المحرر موضوع: حوار ثقافي مع الاخ د. الفاضل جرجيس يونس سليمان ختي المحترم  (زيارة 1399 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل منذر حبيب كله

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 114
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
حوار ثقافي مع الاخ  د. الفاضل جرجيس يونس سليمان ختي المحترم
     
اجرى اللقاء عبر الانترنيت " مُنذر حبيب كُلّه
بداية  ارحب اجمل ترحيب بالدكتور( جرجيس يونس ) المغترب الالقوشي في دولة رومانيا ، واقدم  جزيل شكري وامتناني لشخصه الكريم لتخصيصه جزء من  وقته لاجراء هذا اللقاء المقتضب ضمن نشاطاتي الثقافية التي تهدف الى التعرف على ابناء بلدتنا العزيزة  القوش التي انجبت شخصيات كفوءة ومعروفة  في مختلف المجالات العلمية والاكاديمية والفنية  ،  في الوقت الذي يشهد بلدنا الجريح لعقود عديدة مضت فقدان الامن و الاستقرار مما دفع باصحاب الكفاءات الذين  لم يجدوا فرصا للعمل في بلدهم او انهم تعرضوا الى الملاحقات لانتمائاتهم السياسية او انهم يحملون  افكار تقدمية  تهدف الى التغيير والتحرر و دفع عجلة التقدم والتطورالى الامام ، كما  يسعدني قبول الدكتور الفاضل جرجيس اجراء هذا الحوار آملا ان اوفق في  ما أصبو اليه من نقل وتوثيق  احداث مهمة وسيّر ذاتية وتطلعات لهذه النخبة  المميزة التي لعبت دورا فعالا  بعد احداث ثورة 14تموز 1958الى القراء الكرام ، والى المهتمين بتاريخ  القوش في العراق وخارجه ، فاهلاً وسهلاً بك مرة اخرى عزيزي  الدكتور جرجيس يونس في هذا اللقاء عبر الانترنيت متمنيا لك التوفيق ولقاء ينال رضى و اعجاب قراءنا الاعزاء .
 د. جرجيس (شكر وتقدير)
في البداية اشكر مبادرة الاستاذ العزيز منذر كلا على جهوده المبذولة ومبادراته القيمة  في اعداد لمثل هذه اللقاءات  والحوارات مع  افراد او شخصيات  منسية اوغير معروفة لدى جيل الشباب والتي من  المؤكد  لها مغزى وانعكاس  ايجابي  لتجارب الآخرين  في مواصلة و بناء مسيرة المستقبل لبلدتنا العزيزة القوش وذلك في ربط  الحاضر بالماضي وتكوين المستقبل ، وبنفس الوقت اظهار الخزين  الغير معلن كما يقال :  (كشف المستور فيما يدور بالصدور)
منذر كلّه  "
 من هوالدكتور جرجيس ، هل تتفضل بسرد  نبذة من سيرتك الذاتية ؟ مع ذكر اهم المواقف الايجابية والسلبية في حياتك وعملك في الوقت الذي شهد فيها العراق تقلبات وتغييرات واوضاع ساخنة ومنها سنوات هادئة مستقرة عشتها او عايشتها  وتفاعلت معها ، او راقبتها بشغف ولهفة بعد الاغتراب ؟
د. جرجيس "
مواطن من بلدة القوش تولد عام 1948 من عائلة فلاحية  كبيرة وعريقة معروفة بعلاقاتها الاجتماعية الواسعة والاقتصادية والسياسية ليس على نطاق البلدة  وانما على مستوى المنطقة   و مع جميع الاقوام الاخرى للقرى المجاورة للبلدة  ومع شخصيات وطنية قومية سياسية  ، عملت منذ الصغر في مساعدة اخواني الكبار في شؤون الزراعة والاعمال البيتية المطلوبة في حينها اما الوقت المخصص للدراسة  بعد الدوام كان قليلا  وكنا ننتهز الفرصة لاستغلاله  للقيام بتحضير الواجبات اليومية توخيا من التوبيخ و الاهانة والعقوبة من قبل المعلمين  ومن عملية الانتقاص فيما بيننا كتلاميذ او طلاب فالمنافسة كانت على اشدها  ولاسيما في المراحل المتقدمة من الدراسة وبالاخص سنة البكلوريا  فكنا فريقا مع الاستاذ صبري اسطيفانا  و الاستاذ شوكت توسا و الاستاذ حميد تومكا لانتفارق والكتاب صديقنا الآخر بقصد تحضير الواجبات اليومية بين الحقول الزراعية او الطرق الميسمية وحتى الكهوف  في جبل القوش .
 تدرجت في المراحل الدراسية  في المدارس العريقة في القوش  وكانت البداية  مدرسة القوش الاولى وانتقلت  منها الى  مدرسة العزة  وكان  كادرها من خيرة التربويين  في حينها  من سكان البلدة الحريصين اشد الحرص على مستقبلنا  , الا ان  العصا والمسطرة كانت في متناول  ايادي  البعض منهم  ( كل شي  في  وقته مطلوب)  ، اما الدراسة المتوسطة والثانوية  فقد اكملتها في مدرسة ثانوية القوش المشهورة (  للمرحوم شيشا كّله ) والتي تخرج منها المزيد من الكادر العلمي والتعليمي في شتى المجالات العلمية و الادبية  والثقافية و علم  الاثار  والفنون و غيرها، نقلت وانتشرت هذه الاختصاصات والكفاءات الى شتى ارجاء المعمورة  بالرغم من الصعوبات والمشاكل التي كانت سائدة في تلك الحقبة الزمنية بسبب الظروف الامنية  والملاحقات والمضايقات والاعتقالات  من قبل رجال الامن و الجحوش  بسبب (نشاط الحركة الشيوعية في القوش وانتشارها بين الشباب ) بالاضافة الى الاقتتال في الشمال ، وكانت المدرسة تعاني من  قلة الكادر العلمي التدريسي  المتخصص  , والذي  كان يسد الشاغر  عن طريق  تنسيب  اساتذة  من غير اختصاص , فبالرغم من ذلك كان هناك  نوع من التحدي  والهمة العالي من قبل الطلبة لتذليل تلك المصاعب وتحقيق امنياتهم بالنجاح واجتياز الامتحانات الدورية بتفوق معتمدين على  امكانياتهم الذاتية وليس على الدروس الخصوصية كما  هي الحالة السائدة الان .لا يفوتني الاشارة الى مبادرة  بعض الاساتذة بفتح دورات  تقوية للطلبة المكملين  وبدون مقابل واخص بالذكر منهم الاستاذ العزيز نجيب اسطيفانا  واخرين.
تخرجت من اعدادية القوش  المختلطة  عام 1968 وكانت دورتنا نموذجية ، بحيث  ان معظم الطلبة حصلوا على المقاعد الجامعية, وانخرطوا في الجامعات العراقية في مختلف الاختصاصات من  الهندسة  والطب  والزراعة والاقتصاد والحقوق وفي علم الاثاروغيرها
 -لا تفوتني ان اذكر ان  مدرستنا تعرضت الى غلق ابوابها  لعدة مرات ولبضعة ايام لاسباب منها وقوع مشاكل بين الطلبة و بعض الحاقدين  من المدرسين من خارج البلدة  وبقرار من  مديرية التربية في الموصل  لكرههم لالقوش  واهاليها و لكونهم من الديانات الاخرى  ونتيجة المد الثوري الذي كان سائدا بين اوساط الطلبة في ذلك الوقت .
انتقلت الى بغداد والحسرة و الالم  يعصر قلبي لمغادرة البلدة و الاهل والبدء بحياة جديدة   في جامعة بغداد كلية التجارة مواجها صعوبة ترك القوش و اهلي  والاغتراب ، حينها  شعرت ان  كل شيئ قد تغيرفي حياتي , لكن  سلمت للامر الواقع وقبلت بهذا التحول المفروض  وداومت سنتان وبضعة اشهر في جامعة بغداد  ولن اكمل الدراسة تاركا اياها  للالتحاق بأحد المقاعد الدراسية في الخارج , ففي المحاولة الاولى  التي  كانت  من عام 1971  كنت  مرشحا لمنحة دراسية الى  الاتحاد السوفيتي سابقا  لكني لم افلح بذلك لعدم الحصول على جواز سفر بسبب منعي من قبل دائرة الامن العامة في بغداد  وفي حينها نصحني الكثيرون من الخيرين والطيبين  من امثال المرحوم ابا عامل بضرورة مواصلة الدراسة في العراق  ومن ثم الذهاب الى الخارج لاكمال  الدراسات العليا  لكن كنت مصرا  على  ترك البلد  ومغادرته على اثر الصدمة والفاجعة التي ألمت بعائلتنا لفقدان  اخي  المرحوم ميخائيل في  شهر تموز 1970وهو في عمر الزهور (التاسعة عشر من عمره )بحادث صعق كهربائي كان مشكوك فيه , حيث كان  يصغرني بسنتين, خريج ثانوية الزراعة في الموصل  على ان يلتحق في كلية الزراعة في بغداد لمواصلة الدراسة الجامعية.
