ، وثامسطيوس ، والإسكندر الأفروديسي . وشرحها ، وعلى شروحه "يعول الناس في القراءة"(20) ، إذ "إليه انتهت رئاسة المنطقيين في عصره"(21) .

 

     قال ابن خلكان ، في الكلام عن الفارابي : "ولما دخل بغداد ، كان بها أبو بشر متى ]بن[يونس الحكيم المشهور ، وهو شيخ كبير . وكان يقرأ الناس عليه في المنطق ، وله إذ ذاك صيت عظيم ، وشهرة وافية ، ويجتمع في حلقته كل يوم المئون من المشتغلين بالمنطق . وهو يقرأ كتاب أرسطاطاليس في المنطق ، ويملي على تلامذته شرحه . فكتب عنه ، في شرحه ، سبعين سفرا . ولم يكن في ذلك الوقت أحد مثله في فنه .

 

     "وكان حسن العبارة في تآليفه ، لطيف الإشارة . وكان يستعمل في تصانيفه البسط والتذييل ، حتى قال بعض علماء هذا الفن : "ما أرى أبا نصر الفارابي أخذ طريق تفهيم المعاني الجزلة بالألفاظ السهلة إلا من أبي بشر" (يعني المذكور) . وكان أبو نصر يحضر حلقته ، في غمار تلامذته"(22) .

_____________

 

17)                        في الطبعة : "ومناقضة" .

18)                        راجع القفطي ص 363/14 – 15 .

19)                        بخصوص أبي بشر متى بن يونس ، راجع : ابن النديم ص 368 - 369 ، والقفطي ص 323 (وقد نقله ابن العبري ص 285) ، وابن أبي أصيبعة ج 1 ص 235 . انظر جراف ج 2 ص 153- 154 .

20)                        راجع ابن النديم ص 369/2 .

21)                        راجع ابن النديم ص 368/19 .

22)                        راجع ابن خلكان 4 ص 239/10 – 17 (في رقم 677) .


 

ب - أبو نصر محمد الفارابي

 

     وأما أبو نصر محمد بن محمد بن محمد بن طرخان الفارابي(23) ، فبعد أن قرأ على أبي بشر في بغداد ، "ارتحل إلى مدينة حران ، وفيها يوحنا بن حيلان(24) الحكيم النصراني(25) ، فأخذ عنه طرفا من المنطق أيضا .

 

     "ثم إنه قفل راجعا إلى بغداد . وقرأ بها علوم الفلسفة ، وتناول جميع كتب أرسطاطاليس . وتمهر في استخراج معانيها ، والوقوف على أغراضه فيها"(26) .

 

     ولتفوقه في فهم معاني أرسطوطاليس ، لقب الفارابي ب "المعلم الثاني" (والمعلم الأول ما هو إلا أرسطوطاليس نفسه) . قال ابن خلكان : "وهو أكبر فلاسفة المسلمين"(27) . وهو "فيلسوف المسلمين بالحقيقة" ، على رأي أبي القاسم صاعد القرطبي(28) . وتوفي سنة 339ﻫ/950م ، وهو في الثمانين من عمره تقريبا .

 

* * *

     هذان هما معلما يحيى بن عدي . لقد قرأ على أبي بشر متى بن يونس أولا ، ثم قرأ على الفارابي ، عندما عاد إلى بغداد بعد إقامته في حران ، أي نحو سنة 925 – 930م .

_____________

 

23)                        بخصوص الفارابي ، راجع هذه المراجع الأربعة ، حيث ذكرت عشرات المراجع :

·                                                                      بروكلمن ج1 ص210 والملحق الأول ص375 – 377 .

