“طوبى للرحماء فانهم يُرحمون”
السامري الصالح وعالية "ام العراقيين" نلاحظ ان الكثير من موسسات الرحمة والمدارس والمنظمات الانسانية والكنائس تسمى باسم السامري الصالح Good Samaritan مع العلم ان السامري ( انسان يعتمد على التوراة السامرية وهو مناقض لتعاليم اليهود). واليهودي ( انسان يعبد الرب الاه سماوي ويتبع شريعة سماوية وكتابه التوراة العبرانية)ان معظم اليهود لا يحبون السامريين ويعتبرونهم كفرة لا يطبقون الشريعة لكن استشهد به المسيح وبعمله الصالح ورحمته. واوصانا المسيح بان نعمل مثل اعماله." فمَن كانَ في رأيِكَ، مِن هؤلاءِ الثَّلاثَة، قَريبَ الَّذي وَقَعَ بِأَيدي اللُّصوص؟ 37فقال: الَّذي عَامَلَهُ بِالرَّحمَة. فقالَ لَه يَسوع: اذْهَبْ فاعمَلْ أَنتَ أَيضاً مِثْلَ ذلك."
حكاية السامريذات يوم يقول يسوع لرجل انه يجب ان يحبّ قريبه. فيسأل الرجل يسوع: ‹مَن هو قريبي ، يعرف يسوع ماذا يعتقد هذا الرجل. فالرجل يعتقد ان الناس من عرقه ودينه فقط هم اقرباؤه. ولذلك دعونا نرى ماذا يقول له يسوع.
يعلِّم يسوع احيانا بسرد قصة.. فهو يروي قصة عن يهودي و سامري. وهذه هي قصة يسوع:
ذات يوم كان يهودي نازلا في طريق جبلية الى اريحا. وفهجم اللصوص عليه فجأة. فأخذوا ماله وضربوه حتى صار على وشك الموت. لوقا 10:25-36)
وفي ما بعد مر في الطريق كاهن يهودي( رجل دين يهتم بطقوس الصلاة). رأى الانسان المضروب. عبر الى الجانب الآخر من الطريق وواصل سيره. ثم مر شخص آخرلاوي ( اللاويين خدام الرب المهتمين بالطقوس الكهنوتية والذبائح). لم يتوقف هو ايضا لمساعدة الانسان المضروب.
عندما مرالسامري بدء بمساعدة اليهودي. وضع دواء على جروحه. وبعد ذلك اخذ اليهودي الى مكان يستطيع فيه ان يستريح ويشفى .
بعد اكمال قصته يقول يسوع للرجل الذي طرح عليه السؤال: ‹ايّ من هؤلاء الثلاثة تعتقد انه تصرف كقريب للانسان المضروب؟ هل كان اليهودي ام اللاوي ام السامري؟›. يجيب الرجل: ‹الرجل السامري. فقد أحسن الى الانسان الذي ضُرب.› فيقول يسوع: ‹انت على صواب. فاذهب وعامل الآخرين بالطريقة نفسها.›
من هو قريبي بنظر الانجيلالقريب هو كل انسان يقترب من الآخرين بمحبة حتى لو كان من الغرباء او الاعداء وهكذا تجاوز نظرته الضيقة التي تحصر القريب في اعضاء شعبه فقط. امام الانجيل تتلاشى انفرادية وشرعية علماء الشريعة. "وإِنَّما عَرَفْنا المَحبَّة بِأَنَّ ذاكَ قد بَذَلَ نفْسَه في سَبيلنِا. فعلَينا نَحنُ أَيضًا أَن نَبذُلَ نُفوسَنا في سَبيلِ إِخوَتِنا. مَن كانَت لَه خَيراتُ الدُّنْيا ورأَى بِأَخيهِ حاجَةً فأَغلَقَ أَحشاءَه دونَ أَخيه فكَيفَ تقيم فيه مَحبَّةُ الله؟ يا بَنِيَّ، لا تَكُنْ مَحبَّتُنا بِالكلام ولا بِاللِّسان بل بالعَمَلِ والحَقّ. (1يوحنا 3: 16-18) وهكذا تحول سؤاله مِن "مًن هو قريبي؟ " الى "كيف أكون قريب كل انسان؟ ". فالمحبة ليست شعورا فقط بل مجموعة من افعال الرحمة الملموسة.