في عام 1972 حظيت  في  الحصول على  زمالة دراسية  الى  رومانيا الاشتراكية  الا ان   مشكلة الجواز كانت لا تزال قائمة لكن بتدخل من  اطراف الحوار في  تشكيل وقيام الجبهة الوطنية والقومية التقدمية  في حينها  تم غلق ملف المنع  والقيام بأصدار جواز السفر.لكن المشاكل والعراقيل كانت  تلاحقني ,  معارضة الاهل كانت  شديدة   ولا سيما من قبل المرحوم والدي الذي كان يريدنا ان نكون دائما قريبين منه  وفي الاخير بعد ان  ادلى بدعائه بالنجاح والتوفيق  مؤكدا ( عليك ان لا تنسى  بلدتك و بيتك ) لانك  نشأت هنا  وحتى  لو اصبحت   وزيرا  فأنك  ستكون بحاجة الى الحياة الاجتماعية مع اهلك ، والمعارض الاخر كان المرحوم اخي يوسف ،  سائلا عن دواعي ترشيحي  الى رومانيا وهي  دولة غير معروفة وغير موجودة على الخارطة !!!
 قدمت الى الكلية العسكرية في حينها و اجريت جميع الفحوصات اللازمة  والشروط المطلوبة عدا شرطا لم اقدمه وهو التزكية من احد الحزبيين الحاكمين   (حزب البعث والحزب البارتي ) اللذان لم يجمعني  بهما اية صلة  وما قاله لي المرحوم ابا  جوزيف في حينها  ماذا تريد تزكية الاعدام ؟ وهذا ما اكده لي ايضا  المرحوم عزيز اسمرو ضابط التجنيد في الموصل ،
عملت في بغداد في مجال المحاسبة  مدقق حسابات في مكتب فلاح  داؤود وفي شركة التامين على الحياة مع المرحوم خالي توما كجو ، غادرت العراق في الثلاثين من شهر اكتوبر  1972 عن طريق البر متوجها الى بيروت مرورا بدمشق ومكثت في بيروت خمسة ايام ومن ثم الى رومانيا  قاصدا بوخارست حيث استقبلني وفد من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الروماني.كما كان البروتوكول  انذاك ، كانت البداية  صعبة للغاية  بسبب معاناة الغربة والحنين للوطن  و الاهل  و الاصدقاء ،مشكلة اللغة والتأقلم  والعادات والتقاليد والنظام الذي كنت غير معتاد عليه فكنت دائما افكر بالعودة وترك الدراسة لكن بفضل اسرة جمعية الطلبة العراقيين التي احتضنتني بشكل كبير  وخففت عني  تلك المعاناة  وكذلك الدعم والمساعدة  من قبل بعض الكادر التدريسي الروماني  والطلبة الرومان  الذين عملوا  جاهدين في تخفيف من  معاناتي  وهكذا مضت الايام والسنين  وتمكنت من تحقيق الهدف  الذي من اجله تغربت بعد التخرج من  اكاديمية الدراسات  الاقتصادية في بوخارست  عام 1981 تعاقدت مع  وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الجزائر عن طريق السفارة الجزائرية في رومانيا وبعد بضعة اشهر حصلت على القبول من  ثلاثة جامعات جزائرية  في مدن مختلفة  فكانت بالنسبة لي نقلة نوعية في حياتي العملية والاجتماعية والمالية  الانتقال من  بلد اوربي الى  بلد افريقي  شعوب غير الشعوب العربية  ذو ثقافة فرنسية عادات تقاليد غريبة يشعرون انهم جزء من فرنسا وفرنسا هي جزء منهم , تعلمت الكثير من  امور الحياة العلمية والاجتماعية والثقافية  , تعينت في جامعة وهران عاصمة الغرب الجزائري في معهد العلوم الاقتصادية و درّست في عدة جامعات مواد مختلفة وباللغة العربية التي كانوا يرفضونها  الطلبة  و الاساتذة  الفرانكوفونيين, وكانت مظاهرات الاحتجاج  مستمرة  في الاشهر الاولى من الدراسة ضد  قرار تعريب الجامعات وكان من ابرز شعارات المتظاهرين (اذا عربت  غربت ) ( استعمار فرنسي لا استعمار عربي) عملت في لجنة الدراسات والبحث العلمي  قدمت مجموعة بحوث والبعض  منها نشر في مجلة الجامعة حصلت على الترقية العلمية من مدرس الى استاذ مساعد في عام1986  بقرار من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الجزائري ,  تركت الجزائر متوجها الى رومانيا  بعد الاحداث الاخيرة وفوز جبهة الانقاذ الاسلامية التي كانت ممارساتها هي نفس ممارسات  داعش حاليا ( ويمكن القول انها كانت فترة ظهور داعش  او وضع  النواة التشكيلية لها )   فكل ممارساتهم في حينها من اعمال قتل وذبح الابرياء من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ وبدون رحمة  وشفقة تدل وتؤكد ذلك , الا انها  لم تكن بهذه الكثافة والانتشار والشمولية  ولم تدم طويلا حتى اخمدت في مهدها بفضل وحدة الجيش والشعب الجزائري وحنكتهم السياسية   في القيام  باعلان حالة الطوارئ القصوى  فورا ,ولعدم وجود الدعم  الخارجي لتلك العمليات الارهابية  في حينها  , وتحولت  الى  حرب الشوارع في المدن وبالأخير استطاع  الجيش من السيطرة على زمام  الامور ودحرهم وانتقلت الحرب الى القرى  والمناطق النائية   واستمرت  الحالة لفترة  سنتان  وبدأت  عمليات اغتيال الاجانب  والقاء رسائل التهديد للمتعاونين العرب  بترك الجزائر واخذت الاوضاع تزداد سوءا يوما بعد الآخر وعلى  اثرها قررت ترك  الجزائر  و العودة و الاستقرار في  رومانيا عام 1994 دون الموافقة على الاستقالة تاركا كل  شئ  من  ورائي من البيت والرواتب  غير المستلمة وبعض المبالغ النقدية  في البنك الجزائري .   في رومانيا عملت في مجال الدراسات والبحث العلمي وبعدها قررت انشاء الشركة التجارية للتصدير والاستيراد  وقمت بممارسة هذا النشاط  لمدة اكثر من عشرة سنوات  وتركت العمل على ان ارجع و أستقر في بلدي  من بعد سقوط النظام الفاشي.
من المواقف السلبية و التي  لن  يتم  تحقيقها  عدم اكمال دراستي الجامعية في بغداد  وترك البلد والذهاب الى الخارج ،وعدم اداء الخدمة العسكرية  نتيجة دفع البدل النقدي  وبقرار من المرحوم  والدي فكنت اشعر  بنقص في تكوين  الشخصية ولهذا كنت دائما ميالا للأعمال العسكرية لذا قدمت الى الكلية العسكرية  في حينها ومنعت من ذلك , كنت اميل الى العمل الانصاري و متمنيا  الانظمام في صفوفهم  ,  قمت بالتطوع  مع مجموعة شبابية  من  الطلبة العرب  ومن مختلف  الجنسيات العربية المتواجدة على الساحة الرومانية للمشاركة  و الالتحاق  بفصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية في حرب اكتوبر من عام1973  فمنعنا من ذلك من قبل السلطات المركزية الرومانية.
من المواقف المؤلمة والمعاناة التي عشتها  في الخارج  عدم مشاركة  اهلي بافراحهم واحزانهم , فقدان للكثير من افراد الاسرة وفي مقدمتهم عميد الاسرة المرحوم والدي والمرحوم اخي يوسف والمرحومة اختي وارينا والمرحوم رائد ابن اخي المرحوم عابدعلى  اثرغرق  زورقهم  في مياه بحر ايجا  اليوناني  مع كوكبة من الشباب الاخرين من الاقرباء والاصدقاء  الالقوشيين  فهم ضحية النظام الفاشي , فكانت بمثابة كارثة  كبيرة  حلت  بأهل القوش ودهوك  اضافة  الى  فقدان الجد والجدة و الخوال والعمات والكثير من المعارف و الاصدقاء الذين كنت متعلقا بهم.ومن المواقف الاليمة ايضا عند سماعي لخبر وقوع اخي نافع في الاسر اثناء الحرب العراقية الايرانية , لا توجد حالات اصعب من ان  يمر بها المرئ وهو في الغربة من ان لا يتمكن  في  مشاركة اهله بمصائبهم .
 اصعب موقف  عندما قمت بدعوة الوالدين  في عام  1990 للقاء بهم في رومانيا , بعد بذل جهود حثيثة لاقناعهم  بقبول الفكرة  و قيامهم بانجاز كل  معاملات السفر   بينما نحن ننتظرهم بلهفة في رومانيا لاستقبالهم  و اذا قبل سفرهم بيوم واحد اعلن الطاغية  بمنع السفر و غلق الحدود  بسب غزوه للكويت ,فكانت  لنا جميعا بمثابة صدمة قوية وخاصة لهم ولجميع الاهل و الاقرباء  وانحرمت من رؤية المرحوم والدي والى الابد.
