المحرر موضوع: ساسة عراقيون يستأجرون مساحات في قنوات فضائية لتحسين صورتهم  (زيارة 1143 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31321
    • مشاهدة الملف الشخصي
ساسة عراقيون يستأجرون مساحات في قنوات فضائية لتحسين صورتهم
جهد إعلامي حكومي عمل على تشويه الحراك الاحتجاجي ووصم المشاركين فيه بالمندسّين.

بعض من يتوجه إليهم السياسيون لإقناعهم بـ"عظمة منجزاتهم"
العرب/ عنكاوا كوم
إذا كان ساسة العراق وقادته في أمسّ الحاجة منذ سنة 2003 إلى الإعلام للتغطية على فشلهم وافتقار تجربتهم في الحكم للمنجزات، فإنّهم اليوم وبعد 15 سنة من تجربة الحكم تلك بما راكمته من فشل، في حاجة أشدّ للإعلام بمختلف وسائله للحدّ من تدهور سمعتهم وانقلاب الجماهير ضدّهم.
بغداد - لا تنقطع حاجة قادة العملية السياسية والقائمين بشؤون الحكم وإدارة الدولة في العراق، للإعلام لتلميع صورهم والتغطية على فشلهم المتراكم وافتقارهم لأي رصيد من المنجزات، فضلا عن الضحالة الفكرية لأغلبهم وافتقارهم للرؤى والبرامج الواضحة.

واشتدّت تلك الحاجة في ظل انتباهة المواطنين لما آلت إليه أوضاع البلد من سوء شديد وغضبة الشارع الموجّهة بشكل مباشر ضدّ هؤلاء القادة والمسؤولين، وازداد حرصهم على إحكام هيمنتهم على الإعلام سواء بقوة السلطة أو باستخدام المال المتأتي أغلبه من المشاركة في السلطة ذاتها والانخراط في شبكة الفساد المعقّدة والممتدة في مختلف مفاصل الدولة.

وسلّطت الضجة التي أثارها قرار فصل صحافي عراقي من مؤسسة إعلامية شبه حكومية بسبب توجيهه انتقادات للحزب الحاكم، الضوء على هيمنة الأحزاب والتيارات السياسية على الإعلام في العراق، وتحويل وسائله إلى أدوات لتحقيق أغراض حزبية.

وأصدرت شبكة الإعلام العراقي، التي تملك وفقا لقانونها “استقلالية تامة”، لكنها تخضع في الحقيقة كليا لرئيس الحكومة، قرارا بفصل أحد العاملين فيها، وجه انتقادات لاذعة لحزب الدعوة الإسلامية، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي.

وكتب الصحافي أحمد عبدالحسين، على حسابه الخاص في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أن “حزب الدعوة ليس فيه شريف سوى الموتى”، وذلك إثر تورط حكومة العبادي في عمليات قمع طالت المتظاهرين العراقيين الذين يحتجون منذ أسابيع ضد الفساد ونقص الخدمات وتفشي البطالة وسوء الإدارة.

ومنذ اندلاع الاحتجاجات، تمسّك خطاب شبكة الإعلام بمختلف أدواتها التلفزيونية والإذاعية والإلكترونية والورقية، بمصطلح “المندسين” وحاول تكريسه، بوصفه العلامة الأبرز للتظاهرات، وهو ما أثار سخطا شعبيا واسعا ضد تغطية الشبكة للاحتجاجات.

وتستخدم الحكومة العراقية مصطلح “المندسين” لوصف متظاهرين يتورطون في أعمال شغب واعتداء على الممتلكات العامة، لكنها تحاول وفقا لمتظاهرين تعميمه على حركة الاحتجاج لتخويف الجمهور من الالتحاق بها وتصويرها على أنها حركة تخريبية.


أحمد عبدالحسين: حزب الدعوة الإسلامية ليس فيه من شرفاء سوى الموتى
ويقول نشطاء إن “من يتابع تغطيات مؤسسات شبكة الإعلام للتظاهرات سيفهم أن جميع المحتجين مندسون وهي خطة مكشوفة لتشويه سمعة المتظاهرين”.

واعتبرت شبكة الإعلام حديث الصحافي أحمد عبدالحسين، في حسابه الشخصي “إساءة للرموز السياسية”، فقرّرت طرده من العمل مشيرة إلى أنه خالف ضوابط حكومية.