·                                                                      ريشر : Nicholas RESCHER, Al-Fārābi, An annotated Bibliography (Pittsburgh 1962)

·                                                                      ولزر :Richard WALZER, Al-Fārābi, in Encyclopédie de l´ Islam, 2e éd., II (1965), p.797 a 800 a

Ja‘far Aghayani CHAVOOSHI, Al-Fārābi. An annotated Bibliography, Téhéran, 1355 A.H. šī‘ite

(= A.D. 1976), 196 + 342 pages     

24)                        طبع اسمه مرتين بالخاء المنقوطة (خيلان) . راجع ابن خلكان 4 ص 239/18 – 21 (في رقم 677) . وقد ذكر أيضا المسعودي ، في "التنبيه والإشراف" (طبعة M. Jan de GOEJE ليدن 1894 ، ص122) أن الفارابي قرأ على يوحنا بن حيلان (وكتبها بالحاء المهملة)  .

25)                        بخصوص يوحنا بن حيلان ، راجع ابن أبي أصيبعة ج2 ص135 . توفي يوحنا في بغداد ، أيام المقتدر بالله (295 – 320ﻫ/908 – 932م) . وانظر مقال الأب الدكتور يوسف حبي "يوحنا بن حيلان معلم الفارابي في المنطق" ، في مجلة "بين النهرين" 3 (1975) ص125 – 159 (وفيها استطرادات عديدة عن الفارابي) .

26)                        راجع ابن خلكان 4 ص239/18 – 21 (في رقم 677) .

27)                        راجع ابن خلكان 4 ص 239/4 – 5 (في رقم 677) .

28)                        ذكره ابن خلكن 4 ص 240/5 – 6 (في رقم 677) .


 

فقد تخرج إذا على أئمة الفكر العربي في عصره ، أو بالأحرى أئمة الفلسفة العربية الأرسطوطالية .

 

3 – يحيى رئيس فلاسفة العالم العربي والاسلامي

 

     وعندما توفي أبو بشر متى ، سنة 940م ، انتهت الرئاسة إلى أبي زكريا يحيى بن عدي ، حسب تعبير ابن النديم . ولم يستعمل ابن النديم هذه العبارة ، في "كتاب الفهرست" كله ، إلا أربع مرات : بخصوص بقراط الطبيب اليوناني(29) ، وجالينوس الطبيب(30) ، وأبي بشر متى بن يونس(31) ، ويحيى بن عدي(32) .

 

     وكان الفارابي قد غادر بغداد منذ مدة ، وجال في سوريا ومصر طالبا العلم ، ثم استوطن حلب لدى الأمير سيف الدولة ، وتوفي في دمشق في رجب سنة 339 ﻫ (=14/12/950م إلى 12/1/951م) . فأصبح يحيى رئيس المدرسة الأرسطوطالية في العالم العربي . أعلم في هذا الوقت أحدا يرجع إليه في ذلك(33) ، إلا رجلا واحدا ، من النصارى ، بمدينة السلام ، يعرف بأبي زكريا بن عدي"(34) .

 

     ويقول عنه ابن النديم ، وهو أيضا من معاصريه ، بل من أصدقائه : "وكان أوحد دهره!"(35)

 

     فمنذ وفاة أبي بشر متى (سنة 940م) وأبي نصر الفارابي (سنة 950م) ، وحتى وفاة يحيى (سنة 974م) ، أي خلال ربع قرن ، لم يكن من يضاهيه أو يقترب من مرتبته في الفلسفة ، في العالم الإسلامي كله ، وبالتالي في العالم أجمع ، إذ كانت الفلسفة اليونانية محصورة آنذاك في العالم الإسلامي .

_____________

 

29)                        راجع ابن النديم ص 400/3 – 4 : "فلما مات ماغاريتس (!) ووارخس ، انتهت الرئاسة إلى بقراط" .

30)                        راجع ابن النديم ص 400/17 – 18 : "وجالينوس الثامن ، وإليه انتهت الرئاسة" ، وص 402/6 – 7 : "وانتهت إليه الرئاسة في عصره" .

31)                        راجع ابن النديم ص 368/19 : "وإليه انتهت رئاسة المنطقيين في عصره" .