 ومن المعاناة الاخرى حالة الازدواجية  والصراع الذي عشناها ولازلنا نعيشه هو التمسك بالعادات والتقاليد وصعوبة التخلي عنها وزحمة الاندماج  بالمجتمع الاوربي والقبول بكل قيمه و طقوسه  و عاداته وتقاليده  التي هي غريبة علينا  وحتى لو اسلمت لامر الواقع فبالرغم من ذلك  فتبقى  صفة الاجنبي  او الغريب ملتصقة  بك الى الابد فلا انت عراقي ولا انت  منهم روماني  او غيره وعلى قول المثل  ( ضيعنا المشيتين).
 من المواقف المحرجة اتوقف عند  البعض منها  . الاولى في اسطنبول عام 1974 كان يوم جمعة  والحرب على اشدها بين  تركيا و القبرص  كنت  جالسا في مقهى  لوحدي وكان  شخص يراقبني وبعد دقائق قليلة  توجه نحوي عندما عرف بأنني اجنبي  تبادلنا الحديث  باللغة العربية  فهو تركي  من  لواء الأسكندرونة  وبعد  حديث طويل عن الحرب الدائرة بين  تركيا  وقبرص مشيرا الى كيفية  الذبح والقضاء على المسيحيين في القبرص واليونان شعرت بخطورة الحالة  فحاولت التخلص منه وترك المكان  الا انه كان  مصرا  في البقاء  وتناول الغداء سوية  بعدها دعاني لنذهب لاداء صلاة الجمعة  في احد الجوامع ، زادني القلق  اكثر فكرت بطريقة للتخلص منه   فما كان علي الا  الهرب من هناك  والاختفاء عن  الانظار  ,حالة ثانية  في مطار اتاتورك كنت منتظرا موعد اقلاع الطائرة باتجاه بوخارست .. توجهت الى احد البارات وعندما قمت بتسديد الحساب  فرجع المحاسب المبلغ  لي  لوجود ضمن الاوراق المالية  الليرة التركية  منتهي العمل فيها  فاعتذرت مبررا لعدم معرفتي بالعملة القديمة  فالشكوك اخذت تساورني  تحسبا من القيام  بأبلاغ  الشرطة  وتلفيق تهمة التزوير , فتركت المكان فورا اختبأ  بين الناس  و في المناطق اكثر ازدحاما  خوفا من الملاحقة ,بقيت اعيش  هذا القلق حتى الى بعد اقلعت  الطائرة .
 حالة  اخرى مشابهة في الجزائرعندما دعوت الى مائدة افطار رمضانية من  قبل احد المعارف الجزائريين اذ جاءني الى البيت و اخذني بسيارته متوجهين الى الجامع لاقامة التراويح والصلاة ، وبصعوبة تخلصت  منه  . 
منذر كلّه "
القوش بلدة عريقة غنية عن التعريف ، تعلقنا بها نحن سكانها  للتكاتف والتعاون المميز بيننا   للمحافظة عليها واسترخاص الدماء دفاعا عنها ، ماذا تعني لك القوش ، و برأيك كيف يمكننا الثبات فيها في الوقت الذي يشهد بلدنا الجريح هجمة ارهابية شرسة وخاصة المسيحيين من ابناء العراق ؟
د. جرجيس "
القوش  هي مسقط رأسي ولدت  وترعرعت فيها  فهي كياني و جسدي وحياتي استنشقت هوائها العليل و شربت من مياهها العذبة  و اكلت من خيراتها  وتسلقت جبالها  وحرثت تربتها  فتعلقي بها كان وسيبقى عميقا وقويا ، تمسك الفلاح بالارض هو اقوى من غيره تبقى  عصب الحياة لي  ومهما ابتعدت عنها وما طال الزمن او قصر  اشعر دائما  بدفئها  وحنانها.  نفتخر بها  لانها انجبت  ابطال  ومناضلين اشداء اقوياء دافعوا عنها  في اصعب الظروف  ودخلوا التاريخ من اوسع ابوابه  وكذلك انجبت رجال دين وعلماء ومثقفين عظماء .
     القوش لها خصوصياتها تميزها عن باقي البلدات الاخرى في عموم بلاد الرافدين  وعن بلدات سهل نينوى  في مجالات كثيرة حضارية ثقافية  او عادات وتقاليد ,كانت مركزا للكرسي البطريركي لثلاث قرون من (1504—1804)  وتحتضن مدرسة مارميخا التي تاسست في مطلع القرن الخامس، وضريح النبي ناحوم الالقوشي ( عاش في القرن السابع قبل الميلاد )،  ويشكل موقعها الجغرافي نقطة التقاء بين السهل والجبال حيث يسودها  التنوع  الاجتماعي والتفاهم بين جميع المكونات العراقية ( الكلدان السريان الاشوريين مع العرب والكرد والايزيديين )  القوش جسدت فينا  شخصية الانسان المتكامل من جميع جوانبها  ورسخت  القيم  و الاخلاق النبيلة و الاخلاص والصدق و الامان والمحبة والتفاني والوحدة والتعاون فيما بيننا ولاسيما  اثناء الشدة   .
منذر كلّه "  وماهي دواعي السفر ؟ متى قررت الاغتراب ؟ ، وهل كانت الفكرة الاغتراب الدائم  ؟ ام التحصيل الدراسي ومن ثم العودة ؟"
   د. جرجيس "فكرة الاغتراب لم تخطر على بالي  ابدا  لكنها فرضت علينا  الغربة  بسبب القوانين الجائرة  التي سنها النظام البعثي  بحق كل مواطن  لا يؤيد سياساته  الفاشية  و ضد  كل من لا ينتظم تحت لوائه وكان يمارس  نوع من الضغوطات  والمضايقات   ولا سيما  بعد قرار الحزب الشيوعي العراقي بتجميد نشاطات المنظمات المهنية الطلابية و الشبيبة   و المرأة ، من  تلك  المضايقات قاموا  بغلق ملفاتنا في مديرية البعثات  العامة  والحساب البنكي في العراق  ,و عدم تزويدنا باية وثيقة رسمية لتمشية امور الدراسة  واستلام  وثائقنا التي تؤكد على مواصلة واستمرارنا  على الدراسة و الامور الاخرى  الخاصة بالاقامة  وعدم تجديد  جواز السفر او اصدار  الجواز الجديد عندما تنتهي  صلاحياته , وقرار مجلس قيادة الثورة  منع الزواج من الاجانب  وتحريم كل من يقدم على ذلك من كل حقوقه وامتيازاته وعدم التوظيف في  دوائر الدول  و اثناء الحرب العراقية الايرانية  اشترطوا علينا الالتحاق بجبهات القتال في العطلة  الصيفية والقيام بزيارة العراق كمغتربين  , ومن محاولاتهم الاخرى طلب  من وزارة التعليم العالي الروماني بعدم تسليم شهادات التخرج لذويها  بل تسلم للسفارة العراقية بحجة التصديق فبالرغم من كل هذه المضايقات والمحاربة  تصدينا لتلك الاساليب  وحققنا هدفنا المنشود  التحصيل العلمي والكثير منا لبوا نداء الحزب  في الالتحاق بفصائل الانصار ومنهم من نال الشهادة  على  ارض كردستان .
