كرستينا ڤارتان واقعنا و عوامل البيئة الداخلية في كنيسة العراق
لان كنيسة العراق امانةٌ في أعناقنا ، علينا بكل محبة و صراحة ان نُقيّم ادائها كي نُقوم مسيرتها و هذا هو واجبنا البنوي نحو " الأم و المعلمة "
على ضوء ما ورد في مقال قبل يومين لغبطة أبينا البطريرك نيافة الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو تحت عنوان
" من اجل خطة راعوية عملية ومعاصرة ومناسبة لمؤمنينا في العراق "
و التي إتسمت بترتيب و تنظيم الأولويات و الاحتياجات ، من تصنيف شامل لكافة مفردات العمل الرسولي ، من ناحية الخدمة الاجتماعية و الدراسات الللاهوتية و الأنشطة الرعوية .
أحببتُ و بكل ثقة بنوية ان أتقدم ببعض من الجرئة في الطرح، لمشكلتين رئيسين نجدهما في كنائسنا بصورة عامة في كل الشرق
و ليس كنيسة العراق فقط ( لأنني خدمت لمدة عام في كنيسة لبنان ) ، ( و لازلت في كنيستنا في المهجر ) ، أطرحها و كلي ثقة عَل و عسى أن تلقى اذاناً صاغية . لخدمة كنيستنا و محبةً في تطوير ادائها .
و السؤال الذي يطرح نفسه :
ما هو موطن الخلل و العقبات التي تعترض العمل الرسولي و الأنشطة الكنسية ؟
لماذا بعزف بعض العلمانين عن العمل الرعوي ؟
ما الذي يأجج الأزمات بين الإكليروس و العلمانيين .؟
على الصعيد الكنسي اعتقد ان المشكلتين الرئيسيتان اللتان نواجهما في الكنيسة هي:
خلق قيادات كنسية و الافتقار الى فن إدارة الصراع
الخلل الأول و هو واقع و حقيقي هو يكمنُ في ( خلق قيادات كنسية علمانية ) تنطلق لتؤسس قيادات اجتماعية . ( علماني في الكنيسة أي المؤمن الملتزم بالأنشطة الكنسية و الذي لا ينتمي للإكليروس ) .
و هذه القيادات تبدء من اصغر مساعد تعليم مسيحي الى رئيس مجلس الرعية ، فالعلمانيين العاملين في كافة المجالات الرعوية و لا أستثني منهم احد ان لم يكونوا مؤهلين ( فكريا و ذهنياً و نفسيا ) و منشأيين لاهوتياً ، كيف لهم ان يقودوا عملاً رعوياً او ان يمسكوا منصباً إدارياً في الكنيسة ؟ و منه ينطلقون الى العمل الاجتماعي .
الادارة علم و فن . و أجزم ُ ان البعض يفتقد لأدواته . و هذا يؤدي الى كوّن ( الشخص غير المناسب في المكان المناسب ) .
لهذا انقذوا كنيسة العراق من براثم الوصوليين و المستغليين ممن يترأسون عملاً رعوياً ( شبيبة، اخوية ،جوقة ، مجلس رعية ) ، و من بعض لصوص المساعدات الانسانية و التي تحولت بعض المنظمات الانسانية في عهدهم الى مافيات ، الذين يساومون البنات على .... للحصول على عمل . . لان هؤلاء لديهم مناصب ادارية و يتحكمون باموال كثيرة يبتزون الناس للحصول على حقوقهم .
مع احترمنا لكافة الامنين و الشرفاء الذين لم يبيعوا ضميرهم الإنساني للشيطان ، و بمحبةٍ بنوية خالصة نطلب و كلنا ثقة ان تعيدوا ترتيب الداخل الكنسي و تفتحوا الشبابيك لنستنشق الهواء النقي المليء من نفحة الروح القدس ، و بهذا تكونوا مرأةً لكل واحد منا ، و كما قالت القديسة تريزا الطفل يسوع معلمة الكنيسة الجامعة " ما الكهنة الا المرايا الصقيلة التي تعكس يسوع للنفوس " .
لدينا مشكلة كبيرة اخرى في كنيسة العراق تواجه العمل الرسولي و الأنشطة المنبثقة منها و هي ( فن إدارة الصراع ) .
يتعذر تجنب الخلاف في اي مؤسسة كان لأَنِّي ف أهداف وقيم واحتياجات الجماعات والأفراد لا تتوافق دائماً . فقد تعودنا في كنائسنا على عدم حل الخلافات لا بطريقة التسوية و لا المواجهة لتبقى المشكلات و تتفاقم و المطلوب منا ان نتعايش سلمينا مع الواقع الموجود في الرعية او الأبرشية . مما ينتج عنه ابقاء الأمور على حالها و هذا يزيد من الاحتقان بين العاملين و الموجودين و يخلق التحزبات و التكتلات داخل الرعية ( الخورنة) الواحدة التي نبه لها القديس بولس الرسول في رسالته الاولى الى اهل كورنثوس
" 10 وَلكِنَّنِي أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنْ تَقُولُوا جَمِيعُكُمْ قَوْلاً وَاحِدًا، وَلاَ يَكُونَ بَيْنَكُمُ انْشِقَاقَاتٌ، بَلْ كُونُوا كَامِلِينَ فِي فِكْرٍ وَاحِدٍ وَرَأْيٍ وَاحِدٍ،"
و معرف ان هذا الخلل موجود في كنائسنا التي تتسم بالعشائرية القبلية و القروية . نستثني منها القلة القليلة من الكنائس التي حافظت على نهج معين و نجحت فيه ، مما انعكس على مؤمنها و جميع العاملين فيها و بأنشطتها الرسولية ، حتى بعد تفرقهم و سفرهم خارج الوطن بقيت هذه الروح تجمعهم .