32)                        راجع ابن النديم ص 369/6 – 7 : "أبو زكريا يحيى بن عدي بن حميد بن زكريا المنطقي ، وإليه انتهت رئاسة أصحابه في زماننا" .

33)                        يعني "في الفلسفة" .

34)                        المسعودي : "التنبيه والإشراف" (طبعة M. J. de GOEJI ليدن 1894) ص 122/10 – 12 .

35)                        راجع ابن النديم ص 369/8 .


 

4 -  تلاميذ يحيى بن عدي

 

     

ولما طارت سمعته في البلاد ، أتت إليه التلاميذ من أنحاء العالم الإسلامي ومن شتى الملل والنحل . وإليك أسماء أشهر تلامذته ، مرتبين ترتيبا تاريخيا .

 

1-                                     أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى (302 – 391ﻫ/914 – 1001م) ، ابن الوزير علي بن عيسى الجراح (245 – 334ﻫ/859 – 946م) (35ب) . وقد ذكره ابن النديم (المتوفي سنة 380ﻫ/990م) ، في حديثه عن النقلة من اليوناني إلى العربي ، وسماه "سيدنا"(36) .

 

وللقفطي عنه خبر طريف ، نذكره هنا إذ يلقي ضوءا على شخصية يحيى بن عدي . قال : "وكان ]عيسى [ قيما بعلم الأوائل . قرأ المنطق على يحيى بن عدي ، وأكثر الأخذ عنه ، وتحقق به . وأفاد جماعة من الطلبة . وناظر ، وحقق . وسئل فيه ، فأجاب أجوبة سادة ، لم يخرج فيها عن طريقة القوم .

 

"ورأيت نسخة من "السماع الطبيعي"(37) التي قرأها على يحيى بن عدي ، شرح يحيى النحوي(38) ، وهي في غاية الجودة والحسن والتحقيق . وكانت له(39) عليها حواش حصلت بالمناظرة حالة القراءة(40) ، وهي بخطه(41) . وكان ]خطه[ أشبه شئ بخط أبي علي ابن مقلة ، في القوة والجريان والطريقة . وكانت هذه النسخة في عشرة مجلدات كبار .

 

_____________

 

35ب)   لقد جرت مناظرة في التثليث والتوحيد ، بين يحيى بن عدي وأحد المسلمين ، في مجلس هذا الوزير ، انظر أدناه ، قي الفصل الثالث ، المؤلف رقم 108 وحاشية 27 (ص 54) .

36)                        راجع ابن النديم ص341/4 : "كذا حكى سيدنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى (أيده الله!)" .

37)                        هو كتاب "الطبيعة" لأرسطوطاليس .

38)                        هو الفيلسوف القبطي الشهير Johannes PHILOPONOS آخر ممثل مدرسة الإسكندرية الأرسطوطالية . عاش في القرن السادس للميلاد . أما ما يحكى من خبره مع عمرو بن العاص ، فهو من باب الخرافة .

39)                        أي ليحيى بن عدي .

40)                        القراءة ، أي "الدراسة" (من "قرأ على") .

41)                        أي "بخط يحيى بن عدي" ، لا "بخط عيسى ابن الوزير" ، إذ الضمير عائد في هذه الفقرة إلى يحيى . وقد وصف القفطي خط يحيى بن عدي بالوضوح ، في مكان آخر (ص 361/11 – 15) .


 

وقد حشاها(42) بعد ذلك جورجيس اليبرودي(43) بشرح ثامسطيوس للكتاب"(44) .

 

2 - أبو سليمان محمد بن طاهر السجستاني المنطقي ، صاحب "صوان الحكمة" . وهو الذي ترأس جماعة الفلاسفة في بغداد ، بعد وفاة يحيى . ويبدو أن ابن النديم كان تلميذه زمنا ، إذ يسميه مرة "شيخنا"(45) . توفي بعد سنة 391ﻫ/1001م(46) .