اما دواعي السفر  فكانت بهدف الدراسة والتحصيل العلمي وبمنحة دراسية محددة   لا غيرها, فمن اولويات  شروط السفر الالتزام  بالشعار  المركزي  لاتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية وهو  (التفوق العلمي والعودة للوطن ) والكل كان حريص على الالتزام و تطبيق هذا الشعار وكان من يتابع  ويحاسب كل من يحاول التمادي او التأخير او التأجيل العمدي  في الدراسة لتصل عملية المحاسبة الى  سحب الزمالة و الغاء المنحة الدراسية,
ارجع اقرثانية بان فكرة الاغتراب لم  تخطر  على بالي  ابدا , والدليل على ذلك تحملي ومقاومة  الكثير من  المخاطر منها الملاحقات  والمطاردات  في رومانيا   , وتعرضت للاحتجاز في مطارات وحدود دولية عديدة منها يوغسلافيا ، وفي المغرب عام 1982 وفي سوريا عام   1987 اذ تم سحب جواز سفري  في مطار دمشق الدولي مباشرة من بعد وصولي الى المطار  ولمدة اسبوعين  وفي حينها  زودت بكتاب عدم التعرض  وللقيام بمراجعة دائرة الامن العامة من بعد يومين من ذلك، ونقلت الى احد الفنادق  الخاصة بجهاز المخابرات   ,قضيت ليلتي  في الفندق  منتظرا الصباح الباكر لكي اغادر الفندق فورا في اليوم الثاني توجهت  مباشرة الى بيت المرحوم ابو جوزيف وبعدها بدأت بالمراجعات والتحقيقات ,وجهت لي اسئلة غير طبيعية منها  الاستفسار عن هدف مجيئي الى دمشق  وتوجهي السياسي  وهل انا من المعارضة العراقية   وهل مبعوث دولة في الجزائر ام ماذا  ؟ لكن السؤال الذي حيرني  اكثر استفسارهم عن العراك الذي وقع بيننا و بين البعثيين في رومانيا عام 1979 ,  فلولا تدخل  المرحوم ابو  جوزيف  والشاعر الكبير المرحوم محمد مهدي الجواهري  مباشرة مع القيادة السورية لكانت العواقب وخيمة  , وفي رومانيا تم سحب جواز سفري من قبل القنصل العام وبعدها بفترة اعيد لي دون ان يتجدد   وبتدخل من شخص السفير نفسه ابراهيم شجاع ( وهنا حديث طويل ) ،الا يكفي  هذا ان يكون عاملا دافعا للاغتراب ؟؟ والعامل الاخر كوني متزوج من مواطنة من دولة اشتراكية سابقا وباعتقاد وقناعة دائرة الهجرة والدول الغربية انهم   مواطنين  مضطهدين   وهذا ليس حبا بهم  بل  بهدف التشويه للنظام الاشتراكي والنيل منه  فهذا  عاملا مساعدا لطلب اللجوء  والاغتراب  ولاسيما  في فترة اقامتنا في الجزائر لمد ة ثلاثة عشر عاما   . اسرد لكم  هنا واقعة   اخرى حدثت في عام1979 كنت ذاهبا الى مطار بوخارست  لاستقبال اخي سليمان الذي كان قادما من بغداد وحال   خروجنا من المطار انطلقت ثلاثة سيارات  مرة واحدة  تلاحقنا   وبدأت نوع من المطاردة  كانها  افلام هوليود  السينمائية  واخذوا يطاردوننا بالسيارات   وابو ايفان  يحاول النزول  و التحدث اليهم  ومخاطبتهم  بل وتوبيخهم قائلا  لهم( لم نتخلص منكم هناك لنراكم امامنا هنا ) ,   هدفهم كان  رصد المكان المقصود و الى اين نحن  ذاهبين, هذه العملية استغرقت  اكثر من ساعة  ولم  نتمكن التخلص منهم الا بعد التوجه الى احد مراكز الشرطة طالبا  منهم التدخل و النجدة  و الحماية...  ......هكذا  كانت تعمل عصابات الامن للنظام البعثي  الصدامي التي كان قد زرعها  في جميع انحاء العالم  وكانتا كل من رومانيا وبلغاريا مركز التواجد الامني  الصدامي الكبير   لملاحقة المعارضة العراقية  في اوربا الشرقية  نتيجة التعاون بين امن البلدين بسبب الاتفاقيات الاقتصادية بينهما وما يؤسف له ان بعض الجهات وجهاز الامني الروماني كان متعاونا مع اجهزة   النظام البعثي العراقي لتحجيم نشاطاتنا وكي لانستفز البعثيين وازلام السفارة واتخذت بعض الاجراءات المجحفة بحق بعض من رفاقنا المتلكئين دراسيا من عملية الفصل واخراجهم من رومانيا لابل قد وصلت الحالة الى تسليم احد رفاقنا الى الجهاز الامني في السفارة العراقية والذي تم تسفيره حالا وزج به في سجون البعث وحكم علية بالسجن المؤبد ، وكذلك بعض المرتزقة من الطلبة العرب الذين كانوا يتعاونون  مع الطرفين  ضدنا  (ا لمخابرات  الرومانية والمخابرات العراقية)  : من المؤسف له  ان يتعرض الشيوعين وانصارهم في دولة شيوعية  للمضايقات و الضغوطات  من قبل الجهاز الامني الروماني  بحجة انه يستفز البعثيين  واتخذت بعض الاجراءات المجحفة بحق بعض رفاقنا  المتقاعسين دراسيا وكثرت غياباتهم  منها الفصل واخراجهم من روما.
منذر كلّه " هل يمكن المقارنة في مجال  الحياة الاجتماعية والاقتصادية  بين رومانيا الدولة التي تضيفك وبلدك العراق .

لا مجال للمقارنة لا من الناحية السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية  و لا من حيث الثقافة  او العادات والتقاليد ,    قبل كل شيئ  رومانيا  كدولة اوروبية  تدين بالديانة المسيحية  ذات الاغلبية الارثودوكسية  وفيها مذاهب متعددة  منها  الكاثوليك  والبروتستانت   والانجيليين الجدد وهنالك تعدد للقوميات  منهم الرومان والمجر( الهنغار ) والسرب والغجر  (القرج)  الذين  يشكلون نسبة كبيرة  من السكان  في المجتمع الروماني اضافة الى ذلك   ففي رومانيا  يوجد نظام جمهوري وبرلمان ولديها رئيس الجمهورية  جميعهم منتخبين  من قبل الشعب , كما ولديها نظام ملكي   فهناك مملكتين  ملك للرومان الملكية  الرومانية وجلالة الملك  الذي توفي  قبل بضعة اشهر  وله من مؤيده  ,وملك الغجر   و مملكة الغجر ولها ملكها  ويمدون شريعتهم الداخلية من قوانينهم الخاصة بهم  ,و لديهم امبراطور لجميع الغجر في العالم  وهو روماني ومقره رومانيا ايضا, فالدولة الرومانية لا تؤمن بالقومية ولا تخضع  لاوامر الكنيسة  فهنالك دستور الذي يضمن حقوق جميع  المواطنين وقوانينها سارية  على  الجميع   دون تميز لا من حيث المذهب الديني او القومي فالكل سواسية والقانون فوق الجميع ولا توجد  مشاكل او صراعات فيم بينهم  الرومان يمجدون تاريخهم  يكرمون  علمائهم ادبائهم  شعرائهم وفنانيهم  ويقدسون اثارهم  وهي دولة ذات سيادة  لاتقبل الخضوع  وفرض المواقف من الخارج  حتى في زمن الاشتراكية وهي عضوة في مجلس التعاضد الاقتصادي وفي حلف وارشو  فهي كانت الدولة الوحيدة  التي رفضت اقامت القواعد العسكرية لحلف وارشو على اراضيها وهذا تناقض لاتفاقية حلف وارشو ، اما العراق صاحب اقدم حضارات في التاريخ  قام بتدمير كل ما هو حضري ولا سيما من بعد مجيئ الاسلام   والقضاء على المعالم الاثرية  وقام بقتل العلماء و الادباء والشعراء والفنانين  وتهجير اصحاب العقول وذوي الكفاءات والاختصاصات  والعراق هو دولة لا سيادة  له
وهنا يمكن عكس الحالة في رومانيا لفترتين او مرحلتين مختلفتين "المرحلة الاولى   :  مرحلة الاشتراكية   مرحلة حكم الحزب  الواحد  بالتأكيد كان هنالك نوع من الضغوطات  والمضايقات والرقابة غير المشروطة على نشاطات وتحركات جميع  المواطنين من  قبل الشرطة السرية  وكذلك  كانت تمارس بعض الاجراءات التعسفية بحق المواطن من عملية وضع قيود وشروط  تعجيزية  للسفر الى الخارج وتحريمهم من اقتناء العملة الصعبة  و تقيد لحرية التعبير والانتقاد لسياسة النظام الاشتراكي  و حرمانهم من بعض الامتيازات و الترفيع الوظيفي  والمناصب  الاخرى .اما في المرحلة الثانية :  بعد انهيار النظام الاشتراكي  فقد سادت الفوضى والتسيب وغياب القانون  فعمت الفوضى في البلد  فكانت عمليات التخريب   الاقتصادي جارية  وبشكل كبير  والسرقات  وتفشي الفساد المالي والاداري  ، اما في العراق عشنا  في سجن كبير وكما يقول الشاعر مظفر النواب  (سجانا يمسك سجانا ) حالات اقتتال حروب دمار اضطهاد مصادرة الحريات  حتى الشخصية منها حرمان من كل الحقوق ، البطالة ،الجريمة ،الفساد بكل اشكاله و  درجاته  ، الرشوة والانحطاط الخلقي  والتدهور العلمي   .   

منذر كلّه "  في اي مجال كانت رسالتك للدكتوراه وماهي اهم الشهادات التي حصلت عليها ومن اية جامعة ؟
د. جرجيس "بما انني درست في  جامعة بغداد كلية التجارة فواصلت دراستي في رومانيا بنفس الاختصاص كلية التجارة الخارجية  ولمدة اربع سنوات  في مجال  التجارة الخارجية بكالوريس للاعوام (1972 _1976)، ماجستير  في نفس التخصص  للاعوام (1976الى  1978) ( اساليب تطور التجارة الخارجية بين العراق وبلدان دول العالم المختلفة  من السوق العربية المشتركة والدول الراسمالية والدول الاشتراكية ودول العالم الثالث ( دول اسيا و افريقيا و امريكا  اللاتينية) ، شهادة دكتوراة دولة   (p. H. D )في مجال التسويق الدولي والتركيز على طرق استخدام  التقنيات الحديثة في مجال رفع القدرات من الصادرات العراقية  بالتحديد النفط و التمور العراقية باعتباره اول بلد في العالم بانتاج التمور والذي يشكل ثاني مصدر للدخل القومي بعد البترول . 
