المحرر موضوع: الاورام السياسية الخبيثة  (زيارة 783 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل زيا ميخائيل

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 26
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الاورام السياسية الخبيثة
« في: 11:43 09/09/2018 »


الاورام السياسية الخبيثة

كما هو الحال في الطب ووجود امراض خبيثة, تنشأ وتنتشر بسبب ضعف المناعة الذاتية للجسم, ويصعب معالجتها بالادوية التقليدية بل تعالج بالاستئصال او المكافحة بالكيمياوي, توجد ايضا في المجتمعات اورام سياسية تعيش وتقتات على اجساد مجتمعات تعاني اصلا من ظلم وليس لها انظمة تحميها من هذه الاورام.
وعادة تبدا هذه الاورام (السياسية) بخلايا خبيثة وفردية تخدع المجتمعات بشعارات وافكار تحقيق تطلعات وامال هذه المجتمعات وتخترق مؤسسات هذا المجتمع السياسية او الدينية او الاجتماعية وكل حسب كمية الاستفادة منها, وبعد ان تجد لها موطأ قدم, تنتهز الثغرات في انظمة تلك المؤسسات للتغلل وتثبيت نفسها اولا ثم تبدأ عملية الانشطار والتكاثر, وكلما كثرت كونت ورم خبيث صغير نسبيا, يبدأ بتغير انظمة هذه المؤسسات ليتسنى لهذا الورم التوسع اكثر ويطرد كل خلية سليمة غير مصابة او يخنقها لتذبل مع الوقت وتتحول المؤسسة بالتالي الى ورم خبيث تخدم من زرعه, غريبا كان او من المنتفعين, وتقتل جسد هذه المجتمعات وتبقيها مريضة خاضعة لتوجهات هذه الاورام السياسية او لاصحابها او اسيادها الذين زرعوا هذه الخلايا لتصبح يوما ورما خبيثا يخدمهم.
واليوم وما نراه في البصرة هو نتائج طبيعية ونهائية لكبر حجم هذه الاورام السياسية وعدم كفاية جسد المجتمع البصري لتحمل اقتتات وصراع هذه الاورام على خيراته, رغم ان خيرات البصرة تكفي لاعالة دول بالكامل, وصراع هذه الاورام بينها وجشعها ادى الى  قتل المجتمع وتجويعه وقتله بالعطش والامراض والتسمم, ولا توجد علامة واحدة على التراجع من قبل تلك الاورام السياسية, كما هو الحال بالاورام الخبيثة في جسم الانسان المصاب تستمر بالانتشار والتوسع الى ان تقتل هذا الانسان.
وهكذا انتفض المجتمع البصري بعد ان نفذ صبره وتحمله للاوضاع المزرية التي وصل اليها, وبعد ان توصل الى قناعة  كاملة بان الحل هو استاصال هذه الاورام التي قتلت كل شيء صحي في مجتمعهم, بالرغم انهم تأخروا كثيرا وعملية الاستأصال ستكون مكلفة ونسبة نجاحها غير مضمونة بسبب تغول هذه الاورام وتغلغلها في المجتمع, لكن غضب الشعوب لا تضمن نتائجه, ويكفي جرأة الرفض للواقع المرير والوقوف امام هذه الاورام ومالها السياسي وماكنتها الاعلامية وقوة الترهيب بالسلاح وتحويل الواقع من تسيد هذه الاورام على امور المجتمع البصري الى رعب هذه الاورام من الاستأصال والمكافحة والمطاردة, وانسحاب اسيادها الداخلية والخارجية من المشهد البصراوي, وهذا درس لها من جهة وللمجتمع البصري من جهة اخرى ليؤمن نفسه من هذه الاورام مستقبلا.
ولتشخيص وحماية المجتمعات من هذه الاورام السياسية الخبيثة هي تشبه بالضبط عملية التشخيص الطبي للاورام الخبيثة في جسم الانسان, فكل خلية في الجسم لا تعمل عملها وواجبها في الجسم تعتبر خلية سرطانية ومسببة لورم خبيث مستقبلا, ويحمي الجسم نفسه بحصر هذه الخلايا وفرزها ثم بالتخلص منها قبل ان تضع لها موطأ قدم وتستفحل وتتحول الى ورم, وهذه المكافحة تاتي بوجود نظام صارم في الجسم لا يجامل الخلايا الشاذة ويتركها لوقت اخر, بل يقضي عليها فورا, وكذلك لمكافحة الاورام السياسية يمكن تشخيصها بنفس الطريقة, فاي فكر سياسي يخرج عن الخطوط الحمراء للمجتمع ويحاول ان يشرع الفعل الخاطيء ويخطأ الفعل الصالح, ويبجج بالشعارات لايهام المجتمع ويجامل اعداء المجتمع ويغير اهدافه وبالتالي يؤدي الى تراجع في حقوق المجتمع ويكثر الظلم والجور على المجتمع كلما كبرت هذه الاورام, وتبرير الفشل بنظرية المؤامرة وحجج زائفة لاخفاء اخفاقاته وفساده, وزيادة الصراعات داخل المجتمع التي تؤدي الى امراض اجتماعية وسياسية ودينية, وزرع ثقافة انتفع واسكت لاكمام الافواه وبالتالي جعل المجتمع راضخ وراضي بكل ظلم وتجاوز على حقوقه بل لايجرأ على المطالبة بابسط حق او بتمثيل صحيح له.
وللتخلص من هذه الاورام يجب ان يكون بطريقة التقليدية وهي الاستأصال, لانه لم يثبت ليومنا هذا ان الاورام ممكن ان تعالج وارجاع الخلايا الفاسدة الى طبيعتها الصحية, لذلك تستأصل وتكافح وتزال نهائيا من الجسم لتبقي على الانسان حيا, وكذلك الحال في ابقاء المجتمعات حية وصحية وتؤدي واجبها وتاخذ حقها ومركزها في باقي المجتمعات والشعوب, عليها ان تتخلص وتستاصل كل فكر منحرف وفاسد قبل ان يتحول الى ورم, وعلى المجتمعات ان تصم اذانها من شعارات رنانة وخاوية, وتفتح عيونها على افعال ونتاج هذه الاورام الخبيثة وتقيم اذا كانت هذه الاورام تحاول حرف المجتمع عن هويته وتحويله الى مجتمع قابل بالواقع مهما كان وذلك بزعزعة الثقة بنفسه والارتضاء بمنافع شخصية اوبفتات من المتسلطين عليه.
ووسيلة دفاع المجتمعات كما هي وسيلة دفاع الجسم الصحي ضد الخلايا والاورام الخبيثة, فالمجتمعات يجب ان تمتلك طبقة واعية بتاريخها ومثقفة ولها جرأة التشخيص الصحيح وجرأة مكافحة الخلايا الملوثة أو استأصال الاورام السياسية في حال استفحالها, وهذه الطبقة الواعية هي المسؤولة عن حماية المجتمات وتقوية مناعته ضد هذه الاورام, اذا كانت داخلية وليدة اطماع شخصية بالجاه والسلطة او اذا كانت خلايا خبيثة مزروعة من الغرباء لقتل المجتمع تاريخا وثقافيا والقضاء على وجوده. وهذه الطبقة لا تستطيع ان تقوم بهذا الدور, مالم تتفاعل مع بعضها البعض وتضع اسس العمل المشترك بكل مفاصل المجتمع وتحصن نفسها من التلوث بالخلايا الفاسدة, لكي تستطيع يوما ان تواجه الاورام الخبيثة وتقلعها من جذورها.

زيا ميخائيل