رسامة كاهنين في ديترويت
الثلاثين من حزيران الماضي كان يوماً مشهوداً له في ديترويت رغم حرارة الجو الذي قاربت درجته المائة فهرنهايت منذراً بقدوم شهر تموز الذي يبتدي بتذكار مار توما شفيع الكنيسة الكلدانية في ديترويت وشرق الولايات المتحدة الأمريكية.
في هذا ليوم المبارك تمت رسامة لدرجة الكهنوت كل من الشابين جان جدو وفادي گورگيس بعد ما يقارب الثمان من السنين من الدراسة التأهيلية لدرجة الكهنوت. الرسامة تمت على يد سعادة المطران مار فرنسيس قلابات اسقف أبرشية ما توما الكلدانية في ديترويت التي مقرها كنيسة ام الله في ساوث فيلد، مشيكَان.
في الحادية عشر بتوقيت ديترويت بدأ الدخول الى الكنيسة موكب المدعويين من الكنائس الشرقية الشقيقة والشمامسة الموقرين ثم التلاميذ الذين يدرسون ليكونوا كهنة المستقبل و وفي نهاية الموكب الطويل هذا كان المطران فرنسيس وفي رفقته شابين وسيمين في حلتهما الكهنوتية الجديدة المكتملة بطوق العنق " collar " الذي في السريانية هو "قولارا" الذي هو ميزة الكهنوت.
في بداية القداس وضع المطران فرنسيس يده على روؤس كل من المتقدمين للرسامة وتليت الصلوات الطقسية الخاصة بالرسامة الكهنوتية والتي بعضاً منها تلاها المطران المتقاعد مار ابراهيم ابراهيم الجزيل الأحترام ، و وسط فرحة الحضور وهلاهل النساء.
في نهاية القداس الألهي تقدم الكاهن الجديد جان جدو وبالأنكليزية التي حتماً تعلمها منذ الصغر فحدَّث الحضور كيف انه ترك مهنة المحاسبة ليستغرب من يستغرب ويتعجب من من يتعجب اما هو فقراره كان ان يكون يوحنا الحبيب آخر " جان " كي تكون مريم العذراء أمه كما أوصاها الرب يسوع حينما كان على الصليب. هذا ما قال عن نفسه وبدا هدفه هذا جلياً من اختياره لبدلته الزرقاء لون السماء ولون العذراء كما هو معروف. اما الأب فادي كَوركَيس فانه في بداية حديثه نوه انه سوف يتكلم بالكلدانية كي يفهمه الذين لا يجيدون الانكليزية فأخبر الحضور انه قرر ان يتبع المسيح ويكون كاهنا حين هاجرت عائلته الى الولايات المتحدة الأمريكية وقد نما هذا الشعور عنده منذ ان كان طفلاً حين يأخذه والداه الى الكنيسة.
فرحة كبيرة غمرت ذوي الكاهنين والحضور الذين لم تسعهم الكنيسة الكبيرة فشاهدوا الرسامة في القاعة المجاورة من على شاشة التلفاز. وبعد ان اختتم قداس الرسامة الذي خدمه الشماس المخضرم خيري فوميا و الذي استغرق ما يقارب الساعتين انصرف الجميع فرحين بالكاهنين الجديدين . اما الكاهنين الجديدين فان خدمتهما ها قد بدأت وهي شاقة في كرم المسيح حيث ان الكنيسة احوج ما تكون لخدمتهما في هذا الزمن العصيب. لكن بلا شك هذه الكنيسة لن تقوى عليها أبواب الجحيم ولا تغيرات العالم وانصراف الناس الى الماديات والمغريات.
الأب فادي أعدت له الكنيسة احتفالات متواضعاً مع غداء على قاعة صحارى حضره أهله ومعارفه وغالب الظن ان هكذا إعداد تم للأب الفاضل جان جدو.وحضرت حفل الذي أُعِدَ للأب فادي باعتباري من أقربائه ووسط جو روحاني مقرون بعزوفات على الكمان تليت كلمات من اخوته الكهنة ، وأخته الماسير ملاك كَوركَيس التي تلت كلمتها وعبرت فيها عن فرحتها بقبول اخيها فادي الرسامة الكهنوتية. والأب فادي هو الآخر القى كلمة في هذه المناسبة شاكراً الجميع على الحضور. ثم كانت فرصة لأخذ الصور التذكارية مع الأب الجديد .
شخصياً كنت قد أعدت قصيدة بالمناسبة ، لكن الأب فادي فَضَل ان لا أتلوها في هذا الحفل لان الحفل من تنظيم لجنة خاصة بالكنيسة ولا يريد الخروج من الأنضباط الكنسي. وكما اعرفه شخصياً خلال فترة تحضيره للكهنوت فأن التواضع والعفاف والروحانيات هي التزامات الكهنوت الأساسية اما الشهرة والمديح والماديات فهي من مغريات الدنيا التي تخلى عنها حين قَبِل ان يتبع يسوع اذ ناداه ليكون خادماً في كنيسته.
قصيدتي التي هي بالسريانية السوادايا " السورث " ليست مدحاً بقدر ما هي تقديم الشكر والأمتنان للعوائل التي منها يخرج لنا هكذا شباب يتحملون المسوؤلية الشاقة للكهنوت وفي الزمن العصيب الذي كما اسلفت الذي هو زمن الماديات والمغريات. لهذا السبب اود نشرها هنا ، كاتبا اياها بالكَرشوني ومترجماً اياها الى العربية كي يفهمها القاريء الكريم.
حنا شمعون / شيكاغو