المحرر موضوع: مقدمات تعيين رئاسات العراق تفتح على مرحلة جديدة بلا تغيير أو إصلاح  (زيارة 2131 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31433
    • مشاهدة الملف الشخصي
مقدمات تعيين رئاسات العراق تفتح على مرحلة جديدة بلا تغيير أو إصلاح
رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي يستعيد توازنه ويتحصّن من المحاسبة لأربع سنوات أخرى.
العرب/ عنكاوا كوم

نكسة الانتخابات أصبحت وراء ظهره
التغيّر الجزئي الذي أدخلته الانتخابات العراقية الأخيرة على المشهد السياسي العراقي يظلّ أبعد ما يكون عن إمكانية إحداث تغيير مهمّ في طبيعة العملية السياسية القائمة على المحاصصة الحزبية والعرقية والطائفية، والتي برزت مجدّدا كأقوى عامل في إعادة تشكيل السلطة وتحديد أركانها بمشاركة نفس الأشخاص المشاركين في خلق الأوضاع السيئة التي يعيشها البلد، دون وجود إمكانية لتحميلهم المسؤولية ومحاسبتهم.

بغداد - يصنَّف رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي ضمن الرابحين من صفقات تعيين الرئاسات الثلاث التي انطلقت فعلا باختيار السياسي الشابّ محمّد الحلبوسي ليرأس مجلس النواب، في عملية حامت شكوك كثيرة بشأن دور كبير للمال السياسي فيها، بغض النظر عن التفاهمات السياسية المؤكّدة التي سهّلت إتمامها وكان للمالكي دور فيها.

وتبنّت كتل شيعية موالية لإيران من ضمنها دولة القانون ترشيح السياسي السني لتولّي منصب رئيس البرلمان الذي يتيح لمن يشغله ومن يقف خلفه التأثير في عمل السلطة التشريعية، بما في ذلك رقابتها على عمل الحكومة، فضلا عن عملية سنّ القوانين والتشريعات.

وما تزال الكتل ذاتها تنافس بقوّة على اختيار من يتولّى رئاسة الوزراء، أهم منصب تنفيذي في العراق وتَطرح اسم فالح الفياض أحد رموز معسكر الموالاة لإيران، لمنافسة عادل عبدالمهدي الذي طُرح اسمه بقوّة خلال الأيام الأخيرة.

وتمكّن المالكي زعيم حزب الدعوة الإسلامية ذو السمعة السياسية السيئة والشعبية المتراجعة بفعل الحصيلة السلبية لفترتي رئاسته للحكومة بين سنتي 2006 و2014، من استعادة توازنه وتجاوز عثرة الانتخابات النيابية التي أجريت في شهر مايو الماضي ولم يحصل ائتلافه “دولة القانون” خلالها سوى على 26 مقعدا في البرلمان ليتراجع إلى المرتبة الرابعة في جدول ترتيب الكتل الحائزة على مقاعد برلمانية، بينما حلّ “تحالف” سائرون المدعوم من قبل رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر أحد ألد خصوم المالكي في المرتبة الأولى.

وجاء ذلك التراجع ليعكس التقييم الشعبي لنتائج ثماني سنوات من حكم المالكي شهدت خلالها الدولة العراقية تراجعا على مختلف المستويات، وعرفت استشراء غير مسبوق للفساد في مؤسساتها. وقد خُتمت ولايته الثانية بكارثة سيطرة تنظيم داعش على ما يقارب ثلث مساحة العراق وما تبع ذلك من مآس، ومن حرب مرهقة قادها رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي وانتهت بنصر عسكري على التنظيم، لكن بكلفة مادية وبشرية عالية.

ولم يكن تعاظم دور الصدر في العملية السياسية ومشاركته بفعالية في تحديد تركيبة الحكومة العراقية الجديدة وتعيين من يتولّى قيادتها -في ما لو تحقّق فعلا- ليمرّ من دون تأثير على مكانة نوري المالكي ومستقبله السياسي.

وللصدر خصومة طويلة مع المالكي تجاوزت مجال السياسة إلى المواجهة العسكرية حين استخدم زعيم حزب الدعوة القوات الحكومية في ضرب الميليشيا التابعة لزعيم التيار الصدري سنة 2008 والمعروفة آنذاك بـ”جيش المهدي”، في عملية عسكرية معروفة باسم “صولة الفرسان”.

مطالبات بتحديد المسؤوليات في قضية سقوط الموصل بيد تنظيم الدولة الإسلامية صيف سنة 2014

ويتبنّى الصدر مشروعا إصلاحيا، من ضمن عناصره محاربة الفساد ومحاسبة رموزه، بمن في ذلك الرؤوس الكبيرة التي لطالما بدا أنّها عصيّة عن المحاسبة نظرا إلى نفوذها الكبير في مؤسسات الدولة.

ورغم حصول تحالف سائرون المدعوم من الصدر على المرتبة الأولى في انتخابات مايو الماضي، إلاّ أنّ المقاعد البرلمانية الأربعة والخمسين المتحصّل عليها لم تكن كافية للتحكّم في عملية تشكيل الحكومة الجديدة واختيار من يرأسها، إذ أن الأمر يبقى خاضعا لتشكيل تحالفات وكتل تحت قبّة البرلمان وهو أمر تحدّده التفاهمات والصفقات.

ومن بين أبرز المطلوبين للمحاسبة نوري المالكي، في عمليات هدر لمبالغ طائلة من أموال الدولة العراقية تشير بعض الأرقام إلى بلوغها مئات المليارات من الدولارات.

كما يطالب كثيرون بتحديد واضح للمسؤوليات في قضية سقوط الموصل بيد تنظيم داعش صيف سنة 2014 ويشيرون بشكل مباشر إلى رئيس الحكومة القائد العام للقوات المسلّحة آنذاك، نوري المالكي، غير أنّ مكانة الرجل السياسية ونفوذه الذي احتفظ به رغم خسارته المنصب التنفيذي الأعلى في الدولة لمصلحة خلفه حيدر العبادي، منعا إجراء أي تحقيق جادّ لمعرفة الحقائق بشأن غزو التنظيم المتشدّد لأجزاء واسعة من مساحة العراق.

ويقول مطّلعون على الشأن العراقي، إن من نقاط قوّة المالكي المقدار الهائل من الأموال الذي تكمّن من جمعه خلال رئاسته للوزراء، وأيضا نفوذه الكبير داخل السلطة القضائية. كما يتوقّعون أن تدعم مشاركته في اختيار رئاسة السلطة التشريعية وضعه المريح.

ومع بقاء العملية السياسية الجارية في العراق على ما هي عليه منذ سنة 2003 واعتماد نفس الآليات في تنصيب أركان السلطة، وفي اختيار الرئاسات الثلاث بما فيها رئاسة الحكومة، وفق مبدأ المحاصصة وباستخدام المساومات وعقد الصفقات السياسية، وحتى المالية، فإنّ نوري المالكي سيكون محصّنا من المحاسبة، على الأقل لأربع سنوات قادمة يستبعد أن يشهد العراق خلالها تغييرا مهمّا وإصلاحا مؤثّرا في أوضاع البلد.