المحرر موضوع: وحدة الحزب الشيوعي قوة لليسار الديمقراطي  (زيارة 851 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مهند البراك

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 521
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
وحدة الحزب الشيوعي قوة لليسار الديمقراطي

                                   
د. مهندالبراك
ahmedlada@gmx.net

شكّل الحزب الشيوعي العراقي منذ تأسيسه و الى الآن و بدرجات متنوعة، اللولب الفاعل للقوى الديمقراطية و اليسارية، رغم اختلافات نشأت و تنشأ هنا و هناك بسبب الاضطهاد القاسي و الانقلابات العسكرية و التغيرات العنفية الحادة التي عاشتها و تعيشها البلاد، التي في المحصلة لم تستطع عزله عن القوى الديمقراطية و اليسارية، اليسارية التي تضمّ اوساطا كثيرة واسعة ممن تخرجوا من مدرسته و ساروا و يسيرون على نمط تفكيره و تحليلاته و نبض نشاطاته  .  .
لأنه الوحيد الذي استمر بلا انقطاع، مطالباً بالديمقراطية و الخبز و الحريات و قدّم الآلاف من رفاقه و انصاره و مؤيديه رجالاً و نساء و عوائل باطفالها على هذا الطريق، انواع التضحيات الجسيمة بالارواح و بالمهن و بانواع الممتلكات، رغم محاولات تشكيل احزاب اخرى على نمط ديمقراطي ليبرالي او على نمطه، الاّ انها بقيت للاسف محدودة التأثير سواء في الحياة السياسية او بين الجماهير، بتقدير اوسع الاوساط الديمقراطية و المستقلة، رغم ملاحظات تتفق و تختلف  .  .
من جهة اخرى، فإن سقوط الدكتاتورية و انفتاح مرحلة جديدة خُطط لها لأن تكون تعددية و (ديمقراطية) و لكن بالحرب الخارجية ثم اندلاع الإرهاب .  . اضافة الى التغييرات و الانعطافات الكبرى التي حصلت في العالم حوّلته من عالم صراع قطبين يعترف بدور الامم المتحدة و قراراتها عموما، الى عالم صراع جديد معقّد متعدد الاقطاب لايعترف عملياً بدور الامم المتحدة و لابحدود الدول، على اساس العولمة .  . عالم لا يعترف بغير الربح.
و الى التغييرات التي ظهرت واضحة التأثير في حياة شعوب العالم بسبب الثورة العلمية التكنولوجية و الثورة المعلوماتية و الانترنت و تطبيقاتها التي لاتعرف حدوداً .  . كلّها و غيرها حوّلت حياة العالم و الشعوب الى نشاط انساني و كينونة اخرى تفرض نفسها في مجالات الحياة كلّها، بضمنها المجالات الإجتماعية و السياسية و بتفاصيل مكونات بارزة منها . .
الأمر الذي حوّل الحزب المبني على الشروط اللينينية ( وهي الشروط التي وضعها في الحقيقة ستالين ـ راجع كتاب "وصيّة لينين السياسية الأخيرة" الصادر عام 1989)، حوّله من حزب كفاحي سري ضد الدكتاتورية الى حزب علني يعتمد الانتخابات لتحقيق برنامجه .  . و بدأ الحزب في تغيير آلياته الى آليات اكثر انفتاحاً في مؤتمره الخامس الذي دُعي بمؤتمر الديمقراطية والتجديد .  .