 

3 - أبو علي عيسى بن إسحق بن زرعة . وهو "أحد المتقدمين في علم المنطق وعلوم الفلسفة ، والنقلة المجودين"(47) . وهو أخص تلاميذ يحيى ، ومكمل تعليمه في اللاهوت . ولد سنة 331ﻫ/942م ، وتوفي سنة 398ﻫ/1008م(48) .

 

4 -  أبو الخير الحسن بن سوار ... المعروف بابن الخمار ، "من أفاضل المنطقيين ، ممن قرأ على يحيى بن عدي ، في نهاية الذكاء والفطنة والاضطلاع بعلوم أصحابه"(49) . وهو الذي أوصل إلينا تعليم يحيى في المنطق . ولد سنة 331ﻫ/942م ، وتوفي سنة 407ﻫ/1017م(50) .

_____________

 

42)                        أي "أضاف عليها حواشي" .

43)                        هو أبو الفرج جورجيس بن يوحنا بن سهل بن إبراهيم اليبرودي ، تلميذ أبي الفرج عبد الله بن الطيب (المتوفي سنة 1043م) . طبيب مشهور ومدافع عن النصرانية . راجع ابن أبي أصيبعة 2 ص 140 – 143 . انظر مقال يوسف نصر الله في مجلة ARABICA 23 (1976) ص 13 – 22 (لا سيما ص 13 – 15 و18 – 19 و22) ، ومقال سمير خليل في مجلة ISLAMOCHRISTIANA 2 (1976) ص 201 – 249 (لا سيما ص 240 – 242) .

44)                        راجع القفطي ص 245/1 – 9 (راجع أيضا ص 39/14 – 19) .

45)                        راجع ابن النديم ص 336/18 .

46)                        راجع بروكلمن ج1 (ط 2) ص 236 وملحق 1 ص 377 – 378. دائرة المعارف الاسلامية ج 1 (ط 2) ص 151 – 152 (ط . إنجليزية) أو ص 156 (من الطبعة الفرنسية) . راجع تحقيق عبد الرحمن بدوي لكتاب "صوان الحكمة وثلاث رسائل لأبي سليمان المنطقي السجستاني" (طهران 1974) ص 5 – 74 .

47)                        راجع ابن النديم ص 369 آخر سطر .

48)                        راجع ابن النديم ص 369 – 370 ، والقفطي ص 245 – 246 (وقد نقله ابن العبري ص 315 – 316) ، وابن أبي أصيبعة 1 ص 235 – 236 . راجع جراف 2 ص 252 – 256 . وكتاب الأب كيرلس حداد (بيروت 1971):

Cyrille HADDAD, ‛Isā Ibn Zur‛a, philosophe arabe et apologiste chrétien (Liban, Dar al-Kalima, 1971)

49)                        راجع ابن النديم ص 370/10 – 12 .

50)                        راجع ابن النديم ص 265 ، وابن أبي أصيبعة ص 322 ، وجراف 2 ص 156 – 157 .


 

5 -  أبو علي بن السمح ، وكان له دكان (إذ كان وراقا) في باب الطاق في بغداد . وهو الذي دون تعليم يحيى في "السماع الطبيعي" لأرسطو . توفي سنة 418ﻫ/1027م.

 

6 -  أبو بكر عبد الله بن الحسن القومسي ، وأصله من قرية قومسة بالقرب من إصفهان . كان كاتب نصر الدولة . لا ندري متى ولد ، ولا متى توفي . وكثيرا ما يذكره أبو حيان التوحيدي في مؤلفاته .

 

7 -  أبو الحسن علي بن محمد البديهي . أصله فارسي ، من شهر زور . ورد بغداد ، وتلقى علومه بها . وكان كثير التطواف بالبلاد . وقصد حضرة الصاحب بن عياد ، وأقام عنده زمنا . وهو من أفاضل الشعراء ، وإن هجاه أبو بكر الخوارزمي في رسالة عليه . توفي نحو سنة 380ﻫ/990م .