منذر كله " حسب علمي انك عملت في السنوات الاخيرة في احدى الجامعات العراقية ( في زاخو) كيف كانت الفكرة ؟ وهل انتهى عقدك ؟
د. جرجيس "
نعم لقد عملت في احدى الجامعات العراقية وهذا كان حلم  تمنيت تحقيقه , وهذه الفكرة كانت متبلورة عندي من  يوم سفري الى الخارج  بهدف التحصيل العلمي و  توظيف كل الطاقات و الخبرات المكتسبة  في خدمة  البلد  وهذه الفكرة زادتني اصرارا لاسيما بعد نيل شهادة الدكتوراه وممارسة العمل  لسنوات   طويلة في الجامعات الجزائرية في مجال التعليم الجامعي  فبعد سقوط النظام البعثي الصدامي مباشرة  وبالتحديد في  نهاية شهر نوفمبر من عام 2003  قمت بأول زيارة للعراق بعد غياب طويل  وحاولت تقديم الطلب للتعين في  جامعة بغداد  ولكن بعض  نصحني بعدم المخاطرة  في طلب العمل  في ذلك الوقت   والعودة الى رومانيا  وفعلا تركت البلد  بعد ثلاثة اسابيع ، فيبدو انهم كانوا على دراية بما سيحل في العراق الجديد  ,وكانت تلك الفترة مليئة بالمفاجأت  والاحداث  التي لايحمد عقباها من عمليات خطف القادمين من الخارج لطلب الفدية،
  في عام 2007 عدت من جديد  الى العراق لتحقيق الامنية وقدمت  طلب التعين لرئاسة جامعة دهوك وفي  حينها طلبوا مني  معادلة الشهادة وبما انني كنت لا املك  اية وثيقة او هوية اوشهادة الجنسية العراقية تثبت عراقيتي  اي كنت (مواطن بدون مواطنة) فتركت الموضوع الى ما بعد القيام بانجاز المعاملات  والحصول على الوثائق المطلوبة...لكنني تفاجأت اكثر في طلب الرشوة لانجاز اي وثيقة او  تصديق  اي معاملة مهما كانت .
 في عام 2011  قررت القيام   بانجاز المعاملات المطلوبة  ومن بعدها تم معادلة الشهادة من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في اربيل بعد الانتظار دام اكثر من ثمانية اشهر
قدمت   طلب التعين في جامعة اربيل كلية الادارة والاقتصاد  لا كنني  تفاجأت بقرار الرفض بسب تقدم السن و انا على وشك التقاعد  والوزارة على غير استعداد  لصرف راتب تقاعدي  مقابل خدمة  قصيرة  ,اضافة لعدم ايجادي للغة الكردية   حولت الملف  الى جامعة  جيهان في اربيل وتم الموافقة بعقد تعاون لكن بدون سكن  فامضيت بعض الوقت معهم  وبعدها تركت العمل  لصعوبة الحالة بعدها  التجأت  الى  جامعة زاخو  كلية التجارة والمصارف سابقا ,  وعملت في هذه الجامعة الفتية بكل تفان و اخلاص لمدة ثلاث سنوات وبضعة اشهر استاذ مساعد   . وكان لي بعض النشاطات الملحوظة في الجامعة منها :
قمت  بتدريس ثلاثة مواد اساسية باللغة العربية ومادة التجارة الخارجية باللغة الانكليزية وتدريس  طلبة ماجستير  لمادة التسويق الدولي في جامعة زاخو كلية التجارة والبنوك  واشرفت على رسائل التخرج للطلبة  و عملت في لجنة تقيم ومناقشة البحوث  وتقيم رسالة التخرج لطلبة  الماجستير وطلبة بكلوريوس . 
 عضو مناقش لرسالة التخرج من جامعة الموصل  فرع دهوك للطالب محمد محمود الحمامي  وبعضوية رئيس جامعة الموصل ورئيس اللجنة  الدكتور ابي  الديويجي  وعضوية     الدكتورة ابتسام  كشمولة  والدكتور محمد العزاوي وتقديم بحوث ودراسات في المجلس العلمي  للكلية     مناقشة  وتقيم البحوث العلمية في مجالات  الاختصاص .
تقديم سيمينارات  خاصة  في موضوع الاختصاص والمشاركة الاسبوعية الفعالة في مناقشة وتقيم الدراسات التي  يقدمها الكادر العلمي  في جامعة زاخو،
في عام 2016  قدمت طلب التعين في جامعة نوروز  في دهوك  وفي جامعة  التكنولوجية في دهوك ايضا وتمت الموافقة وقبولي كمحاضر   بسبب ايقاف التعينات من قبل وزارة التعليم العالي في اربيل  فرفضت ذلك  متخذا قرار مغادرة العراق  وبعدها  بفترة اتصل بي هاتفيا الدكتور سمير نعمت عميد كلية الاقتصاد في  جامعة نوروز بضرورة الالتحاق  والمباشرة  لكن  الوقت جاء متأخرا  كان هنالك  بعض  الطوارئ احالت دون  ذلك .
 اما بخصوص انهاء العقد في جامعة زاخو  فكان نافذ المفعول لغاية شهر كانون الثاني من نفس السنة قابل للتمديد   وكدليل على ذلك سجلت المباشرة يوم24/ 8/ 2016 و واستلمت  المادة المقرر تدريسها علما ان عملية توزيع المواد تمت بالاجتماع الذي تراسه عميد الكلية  و جدول الامتحانات والمراقبة و اجريت امتحان للطلبة المعيدين في المواد التي كنت ادرسها  و استمريت في الحضور اليومي الى يوم طلبني عميد جامعة نوروز للالتحاق والعمل في جامعة نوروز ففي حينها علم عميد كلية الادارة والاقتصاد في زاخو  فكان له رد فعل سلبي   فقام بالغاء العقد دون ابلاغي بذلك من تاريخ 20 /7/ 2016  طالبا  من رئيس القسم التوقيع على العقد الا انه رفض ذلك لعدم شرعية القرار  ولحد يوم سفري لن ازود باي كتاب رسمي بقرار الغاء العقد ،من المشاكل التي واجهتها من خلال العمل التدريسي "
افتقار الجامعات الى (النظام البيداغوجي ) التربوي العلمي بما يتماشى مع التطور العلمي والتكنولوجي  وتحويل الجامعات الى  دوائرمجرد لقضاء خدمة ونيل الشهادة باي ثمن كان, فهناك ضعف ملموس  في المستوى العلمي والتكوين لبعض الكادر التدريسي ولغالبية الطلبة  .
تفضيل الكادر غير المتخصص على المتخصص وفق المعاير القومية والعرقية والعشائرية واللغوية والتحسسس من غير الناطقيين باللغة الكردية
اختزال للمواد والبرامج المقرر تدريسها نزولا الى رغبة الطالب.
منذر كلّه "
 ماهو رايك في مستقبل العراق  ، وخاصة بعد نيسان 2003 ، من المعروف ان العراق  شهد احباطا في تطلعات الشعب نحو الديمقراطية المرتقبة  ، وما تؤول اليه الامور بسبب التدخل الامريكي ودول الجوار الملحوظ في شؤون العراق ، وسيطرة الفاسدين على مقدرات الشعب  والدولة والبرلمان وقيادة البلاد  .
د. جرجيس "
عن اي مستقبل تريدني التحدث عنه ؟  مستقبل العراق  يحكمه رجال دين وسياسة  يقدسون الجهل  ويحاربون العلم و العقل؟ بلد يحكمه ( اكثرية فاسدة ينقصها الكفاءة والروح الوطنية )  زرعتهم امريكا و بدعم واسناد ايراني حكومة طائفية قائمة على المحاصصة ومتفقة على نهب المال العام والقيام بتدمير والقضاء على كافة طاقات العراق البشرية التي هي ثروة المجتمع كما يسميها العلامة ابن خلدون , فمستقبل العراق  سيبقى سيئا ما لم  يتم  التصدي للفساد والقضاء عليه والتخلص من المحاصصة الطائفية ، ( لااستقرار ولا تقدم  الا بعد التخلص من هذه  العقول المريضة )والقيام بعملية التغيير الجذري  والاصلاحات التي تشكل  حجر الزاوية  لرسم مستقبل البلد وبناء دولة قوية وتحقيق  العدالة الاجتماعية واستتباب الامن والاستقرار ومكافحة الارهاب  وتامين حاجة المواطن من الخدمات الاساسية  وضمان حقوق الجميع المكفولة دستوريا   ومكافحة الجهل والتطرف  والعصبية القبلية .
