المحرر موضوع: إعادة حبس علاء وجمال مبارك: تنفيذ للعدالة أم قطع لطريق المنافسة  (زيارة 1028 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31321
    • مشاهدة الملف الشخصي
إعادة حبس علاء وجمال مبارك: تنفيذ للعدالة أم قطع لطريق المنافسة
قرار المحكمة في قضية البورصة يمنح المعارضة فرصة لتثبيت حديث تسييس القضاء.
العرب/ عنكاوا كوم

لا مجال للخروج على النص المكتوب
القاهرة – أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكما يقضي بحبس علاء وجمال نجلي الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، وإعادة فتح التحقيق في القضية المعروفة بـ”التلاعب في البورصة المصرية”، التي تعود لعام 2012، الأمر الذي أثار انتباه المراقبين الذين اعتقدوا أن القضية جرى إغلاقها بصورة قانونية، ولن يعود مبارك ونجلاه مرة أخرى للسجون، بعدما توالى خروجهم من الحبس من القضايا التي اتهموا فيها أو حوكموا وانقضت مدة حبسهم.

وسبق قرار إعادة حبس جمال وعلاء مبارك الذي شغل المصريين، قرار آخر لم يفصله المصريون عن السياق العام وراء إعادة إحياء قضية نجلي مبارك.

ويتعلق هذا القرار بإقصاء اللواء محمد عرفان من رئاسة هيئة الرقابة الإدارية، وهي من أهم الأجهزة في مكافحة الفساد، بعد فترة بدا فيها الرجل قويا ومدعوما من الرئيس السيسي شخصيا، بل ومرشحا شعبيا ليقود الحكومة المصرية في أي لحظة، وفجأة أصبح خارج المشهد الرسمي قبل حوالي أسبوعين.

وسرعان ما ربط البعض بين القرارين، واعتبروا أنه يأتي في سياق عمل الحكومة المصرية على تفريغ الساحة من أي شخصية تلفت الانتباه أو تتسبب في “الشوشرة” على تحركاتها، حتى لو كانت هذه الشخصية غير سياسية وتفتقر إلى الحضور القوي في الشارع.

بدأت الأسباب السياسية غير المباشرة التي أعادت حبس نجلي مبارك تتجلى معالمها عقب ظهور أصوات من جانب عناصر تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، تستغل منصاتها الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، للتنديد بقرار محكمة جنايات القاهرة، في مؤشر منح الأنباء التي تحدثت من قبل عن تقارب غير مباشر في أهداف الطرفين (الإخوان ونجلي مبارك)، ربما للترتيب لانتخابات الرئاسة المقبلة.

العلاقة مع الإخوان
درجت الحكومة المصرية على تتبع كل شخصية يتردد أنها على علاقة مع جماعة الإخوان. وأعاد الظهور المكثف للأخوين جمال وعلاء مؤخرا الحديث عن طموح سياسي لهما، وجدد الهواجس حول إمكانية عقد صفقة مع جماعة الإخوان، وهو اعتقاد أصبح يمثل مخاوف كبيرة لدى أنصار النظام المصري، خاصة ممن تيقنوا أن الإخوان انتهوا سياسيا، ولا يريدون عودتهم مرة أخرى في أي صورة.

ويقول البعض من المراقبين إن توقيت قرار المحكمة يمنح المعارضة فرصة لتثبيت حديث تسييس القضاء في مصر، ومحاولة توظيفه لتحقيق أغراض حكومية عديدة، ويؤكد أن ملف محاكمات رموز نظام مبارك مازال مفتوحا، ولا توجد نية لغلقه نهائيا، وسيظل سيفا مسلطا على رقاب من يحاولون اجترار وإحياء الماضي بكل صوره.

وإذا تمت إدانة علاء وجمال في القضية المذكورة، فإن جمال لن يتمكن من ممارسة العمل السياسي مستقبلا، لارتباط الترشح في أي انتخابات بحسن السمعة وخلو السجل الجنائي من أحكام قضائية نهائية وقعت قبل مدة قريبة من أي استحقاق انتخابي، يقدر بخمس سنوات.

وتشهد مصر هناك انتخابات برلمانية العام المقبل، وبعد حوالي ثلاثة أعوام ونصف العام ستجرى انتخابات رئاسة الجمهورية، وفقا للدستور الحالي، الذي يحدد مدة الرئاسة بأربع سنوات فقط، لمدة فترتين، لكن في ظل مطالبات مبطنة بتعديل الدستور يمكن تعديل هذا البند، ما يمنح الرئيس السيسي فرصة لدخول الانتخابات مرة ثالثة.