 

8 -  أبو حيان علي بن محمد التوحيدي ، الفيلسوف والأديب ، تلميذ أبي سليمان السجستاني ، وعضو في مجلس يحيى بن عدي منذ سنة 360ﻫ/971م . وقد ذكر في "المقابسات" وفي "الإمتاع والمؤانسة" كثيرا من أخبار معلمه يحيى . توفي نحو سنة 414ﻫ/1023م .

 

9 -  أبو علي أحمد بن محمد مسكويه ، المتوفي سنة 421ﻫ/1030م ، صاحب كتاب "الحوامل والشوامل" و "تهذيب الأخلاق" ، وغيرهما(51) .

 

10- أبو علي نظيف بن يمن ، القس والفيلسوف والرياضي والطبيب الملكي ، مدير البيمارستان العضدي ، الذي أسسه عضد الدولة (978 – 983م) في بغداد(52) . وله مقالة ممتازة في اتفاق رأي النصارى في المسيح ، طبعت حديثا(53) .

 

  وجدير بالذكر أن تلاميذ يحيى بن عدي ينتمون إلى الدين الإسلامي (راجع رقم 1 و 2 و 6 و 7 و 8 و 9) والمسيحي (راجع رقم 3 و 4 و 5 و 10) على السواء . والمسيحيون منهم من المذاهب الثلاثة : المذهب النسطوري (ابن الخمار) ، والملكي (نظيف بن يمن) واليعقوبي (ابن زرعة) .             

_____________

 

51)                        راجع ابا حيان التوحيدي : "كتاب الإمتاع والمؤانسة" ، تحقيق أحمد أمين وأحمد الزين ، ج 1 (القاهرة ، الطبعة الثانية) ص 33 – 37 .

52)                        راجع ابن النديم ص 371/17 – 21 ، القفطي ص 337 – 338 (وقد نقله ابن العبري ص 305) ، ابن أبي أصيبعة 1 ص 238 – راجع بروكلمن ، ملحق 1 ص 387 ، وجراف 2 ص 48 – 49 .

53)                        راجع الأب سمير خليل : "مقالة للشيخ نظيف بن يمن المتطبب في اتفاق رأي النصارى رغم اختلاف عباراتهم" ، في مجلة "رسالة الكنيسة" 9 (المنيا 1977) ص 107 – 112 .


 

5 – مؤلفات يحيى المؤرخة

 

     إن ما توصلنا إلى معرفته من معالم حياة أبي زكريا يحيى بن عدي قليل . فسعينا في طلب معلومات أخرى ، مقتبسة من مؤلفاته ، المطبوعة والمخطوطة (وهذه هي الأغلبية الساحقة) . فوجدنا 11 تاريخا ، بين مقالة ورسالة وتعليم . وهي تعيننا على متابعة فكر أبي زكريا الفلسفي . وإليك حصر بتلك التواريخ ، مرتبة ترتيبا تاريخيا .

 

1 -  سنة 328ﻫ/940م : "مقالة في التوحيد ، المنشأة في رجب سنة 328" أي في ابريل أو مايو 940م . وهي المقالة التي ننشرها في هذا الكتاب(54) .

 

2 -  سنة 341ﻫ/952م : "أجوبة عن مسائل ابن أبي سعيد بن عثمان بن سعيد اليهودي الموصلي ، صاحب بني عمران" ، المؤرخة في يوم الجمعة مستهل المحرم سنة 341ﻫ (= يوم 29/5/952م)(55) .

 

3 - سنة 341ﻫ/953م(؟) : "جواب مسألة وردت من الري في ذي القعدة من سنة إحدى ]وأربعين[(56) وثلثمائة : هل يوجد شخص زيد ]...[ وجودا ثانيا ، أم ليس له وجود البتة إلا في هذه الدفعة ؟"(57) . وهذا التاريخ يناسب مارس أو ابريل سنة 953م .

