المحرر موضوع: الانقلاب الفكري السعودي للإسلام المتشدد والإسلام المعتدل  (زيارة 1431 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سمير يوسف عسكر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 335
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
في البدء، تقف إيران والسعودية على طرفي نقيض فيما يخص جدلاً عقيماً وقديماً في صلب الإسلام. نزاع له جذور عميقة وتاريخية وسياسية في الإسلام المتشدد المتطرف. خصمين كبيرين اقليمين في الشرق الأوسط، ولكل منهما حلفاء أقوياء كذلك أعداء. هل انه صراع ديني متشدد للإسلام ام صراع دنيوي؟ الانقلاب الفكري السعودي المفاجئ للإسلام المتشدد من ولي العهد محمد بن سلمان، هو ليس طلاق بين آل سعود والوهابية. مؤكد ستصطدم رغبة ولي العهد محمد في العودة للإسلام المعتدل ونبذ التطرف بعقبات كثيرة، إذ لابد له من تغيير (معادلة الحكم) التي قامت على التحالف بين الدين والسياسة، هل ان قرار ولي العهد متسرع ام تجديد محسوب؟ لابد من فرصة وأدواته لتحقيق مثل هذا التحول؟ قبل تحقيق هذا التحول، يجب على الإسلام ان يتحد للسعي الى تحقيق هدف واحد يتجاوز كل اعتبار آخر. وهذا الهدف هو مواجهة اختيار التاريخ العظيم، القضاء على التطرف وقهر قوى الإرهاب. قبل أشهر قال الرئيس الامريكي دونالد ترامب أمام القمة العربية الإسلامية خلال زيارته للسعودية، حيث شدد على أهمية التصدي على الإرهاب والتطرف. بعد هذا الخطاب، توالت التغييرات والتصريحات والمواقف السعودية التي تصب في هذا الاتجاه. بدأ الشاب ولي العهد بتعزيز سلطته وتقديم نفسه كإصلاحي ومحاربة الفكر الديني المتطرف حيث تم انشاء هيئة (لمراقبة تفسير الأحاديث). هل يعني ذلك التخلي عن الوهابية والتي أمّنت الغطاء الديني والشرعي لحكم آل سعود منذ تأسيس المملكة عام 1902. ولولاها لما حصلت عائلة آل سعود بالحكم والاحتفاظ السلطة السياسية. انه من الصعب جداً على السعودية ان تتبرأ من الوهابية. فالإصلاح الديني لن يكون عميقاً ولن يؤدي الى ضمان الحرية الدينية للأديان الأخرى. فالوهابيون نجحوا في خلق بيئة حاضنة للتطرف بامتداد المملكة والمنطقة والعالم. ربّاط الموضوع، اخترت بلدين إسلاميين كمساحة وتعداد، كيف تخطوا التمويل السعودي لدعم الإسلام المتشدد هما إسلاميو ماليزيا وباكستان. في مقاطعة برليس الماليزية قال المفتي بعد تفقده مع الشرطة منزل (عمري شيمات) المخطوف منذ 2016، ان صوراً عديدة لأئمة شيعية كانت تزين جدران البيت كأنه مسجداً شيعياً في إيران. ان انتشار التشييع في ماليزيا يمكن ان يهدد الامن الوطني، الى ذلك هناك اعتقاد في ماليزيا بوجود محاولة ل (تعريبها). وأثار ذلك نقاشاً عاماً حول قيام حملة ديبلوماسية سعودية جيّدة التمويل لنشر الإسلام الوهابي الأكثر تطرفاً لاعتباره (السلاح) المضاد للحماس الثوري الإيراني والايديولوجيا الشيعية. في هذا المجال يشير الى ان العاهل السعودي (سلمان) وقّع في اثناء زيارته لماليزيا سنة 2017 اتفاقية بقيمة 10 مليار $ للاستثمار فيها. ولبناء مركز باسمه للسلام الدولي يدعي اليه علماء المسلمون وعاملون في وكالات استخبارية مهمتهم البحث عن وسائل مكافحة التفسيرات المتطرفة للإسلام. ويعمل المركز بالتنسيق مع الجامعة الماليزية ومع (رابطة العالم الإسلامي، رئيسها يوسف القرضاوي) المُمّولة من السعودية. علماً انها كانت وعلى مدى عقود أداة لنشر