قصة عالية صالح خلف المعروفة ب( ام قصي) او (ام العراقيين)أم قصي امرأة عراقية من خلفية مسلمة سنية قامت باحتواء وانقاذ 57 شخص من الطائفة الشيعية ومن الاقليات الاخرى في بيتها المتواضع لم تبالي بحياتها بل تصرفت برحمة قلبها. خاطرت بنفسها وأسرتها في ناحية العلم بمحافظة صلاح الدين عندما قررت إنقاذ طلبة من قاعدة سبايكر الجوية ممن استطاعوا أن يفروا من المذبحة الجماعية دون التفكير في العواقب، حيث آوتهم في منزلها عدة أيام حتى تمكنت من ترتيب طريقة خروج آمنة لهم ليصلوا إلى ذويهم سالمين اعطت الحياة وانقذت 57 رجل خلال 17 يوما" في بيتها خلال مجزرة سبايكر عام 2014. وما فعلته هو فعل عظيم فقد انقذت ارواحاً من القتل، وكأنها احيت الناس جميعًا ، فهي حمت عوائل وليس أفراداً ونظرا لشجاعتها الفائقة كرمت من قبل سيدة أمريكا الأولى ميلانيا ترامب جائزة وزارة الخارجية الأمريكية الدولية للمرأة الشجاعة" لعام 2018، التي تمنح لأكثر النساء شجاعة في العالم ومنذ ذلك الحين اطلق العراقيون على السيدة عالية (ام العراقين) .
ان الوفاء الذي ابداه هؤلاء الشباب بزيارة الأم التي حمتهم وأنقذتهم من داعش بعد عام واحد من الاحداث ,كان عنوان فخر ونبل وكرم لانها تحدت شراسة وقباحة عناصر داعش الذين تعرف أنهم سيقتلونها مع أسرتها، لكنها كانت ام بمعنى الكلمة لم يستطيع قلبها ان يفرط بهؤلاء الشباب الذين استجاروا بها، فكانت امرأة رحيمة وام حنونة امرأة عراقية. تستحق التقدير والاحترام .
قد يستغرب البعض ما هي العلاقة بين القصتين عندما قام السامري الصالح بانقاذ اليهودي لم يفكر بعرقه ودينه ودرجة القرابة التي تجمعهم بل فكروتصرف برحمة قلبه ونفس الامر حدث مع عالية فكرت وتصرفت برحمة قلبها.
ان واجبنا اليوم كاباء وامهات وكتربويين ورعويين الحث على أعمال الرحمة والمحبة لكي ننزع من عالمنا الصفحات السوداء التي يكتبها الكثيرون ممن تخلوا عن الإيمان وعن كل ما تدعو إليه تعاليم الكنيسة كالمحبة والغفران واحترام الآخر والقبول به موجوداً، وبذلك تتعزز في القلوب الرحمة لتصبح علامة تقارب بين جميع الناس لتقديم تنشئة انسانية وتخلق جواً من المحبة والحرية بحيث “توجه الثقافة الإنسانية، لنشر الخلاص بنوع ان الإيمان ينوّر المعرفة التدريجية التي يتلقاها الشاب عن العالم والحياة والإنسان.
وكما يقول البابا فرنسيسالرحمة فضيلة، ومنهاج سلوك، ونظام تفكير وثقافة. تقافة الرحمة تقضي بمساعدة الآخرين دون التوقف عند سؤال إذا كانوا يستحقون هذه الرحمة أم لا، بل بمجرد أن يحتاجوا إلى هذه الرحمة. ثقافة الرحمة هي ثقافة العطاء والبذل، ثقافة الحياة، ثقافة التواضع، ثقافة المحبة، ثقافة السلام. ثقافة الرحمة هي ثقافة تخفيف آلام الناس المتأتية من المرض والعوز والذل والظلم.
رغد افرام صائغ
ملبورن /استراليا