الـصمت .. هـذا الـدواء فاشل مذهـول
بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني ــ 30 تموز 2018
كان هـناك عـرفٌ جارٍ في دوائـر عـراق الـنـظام السابق وربما الآن أكـثر ، يتـصف بالإنـتهازية المصلحـية أو الـلـوﮔـية ، وهـو أنّ مـدير أية دائـرة أو مؤسسة يحاول تغـطية أو عـدم إيصال مشاكـل دائـرته إلى الجهات الأعـلى دلالة عـلى نجاحه ، فلا يوصف بالفاشل في إدارته أو تـنامي مشاكـل مـؤسسته ، كـل ذلك طمعاً في إستمراره بمنـصبه .
في نهاية سبعـينات الـقـرن الماضي كـنتُ مـدرساً في ثانـوية القادسية / حي جـميلة / بغـداد .... وبسبب تجاوز أحـد الطلاب عـلى مـدرس داخـل الصف وأمام الطلاب ، قـدّم المدرس شكـوى إلى إدارة المـدرسة مما تـطـلـّـبَ عـقـد إجـتماع لمجـلس المـدرّسين وفـقاً لـقانـون المدارس الثانـوية والمُوقع مِن قِـبَـل رئيس الجـمهـورية المرحـوم أحـمد حـسن البكـر ....
قـرأ المدير تـقـريـرَ المـدرس صاحـب الشكـوى وكان واضحاً جـداً بحـيث تـنـطـبق عـلى الطالب المعـتـدي ، إحـدى فـقـرات القانـون التي تـنـص عـلى وجـوب ( طرد الطالب من المـدرسة ) .
ثم أضاف السيـد المديـر قائلاً :
إخـوان ، هـذا الطالب معـتـدي والقانـون ينـص عـلى طرده من المدرسة ، ولكـن إحـنا آباء ومدرّسين تـربـويّـيـن ... والمقـولة معـروفة : إرحـموا مَن في الأرض يرحـمكم مَن في السماء ... فخـلـونا نـفكـر أعـمق ، أنْ ما نخـلي الطالب يتيه بالشارع ويضيع مستـقـبله ... وعـليه الأفـضل أن نـكـتـفي بتـوبـيخه ونـغـض الطرف عـن مسألة الطرد ... خاصة وأنـتـو تـدرون القـيادة الحـكـيمة للـثـورة جاءت من أجـل بناء الإنـسان وخـير الشعـب وتـقـدّم العـراق ! فـشـتـﮔـولـون إخـوان ؟؟؟؟ .
الإخـوان وأنا من بـيـنهم سادهم ((( الصمت ))) !!.... صمتٌ مـتـوتـرٌ يـزيـد من هـيجان الهـورمونات .
لأن المسألة صار فـيها القـيادة الحـكـيمة والـثـورة وبناء الإنـسان ... فـمَـن يتجـرّأ عـلى التعـقـيـب ؟ .
وعـنـدها قال السيـد المديـر : هاهاها ... أشـوف سكـوتـكم يـدل عـلى الرضى ، معـناه أنـتـو راضين عـلى رأيي وهـو الإكـتـفاء بتـوبـيخ الطالب .
إستمرّ الصمت أكـثـر ! .... فأومأتُ إليه ، قال : تـفـضل أستاذ .
فـقـلـتُ له بالفـصحى : أستاذ ، ليس كل صمت دليـل الرضى فـقـد يكـون تعـبـيـراُ راقـياً عـن الـتـذمـر !
لـن أطيل الكلام ، وأخـيراً صار قـرار مجـلس المدرسين ضد قانـون المدارس الثانـوية ، بسبب الصمت .... واللـبـيب تكـفـيه الإشارة .