 

4 -  سنة 350 ﻫ/961م : "مقالة في تبيين غلط أبي يوسف يعقوب بن إسحق الكندي ، في مقالته في الرد على النصارى ، أنشئت في شهر رمضان سنة خمسين وثلثمائة"(58) ، أي في أكتوبر أو نوفمبر سنة 961م .

 

5 -  سنة 351ﻫ/962م : قال المؤلف : "رأيت ، أنا يحيى بن عدي ، رؤيا ، في الليلة التي صبيحتها يوم السبت الرابع عشر من جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وثلثمائة ، واليوم التاسع عشر من تموز"(59) ، أي يوم 19 يوليو سنة 962م .

_____________

 

54)                        راجع اندرس 5/31 ، ص 71 – 73 .

55)                        راجع اندرس 7/2 ، ص 96 – 98 .

56)                        من المستحيل أن تكون الرسالة وردت سنة 301هـ ، إذ كان يحيى في الواحدة والعشرين من عمره . فيجب ضرورة إضافة عدد العشرات . ثم إن هذا جواب على رسالة وردت من الري ، مما يشير إلى أن يحيى كان مشهورا عندئذ ، أي بعد وفاة شيخه أبي بشر متى بن يونس (328ﻫ/940م) . ولما كان أول رسالة مؤرخة موجهة إليه تحمل تاريخ سنة 341ﻫ (وهي التي ذكرناها في رقم 2) ، رأينا من الأرجح ألا نقدم هذه الرسالة على تاريخ سنة 341ﻫ ، وربما كتبت سنة 351ﻫ أو 361ﻫ .

57)                        راجع أندرس 5/21 ، ص 70 .

58)                        راجع أندرس 5/22 ، ص 70 – 71 .

59)                        راجع أندرس 8/12 ، ص 100 – 101 .


 

6 -  سنة 353ﻫ/964م : إجابة عن ثلاث مسائل في العفة ، ألفها في ليلة الثلاثاء 10 محرم سنة 353ﻫ ، أي يوم 28/1/964م(60) .

 

7 -  سنة 353ﻫ/964م : "إجابة عن طلب سبب إكرام النصارى للصليب المقدس ، وغير ذلك" ، سأله عنها صديقه أبو علي سعيد بن داديشوع ، سنة 353ﻫ(61) .

 

8 -  سنة 355ﻫ/965 – 966م : "مناقضة يحيى بن عدي لقرياقس بن زكريا الحراني ، ورد عليه ، من إبانة غلط النسطورية في هذه الرسالة ، ونقض حججهم من طريق المنطق"(62) .

 

هذه المقالة موجودة في مخطوط البطريركية القبطية في القاهرة ، رقم 183 لاهوت. والمخطوط مؤرخ في 7 توت 1500 للشهداء (= 15/9/1783م) . إلا أن هذا النص(63) منسوخ من نسخة أبي الخير الحسن بن سوار بن بابا بن بهنام ، المعروف بابن الخمار(64) ، وكان قد نسخه من دستور(65) المؤلف (أي شيخه أبي زكريا يحيى بن عدي) المحرر في محرم سنة 355ﻫ (= من 28/12/965 إلى 27/1/966م)(66) .

 

9 -  سنة 355ﻫ/966م : "شرح ما عنّ لي من معاني ما أنفذه إليّ أبونا مار يوانيس الأسقف من القول المنسوب إلى إيراثاوس الطاهر ، في سنة خمس وخمسين وثلثمائة"(67) .

 

10-                                   سنة 358ﻫ/969م : "أجوبة عن ثلاث مسائل سأله عنها صديقه أبو علي سعيد بن داديشوع ، في ذي القعدة سنة ثماني وخمسين وثلثمائة"(68) ، المناسب 16/9 إلى 15/10/969م .

