تحدياً لعبودية الجهادين الإسلاميين كان النصر لفوز نادية مراد ودينيس موكويغي لجائزة نوبل النروجية للسلام لسنة 2018. اللجنة كافئ رسولي السلام على جهودهما لوضع حد استخدام العنف كسلاح حرب. وجَسّدا كلاهما موكويغي ومراد برأي العالم ورأي اللجنة (قضية عالمية تخطّت إطار النزاعات) وهذا ما شهدت له حركة (ميتو) التي أحدثت ثورة في العالم بعد الكشف عن اعتداءات جنسية ارتكبها المنتج الأمريكي هارفي واينساين، (تولد 1952 منتج ومخرج أفلام أبرزها، جنس، أكاذيب، وشريط فيديو). نادية مراد والطبيب موكويغي جازفا بحياتهما عبر النضال ضد جرائم الحرب والمطالبة بإحقاق العدالة للضحايا. مكويغي طبيب اختصاص ورائد وخبير في علاج النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب الجماعي الوحشي من قبل المتمردين منذ عام 1996، وانه أسس مستشفى بانزي وأصبحت مركزاً للاغتصاب. وقد حاز على جائزة سخاروف عام 2014، وايضاً نادية مراد هي الاخرى حازت على نفس الجائزة. موكويغي خصص هذه السنة لزيارة العراق للاطلاع على أحوال الضحايات الايزيديات المغتصبات. نادية مراد في 25 من عمرها بعد اجتياح داعش قريتها (كوجو) القريبة من قضاء سنجار، ففي خلال ساعة فقدت نادية أكثر من 300 طفل وأمراة ورجل من أهل قريتها، من بينهم والدتها واخوانها الستة في حمام من الدم نفذته رجال داعش، تغيرت حياة نادية عندما بدأت رحلة الظلام بعد الاجتياح لقريتها في آب/2004. وكانت نادية من بينهم وتحولن الى ضحايا الرق الجنسي وتعرضن للتعذيب والاغتصاب الجماعي وتم بيع نادية مراراً من قبل سوق النخاسة بهدف الاستعباد الجنسي الجماعي. وارغمت على التخلي عن ديانتها التي يعتبرها الإسلام ديانة كفر وعبادة الشيطان. (تعتبر الديانة الأيزيدية من الديانات الطبيعية المنتشرة في العالم. وتعود لآلاف السنين، حين انبثقت من الديانة البابلية وأنها خليط بين الديانة الزرادشتية والمانوية). نادية تقود من المانيا كفاح شعبها، التقت مع رؤساء دول ومنظمات دولية وجمعت حليفات كثيرات من بينهم المحامية البريطانية اللبنانية الأصل أمل كلوني الناشطة والمدافعة عن حقوق الانسان، والتي كتبت كتاب (لكي أكون الأخيرة) الذي صدر العام الماضي وباللغة الفرنسية. انتصرت نادية مراد على أسوء الحقبات التي مرّت بها ألأيزيدية والعراق وأنها صارت سفيرة الأمم المتحدة لكرامة ضحايا الاتجار البشري. هنأ الرئيس العراقي المنتخب الاستاذ برهم صالح الناشطة مراد معتبراً ذلك تكريماً للعراق وتحدث معها هاتفياً وبارك لها نيلها الجائزة (أنه تكريم لكفاح وصمود العراقيين في مواجهة الإرهاب والتطرف والتعصب) كذلك هنئها رئيس الوزراء الأستاذ عادل عبد المهدي لنيلها الجائزة وقال: (هذا أقل ما يمكن ان تحصل عليه بعد معاناتها وكفاحها هي واخوتها وأبناء جلدتها من الأيزيديين وبقية العراقيين). لكن أين هو شعور الشُلّة الفاسدة في الحكم من نادية ومآسي شعب الأيزيدية منذ أربعة سنوات؟ وهل نتعلم نحن كيف نكرم أبناءنا وبناتنا على تضحياتهم ومنجزاتهم الجِسام؟ أنك تحديت ثنائيات الحرب والسلم، العنف واللاعنف، الاغتصاب وحقوق الانسان، القمع والحرية، تكريمك بجائزة نوبل وصمة عار بجبين كل أهل الفتاوى، لأنك سُبيت بفتوى ابن تيمية والوهابية والازهر، كلهم ساهموا في سبى الإيزيديين واستعبادهم. نادية.. ابنة لالش؛ شرفك الرفيع مثّلَ كل الملايين من أبناء العراق. هنيئاً لك من الأعماق يا أبنة العراق وتاج العراق ولشعبك الأيزيدي وللعراقيين.
الباحث/ ســــمير عســــكر