المحرر موضوع: نحو مرجعية بحجم خلافاتنا المذهبية والتسميات!!  (زيارة 1594 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أوشانا نيسان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 322
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

نحو مرجعية بحجم خلافاتنا المذهبية والتسميات!!

أوشـــانا نيســان


كثيرا ما نسمع من يقول، أن الاستعمار البريطاني هو مصدر شقاء مسيحي جميع بلدان الشرق الاوسط عامة ومسيحي العراق بالدرجة الاولى. ذلك بعد أصرار الاستعمارعلى تهميش وجود وحقوق المكونات العراقية الاصلية وعلى رأسها أبناء شعبنا الاشوري الكلداني السرياني. كل ذلك من خلال التركيز على ضرورة ترسيخ حدود الدولة العراقية منذ تشكيلها عام 1921، على تخوم أبار النفط والموارد الطبيعية الموجودة  في باطن الارض وليس وفق العلاقة او الدينامية المتبادلة بين الجغرافيا وتاريخ حضارة وادي الرافدين كما يفترض.
اليوم ورغم مرور ما يقارب من 100 عام على مخاض تشكيل دعائم الدولة العراقية الاولى وتعقيدات النفاق السياسي المستديم، فأن تاريخ العراق بدأ يعيد نفسه بنفس الحوادث ونفس الشخوص ولربما بشكل أقسى وان تغييرت بعض الاسماء والمسارات أو مراحل في النهج السياسي. والفارق الوحيد بين الامس واليوم، هو فشل قياداتنا السياسية والحزبية  داخل الوطن وخارجه في أستغلال دور ووجود الاكثرية من أبناء شعبنا  وتحديدا دور النخبة المثقفة في دول الاغتراب، بهدف تشكيل اللوبي القومي الفاعل والمتمكن على الضغط على مراكز القرارات السياسية في العالم واجبارها على فهم قضيتنا القومية والوطنية العادلة والمشروعة داخل العراق الجديد عراق ما بعد قرن من الدكتاتورية قبل فوات الاوان.

أين يكمن الخلل؟؟

تأتي عملية تحديد الهدف وأختيار الوقت المناسب للتنفيذ في طليعة العناصر التي يتشكل منها المنهج السياسي أو النضال القومي الناجح. ومن الواقع هذا يجب الاعتراف علنا، أن الخلل المتوارث ضمن مسيرتنا القومية النضالية لا يمكن حصره ضمن تعقيدات العوامل الخارجية وتداعياتها المستمرة في العراق وعلى راسها، الصراع السياسي المستديم بين الاكثريتين العربية والكوردية أوحتى الانقسام المذهبي وتفاقم حدة الفتنة  بين عرب السنة وعرب الشيعة على السلطة السياسية بعد سقوط الطاغية عام 2003، بل يتجاوز حدود التقليد المسموح به ويلامس الذات الجماعية فيما لو قدر لنا طرح الحلول والبدائل المتاحة لاعادة صياغة أجندة العمل والتوجهات الاساسية وفق نظرة جديدة وعلى رأسها:

1- غياب اجندة سياسية قومية ووطنية واضحة ومتفق على بنودها من قبل الاكثرية من القيادات الحزبية والروحية والسياسية. الاجندة التي بموجبها يمكن لقيادات شعبنا، وضعها على طاولة الدول الكبرى أو مراكز صنع القرارات السياسية في العالم. حيث المعلوم أن العالم في تغيير مستمر وان القرارات التي يتخذها البيت الابيض الامريكي أو الرئيس دونالد ترامب لربما تتعثر في بروكسل عاصمة الاتحاد الاوروبي، رغم أعتبار أمريكا زعيمة العالم. لذلك يجب توحيد الجهود والخطاب والكلمة ونبذ الخلافات الجانبية رغم صغرها في سبيل تحقيق طموحاتنا القومية – الوطنية المشروعة.

2- ضرورة فصل الدين عن العمل الحزبي في سبيل وقف مؤامرات السلطات السياسية في العراق في توظيف الدين المسيحي المقدس ورجالاته في شؤون الحكم والسياسة والمستقبل.

حيث نلاحظ هذه الايام، بروز وجهات نظر مختلفة ولربما متقاطعة بين ما تطرحه غالبية القيادات السياسية للاحزاب والمنظمات التابعة لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري، وما تطرحه القيادات الدينية والمرجعيات الروحية لمعظم كنائسنا المقدسة، بأستثناء كلِّ من قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني كريم، وغبطة البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان، وسيادة المطران مار يوحنا بطرس موشي وعدد من الكهنة الذين حضروا مؤتمر بروكسل بتاريخ 28-30 حزيران 2017. 

" ليس من صالح المسيحيين التخندق في تنظيمات أو مليشيات أو الاستقواء بالخارج، فقوتنا من انتمائنا الوطني وانخراطنا في كل مفاصل الحياة، المجتمعية والثقافية والسياسية، كمواطنين أكفاء ومخلصين لبلدهم .. ويضيف .. نحن لسنا مع اقامة منطقة أمنة للمسيحيين في سهل نينوى"، يقول غبطة الكاردينال مارساكو ل (العربي الجديد) بتاريخ 27 أب الجاري . تماما كما وقف قداسة البطريرك ماركوركيس الثالث صليوا بطريرك كنيسة المشرق الاشورية بالضد من مؤتمر بروكسل أثر طلب من الحكومة العراقية من خلال السكرتير العام للحركة الديمقراطية الاشورية بعد زيارته مع وفد من برلمان بغداد الى بروكسل، بهدف أفشال المؤتمرودعوة  الاتحاد الاوروبي جميع الاحزاب والمنظمات السياسية التابعة لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري الى بروكسل ، بهدف أيجاد حل دستوري وقانوني مشروع لقضيتنا القومية الوطنية وعلى رأسها تشكيل منطقة أمنة للمسيحيين في سهل نينوى. 

