المحرر موضوع: مأثرة شباب مدينة خانقين  (زيارة 618 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل محمود الوندي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 159
    • مشاهدة الملف الشخصي
مأثرة شباب مدينة خانقين
« في: 12:06 09/09/2018 »
مأثرة شباب مدينة خانقين

محمود الوندي

عاش الشعب العراقي تحت القمع البعثي منذ ان استلم السلطة مرة اخرى عام 1968.. وحّول جميع مؤسسات المجتمع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى الدينية الى مؤسسات أمنية تابعة للنظام الحاكم للسيطرة على مقدرات المجتمع العراقي من خلال ممارسات قمع بوحشية لكي تقتل امل العيش والحرية لدى الناس.. وفقدان الثقة بين العراقيين، بحيث لا يستطيعون العمل معا وتجلى ذلك في تحدي العراقيين في هز اركان ومن ثم الى سقوط النظام البعثي.وكان الشعب الكوردي في مقدمة الشعوب التي تصدت لدكتاتورية البعث من خلال قيامه للحركة المسلحة ولترسيخ وجوده المشروع على ارض اجداده التي حولتها القوى الاستعمارية الى اجزاء مقسمة على الدول التي خدمت مصالحها، ولم يكتف الشعب الكوردي بالنضال المسلح في ترسيخ وجوده وانما التجأ الى الطرق السلمية وللغة الحوار لنيل وتثبيت حقوقه المشروعة وفق مباديء القانون الدولي. وقد تمخض نضاله المسلح الى توقيع اتفاقية سلام مع قيادة النظام العراقي ومنها اتفاقية 11 اذار في عام 1970.. وبعد مرور اربع سنوات على توقيع الاتفاقية وتنصل القيادة العراقية من تنفيذ ها، والغاء الاتفاقية المذكورة وبدء الصراع المسلح بين القوات الكوردية وقوات النظام ليتحول الى صدام مسلح بينهما. بدل اعترافه بحقوق الشعب الكوردي المشروعة. وإيقاف الحرب المدمرة معه، شرع النظام الى اتخاذ اسلوب آخر لحسم المشكلة هو تنازله المهين عن نصف شط العرب ومئات كيلو مترات من الآراضي العراقية الى الحكومة الإيرانية. مقابل فشل المقاومة الكوردية من خلال توقيع اتفاقية الجزائر 1975. بعدها عاشت كوردستان تواجدا عسكريا حكوميا مكثفا وتوترا لمنع نشوء بوادر الحركة الكوردية المسلحة، ورغم بطش النظام ووحشية اساليب اجهزته القمعية ظهرت مرة اخرى طلائع المقاومة الكوردية في جبال كوردستان الشماء .
وفي ظن النظام الفاشي كان يتوقع انه قضى على طموحات الشعب الكوردي من خلال تلك الاتفاقية وتنازلاته المشينة للحكومة الإيرانية. واخذ يحتفل بهذا الانتصار سنوياً وتضامناً مع ميلاده في كل سنة.
في ليلة 7 نيسان عام 1977 التي تصادف عيد ميلاد حزب البعث وكعادته يحتفل العراق في هذه المناسبة كل عام. ومن الطبيعي تحتفل حزب البعث في مدينة خانقين ايضاً حالها حال بقية المدن العراقية. وأخذ الحزب تزين شوارع وازقة مدينة خانقين، بلافطات تعبر عن شعارات الحزب، وتهيأ الى حفلات لليوم الثاني. لقد بادرت مجموعة من شباب المدينة الذين كانوا في التنظيم السري الجديد. قيامهم بعملية تمزيق اللافطات تحديداً للنظام.. واجتمع كل من الصحفي علي مراد ميخان (روز نامه نووس) ونبيل محمد حسين والشهيد عبد الكريم شكر. ودرسوا الموضوع جيدا من كل الجوانب ووضعوا خطة محكمة لتجنب الفشل عملهم. وفي حالة كشف أمرهم حيث حددوا أن يلتجؤوا الى بستان المرحوم أحمد قنة. وكان المكان أوفر وأمن لهم وأبعاد شبه عن عوائلهم. ويكون الانسحاب خلال فروع المدينة واحيائها صوب نهر الوند وثم طرق البساتين لاخفاء انفسهم وعدم وقوعهم في قبضة الأجهزة الأمنية او الحزبية.
لقد حددوا ساعة في منتصف الليل لبدأ العمل مع حلول ظلام دامس بعد حصولهم على دبة بلاستك سعة خمسة لترات من التيزاب من محل والد نبيل (كون والده يداول مهنة بيع البطاريات والتيزاب) ومع آلية رش المبيدات، ولحسن الحظ كانت زغات مطر خفيفة تسقط في تلك الليلة، مما كانت تساعدهم لأتلاف اللافطات.. وانطلقوا لتنفيذ العملية. لقد قاموا رش التيزاب على اللافطات المرفوعة داخل مدينة خانقين.. وفي اليوم التالي هز عرش النظام في خانقين. وأخذ ألقاء القبض على الكثير من شباب المدينة وتحقيق معهم, ولكن لم تستطيع الاجهزة الامنية والحزبية للوصول الى الفاعلين الحقيقيين.
هكذا تجازفت أبناء مدينة خانقين بحياتهم من أجل قضيتهم المشروعة وهي حقوق الشعب الكوردي والحفاظ على طبيعة مدينتهم ان تبقى كوردستانية.
المجد والخلود للشهيد كريم شكر وعمر مديد لكل من نبيل محمد حسين والصحفي علي مراد ميخان (روز نامه نووس).

(*) الشهيد عبد الكريم شكر شقيق كاتب المقالة.