المحرر موضوع: قانون سحبْ الجنسية في أستراليا  (زيارة 1945 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
قانون سحبّ الجنسية في أستراليا
بقلم/ سلوان ساكو
حين أرادت الحكومة البريطانية ترحيل الداعية السلفي  عمر محمود عثمان الملقب (أبو قتادة) الى الاْردن دخلت في صراع مرير مع القضاء الإنكليزي، وظلت القضية في أروقة المحاكم سنوات طويلة دون التوصل إلى نتيجة تذكر، وجوبه قرار الترحيل بالرفض لسنوات عديدة مع أن ملف ابو قتادة كان مملوءً بقضايا إرهاب وأعمال تحرض على العنف، تورطه بنشاطات إرهابية ضد بريطانية نفسها وكان يُقيم الصلاة في وسط الشوارع العمومية ويقطعه على المارة والسيارات، ومع أنه لم يكن يحمل الجنسية البريطانية لديه فقط إقامة مؤقتة، لم تنتهي المسألة ألا بوعد من الحكومة الاردنية أن يحَظىْ بمحاكمة عادلة وبأشراف القضاء البريطاني ذاته على سير الجلسات، وفي نهاية المطاف رحُل الى عمان في عام 2013 مع أنه كان مطلوباً من قبل حكومات، الجزائر، بلجيكا، فرنسا، الولايات المتحدة، إسبانيا، ألمانيا وإيطاليا. .
نسمع شذرات كلام من هُنَا وهناك، وأقاويل بين الحين والآخر مفادها أن على السلطات الأسترالية أن ترحل من يثبت عليه صلته بالارهاب، أو من كان متعاون أو متُخابر مع تنظيمات لها صلات مشبوهة أو مشتبه بهم، وهذا الأمر صار أكثر مطلوبً من الناس بعد الهزائم التي مني به تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا والعراق وباتَ المقاتلين يعودون إلى بلدانهم التي إنطلقوا منها بعد أن تشبعت أياديهم الآثمة بدماء الأبرياء وتلوث العقل بمفاهيم القتل والجهاد والأعتداء على حرمة الغير، وصار على الحكومات الأجنبية الغربية أن تحمي نفسها من هؤلاء الذين يسيئون للمجتمع ويعملون على تخريب البلاد التي أحتضنتهم. ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، والموضوع وليس تمنيات وطلبات طوباوية وأدعية واشعال شموع، والحديث عنه دون أهلية وبغير منطق، أو كلام عابر في مجلس عزاء لتزكية الوقت وشرب القهوة، أو إسقاط  الموضوع على العوائل الكَرد الفيلية التي أتُهمت بالتبعية لإيران  فطردهم صدام حسين ببساطة بين ليلة وضحاها خارج الحدود كمثل. الموضوع أكبر من ذلك بكثير ومعقد في ذات الوقت. الموضوع ينطوي على حزمة قوانين وتشريعات وقرارات ليست مشُرعة من الأساس، وقضية سحب الجنسية على من تثبت إدانته الارهاب أو صلته به غير مفُعلة، وهذا المتهم أو المشتبه به مطوقا ومحميا بسلسلة من التحصينات القضائية التي تعمل لصالحه، وتخدمه من جهة ثانية في نطاق تعويله على التشريعات ذاتها، ومحاميه يعرف ذلك تماما ويعمل في سياق هذا التتبع لسُبل تبرئة موكله بعد أدراك شروط المواد القضائية، لا وزير الهجرة ولا وزير الداخلية ولا رئيس الوزارء ذاته له السلطان في سحب الجنسية من أيّ مواطن حاصل عليها، لأن القضاء ببساطة منُفصل عن الحكومة، وهذه القضايا لا يبتْ بها غير المجلس الأعلى للقضاء وهذا الأخير غير معنى بكل هذا لأن المُشرع الأصيل لم يعطى مساحة كافية في النظر في هذه القضايا من البدأ، ناهيك عن حقوق الانسان والإعلان العالمي لحقوق الفرد في العيش، وصون الحريات الفردية كمفهوم ديموقراطي. هي بختصار ثقافة أحترام الآخر وتطوير أدوات المُسامحة مع الخصّم وفقْ وضع إنساني بحت، كل هذه وغيرها أمست كوابح تُعُطل من إتخاذ تدابير من شأنها أن تحدّ من الأرهاب الوافد من الشرق الأوسط، على الأقل سوريا العراق لبنان، وبالتالي تراكمت على الخطاب الفكري والثقافي للغرب عهودا من العجز في ضخْ تشريعات جديدة في جسم القضاء المترهل سببت هذا العجز المذموم وقطعت الطريق على الأجهزة التنفيذية، شرطة، مكافحة الأرهاب، جهاز ASIO، الامن القومي، على حفظ الأمن بشكل كافي، وهنا يبرز دور المشُرع الجديد Supreme Justice  أو كاتب الدستور الذي يحمي المجتمع والنَّاس، ويقوم القاضي بتفعيل هذا الدور وتطبيقه وضبط المجتمع من الشرور حيث يكون الأصل فيها أن الانسان مفطور عليها وأن وعينا الاخلاقي له تراكمات ورواسب لها القدرة على قتل صوت الضّمير. ولكن الموضوع ليس بهذه البساطة، هي أعادة أنتاج التجربة بعد أدراك الاخطار المُحتملة، ويجب على المواطن العادي والقاضي والحقوقي أن ينتبه لهذا الخطر الداهم على البلاد، وتشريع مواد تحدّ من هذا السرطان الذي بدأ يستشري في المجتمعات من خلال استئصاله من الجسم السليم، وإلا في نهاية المطاف سوف تفتك الخلايا السلطانية بالجسم وتدمره من الأساس.