المحرر موضوع: الله يريّحنا منكم ……  (زيارة 562 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوسف جريس شحادة

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 757
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الله يريّحنا منكم ……
« في: 18:50 18/07/2018 »
الله يريّحنا منكم ……
يوسف جريس شحادة
كفرياسيف_www.almohales.org
عنوان المادة في غاية الروعة والدقّة،لا بدّ من كلمة مقتضبة،ما كتبه قدس الاب ثاوذوروس سليم جدا والعنوان ينسحب وينطبق على اغلبية الخوارنة والمطارنة.
ما يحدث في اغلبية الرعايا من عشق وخيانة لاغلبية الخوارنة نستحق نحن ابناء المخلص ان نهتف:" الله يريّحنا منكم" القصد للاغلبية العاشقة الفاجرة الفاسقة من اغلبية الاكليروس.الاقتباس بالكامل ادناه.
"وادي قنوبين المتربع على أكتاف لبنان والمكلَّل بالأرْز وبياض الثلج كبياض قلب سكّانه والجوار ممن سكنه ويسكنه ومن مات في مغاورة ميتة كرامة وشرف ؛ هو بصمة الله في الأرض. في كل مرّة أزوره  أتخيّل أن الله يوم الخلق وبعدما نصبَ غابة الأرز في الْيَوْم الثالث وبعد أن رأى كم كان ذلك حسناً ضرب عصاه في الأرض من الإبتهاج بهذا المنظر الرائع فشقّ الجبل وأخفض الأرض تحت أقدام الأرز ليبقيه أعلى من مستوى كل أرض فظهر ذلك الوادي العميق  ورهبة ذلك الحدث لا تزال تخيّم على الوادي وحاضرة فيه إلى الْيَوْم.  في كل مرة أزور لبنان أحرص على زيارة الوادي أو أقلّه المنطقة لأملأ فراغاً سبّبته الغربة. في زيارتي الأخيرة إلى الوادي وأنا صاعد في السيارة توقفت لأشتري " منقوشة زعتر" من فرن متواضع مبارك على الطريق العام. استقبلتني السيدة صاحبة الفرن بابتسامة سماوية وطلبت البركة ورحبت بي قائلة: المجد لله يا بونا. أجبتها : دايما المجد لله. الله يباركِك ويقدسِك. طلبت منها ما أردت وبدأت بتحضير المنقوشة.
وأنا منتظر صرت أتأمل  نار الفرن متفكراً بنار جَهَنَّم كونه موضوع الساعة، سمعت صوتاً من الخلف يقول :
الله يريّحنا منكم ……
بدأت بالضحك وبُدون تفكير أجبت في نفسي : آمين يا رب؛ ثم نظرت إلى مصدر الصوت فإذا بسيدة كبيرة في السن والكرامة والخبرة تلبس السواد وعلى رأسها غطاء أسود( لباس جدّاتنا) جالسة على كرسي صغير تنقر الكوسا الموضوع أمامها على طاولة صغيرة. فصاحت ابنتها: له يا أمي  عيب ما بجوز هالحكي هيدا أبونا. قلت لها : بترجاكي خليها براحتها. فارتاحت أم سركيس لآخر الحدود وسألتني : أبونا ما هيك ؟قلت لها نعم يا خالتي. قالت لي : المجد لله يا بونا …… الله يريّحنا منكم. وقعت في حب تلك السيدة فأنا أعشق الصدق والصادقين والحق وأهل الحق.  لم أتمالك نفسي من الضحك وقلت لها: دايماً المجد لله، الله يطول عمرك ويسمع منك ( وهنا وقعت في التجربة وبدأت أفكر بعشرات الأسماء من المطارنة والخوارنة كي تشملهم معي بركة الدعاء ويرتاح الناس منهم ومني ) بس ليش يا خالتي ، شو صاير ؟ شو عملتلك ؟أجابت: معقول يا بونا أنو ألفين سنة من إيماننا المسيحي وكل شي عشناه من إضطهاد من أيام المماليك والأتراك  والمذابح وقعدتنا بهالجرد والبرد جايين هلق تشككّونا بالعدرا ؟ معقول بعد ألفين سنة عم تتحذروا إذا في جهنم أو ما في جهنم ؟ معقول بعد ألفين سنة عم تتحذروا  إذا بنكرّم القديسين أم لأ ؟ ما عيب ؟ ما عيب يا بونا جاوبني بضميرك. هنا صرت في همّين ، أول هم كيف أقنعها أني لست منهم والهم الثاني كيف أنقذ من يدها ما تبقّى من حبّات الكوسا الباقية لأنها لشدة غضبها فتحت رؤوس كل الحبات اللواتي مررن تحت يدها منذ بدأت الحديث. قلت لها : يا خالتي، صدقيني معك كل الحق بس أنا مش منهم. كيف يعني مش منهم ؟ ما أنت خوري ؟ بلا أنا خوري، بس أنا وكتيرين خوارنة مش منهم. نحن متلك مستحّيين وخجلانين وقرفانين للمستوى يلي وصلت إلو الكنيسة بس بتعرفي يلي فوق هني يلي بقرروا. قالت لي : يلي فوق ؟ الله يريّحنا من يلي فوق ومن يلي تحت. هنا وقعت بالتجربة مجدداً  وفرح  قلبي بالدعاء ثانية فها هي قالت ما لا أستطيع أن أقوله كوني كاهناً ورأيتني أستجمع في فكري بعض الأسماء من جماعة (يلي فوق يعني المطارنة ويمكن أعلى) ممن أحب أن تشملهم هذه اللطمة  ليرتاح الناس منهم ومني أيضاً. لكني تمالكت أن أضحك مجدداً حتى لا تسترسل في القصف وفِي "تفخيت" باقي الكوسا. ثم أكملتْ : كل عمرنا بنعرف وربِينا أنو العدرا أمنا والقديسين إخوتنا. المرحوم أبو سركيس مات بين إيديّي وآخر كلمة قالها يا عدرا استلمي روحي وأنا رديت وراه بدموع يا عدرا استلمي روحو وتشفعي فيه. عشنا سنين عم نكره الباطل ونحب الحق لأنا بنعرف إنو  في جهنم وفِي الفردوس وربّينا ولادنا إنهم يخافوا الله ويخافوا الحرام ويحبو عمل الخير ، هلق جايين كم ولد بيشتغلوا خوارنة جايين يدمروا إيماننا ؟ بيطلعلي هيدا القسيس عالتلفزيون ونازل البهدلة فينا وبإيماننا وبالعدرا وبالقديسين …… سمعوا على الحكي ! قاطعتها، هيدا مش قسيس هيدا خوري …… قاطعتني بنبرة أكبر : لا مش خوري، معقول في خوري يحكي عالعدرا هيك ؟ معقول ؟ والله لو أبو سركيس بعدو طيب لسحب لسانو. كيف تاركينن يحكوا هيك ؟ وبعدين ما بقى في جهنم ؟ وين راحت ؟ يعني على أيامنا كان فيه وهلق لغيتوها ؟ وقصة لعازر وقصة نهر النار والعذاب الأبدي وقصة الشياطين يلي فاتوا بالخنازير وقصة الشياطين يلي طلّعهم المسيح من المرأة الزانية هودي كلهم وين عايشين ؟ بالجنة ؟ أو بالمعاملتين على طريق البحر ؟ إذا ما في عذاب أبدي لشو انصلب المسيح ومات عنا ؟هلق أبو سركيس يا شحّاري مات كافر لأنو كرّم العدرا وحبّها ولأنو صام وصدّق الإنجيل ؟ ليك عهالحكي. وبعدين منين جبتو هالتعليم إنو الإنجيل قصص للأولاد الصغار ؟ ولاد بنتي بيضحكوا عليي صاروا. وشو هيدا يلي عم تبشروا الناس فيه ؟ يوغا بوغا ؟ وما في داعي للصوم ؟ بدكن تلغوا الصوم يا بونا ؟ ولو ……أنتو ما بتخافو الله ؟ـ يا خالتي أنا مش منهم. صدقيني كل كلمة قلتيها مظبوطة ميّة بالميّة. أنتو جيل القداسة والصلاة والبساطة ونحن جيل الفلسفة والكبرياء والمعرفة. صدقيني أخطى واحد فيكم فايت عالسما قبل كل الخوارنة وكل المطارنة. صدقيني وجهي أنا وكتيرين من الخوارنة بالأرض منكم وصدقيني انو بنعرف انو ربنا حافظ الكنيسة بسببكم متل ما بعدو حافظ هالأرض بسببكم. إنتو جيل البركة. هنا رأيت ان المرأة هدأت  كأنها قد أفرغت  كأسها وصدّقت أني لست منهم وقالت لي : سامحني يا إبني سامحني يا بونا بس قلبي محروق. يا ريتني متت وما وصلت لعمر شوف فيه خوارنة كنيستي عم يهينوا إمنا العدرا ويخربوا إيماننا بربنا وبالدينونة وبالخلاص. يا بونا أهالينا ما درسوا لاهوت، أهالينا درسوا الصلاة. عاشوا عالبساطة وماتوا عالبساطة، ماتوا بالمغاور بالبرد وما تركوا العثماني يذّلهم ويذل ديننا لحتى بآخر الزمن تجي الكنيسة وتبهدل ديننا. هيدا هو اللاهوت ؟ الله يقطع اللاهوت يلي بدو يزيد معلوماتي عن الله ويخسّرني الله وخلاص نفسي.
 يالله ماشي الحال ……  الله جايي وهو فوق الجميع ورح يفرجي كل واحد حجمو ويكشف حقيقتو. ثم انطلقت مجدداً : معقول يا بونا؟ خلصت كل المشاكل هلق بالكنيسة وقرروا يغيروا الإيمان ؟ ليش ما كانوا فاهمينو قبل وهلق فهموا ؟ أو المسيح تغيّر أو بلكي ولاءهم تغيّر ؟ ما شايفين هالشباب يلي بلا بيوت وما فيها عم تتجوز وعم تضطر تسافر ؟ ما شايفين الأهل ما معهم يعلموا ولادهم ؟ ما شايفين انو البركة عم تنفقد من حياتنا وبلادنا ؟ يالله يا بونا. على كل حال سامحني كان لازم فش خلقي. قلت لها: صدقيني تعلمت الإيمان منك وأنا ممنون غيرتك ومحبتك وبشكر الله اني التقيت فيك وبوعدك رح خبّر عنك وعن ألمك وعن حزنك، وبطلب منك تصلي لكتير خوارنة مغلوب على امرهم وتصلي للكنيسة. قالت لي : مغلوب على أمرهم ؟ ليش ؟ هني خدّام لربنا او للقاعدين عالكراسي ؟ يالله يا بونا يالله. ما بقى من العمر أكتر ما مضى بس بدي قلك شغلة أخيرة ـ وهنا رفعت  ( قوارة الكوسا بيدها ) وقالت : لحد ما نموت ما رح نسمح لحدا ياخد إيماننا منا لا كبير ولا صغير. أهلنا عاشوا بالمغاور وماتوا من الربد والجوع وتحت الثلج اندفنوا ليحفظوا كرامة كنيستهم  ومحبتهم لربنا ونحن هيك رح بنكمل. بعد مِنا انتو اصطفلوا. سامحني يا بونا إذا غلطت بحقك. إنت سامحيني يا خالتي إنتو سامحونا. صدقيني معك حق بكل كلمة. الله يسامحهم ويسامحنا جميعاً. أخذت المنقوشة وانسحبت بصمت وألم ودرس حياة وفخرٍ وحزن مفتكراً بقول السيد :"الويل لمن تأتي على يده العثرات" بقيت لفترة أسبوع أُحارب لطرد تلك الجملة من فكري : الله يريّحنا منكم   وها أنا أعترف بأمانة أني وقعت في التجربة وتبنيتها عدة مرّات وقلت بفرح  آمين.  الله يريّحنا منكم. الله يسامحني ويسامحهم.
الأب ثاوذورس داود"