 متى  ما يتم ذلك سوف يشهد المجتمع العراقي تحول جديد   و  يمكن القول بان مستقبل العراق سيكون بخير وبحالة جيدة وقد يكون  نموذجا للبلدان الاخرى في المنطقة ,  لكن مستقبل العراق ليس  بيد العراقيين الوطنيين بل بيد رجال السلطة الدينية التي تعلن  ولائها للاجنبي وليس للوطن ، اضافة الى ذلك  فان هنالك دور للقوى الخارجية الاقليمية  والدولية وخاصة للولايات المتحدة الامريكية التي تلعب  دورا رئيسيا في ارساء الوضع ورسم  سياسة التمزق  وعدم الاستقرار  و زرع الفتنة الطائفية في العراق فهي لاتريد ان تعم الفرحة في نفوس البشرية ,   فعلى المدى القريب ليس  من مصلحة امريكا ارساء الامن والاستقرار والبناء والاعمار , فتخيب امال المعتمدين عليها , وهذا ماتؤكده  تصريحات كيسنجر  مهندس السياسة الدولية الشريرة  بالنسبة للعراق عامة والشرق الاوسط  خاصة قائلا   : لامصلحة لنا بابقاء  العراق موحدا مازال هنالك سياسيون يساندون مواقفنا وينفذون مخططاتنا وسياساتنا ، لكن بعد الانتهاء من خارطة الطريق والقيام  بعقد اتفاقية جديدة( سايكس بيكو ثانية) لربما ستحدث تحولات جذرية  في طريق انهاء الحالات الاستثنائية .
الكل كان يأمل خيرا بعد سقوط النظام  عام (2003 ) وكنا ننتظر شكل العراق الديمقراطي الجديد لكن للاسف لااريد ان اكون متشائما لامستقبل لاهل العراق ضمن  تشكيلة حكومة  ولائها للاجنبي ،  حكومة طائفية قائمة على المحاصصة  والطائفية والفساد ومتفقة على التخريب والتدمير والنهب والسلب لخيرات العراق.

                                               
منذر كلّه " كيف تجد برايك مستقبل شعبنا ( كلداني آشوري سرياني ) ، كسياسي ومراقب ومتابع للوضع العام في العراق "
د. جرجيس " 
المسيحيون في العراق هم محنة الحاضر وقلق المستقبل في ظل الظروف التي يمر بها العراق  ولا سيما اذا وقع النزاع بين الحكومة الاتحادية و الاقليم ،
    من المؤسف جدا ان نرى ونشاهد اليوم هذا الشعب الذي كان في الماضي شعبنا عظيما  واليوم يتبعثر ويندثر   بالرغم من اننا  جزء من  الشعب العراقي الذي اصابه عدوة الفتنة الطائفية  و يتعرض الى دسائس  ومؤامرات بهدف  تدميره والقضاء عليه  ,فعدوة الفتنة الطائفية انتقلت الينا بهذا القدر او ذلك والدسائس قائمة لتقسيم شعبنا المسيحي  ايضا   بمباركة من اصحاب  النفوس الضعيفة  وذوات  المصالح  الشخصية الضيقة  من رجال السياسة الذين يدعون بأحقية  تمثيلنا في المنابر المحلية والدولية  , وعليه  لابد من الاشارة  الى الدور المتعصب السلبي من قبل رجال الدين المسيحيون انفسهم  ومن جميع الطوائف المسيحية دون استثناء ,  بسبب جهلهم وتعصبهم الاعمى  فالكل يتحمل المسؤولية  التاريخية لهذا التدهور الذي اصابة المسيحيين في العراق  من حالات التشرذم  والانقسام والهجرة    الافضل    توحيد الصف المسيحي  وترسيخ الوحدة بين مكوناته  بدل من زرع الفتنة  و التفرقة  والانقسام   بين الطوائف المسيحية وعدم التجاوز و الغاء و تهميش دور الاخرين لان للكل دوره التاريخي  في صنع الحضارة  , ففي ظل  هذا السلوك والعقليات الجامدة والتصرفات الغير مسؤولة تجاه شعبه لا ارى مستقبلا  زاهيا و لا اية مبادرات لايقاف نزيف الهجرة  ,وحماية ما تبقى  من ابناء شعبنا الكلداني الاشوري السرياني المسيحي  وضمان حقوقهم كما هو منصوص عليه في الدستور  , فعلينا مناشدة المجتمعات الدولية ومنظمات حقوق الانسان  في العالم  وبالضغط على الحكومات القائمة   لحماية الاقلية المسيحية و الاقليات الاخرى في البلد   اضافة الى ذلك فعلى الجاليات العراقية المتواجدة في بلدان المهجر ذات النفوذ الكبير  ان تلعب دورها وتمارس كل الاساليب الشرعية من اجل تثبيت حقوقنا في البقاء على ا رض الوطن  .وعلى الجميع التكاتف وتوحيد المواقف المصيرية في اتخاذ القرارات في صالح ابناء شعبنا المسيحي  فبدون شك ان وحدتنا ستكون مصدر  قوتنا وهيبتنا في فرض ارادتنا وتحصيل  حقوقنا وعكس ذلك  نحن مهددين بالانقراض والزوال من ا رض اباءنا و اجدادنا ..
الخاتمة "
د. جرجيس "    القوش لها خصوصياتها   تميزها عن باقي البلدات الاخرى في عموم بلاد الرافدين  وعن بلدات سهل نينوى  في مجالات كثيرة حضارية ثقافية  او من العادات و التقاليد   ,القوش جسدت فينا  شخصية الانسان الكامل المتكامل من جميع جوانبها   ,رسخت فينا القيم  و الاخلاق النبيلة و الوفاء والصدق و الامان والمحبة والتفاني والوحدة والتعاون فيما بيننا   ولا سيما  اثناء الشدة مهما كنا مختلفين ومتباعدين والتاريخ شاهد على ذلك  , القوش علمتنا  الكرم  وحسن الضيافة  والشهامة ونكران الذات  ,وجسدت فينا الرجولة بكل معانيها الصمود و التصدي  وتحمل المصاعب  ومقاومتها .  ففي الامس القريب  عندما حاولت  مجموعة من  المرتزقة الأيزدية  و بدعم من  سلطة الحكومة المحلية بالاعتداء عليها ومهاجمتها  و بدون سابق انذار,  فكان رد  فعل الاهالي  سريعا و من مختلف  الاتجاهات السياسية ,و الاجناس و الاعمار رجالا ونساء  الذي كان لهن دورا  رائدا  و مشهود افي  الوقوف بوجه المعتدي والسلطة  في القوش  كما ان لا ننسى  دور رجال الدين والمقاتلين الشيوعيون في حركة الانصار  اللذين وقفوا موقف الرجل الواحد في الدفاع عن القوش وطرد  الغزاة , ولا يفوتني  ان اذكر موقف اهالي القوش في المدن  الاخرى وفي الخارج  ومدى تسابقهم في تقديم  المساعدات والدعم المعنوي والمادي  و ابداء الرغبة في التطوع و  الالتحاق  ب اخوانهم المقاتلين في القوش دفاعا عنها ,  لطرد ودحر المعتدي باسرع  وقت  وهذا ما تم فعلا بفضل  التلاحم  و الوحدة التي هي دائما مصدر القوة وسر النجاح والانتصار ,
اما اذا اردت التحدث عن خصوصيتها الثانية هي كثرة معالمها الدينية و الاثرية من عدد الكنائس و الاديرة والمزارات الاخري  المتواجدة فيها   ومرقد النبي ناحوم , وهي  معروفة و مشهورة بالمبشرين الذين  قصدوها ونجحوا في حملاتهم التبشيرية و اسسوا وبنوا معالم عبادة دينية  فيها  ,  وفيها منابع المياه  والكهوف والمغارات الشهيرة والتي الكثير منها غير معروفة لاهلها  وهنالك الخصوصية العلمية  والثقافية التي انجبت كوادر علمية مثقفة ورجال دين  ووجهاء  كثيرين . القوش كانت ولا تزال  حاضنة وحامية لكل  المحتاجين  والمضطهدين ولكل من قصدها  وطلب منها


غير متصل منذر حبيب كله

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 114
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الخاتمة "
د. جرجيس "    القوش لها خصوصياتها   تميزها عن باقي البلدات الاخرى في عموم بلاد الرافدين  وعن بلدات سهل نينوى  في مجالات كثيرة حضارية ثقافية  او من العادات و التقاليد   ,القوش جسدت فينا  شخصية الانسان الكامل المتكامل من جميع جوانبها   ,رسخت فينا القيم  و الاخلاق النبيلة و الوفاء والصدق و الامان والمحبة والتفاني والوحدة والتعاون فيما بيننا   ولا سيما  اثناء الشدة مهما كنا مختلفين ومتباعدين والتاريخ شاهد على ذلك  , القوش علمتنا  الكرم  وحسن الضيافة  والشهامة ونكران الذات  ,وجسدت فينا الرجولة بكل معانيها الصمود و التصدي  وتحمل المصاعب  ومقاومتها .  ففي الامس القريب  عندما حاولت  مجموعة من  المرتزقة الأيزدية  و بدعم من  سلطة الحكومة المحلية بالاعتداء عليها ومهاجمتها  و بدون سابق انذار,  فكان رد  فعل الاهالي  سريعا و من مختلف  الاتجاهات السياسية ,و الاجناس و الاعمار رجالا ونساء  الذي كان لهن دورا  رائدا  و مشهود افي  الوقوف بوجه المعتدي والسلطة  في القوش  كما ان لا ننسى  دور رجال الدين والمقاتلين الشيوعيون في حركة الانصار  اللذين وقفوا موقف الرجل الواحد في الدفاع عن القوش وطرد  الغزاة , ولا يفوتني  ان اذكر موقف اهالي القوش في المدن  الاخرى وفي الخارج  ومدى تسابقهم في تقديم  المساعدات والدعم المعنوي والمادي  و ابداء الرغبة في التطوع و  الالتحاق  ب اخوانهم المقاتلين في القوش دفاعا عنها ,  لطرد ودحر المعتدي باسرع  وقت  وهذا ما تم فعلا بفضل  التلاحم  و الوحدة التي هي دائما مصدر القوة وسر النجاح والانتصار ,
اما اذا اردت التحدث عن خصوصيتها الثانية هي كثرة معالمها الدينية و الاثرية من عدد الكنائس و الاديرة والمزارات الاخري  المتواجدة فيها   ومرقد النبي ناحوم , وهي  معروفة و مشهورة بالمبشرين الذين  قصدوها ونجحوا في حملاتهم التبشيرية و اسسوا وبنوا معالم عبادة دينية  فيها  ,  وفيها منابع المياه  والكهوف والمغارات الشهيرة والتي الكثير منها غير معروفة لاهلها  وهنالك الخصوصية العلمية  والثقافية التي انجبت كوادر علمية مثقفة ورجال دين  ووجهاء  كثيرين . القوش كانت ولا تزال  حاضنة وحامية لكل  المحتاجين  والمضطهدين ولكل من قصدها  وطلب منها ذلك  فقدمت  لهم كل الدعم والمساعدة  والتاريخ  شاهد على ذلك  من المذابح التي  الحقت با بناء شعبنا المسيحي في القرن الماضي واحتضانها  في الفترة الاخيرة لاهالي القرى المجاورة اثناء سقوط الموصل بيد تنظيم داعش الارهابي  وحتى الكثير من  العوائل من سكان الموصل (من العرب والمسلمين )   الذين قصدوها وطلب النجدة والاحتماء فيها.