الإسلام في العالم. (أين دور الازهر؟). وتثبت ذلك متانة العلاقة بين ماليزيا والمملكة التي بدأت تتعمق منذ تسلم نجيب رزاق رئاسة حكومة الأولى وتأكيده المستمر على الإسلام والعلاقة مع الرياض. كما ثبته تصريح وزير الدفاع هاشم الدين حسين: ان القوات الماليزية ستبقى في السعودية من أجل غاية وحيدة هي توفير المساعدات الإنسانية والاسهام في إعادة اعمار وبناء اليمن مستقبلاً. هذه الأمور كلها بدأت تقلق جهات ماليزية عدة كان آخرها سلطان ولاية (جوهر). إذ دان ممارسات الوهابية السلفية ودعا مواطنيه الى المحافظة على ثقافة بلادهم وعدم تقليد العرب. كما انتقد التعريب التدريجي للغة الماليزية. ودعا الذين يريدون ممارسة ثقافة العرب وتقاليدهم الى العيش في السعودية. وماذا عن اسلاميو باكستان؟ ان المشكلة الإنسانية فيها هي المدارس الدينية، انها تساهم في زعزعة استقرارها. وهذا صحيح، لعدم وجود إجراءات إدارية او تنظيمية لمواجهة المشكلات المرتبطة بها. لكن المشكلة الأخرى التي تجعل الأوضاع أسوأ لا تتسبب بها المدارس فقط، فهي موجودة في النظام التعليمي الباكستاني. فإن غالبيتها تنتج خريجين لا يفكرون نقدياً بل حفظ نصوص دينية واجتهادات. الى ذلك فإن اجيالاً من الخريجين والحكومات المتعاقبة الراغبة في المزج بين السياسة والدين ساعدوا المجتمع الباكستاني متشدداً جداً دينياً وغير متسامح ومعادٍ للتنوع والتعددية وفوقي. هل من حل بعد أكثر من 4 عقود من تدفق التعاليم الدينية المبالغة في محفظتها من دول الخليج وإيران تكوّن عالم جديد في باكستان بل حياة جديدة. إيران لها دور في الوضع الباكستاني، والسعودية لها دور في الوضع الباكستاني. خاصة حول التمويل للمدارس الدينية والمجتمعات والاتجاهات الديني. فالتطرف الذي صار عاملاً مهماً، وهدف التمويل كان نشر الوهابية المتشددة والسائدة في المملكة، علماً ان التمويل لا يمكن اقتفاء أثره بالكامل، وعلماً ايضاً ان التمويل السعودي غير الرسمي خفّ كثيراً، لكن لا توجد إشارة الى ان ولي العهد محمد بن سلمان الذي التزم (إسلاماً معتدلاً) في بلاده يمكن ان يقدم على إعادة هيكله الأهداف التي يتوجه اليها التمويل. وهو قام مع والده بخطوات عدة تشير الى التغيير في بلادهما أتٍ رغم ان عمق إعادة النظر الجارية يحتاج الى تدقيق. كون ادارة المملكة لها صراعاتها ومؤسساتها تعاني قصور فادح، وما لم يطرأ تطور جوهري يغير قواعد اللعبة فالأمر جلل.. قد يطيح باستقرارها واستقرار المنطقة. والسؤال الذي يطرح هنا هو، هل يستطيع الاثنان ان يتخليا عن الدين او الإسلام المحافظ في معركتهما مع إيران، وأن يتخلّيا فيها عن الدول التي يمكن ان تضغط عليها بوسائل متنوعة مثل باكستان؟ ولا جواب عن ذلك حتى الان، وإذا كانت باكستان قلقة من ذلك عليها كحكومة امتلاك نظرة شاملة وآليات تعزز القيم المناهضة للتطرف مثل التسامح والتنوع وحرية التعبير وليس واضحاً حتى الان لدى باكستان إرادة سياسية للإقدام على ذلك. علماً ان المسلمون في باكستان؛ البريلوية 48%، الديونبدية 25%، الشيعة 20%، أهل الحديث 4%. والشيعة يستحوذوا على أهم المناصب القيادية منذ بروز باكستان. ويعتبر وسام حيدر ارفع وسام عسكري بباكستان، وسمي كما هو واضح تيمناً بالإمام علي بن ابي طالب حيث يعتبر حيدر لقبه.
                                                                             الباحث/ ســــمير عســــكر