لكن كنيسة العراق الحبيبة حالها من حال العراق الغالي ، تفضل ان تحكم عشائرياً من مبدأ ( جماعتنا و جماعتكم ) على ان تحتكم للقانون الكنسي او حتى لأساسيات التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية و تعليمها حول العدالة الاجتماعية ، و يؤسفني القول ان البعض لم يفتح الإنجيل و يقرأ مثل السامري الصالح ليعلم من هو القريب او الفريسي و العشار ،( الذي عاد مبرراً ) ولا حتى الآية التي تقول أمك و اخوتك يريدون رؤيتك كما جاء في إنجيل بوقا الانجيلي البشير في الإصحاح الثامن ليجيبهم ربنا و مخلصنا يسوع المسيح له المجد " 20 فَأَخْبَرُوهُ قَائِلِينَ: «أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجًا، يُرِيدُونَ أَنْ يَرَوْكَ».
21 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا». فلم يكن لدى الرب يسوع المسيح امتيازات و تمييز بين الأشخاص . و ليس كما نرى في واقعنا الكنسي الان الغلبة تكون لبنت و ابن قرية او مدينة الكاهن او المطران !!!
لا اريد ان أسهب في الكثير من التفاصيل
و كلامي لعموم الكنائس لا أفاضل و افصل بالحديث بين كنيسة و اخرى و طائفة و اخرى ، فكنيسة العراق عندي واحدة
و الموضوع ليس ان نمسك خطيئة بل ان نجد المشكلة و نضع الاصبع لحلها . و لا نكون مثل الفريسيين الذي تحدث عنهم الرب يسوع "آية (لو 11: 46): فَقَالَ: « لأَنَّكُمْ تُحَمِّلُونَ النَّاسَ أَحْمَالاً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَأَنْتُمْ لاَ تَمَسُّونَ الأَحْمَالَ بِإِحْدَى أَصَابِعِكُمْ. "
لا احد ينكر ان كنائسنا تحاول بكل قوتها ان تقتلع الزؤام من الحنطة .. لكن الحصاد كثير و الفعلة قليلون
و ما يحدث هو تقصير من الطرفين ( الإكليروس و العلمانيين ) كي نكون منصفيين في النظر لواقعنا و كما يقول المثل الإنكليزي
You need tow to make a problem!!!
فالعلمانيين كان لهم الدور الرئيسي لكن ليس بيدهم القرار، بيد من إذن ؟ ، الكنيسة تدعم وجودهم لكن الغلبة لذوي النفوذ
بعض الحلول المقترحة لتجنب الوقوع في اخطاء الحاضر حرصاً على المستقبل :
١/ انشاء مسمى وظيفي في الكنائس او الأبرشيات مدير إدارة موارد بشرية
عمله فقط عمل مقابلة Interview بمن يريد ان يعمل كمتطوع في الكنيسة ليحضر و معك CV الخاص
بنشاطاته الكنسية . لان القيادة Leadership تختلف ان كونك عضو تحضر في الكنيسة .فقط .
٢/ عمل اختبار للشخص المرشح بالدرجات للمعلومات الكتابية ، الطقسية و تعليم الكنسية الكاثوليكي .
٣/ عمل اختبار سنوي لكافة العاملين في الكنيسة بالكتاب المقدس و تعليم الكنيسة الاجتماعي ، لقياس مدى التطور الحاصل في المعرفة اللاهوتية و الكتابية .
٤/ إنشاء منصات بالسوشيل ميديا تعمل ككتلة واحده تهتم بالحوار و بث الأخبار بطريقة احترافية . الموضوع ليس فقط محاضرة و نصب كاميرا و نقل قداس . و البعض ممن يقدمون اللقاءات لغتهم العربية ركيكة ( مكسرة ) ، يفتقر الى الصياغة السليمة و اللفظ الصحيح .
٥/ الابتعاد عن النفحة الطائفية التي اثرت و تؤثر على طرق الحوار و اساليبها بين العلمانيين خصوصا في المهجر ، لان الجميع قد قدموا من أماكن مختلفة من العراق .
٦/ إعطاء فرصة لذوي الخبرة و الدراسة في أخذ القيادة الكنسية ( على ان يكون مسيحياً كاثوليكياً ولائة للكنيسة و محبته لجميع المسيحين قبل طائفيته و قوميته ) .
٧/ تحري بعض المشاكل التي تنشأ من جراء سوء توزيع المساعدات المقدمة للمتضررين و سرعة في إنجار الأمور . لان العدالة حينما تأتي متأخرة كأنها لم تأتي أبداً.
٨/ أخذ كافة ما يطرح من آراء ( مع او ضد ) بجدية حازمة لتحقيق العدالة الاجتماعية و المحافظة على كرامة الشخص البشري ، بعيداً عن التحزبات و التكتلات التي أتت بأذى على الروحانية في كنيسة العراق .
٩/ التدقيق في اختيار الأشخاص الذين يعملون في المجال الإنساني و المساعدات ، احتراماً لكرامة الأشخاص ، لأنهم يتعرضون لمعاملة مزرية من قبل من بعض من يعتقدون انهم ( يتصدقون عليهم من جيوبهم ) . و على ان يكونون من ذوي الاختصاص .
١٠/ النظر في انشاء مجلس للعلمانين في كنيسة العراق بالداخل و الخارج . بعيداً عن الطوائف يتم اختيار أعضائه بعد عد و فرز طويل . و يكون التقديم للعضوية فيه بعد استفتاء شروط ( علمية و ثقافية ) تهيئه لهذا العمل الرسولي .
مع محبتي و تقديري للجميع