 فالقوش  بحاجة الينا للحفاظ عليها  وحمايتها من شر الاعداء والدفاع عنها   والتضحية من اجلها  , فهي من ضمن ثلاثة اشياء يجب الحفاظ عليها (  الدين  و  الشرف  و الارض )  فهي تحتاج الى من يجلس تحت ظلها ويستنشق هواؤها ويشرب من  مياهها, ويأكل من خيراتها  .
القوش كانت منذ القدم  مستهدفة  وتعرضت الى  غزوات واعتداءات  في  كل الازمنة  والعصور السابقة لكنها صمدت وخيبت امال المعتدين ،  والكل يتذكر بعد قيام الحركة الكردية المسلحة نوايا  الحكومات الرجعية ومرتزقتها   وحتى من قبل بعض العناصر  الحاقدة القيام بمحاولات  يائسة  لتخريب البلدة وتهجير سكانها  كبقية القرى  الاخرى في شمال العراق الا ان صمود اهلها  ومقاومتهم لكل  طارئ  افشلت تلك المخططات,علما انه كان لالقوش دورا مميزا لدعم الحركة الكردية منذ اندلاعها الى يومنا هذا وقدمت كل اشكال الدعم المادي والعسكري لها وتعرضت الى الحصار الاقتصادي والاضطهاد بسبب مواقفها هذه وزج عدد كبير من ابنائها في سجون الانظمة الرجعية البائدة وقدمت قافلة من الشهداء وكان اولهم الشهيد حميد الياس حنو.
كشاهد عيان  على مواقف الحكماء في الدفاع  عنها و حمايتها ,عندما اصطدمت قوة الامن والمرتزقة من الجحوش في القوش مع بعض انصار الشيوعيون في عام1971 ومحاولة القيام باعتقالهم,  فتم الانسحاب  من داخل البلدة تجنبا لاي  تصادم عسكري   وذلك لتفويت الفرصة على المخربين  تجنبا من قصفها من قبل القوات الحكومية    وعن طريق الصدفة كنت برفقة  المرحوم خالي  اسطيفان كجو الثاني في جولة سياحية لمنطقة زاخو  فالتقينا  مع ابا جوزيف  ومعه  عدد من  مرافقيه والمرحوم لازكين جركو الذي نقلهم في سيارته البك اب الى مطرانية زاخو   بضيافة المرحوم مثلث الرحمة المطران يوسف بابانا وقص على الحاضرين الموقف وطلب تدخل الحكومة المحلية في دهوك  من محافظ دهوك (هاشم عقراوي) الا ان موقفه كان غير  متجاوبا  وجاء مباشرة ليتصل  بامر هيز المنطقة (عيسى سوار) وتم الاتصال به من المطرانية  وطلب من ابا جوزيف الذهاب الى مقره واللقاء به  وفعلا تم اللقاء ونحن كنا لازلنا ننتظر عودته من هنالك   وبعد بضعة ساعات عاد ابا جوزيف الى المطرانية  ليخبر سيادة المطران بابانا بما جرى من حديث  و موقف   الذي  طلبه عيسى سوار من ابا جوزيف باخراج عائلته والعوائل المقربة له    لشن الهجوم على القوش  فكان موقف ابو  جوزيف بالضد  من  ذلك  و رفض الهجوم عليها وضرب  مركز الشرطة ومقر الامن لان هذا ما تريده الحكومة لتبرير هجومها وقصفها للبلدة
منذر كلّه "
عزيزي دكتور جرجيس  كلمة اخيرة  توجهها للقارئ الكريم   
د. جرجيس " في البداية اشكر القارئ على حسن المتابعة وله حرية   ابداء الرأي  او التعليق  او رفض اسلوب السرد لبعض الوقائع بكل حرية  لكن بموضوعية  وصدق , دون  التجاوز على الرأي الاخر وبنفس الوقت انا اعتذر من القارئ اذا كان هنالك نوع من الاسهاب  في بيان وجهات النظر او في عكس وقائع الحدث في مواضيع معينة  او عبارات او جمل في غير موضعها,  الاستفادة من التجارب  والعبر من الماضي لحماية  الحاضر وبناء المستقبل و اتمنى من القارئ ان يكون رسولا في عكس ما يراه جيدا في توعية الشباب  الغارق في احلام  و اوهام الهجرة  و الغاء  فكرة  الهجرة من عقولهم لان الهجرة ضياع   والتمسك  بالقيم و الاخلاق النبيلة والبقاء في ارض الاباء و الاجداد   بالرغم من هذه الظروف الاستثنائية الصعبة  التي نعيشها  علينا الصبر والتحمل  ,  وعلى ممثلينا في مجالس المحافظات و البرلمانيين   ورجال الاعمال  في  الداخل و  الخارج والمزارعين  توظيف رؤوس اموالهم كمستثمرين , و انشاء تعاونيات زراعية  ,   لخلق فرص عمل ووظائف و  استقطاب العاطلين عن العمل  وضمان  حياتهم المعيشية  و ايقاف نزيف الهجرة  ,وعلى الكنيسة والمجلس البلدي وادارة الناحية تكثيف الجهود في تقديم المزيد من الدعم وتوفير كافة مستلزمات البقاء لابناء شعبنا القادمين من المدن الاخرى ، كما لايفوتني التذكير والاشادة بدور الكنيسة ورجال الدين واللجان التي شكلتها لاحتواء الازمة اثناء احتلال داعش للموصل وقرى سهل نينوى من احتضان مئات العوائل وتقديم كل اشكال الدعم والمساعدات والخدمات وبدون استثناء لكل من قصدها من المسيحيين والمسلمين  .
 وما اتمناه من اخواننا و ابنائنا في المهجر الكف عن  بث  الدعايات  لتشجيع  الهجرة   واعتبار الخارج هي الجنة   الموعودة  .
وعلى جاليتنا في الخارج  وجميع الاباء و الامهات  التثقيف وتوعية ابنائهم و احفادهم بحضارتنا و  بمعالمنا الدينية  ومدينتهم القوش  .
و اخيرا نبارك جهود كل الخيرين وكل من قدم ويقدم خدمة انسانية مهما كان حجمها لابناء بلدتنا ، العمل على تقوية عزيمة الشباب في البقاء في بلدتهم  من خلال  اقامة مشاريع استثمارية تنموية صغيرة او كبيرة .
منذر كلّه
في الختام اقدم خاص شكري وامتناني للاخ العزيز  د. جرجيس للتعاون والمرونة لتحقيق هدفنا في موضوع اللقاء  ، واتمنى ان نكون قد وفقنا بهذا اللقاء والحوار الثقافي ،  واضفنا مذكرات جديدة ( رغم الاطالة والاسهاب ، تم الاعتماد على الاختصار الشديد )  و اصبحت متاحة للقاريء الكريم وللمهتمين من ابناء البلدة . ولكم جميعا اعزائي تحياتي القلبية .