صحيح يفترض بكل مواطن عراقي بغض النظر عن انتماءه القومي او المذهبي أوحتى الايديولوجي، أن يفتخر بأنتماءه الوطني – العراقي، في حال تطبيق جوهر مفهوم المواطنة الدستورية الصحيحة والالتزام ببنود دستورعلماني معولم يطّبق على الجميع ومن دون استثناء، بهدف تحقيق عدالة اقتصادية واجتماعية وانسانية، يمّكن الدستوروالسلطة السياسية من مواجهة العنصرية والطائفية التي تثار داخل الوطن من قبل حفنة أو مجموعة من النواب الشوفينيين والعنصريين داخل البرلمان العراقي الجديد. ولكن هل من المعقول تحميل المواطن المسيحي الاقلوي ( الكلداني السرياني الاشوري) في العراقين القديم والجديد مسؤولية ما جرى خلال 82 عام من جرائم الدكتاتورية والقتل وتأجيل عملية دمقرطة المجتمعات العراقية  تحت ظل الانظمة العربية السنيّة، واليوم وبعد  15 عام من حكم الاكثرية الشيعية  دون اللجوء الى ترسيخ بنود دستور وطني وعلماني يفلح في نشر ثقافة التسامح والعدالة والاعتراف بالاخر ونشر ثقافة حقوق الانسان العراقي بغض النظر عن انتماءه العرقي أو المذهبي؟ وهل يفترض بالمكونات غير العربية أن تنتظر 100 عام أخرى لتصحيح المسيرة؟
3- أن التعقيدات الخطيرة للمشهد السياسي العراقي وافلاس القيادات السياسية المتصارعة على السلطة والمال خلال 15 سنة الاخيرة تظهر، مدى حاجة العراق الجديد الى رجال دولة قادرين على تقديم الحلول والمبادرات الوطنية في الوقت المناسب. عليه يفترض بقياداتنا السياسية والروحية أيضا أن لا تتأخرا في ترسيخ مفاهيم الوحدة والانسجام واليقظة في سبيل أحباط مؤامرات بغداد القديمة الجديدة. حيث يتذكر المتابع جيدا، كيف نجحت الانظمة المركزية في بغداد وأخرها الطغمة البعثية المجرمة في اسكات الشعور القومي المتنامي في صفوف الطلبة والمثقفين من أبناء شعبنا في جميع المراكز العلمية والاكاديمية العراقية، واخرها أعدام كوكبة من مثقفي أبناء شعبنا الاشوري وفي طليعتهم ( الشهيد يوسف توما هرمز والشهيد يوبرت بنيامين والشهيد يوخنا ايشو ججو) عام 1985.

ومن المنظلق هذا يفترض بقياداتنا الحزبية والروحية أن يتمسكا جيدا بأهداب الحرص واليقظة قبل الوقوع في شرك الحكومات العراقية الجديدة ودعواتها بالاسراع في حلحلة أزمة المكونات العرقية العراقية الاصلية. حيث يبدوا واضحا، أن الانقسام الذي أحدثه قرار الاستفتاء في الاقليم يوم 25 سبتمبر 2017، في صفوف مسيرتنا القومية – الوطنية، تجاوز حدود الازمة المفتعلة بين كل من بغداد وأربيل بكثير. فالنهج السياسي الزوعوي المبني على توجهات رجالات السياسة العربية في بغداد العاصمة، نجح فعلا في تمزيق صفوف وحدتنا السياسية بين بغداد وأربيل. رغم تداعيات التوجه هذا على رئيس قائمة الرافدين ضمن الانتخابات البرلمانية الاخيرة في بغداد.

وفي الختام يجب القول علنا، أن شعبنا وهو يقف على مفترق طرق تاريخي بحاجة اليوم الى مرجعية روحية وقومية بحجم مرجعية البطريرك الشهيد ماربنيامين، بامكانها أيجاد الحلول الناجعة  لجميع خلافاتنا الموروثة من جيل الى جيل وعلى راسها خلافاتنا المصطنعة على التسمية أو المذاهب او حتى الايديولوجيات السياسية المعاصرة.

صحيح أن الخلافات باتت تغرق أروقة أحزابنا ومنظماتنا السياسية وتهدد مستقبل وجودنا على أرض الاباء والاجداد وتحديدا بعد غياب رغبة الحواروالتفاهم عن المشهد الثقافي والفكري للاكثرية من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري، ولكن يجب أن لانستسلم للواقع الذي نرفضه ويجب ان نثبت للعالم من جديد، أننا نحن أحفاد أقدم أرث حضاري وانساني متكامل أعطى البشرية الكثير الكثير فلا تدعونا أن نضّيع هذا الارث الحضاري ونخون تراثه المقدس أبدا.