ويرى كثير من الباحثين و المراقبين الحريصين، بأنه لا يُخفى التعقيد الكبير و الصعوبات الكبرى التي يواجهها الحزب في هذا التحوّل الكبير، من حزب سريّ عمّدته الدماء و الدموع و الآلام، التي شكّلت تعويذته النضالية و روحه الحيّة التي تهيب بمناضليه الى البذل و العطاء و التحديّ من اجل تحقيق اهدافه في " وطن حر و شعب سعيد " .  . التي صارت اكبر مقياس لتقييم اعضائه و نشطائه طيلة حياته .  . الى حزب علني قانوني معلن من قبل دوائر قضائية عليا، يعتمد الإنتخابات طريقاً لتحقيق اهدافه في مجتمع يسوده الإضطراب و الرجوع عقوداً الى الوراء، بفعل حروب الدكتاتورية ثم الإحتلال و الإرهاب و تفشي الفساد الإداري و انواع العصابات .
في ظروف سايكوـ اجتماعية تُحتّم عليه الحفاظ على روحه النضالية الحيّة كما مرّ، و تُحتّم عليه الروح العملية للمشاركة في حياة المجتمع و ممكناته المتاحة، و الاّ يبدأ بالإنعزال عن المجتمع بسبب السعي الجامد للإحتفاظ بهويته، بلا انتباه الى انه سيفقد بذلك المنهج العلمي للتغيير و للنشاط الفكري و لبناء الحزب، انطلاقاً من نبض المجتمع القائم و من العمل على تسريع حركته في التطور و التقدم الإجتماعي اللاحق، بتضحيات و تحديّ باشكال اخرى لاتقّل صعوبة و تضحية عن صعوبات و تضحيات الحزب السريّ في الفترات السابقة، و باحتفاظه بتعويذته النضالية آنفة الذكر، لكونها هي ذاتها تعويذته في الكفاح الحالي القانوني العلني، بعيداً عن الخلط بين الاهداف القريبة و البعيدة.
   و يرى قسم كبير من المراقبين، انه لم تعد الشعارات  الايديولوجية في ظل الوهن الفكري المخيم في الوقت الحاضر، عاملاً محفزاً للنضال، بقدر ما تبقى الطهارة وقدسية التضحيات والسمعة الحسنة، ونكران الذات، من المرتكزات المهمة في الحفاظ على تطوير قواعد و آليات بناء الحزب، واستخدامها سلاحاً امام الفساد والانبطاحية المالية والبراغماتية الليبرالية التي تبرر التخلص من كل الضوابط العقائدية.
و ان الحفاظ على وحدة الحزب على صعوباته، يشكّل الشعار الداخلي الاقوى للمرحلة الراهنة، بعيداً عن العلنية المخلّة و المهاترات و انواع النبش و تحويراته المفتعلة للماضي، التي قد لاتستفيد منها الاّ دوائر معادية للحزب و لعموم اليسار و الديمقراطية في زمن تملك فيه مايكفي و يزيد من السلطات للايقاع بالحزب و بالقوى الديمقراطية .  .
وحدة الحزب، لأن التفريط بخسارة اي طرف هي خسارة للجميع، و ان الجمع الحيّ بين التمسك بتعويذة النضال القاسي السري و المضي بتجديد البناء اكثر و تجديد الآليات (1)، في النضال القانوني العلني، يشكّلان شبه معادلتين كيمائيتين يمكن ان تولّدا بالتفاعل معاً و ليس بالتوفيق (2) بينهما .  . معادلة جديدة اقوى من الاثنتين . .
الأمر الذي يحتاج الى تكاتف خبرة الشيوخ و روح الشباب، و الى موسعات متتالية صريحة تُحترم فيها الآراء و المواقف (او اية آليات توفي بالغرض يمكن عبر النت او أخرى) تكون ذات صلاحيات، في عصر علنية الافكار بلا استئذان او تحديد او منع، في تطبيقات الانترنت، ولأن التباين في وجهات النظر بين الشيوعيين حول مختلف جوانب الحياة  البالغة التعقيد هو أمر طبيعي، ضروري العناية به للتوصل الى صياغة انجح للسياسة و للمهمات، اضافة الى اهميته لبعث الحيوية الفكرية في الحزب و لإبعاده عن الجمود والركود الفكري.


3 / 7 / 2018 ، مهند البراك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1.   بتخفيف المركزية و اطلاق الديمقراطية اكثر.
2.   لأن الضروري و المطلوب ماهو اعلى من التوفيق.