القوش في 5/9/2018
بوخاريست في  5/9/2018




غير متصل شوكت توســـا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2242
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ألسيد منذر كلله المحتــــرم
تحيه طيبه /ومن خلالكم احيّي الصديق العزيز الدكتور جرجيس ختي المحترم
كما ارجو المعذره عن تأخري في  الاطلاع على هذا اللقاء بسبب ظروف خاصه,  وهي بلاشك سبب تاخر مشاركتي في هذه الاسطر المتواضعه .
حقيقة ً عبارة الشكر والتقدير  قليله في تقييم عرض مثمر كهذا يتعلق بشخص الاخ  د.ختي وبمحطات حياته  الدراسيه والاجتماعيه والسياسيه  التي فاق فيها المؤلم على ما يتمناه  المرء لنفسه ولأهله .
 كنت شخصيا ولا زلت أعتز بصداقتي المتواصله  مع الدكتور جرجيس منذ ايام الدراسه المتوسطه في بدايات ستينات القرن الماضي  ولحد هذا اليوم,خاصة وقد تطورت عفوية  تلك الصداقه مع الزمن الى وشائج عائليه زاد من آصرتها الملح والزاد والاحترام المتبادل التي جعلتني  في وقتها إبنا وأخا في عائلة بيت المرحوم يونس ختي  .
نعم اصاب علاقتنا الاخويه أنقطاعات فرضتها الظروف بعد تخرجنا من الثانويه, حيث توجه  كل منا الى الدراسه في محافظه معينه وبسبب ذلك تقلصت لقاءاتنا  وأقتصرت على لقاءات شحيحه  او على تناقل الاخبار  عبر  افراد العائله, فكنت من ناحيتي والكلام ما بعد 1970, اتابع اخباره  التي كان معظمها حول رغبته الدراسيه التي استقر فيها بالنهايه  على السفر الى الخارج , وقد تم له ذلك في  رومانيا بزماله عن  طريق الحزب الشيوعي فإنقطعت عني اخباره  بسبب الظروف الامنيه السائده حينها..
نعم, كان زوال نظام صدام حسين في 2003 ,بمثابة أمنيه تمناها  المحبون للحرية على امل اشراقة اليوم الذي يستطيع فيه  الدكتور جرجيس  والمئات بل الالاف من الكفاءات العراقيه المهجرّه قسريا والمهاجره  العوده الى الوطن الام وتعويض ما فاتهم من حرمان  المشاركه في  بناء  وطن حر يليق بمعانات نضالات  ابنائه وتطلعاتهم المشروعه في حياة حره وكريمه  افتقدوها طيلة عقود حكم الانظمه الديكتاتوريه , فكان للدكتور جرجيس  ان جرّب حظه في  قرار عودته  بعد 2003  بحثا  عن الفرصه  التي افتقدها طوال سنين لا بل عقود,وقد جاء تحقيق رغبته متأخرا كما تفضل بسبب العراقيل  والموانع التي وضعت امامه وامام الكثيرمن الذين فضلوا العودة الى الوطن من اجل خدمته ورفع شأنه, وكما هو معلوم عن صنف العقليات التي تولّت ادارة حكم  العراق ما بعد صدام , فقد جعلتني  وجعلت الكثيرين يعتقدون ويتيقنون  بان امثال الدكتور جرجيس وهم كثر سوف يلاقوا الكثير من المتاعب في عملهم سواء في مؤسسات  جامعات بغداد او اربيل ودهوك ,وقد تحدثت قبل اربعة اعوام  مع الدكتور في احدى لقاءاتي به في القوش بخصوص هذا الموضوع , واتفق كلانا على أن الطائفيه المتطرفه والعنصريه القوميه تشكلان متلازمه  مقيته اشهرها المحتل في خطة احتلاله  مشددا ً على استخدامها في تقييس واختيار نوع الحاكمين ما بعد صدام , فكان الفساد بكل انواعه هو المحصله القاتله التي صدعت رؤوس وعقول كل النجباء المحبين لوطنهم والساعين باخلاص  لخدمة شعبهم, فلا تقهر يا صديقي الطيب ( ججو) , لأن حالك لا يختلف عن حال المئات الذين عادوا للعراق ثم تركوه  ثانية ً بعد الصدمات النفسيه التي لاقوها جراء قوانين نظام حكم العشيره و الطائفه والمحاصصه الفاسده,,,
 بلا شك اخي وصديقي العزيز جرجيس, كونكم ابن عائله عرفناها من خلال حزم تعاملها  الانساني الصادق مع الارض في  أجواء المواسم ومناخاتها  المتقلبه , لا استغرب إهتمامكم وقلقكم الجلّي على مستقبل ومصير ابناء شعبنا ( الكلدواشوري السرياني) في العراق خاصة المتبقين منهم في بلداتنا , فبسبب الويلات التي خلفتها عنجهية الانظمه الفئويه الفاسده  واذرع صراعاتها المتمثله حاليا بالميليشيات والقاعده والدواعش, نتكلم  اليوم عن عراق خلت فيه محافظات عديده من ابناء شعبنا بسبب  مشاريع رجالات المشايخ من قوميين شوفينيين ومتدينين طائفيين التقت مصالحهم  مع فوضى التخريب الذي صنعه الدواعش,حيث بفوضتها وعنجهيتها سعت الى قلع المتبقين من ابناء شعبنا  في بلداتنا التاريخيه.
أخي د. جرجيس ,جنابكم الأدرى باننا نحن اليوم نواجه واقع حتمي لمصائر الشعوب التي  تبني امالها واحلامها الوهميه  على ثنائية البدع الفكريه الغيبيه اللا ماديه  التي لا تغني ولا تسمن  وعلى التطبيل لشوفينية مشاريع التوسع القومية , مما يجعل كل ما يدب على الارض  لقمه سائغه في افواه  الطامعين.نعم وحديثنا عن شعب موجود منذ الاف السنين في هذه الأرض المتمثله في سهل نينوى على سبيل المثال, قاسى شتى الويلات والنكبات التي  شهدنا  قسما من تفاصيلها في الستينات والسبعينات والثمانينات, كان  المؤمل من نخبه وطلائعه السياسيه المثقفه الحاليه, أن تتسلح باكتساب ادنى ما يمكن من خبره  تسعفها في مجابهة  جدائد المظالم المستحدثه, لكننا مع الاسف  لم نحضى ولو بالقليل مما نتمناه , ولم نتلمس  اي اقتداء او استرشاد حقيقي من ماساة الاسلاف و تجاربهم ومنهم طيب الذكر ابو جوزيف  صاحب التجربه النضاليه القاسيه  في دفاعه عن شعبه بالدرجه الاساس, وهو المعروف عن مدى حبه لشعبه الذي احتضنه في نضاله السلبي خاصة اهل بلدته العزيزه القوش, هكذا ومع الاسف اخي جرجيس  تكون ملامح الخيبه شاخصه  وماثله دائما امام الشعوب المصابه   بالخدر والخمول الفكري المدمن على التزامط والثرثره حول الموائد وفتاتها ,كيف لنا اذن  عزيزي ججو ان نتأمل الخير واصوات رجال الدين المذهبيين باتت هي الصادحه في منابر النضال  السياسي, وهي التي تحكي عن انفراد تمثيلها لشعبنا وطنيا وقوميا؟ هل هناك خيبه  اقرف من هذه؟
ختاما  شكرا لكم استاذ منذر, وشكري ومحبتي للصديق  العزيز دكتور جرجيس ختي , والمعذره عن اطالة مداخلتي حيث هناك الكثير الذي يتوجب قوله لكن المقام يفرض علينا الاكتفاء  بهذا القدر متمنين لكم الصحة والعافيه ,,,
تقبلوا خالص شكري وتحياتي

غير متصل منذر حبيب كله

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 114
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الصديق العزيز شوكت توسا المحترم
تحية طيبة 
شكرللرد على الحوار الثقافي مع د .جرجيس يونس ختي المسهب والرصين بالرغم من ظروفك الخاصة ، اتمنى لك كل الخير والصحة والعافية ،
كان ردك بمثابة  وضع الدواء على الجروح ، فيما يخص معاناة اهلنا في الداخل والاسباب او المعوقات التي تقف امامهم لعدم العودة الى ارض الوطن ، ومحاولة  د. جرجيس اكبر دليل   ، وردك في الحقيقة كان بمثابة مداخلة  رائعة واضافة راي محترم للوضع الحرج للعراق وخاصة مستقبل شعبنا (الكلدواشوري السرياني ) ،
واكرر شكري وتقديري لشخصكم الكريم لما ورد في ردكم الواقعي الذي اغنى موضوع حوارنا واضاف اليه ملاحظات يمكن قد فاتتنا لتشعب حوارنا وللمادة الغنية  والمواقف والاراء التي كانت في جعبة د. جرجيس
ولك خالص شكري واحترامي
منذر كلّه / القوش في 26/9/ 2018