المحرر موضوع: الصور بين الماضي والمستقبل  (زيارة 1175 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل المطران مار يوسف توما

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 86
    • مشاهدة الملف الشخصي
الصور بين الماضي والمستقبل
+ المطران يوسف توما
منذ اختراع الصورة الفوتوغرافية (أي الرسم بالضوء) في عام 1826 على يد جوزيف نييبس Joseph Nicéphore Niépce وحتى اليوم تغيّر العالم بشكل جذري بسببها، ولو جمعنا كل الصور التي تم تصويرها منذ ذلك الحين، أي قبل حوالي قرنين، فإن مجموعها كلها لا يعادل ما يسحب اليوم من صور خلال دقيقة واحدة فقط! السبب في الكمّ الهائل من آلات التصوير التي في الهواتف النقالة، هذا ماعدا آلات التصوير العادية والمعقدة التي في كل مكان مما جعل من الصور أمرا عاديا نسحبها ونخزنها وقلما لدينا وقت لاستعراضها، إنها مخزون هائل كالتسونامي يقلقني، إذ يتجاوز عدد الهواتف التي فيها كاميرات عدد البشر على الأرض!
عندما أزور الأصدقاء في المهجر وتقوم ربّة البيت بإعداد ما لذّ وطاب من الأكلات العراقية، ألاحظ أبناء الجيل الثاني، من الشباب، قبل الأكل، يهرعون إلى هواتفهم ليخلّدوا صورة مائدة الطعام! ...
وأتساءل: لماذا؟ ماذا يدفعهم إلى تخليد مثل هذه الأمور؟ هل يحسّون بأهمية هذه اللحظات لمستقبلهم؟ أم إنه الخوف بالذات من المستقبل ما يجعلهم يتذوّقون طعم حاضر لا يريدون مغادرته؟
أنا أيضا مثلهم أحبّ الصور، خصوصا القديمة منها، فأفضل شيء فيها هو بقاء الأشخاص كما هم لا يتغيّرون، خصوصا الذين غادرونا إلى العالم الآخر، الصور تبقيهم هنا، في حين الواقع يتغيّر بسرعة هائلة ولا أحد يستطيع الوقوف في طريقه، ولعل هذا أحد أسباب كل أشكال الرجعية وعبّاد الماضي إلى حد الجنون إنها برأيي شكل من الوثنية الجديدة.
لنستعرض بعض الصور القديمة، ماذا نرى؟
عندما يتقدم العمر ونرتقي درجات الحياة، سوف نلاحظ أن أصدقاء كثيرين بعثرتهم الحياة في جميع أنحاء العالم، فتختلط فينا العواطف بين الحنين والحزن!
إذا كان عمر الصور 20 عامًا، قد تشعر بالخيبة بسبب أنك لم تفعل أكثر مما فعلتَه حتى الآن، في حين بعضهم وصل إلى ما كان يصبو إليه وترقّى وحقق أهدافه.
بعضهم كان يؤجل عمل اليوم إلى الغد، وبقي يؤجل حتى فاته القطار. آخر فعل في كل يوم من حياته ما لم يفعله غيره بجدّية، بحيث يُشعرك أنه حصل على الأشياء (ماديا ومعنويا) التي لم تتمكن أنت من امتلاكها، إنه داء المقارنة!
علمني استعراض ألبومات الصور القديمة أن أحُدّ من أحكامي فلا يحق لأحد أن يستهلك السعادة من دون أن يُسهم في إنتاجها، فالتعب السابق يعطي طعما للراحة اللاحقة وتعزية!
وهكذا الحياة تستمر وتتحرّك وتتغير، بعض الناس، بقوا هنا معنا، - لكن لوقت ما فقط – لكن بعضهم يذهب بعيدا، كيف أبقيه معي؟ بأخذ الصور بلا توقف، وبنوع من الشراهة، بحيث لاحظت أن قدّاس التناول الأول، في إحدى بلداتنا، استغرق ساعة ونصف أما صور "السيلفي" فأخذت ضعف ذلك الوقت!
إن الذين يجدونك مميزًا، هؤلاء يرون دائما المبرّر للبقاء معك... بتصويرك أو الاتصال بك، وإدخالك في عالم صورهم الجديد، عالم يسمّونه "كتاب الوجه" (Facebook)، وهو يختلف جدا عن ألبومات أيام زمان! هذا الكتاب العجيب لا يزال جديدا، قد يحتاج إلى قرنين آخرين لكي نفهم إلى أين سيقودنا، لكنه بالتأكيد سيغيّر الكثير فينا وفي الأجيال المقبلة خصوصا، لأن "الفيس بوك" يختلف عن الصور القديمة بالأسود والأبيض، التي، بالرغم من كل شيء، لا تزال تغمرنا بالحنين.

كركوك 31 تموز 2018


غير متصل جلال برنو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 328
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: الصور بين الماضي والمستقبل
« رد #1 في: 18:09 31/07/2018 »
مقتبس
" عندما أزور الأصدقاء في المهجر وتقوم ربّة البيت بإعداد ما لذّ وطاب من الأكلات العراقية، ألاحظ أبناء الجيل الثاني، من الشباب، قبل الأكل، يهرعون إلى هواتفهم ليخلّدوا صورة مائدة الطعام!" ...
انتهى الاقتباس
تعليق : سيدنا، بيني وبينك ، أرجو أن تمارس الصمت قليلاً وتتأمل وتسأل نفسكَ : كم بيت من بيوت الفقراء تزور قياساً لزياراتك  لبيوت الأثرياء ؟
ثم ليش بيوت الاصدقاء في المهجر تحديداً ؟
هذه الفقرة استوقفتني ، أما المقال ككل ، أعذرني يا أبتي فلا جديد فيه .
تقبل تحياتي

غير متصل الياس متي منصور

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 564
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: الصور بين الماضي والمستقبل
« رد #2 في: 16:02 01/08/2018 »
بارخ مار

التعبير بالصورة سبق التعبير بالكتابة لأكثر  من ثلاثون الف سنة
حيث عثر علماء الاثار على اكثر من الف لوحة رسم في كهف بجنوب فرنسا عمرها  حوالي ٣٦ الف سنة
اما الكتابة أبدعها السومريون قبل حوالي خمسة آلاف سنة
نعم للصورة قدرة  عجيبة على إيقاف الزمن!
وعند مشاهدتنا لصور لنا قبل خمسون سنة او اكثر نندهش ! كيف تمكن الزمن من سرقة براءة طفولتنا وحيوية وقوة ومرح  وعبثية شبابنا!؟ انه زمن وصور تدغدغ مشاعرنا
وليس لنا ما نقوله سوى : يا ليت الشباب يعود يوماً  فأخ....