المحرر موضوع: مشروع حلف الناتو العربي وهم ام حقيقة  (زيارة 1420 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سمير يوسف عسكر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 335
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لا اعرف بالضبط اسم الجهة التي أطلقت مصطلح (الناتو العربي) على الحلف العسكري الذي يسعى البعض لتشكيله بهدف العمل على احتواء النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط. ولأن صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية كانت قد نشرت يوم 17/ 8/ 2018 خبراً منسوباً الى مسؤولين في البيت الأبيض يشير الى ان الرئيس ترامب عرض على قادة الدول الذين التقى بهم في الرياض قبل عام وبحظور قادة 50 دولة من المشاركين عبرت فيه عن استعدادها لتشكيل تحالف عسكري على غرار حلف شمال الأطلسي تشارك فيه دول عربية وإسلامية (سنية) لمحاربة الإرهاب. ولم تكتف الصحيفة بنشر هذا الخبر وإنما كشفت عن الخطوط العريضة للمشروع جرت مناقشتها مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. كما كشفت ان التفاصيل المتعلقة بهذا المشروع نوقشت في واشنطن بين وفد يمثل الأمير محمد وجاريد كوشنر صهر ترامب ورئيس مستشاريه. فكرة المشروع ليس بجديد، بل سبق وطرحتها مصر 2015 وقد استذكرته صحيفة الاندبندنت البريطانية قد طرحتها مصر ومعها الأردن والسعودية والامارات والمغرب والسودان. واسترجع تقرير مرصد مركز الدراسات الأميركية، خلفيات أبعد زمناً لمشروع حلف الناتو العربي تعود الى حزيران 1998. كما نستذكر لحديث وزير الدفاع حسين طنطاوي ان مصر تنادي بانشاء كتلة عربية عسكرية لمواجهة التحديات التي تجتاح العالم العربي. وفي عام 2015 حث الجنرال مايك فاين أعضاء الكونغرس عقب اقالته من منصبه كرئيس وكالة الاستخبارات الدفاعية العمل على إنشاء ودعم إطار هيكلي عربي شبيه بحلف الناتو لمواجهة إيران. عام 2017 وزير خاجية اميركا جيمس بيكر تناول هذا الحلف واعتبره أحد الحلول لمواجهة إيران في سوريا تحديداً. رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو قال في مؤتمر صحفي: اعتقد انها الفرصة الكبيرة من أجل التوصل للسلام تنبع من نهج إقليمي على اشراك شركائنا العرب الجدد. شباط 2017 الوزير الليكودي يسرائيل كاتس قال: يجب إقامة محور بين إسرائيل والدول العربية في المنطقة للتصدي لمطامع إيران (وفق الإذاعة الإسرائيلية الرسمية). صحيفة هآراتس الإسرائيلية كشفت عن تفاصيل عقد قمة رباعية سرية العام الماضي في العقبة الأردنية لبحث السلام بمشاركة نتنياهو والسيسي والملك عبد الله وجون كيري تتعلق بطلب إسرائيل للتقارب مع الخليج. وفي 2017 ليبرمان قال (وفق ما نقله موقع التلفزيون الألماني- دويتشة فيله-): حان الوقت لتشكيل تحالف عربي رسمي بشكل علني، لقد فهمت الدول السنية المعتدلة ان الخطر الأكبر ليس إسرائيل إنما إيران، مشيراً الى إمكانية تقديم تل ابيب للخليج وسائل لمكافحة الإرهاب عبر القدرات الاستخباراتية والإمكانات العسكرية. واعتبر اللواء الركن الطيار المتقاعد الأردني محمود الرديسات، ان فكرة (الناتو العربي) لمواجهة الإرهاب غير واقعية، وذلك بسبب عدم وجود عالم عربي موحد تحمل اهدافاً محددة متفق عليها لتحقيقها، وما يحدث هو ان كل دولة تسعى لتحقيق اجندتها لا سيما حيال التناقضات في عدد من القضايا الإقليمية كالاحداث في سوريا والعراق وليبيا واليمن والقضية الفلسطينية. أما موقف دولتي روسيا وإيران وردود الفعل الدولية على هذا المشروع تضمن رفضاً من الدولتين، وحذر وزير الخارجية الروسي لافروف الذي وصف المشروع بانه لن يساعد في حل مشاكل المنطقة، وان المشروع سيرفع درجة التوتر في المنطقة ويفضي الى الحرب. ورأي آخرون انه يقود دول الخليج الى (حرب إقليمية عظمى). ان فكرة الناتو العربي متعددة الأهداف تخضع لعنوانين اثنين هما: خدمة إسرائيل والابتزاز المالي، والآخر إبعاد التفكير العربي عن فلسطين وإحلال إيران مكانها. اما علاقة الحلف بإسرائيل: واضح ان إسرائيل ستشارك في الحلف سواء كعضو عامل او مراقب، او ضم الى الناتو بحجج مختلفة، وبيع المزيد من الأسلحة وسحب المزيد من الأموال لخدمة المشروع الصهيوني. ومن المعروف ان إسرائيل تطرح نفسها باعتبارها دولة عانت الخطر الذي يواجهها باستمرار بالرغم ان لديها خبرة هائلة استخباراتية وعسكرية، وترى ان إيران مصدر لتهديد الامن يتعين تحجيم خطره او حتى ازالته، وبالتالي تشارك بقية لدول الأعضاء في الأهداف التي يسعى الحلف لتحقيقها، وفي كلتا الحالتين ستصبح إسرائيل عبئاً على الحلف وعنصراً من عناصر إضعافه وتشويه سمعته. خصوصاً وأنها تمارس أعمال لا إنسانية وتصادر حقوق الشعب الفلسطيني. وهو مما لا يمكن ان تتسامح معه. لكل هذه الأسباب تبدو فكرة الناتو العربي انها أقرب الى الوهم منها الى الحقيقة، فهي فكرة ولدت لتموت. ومن الواضح ان أميركا سوف لن تدفع $ واحداً كمساهمة في تأسيس هذا الحلف، بل بالعكس تماماً سوف تقبض مئات المليارات $ مقابل بيع الأسلحة وتقديم الاستشارات والنفقات العسكرية، ومن الواضح ايضاً ان النفقات الضخمة للمشروع ستأتي من خزينتين حصراً وهما السعودية والامارات. ان اميركا ليست شريكاً في هذه العوائد، بل ان لها الحق ان تحصل على أغلب العوائد، بسبب ماتقدمه من دعم لهذه الدول على مدى عقود. وبالمقابل ان مثل هذا الحلف لن يرى النور لأسباب لا حصر لها. ومن بينها التباين السياسي الواضح من مواقف دول مثل سلطنة عمان وقطر والكويت. وفي خضم كل هذه الضجة التي تقام الآن حول هذا الحلف وأهدافه. سؤالاً للمراقب: ما هي حقيقة الإرهاب الذي سيقوم الحلف بمحاربته؟ هل هو الإرهاب التكفيري؟ هل هو الإرهاب الصهيوني؟ ام انه الإرهاب الإيراني؟ مؤكد ان فكرة حلف الناتو العربي ليست إلاّ اضعاف أحلام لدى بعض الدول العربية السنية!! وليست إلاّ ورقة ضغط في الحرب النفسية ضد إيران لدى إسرائيل، وإلاّ فهي فكرة ولدت ميتة، ولن تنفع كل أموال السعودية والامارات.
                                                                       الباحث/ ســــمير عســــكر