_____________

 

60)                        راجع أندرس 6/3 (ص 86) و 8/65 – 1 (ص 120) .

61)                        راجع أندرس 8/63 (ص 119) . وذكره ابن النديم (ص 341/17) مترجما اسمه داديشوع . وقد يكون هذا ابنه .

62)                        راجع أندرس 8/32 ، ص 112 – 113 .

63)                        وقد أخطأ أندرس ، إذ نسب هذا التاريخ لمقالة أخرى (رقم 8/33 ، ص 113 – 114) .

64)                        هو التلميذ الرابع المذكور أعلاه .

65)                        "دستور" أي النص المكتوب بخط المؤلف (autographe)

66)                        راجع جراف 2 ص 247 رقم 37.  وانظر Georg GRAF, Catalogue de manuscripts arabes chrétiens conservés au Caire, coll. Studi e Testi 134 (Vatican 1934), p. 232-234, N. 641 / 31e  .                               

67)                        راجع أندرس 8/72 ، ص 121 – 122 .

68)                        راجع أندرس 8/71 ، ص 120 – 121 .


 

11-                                   سنة 361ﻫ/971 – 972م : "قال يحيى بن عدي ، في درس البديهي(69) عليه ، سنة إحدى وستين وثلثمائة ، وأنا(70) حاضر : مبدأ الجوهر الصورة والمادة ..."(71).

 

      وجدير بالذكر أن الشيخ أبا زكريا يحيى بن عدي كان ما زال قائما بالتدريس ، وهو ابن 79 سنة !

 

     هذا ما استطعنا أن نتوصل إليه من تواريخ الشيخ أبي زكريا يحيى بن عدي ، من خلال تعليمه وتأليفه . ويبدو من هذا العرض أن "المقالة في التوحيد" التي ننشرها هنا هي أول بحث مؤرخ وضعه يحيى .

 

6 – وفاة يحيى بن عدي

 

    قال القفطي :

 

     "مات الشيخ أبو زكريا يحيى بن عدي بن حميد بن زكريا الفيلسوف يوم الخميس لتسع بقين من ذي القعدة ، سنة أربع(72) وستين وثلثمائة للهجرة ، وهو لثلاث عشرة من آب ، سنة ألف ومائتين وخمس وثمانين للإسكندر(73) . ودفن في بيعة القطيعة(74) ببغداد ، وكان عمره إحدى وثمانين سنة شمسية .

 

    "ورأيت في بعض التعاليق ، بخط من يعنى بهذا الشأن : وفاته كانت في اليوم المقدم ذكره ، من الشهر المقدم ذكره ، من سنة ثلاث وستين وثلثمائة"(75) .

 

    فقد مات إذا يحيى يوم الخميس 13/8/974م .

 

* * *

____________

 

69)                        بخصوص البديهي ، راجع ما قلناه عن تلاميذه ، وهو السابع منهم .

70)                        أي "أنا أبا حيان التوحيدي " .

71)                        راجع أبا حيان التوحيدي : "كتاب المقابسات" (بداية المقابسة الرابعة عشرة) ، طبعة حسن السندوبي (القاهرة 1347ﻫ/1929م) ص 156/5 – 7 . وفي طبعة محمد توفيق حسين (بغداد 1970) ص 104/2 – 3 .

72)                        هذ1 خطأ ، وصوابه ما ذكره فيما بعد : سنة 363 هـ .

73)                        سنة 1285 للإسكندر توافق سنة 973 – 974 م .

74)                        "القطيعة" هي "قطعة أرض ملك أحد الوجهاء" ، في اصطلاح العراق . والقطيعة (مطلقا)ببغداد هي "قطيعة أم جعفر" (أو "قطيعة زبيدة") ، الواقعة شمال غرب بغداد . راجع أحمد بن علي الخطيب البغدادي (المتوفي سنة 463ﻫ/1071م) . "تاريخ بغداد" ، طبعة مصر سنة 1349ﻫ/1931م ، ج 1 ، ص 71 و 93 و 110 – 111 و 121 .