أنصار نظام مبارك لم يدركوا طبيعة السياسة التي يتبناها النظام المصري الحالي  والتي تعتبر أن أركان الدولة العميقة لنظام حسني مبارك مازالت تقف في طريق إعادة بناء الدولة المصرية الحديثة

وكان نجلا مبارك شعرا مؤخرا أن أيامهما خارج جدران السجن معدودة، حيث قال علاء ردا على أحد متابعيه على تويتر طالب بوجود شقيقه جمال على رأس الحكم في مصر، إن ذلك مقدمة لحبسه، وهي التدوينة التي أعيد نشرها على نطاق واسع، وبرهن البعض من خلالها على أن حبسهما كان بسبب طموحهما السياسي الخفي.

ويميل البعض من المتابعين إلى ترجيح كفة الأبعاد السياسية لحبس علاء وجمال مبارك، وأنها تفوق الأهداف القضائية المعلنة، بالنظر إلى مرور وقت على تفجير القضية (6 سنوات) التي يحاكمون فيها، وهو ما يمنح الفرصة للقول إن هذا التطور له علاقة بدوائر مؤثرة في الحكم، رأت خدشا في تصاعد أسهم جمال تحديدا، وأنه قد يشكل خطورة إذا عمل على إعادة إحياء نظام والده مرة أخرى، ولو من خلال ترشيح شخصية أخرى.

وينظر بعض معارضي الحكومة إلى إعادة حبس جمال وعلاء على أنها ترتبط بمحاولة كل منهما التواجد في الشارع المصري، ولو من الباب الاجتماعي والاقتصادي والرياضي. ويقول هؤلاء إن الظهور اللافت لعلاء وجمال لم يكن مستساغا لبعض دوائر الحكم.

ووضع البعض تحركات نجلي مبارك في سياق حديث يقول إن جمال لا يزال يرغب في تحقيق أمنيته في الانتخابات الرئاسية التي سقطت مع ثورة 25 يناير، وأنه يسعى الآن لاستثمار حالة الحنين عند فئة بعينها لا تزال تؤيد نظام والده السابق.

لا أحد فوق القانون

يرى محللون أن إعادة حبس علاء وجمال و5 آخرين على ذمة قضية بدأت قبل 6 سنوات، تنطوي على رسالة صريحة أنه لا أحد فوق القانون، لكن القرار قد يكون بمثابة “قرصة أذن” لهما، وإشارة جديدة إلى أنه لا مجال للخروج على النص المكتوب بحرفية حاليا، فأي محاولة للحصول على تفويض شعبي للعودة إلى الماضي غير مقبولة.

أزمة جمال وعلاء، أنهما تعاملا مع الالتفاف الجماهيري حولهما في المناسبات والفعاليات الاجتماعية، باعتباره كفيلا بإعادة الاعتبار إليهما ولوالدهما، ما يمكن البناء عليه لإعادة التواصل مع رموز النظام القديم، وإمكانية تشكيل قواعد سياسية وشعبية يتم اللجوء إليها عند التفكير في القيام بأدوار مستقبلية.

ولم يدرك نجلا مبارك طبيعة السياسة التي يتبناها النظام الحالي في مصر، والتي تعتبر أن أركان الدولة العميقة لنظام حسني مبارك مازالت تقف في طريق إعادة بناء الدولة المصرية الحديثة.

ويمكن استشفاف هذا من التوتر في العلاقة المتذبذبة بين الحكومة المصرية وبعض رجال الأعمال الذين رفضوا التبرع بجزء من الثروة لاستثمارها في مشروعات تنموية، وأبدى السيسي امتعاضه من سلوكيات هذه الطبقة وتنصلها من المسؤولية.

وثمة معضلة أخرى تتعلق بأن غالبية أعضاء الطبقة التي تحيط بالنظام الحالي ذات خلفيات عسكرية، لا تقبل بفكرة إعادة ظهور أشخاص مدنيين يمارسون أدوارا تؤهلهم لأن يصبحوا مطروحين ضمن ترتيبات مستقبلية تتعلق بالحكم.

وتدرك بعض دوائر الحكم أن ارتباط طبقة رجال الأعمال بصداقات وعلاقات مع أحد أهم أركان نظام مبارك، وهو الابن الأكبر جمال، الذي ساعدهم في تنامي ثرواتهم، قد يكون أحد الأسباب التي دفعتهم للتحفظ على دعم الرئيس السيسي تماما، أملا في تدني شعبيته، ما يفتح الباب أمام إعادة الظهور مرة أخرى للطبقة القديمة المأمونة لهم.