وبحسب قانون شبكة الإعلام فإنها جزء من مؤسسات الدولة الممولة من المال العام، وتملك شخصية قانونية ومعنوية مستقلة، ويعيّن رئيسها بناء على انتخابات يجريها مجلس للأمناء مكوّن من خبراء مستقلين، ما يمنحها حصانة تامة أمام سلطات الحكومة. ولكن الحقيقة هي أن رئيس الوزراء هو من يعيّن رئيس الشبكة وهو بدرجة وزير، وجميع أعضاء مجلس الأمناء، وهم بدرجة وكيل وزير، ما يعني أن الشبكة خاضعة للحكومة كليا، بل أن مجلس الأمناء الذي يفترض أن يكون مستقلا ومشكّلا من خبراء مختصين في مختلف مجالات الإعلام، تحول إلى حصص تتصارع عليها الأحزاب الشيعية والسنية والكردية للحصول على منصب يضاف إلى قائمة غنائمها من الدولة.

وعمليّا، تعامل شبكة الإعلام في العراق على أنها وسيلة إعلام تتبع حزب رئيس الوزراء، لذلك فإن إدارتها موكلة الآن لأحد كوادر حزب الدعوة الذي ينتمي إليه العبادي ما يفسّر سرعة قرار الفصل الصادر بحق الصحافي الذي انتقد الحزب الحاكم.

وتزامنت هذه الضجة، مع معلومات عن قيام المرشحة الخاسرة في الانتخابات العراقية حنان الفتلاوي بشراء الحصة الأكبر من أسهم قناة “آسيا” المملوكة لزعيم حزب المؤتمر الوطني العراقي آراس كريم.

وتعرّض كريم لأزمة مالية خانقة بعد ورود اسمه ومصرف “البلاد الإسلامية” الذي يملكه على لائحة الشخصيات والجهات المتهمة بالإرهاب بسبب علاقاتها المشبوهة مع الحرس الثوري الإيراني ما تسبب في صدور قرارات عراقية بتجميد الكثير من أصوله ووقف التعاملات معه ليضطر لاحقا إلى عرض قناة “آسيا” الفضائية للبيع.

وعلمت “العرب” أن الفتلاوي دفعت لكريم 3 ملايين دولار أميركي ما يعادل نحو 3.6 مليار دينار عراقي للاستحواذ على الحصة الأكبر من أسهم قناة آسيا.

وكلفت الفتلاوي التي فشلت في الحفاظ على مقعدها البرلماني خلال الانتخابات العامة التي جرت في مايو الماضي، أحد الإعلاميين المقربين منها بإدارة القناة المذكورة بعدما كان يمثل مصالحها في قناة دجلة الفضائية المملوكة لرجل الأعمال والسياسي جمال الكربولي.

ويقول صحافيون في بغداد إن الفتلاوي كانت استأجرت مساحة من بث قناة الكربولي تطرح خلالها وجهة نظرها في تطورات الأحداث عبر أحد الوجوه التلفزيونية المعروفة لكن فشلها في الانتخابات فرض عليها شراء محطة فضائية كاملة لإنقاذ مشروعها السياسي.

وينخرط الكثير من الإعلاميين في القطاع التلفزيوني في مهام حزبية علنية عبر البرامج التي يقدمونها إما بتكليف خاص من المحطات الفضائية التي يعملون بها وإما وفق اتفاق مباشر مع السياسي المستفيد. ويقدم هؤلاء خدمات ترويجية لشخصيات أو أحزاب أو يقومون بالهجوم على شخصيات وأحزاب وفقا لاتفاقات مع المستفيدين.

وتشيع في الأوساط الإعلامية ظاهرة استئجار ساسة أوقات بث داخل محطات فضائية ثم ينتدبون أحد وجوه التقديم المعروفة، لشغلها بما يحقق مصالح حزب ما أو لضرب خصوم آخرين، على غرار ما يحدث في قناتي دجلة والشرقية.

وفي موازاة ذلك تحافظ المحطات الفضائية التابعة لأحزاب الإسلام السياسي على شكلها العام الذي يهتمّ بأمرين، الأول هو تمجيد الحزب المالك ورموزه والدفاع عنه عندما يتعرض إلى هجمات إعلامية، والثاني هو بث والفعاليات الدينية ومجالس العزاء، على غرار قناة آفاق المملوكة لزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي وقناة العهد المملوكة لعصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي وقناة الراصد المملوكة للعبادي.

ويقول مراقبون إن انعدام ثقة الشارع العراقي بمعظم وسائل الإعلام المحلية أمر مبرّر بعد تحوّلها إلى منابر لتحريف الواقع وبث التجهيل ونشر خطاب الكراهية والاحتفاء بأحزاب سياسية فاشلة وفاسدة.