75)                        راجع القفطي ص 363/18 – 364/2 . ونقل ابن العبري (ص 170/21 – 22 من الطبعة الثانية) جزءا من هذا النص .


 

       وقال أبو العباس أحمد بن أبي "صيبعة ، المتوفي سنة 668ﻫ/1270م ، في "عيون الأخبار"(76) :

 

"وقال الأمير أبو الوفاء المبشر بن فاتك(77) : حدثني شيخي أبو الحسين ، المعروف بابن الآمدي ، أنه سمع من أبي علي إسحق(78) بن زرعة(79) يقول إن أبا زكريا يحيى بن عدي وصى إليه أن يكتب على قبره ، حين حضرته الوفاة ، وهو في بيعة مر(80) توما بقطيعة الرقيق(81) ، هذين البيتين(82) :

 

رب ميت قد صار بالعلم حيـا ،

    ومبقى قـد مات جهلا وعيا .

فاقتنوا العلم ، كي تنالوا خلودا ،

لا تعدوا الحياة في الجهل شيا !(83) .

____________

 

76)   راجع ابن أبي أصيبعة 1 ص 235/17 – 22 .

77)                          توفي الأمير أبو الوفاء في نهاية القرن الحادي عشر الميلادي (أي بعد يحيى بن عدي بنحو قرن) . وهو صاحب كتاب "مختار الحكم ، ومحاسن الكلم" ، الذي ألفه سنة 440 ﻫ/1048 – 1049م .

78)                          77)                          توفي الأمير أبو الوفاء في نهاية القرن الحادي عشر الميلادي (أي بعد يحيى بن عدي بنحو قرن) . وهو صاحب كتاب "مختار الحكم ، ومحاسن الكلم" ، الذي ألفه سنة 440 ﻫ/1048 – 1049م .

78)                          كذا ، وصوابه "عيسى" .

79)                          توفي عيسى بن زرعة سنة 942ﻫ/1008م . وهو التلميذ الثالث المذكور أعلاه .

80)                          أي : "مار" .

81)                          في النص المطبوع : "الدقيق" . و"قطيعة أم جعفر" (أو"القطيعة" ، كما قال القفطي) كانت تقع في شارع دار الرقيق . فعرفت فيما بعد ، على أيام ابن أبي أصيبعة ، بـ"قطيعة الرقيق" راجع

Jacob LASSNER, The Topography of Baghdad in the early Middle Ages (according to the Khatīb al-Baghdādī, coll. Texts and Studies (Detroit, 1970), p. 50, 77, 98-100, 237, 257-258, 286.                                                                     

82)                          من وزن الخفيف .

لم يكن يحيى شاعرا موهوبا ، إلا أنه حاول أن ينظم الشعر . وقد ذكر أبو حيان التوحيدي ، في المقابسة 89 ، بيتين ليحيى بن عدي ، أراد أن يعارض بهما أبا الهيثم خالدا بن يزيد الكاتب البغدادي ، فأثار ضحك أصحابه! راجع "كتاب المقابسات" ، طبعة حسن السندوبي (القاهرة 1347ﻫ/1929م) ص 297/14 إلى 298/9 ، وطبعة محمد توفيق حسين (بغداد 1970) ص 334/6 إلى 335/3 . ونظم أيضا يحيى بيتين ، ضمنهما إجابته على السؤال الثاني لصديقه أبي علي سعيد بن داديشوع (راجع المؤلفات المؤرخة ، رقم 9 . وقد ذكرهما الأب لويس شيخو في "شعراء النصرانية بعد الإسلام" ، في مجلة "المشرق" 23 (1925) ص 602 ، ثم في الجزء الثالث من كتابه بنفس العنوان (بيروت 1927) ص 256 .