المحرر موضوع: قصة سرقة الأرشيف اليهودي العراقي – حمدي العطار  (زيارة 962 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 37773
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
قصة سرقة الأرشيف اليهودي العراقي – حمدي العطار



الأكاديمي فوزي هادي الهنداوي

عنكاوا دوت كوم/ الزمان

من الاصدارات الجديدة المهمة لسنة 2018 صدر عن دار اشور بانيبال للكتاب للنشر والتوزيع – بغداد كتاب بعنوان عملية أحفاد بابل- قصة سرقة الإرشيف اليهودي العراقي والذي يقع في 107  صفحات من الحجم المتوسط ،ويضم ترجمة للكتاب باللغة الانكليزية. يوضح المؤلف في المقدمة بإنه “حاول تسليط الأضواء على عملية واسعة متعددة الأطراف، هي كشف الأرشيف اليهودي العراقي والاستيلاء عليه ونقله إلى الولايات المتحدة تمهيدا لترحيله إلى إسرائيل، فضلا عن سرقة أجزاء منه في بغداد مباشرة ونقلها إلى إسرائيل عبر عواصم ومدن إقليمية من خلال عصابات تتاجر بالآثار لم يقتصر عملها على الأرشيف اليهودي بل شمل معظم الارث العراقي”

المراحل التاريخية

لا يبدأ المؤلف في حصر بحثه بالارشيف فحسب، ففي هذا الكتاب يكشف لنا حجم المؤامرة الخبيثة التي خطط لها الموساد الاسرائيلي لتنظميم هجرة اليهود العراقيين الى اسرائيل من خلال سلوكيات مشبوهة لأنظمة الحكم في العراق التي كان ولاؤها للقوى الاستعمارية في بريطانيا وامريكا!وهو كتاب فيه الكثير من الموضوعية عندما يستعرض الظروف التي عاش في ظلها اليهود في العراق ابتداء من الفصل الاول يهود العراق- عرض تاريخي موجز منذ  موجات السبي الذي تعرض له اليهود من الآشوريين والبابليين الكلدان الى الحكم الساساني واثناء الحكم الاسلامي ثم في العهد العباسي والعهد العثماني  وفي عنوان مهم يتكلم عن اليهود في  العهد الملكي  1921- 1958 حيث اكد المؤلف بإن عدد اليهود في العراق حسب إحصاء سنة 1947 هو 118 ألف نسمة من مجموع سكان العراق البالغ 4500000 نسمة،،كما تكلم عن عمليات الفرهود عام 1941  والتي حدثت بعد حركة رشيد عالي ،اما الهجرة اليهودية  فكانت بين عامي 1950-1952 اي بعد عامين من تأسيس إسرائيل!!وكانت بجهود مخابراتية من الموساد الاسرائيلي التي قام بتفجير المناطق التي يقيم فيها يهود العراق لدفعهم الى مغادرة العراق ، ولعب هليل الذي تولى في حقبة لاحقة منصب وزير الشرطة في إسرائيل ومنصب رئيس الكنيست الاسرائيلي وقد اسندت له هذه المهمة لأنه من مواليد شارع الرشيد ويجيد التحدث باللهجة العراقية، كما نسق الموساد الاسرائيلي مع الحكومة البريطانية بحكم علاقاتها من بعض السياسيين العراقيين لأصدار قرارات تشجع هجرة اليهود ،مثل نزع الجنسية العراقية عن اليهود.

العهد الجمهوري

يؤشر المؤلف الى إعادة الحقوق المدنية لليهود في عهد عبد الكريم قاسم ،كما تم اطلاق السجناء اليهود وابعادهم إلى اسرائيل برغم اعتراض بعض السجناء الشيوعيين الذين اكدوا ان العرق هو وطنهم ! في عهد عبد السلام عارف تم إعادة إحياء اسقاط الجنسية وتقيد حرية الحقوق المدنية إلغاء الجوازات العائدة لليهود وعدم إصدار جوازات جديدة لهم بعد استلام البعث السلطة عام 1968 عاد الاضطهاد وعادت القيود على اليهود، وقد شنق 11 يهوديا عام 1969 بتهمة التجسس لصالح إسرائيل ،ولم يبق في بغداد سوى 80 شخصا معظمهم من الشيوخ والعجائز،وبعد اندلاع حرب الخليج عام 1991 رحل قسم من هذا  العدد بينما هرب آخرون في الأشهر التي تلت سقوط النظام العراقي اثر الاحتلال الأمريكي عام 2003

لمحات من حياة اليهود العراق

المتابع والباحث في المجتمع الذي يعيش في إسرائيل لا بد إن يلاحظ حالة عدم التجانس الذي يسيطر على المشهد الثقافي والاجتماعي بسبب الخليط المتعدد للاجناس والذين هجروا او هاجروا من كل بقاع العالم لتكوين كيان يطلق عليهإسرائيل،فتجد في هذا المجتمع الذي تغيب عنه الوحدة والنسيج الاجتماعي الواحد تجد اناس من مختلف الثقافات والعادات والتقاليد ،وترصد الدراسات ان في إسرائيل إن نصف السكان يتكلمون 21 لغة! وحاول النظام في إسرائيل الذي يقلد بعض مميزات القوميات التي انحدرت منها الجاليات اليهودية في اوربا ،فأخذمن القومية الفرنسية أيجابيتها ومن القومية المانية مثالييتها ومن القومية الروسية شعبيتها

المساهمات السياسية والاقتصادية

في الفصل الثاني ، يخصص للحديث عن لمحات من الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ليهود العراق في القرن العشرين،كان يهود العراق يسكنون المدن الرئيسية بغداد، البصرة،الموصل ولهم وجود في مدن عراقية اخرى،وحتى في النجف كان هناك حي سمي  عكد اليهود!في المجال السياسي برز″مناحيم صالح دانيال” عضوا في مجلس الأعيان وكذلك ابنه عزرا سنة 1932وفي مجلس النواب خصص للطائفة اليهودية 4 مقاعد وفي سنة 1946 زيد العدد الى 6 مقاعد لكن تمثيل اليهود ألغي بعد الهجرة سنة 1950-1951 ومثل ساسون حسقيل  الطائفة اليهودية وزيرا للمالية 1920 – 1925 وترأس لجانها المالية والاقتصادية في مجلس النواب  1925 حتى وفاته 1932 ?ويرى الباحث إن يهود العراق مارسوا التجارة والصيرفة،والمهن الحرة كالطب والصيدلة والمحاماة والصحافة،وعند تأسيس غرفة تجارة بغداد سنة 1926 ألف اليهود أكثرية أعضائها، وفي مجال الصناعة كان لليهود بصمة واضحة في تمويل المعامل المتنوعة.

الحياة الثقافية

يتحدث الكاتب عن مساهمة يهود العراق في حقول الثقافة والاداب والفنون والصحافة ،ويذكر  أنور شاؤل من رواد القصة ،ومن الشعراء مراد ميخائيل إضافة الى أسماء مهمة اخرى :”مليحة اسحاق صاحبة الصالون الادبي في بغداد،والمترجم نسيم يوسف داود الذي ترجم القرآن الكريم وألف ليلة وليلة إلى اللغة الانكليزية،ولهم دور في تأسيس المطابع وأصدار الصحف،ومن العراقيين اليهود الذين اشتهروا في المجال الموسيقي الفنانة سليمة مراد والاخوان صالح وداود يعقوب عزرا المشهورين بأسم صالح الكويتي وداود الكويتي ،كما قام اليهود  بتأسيس استوديو بغداد السينمائي سنة 1948 وكان ملحق به استوديو هاماز وهو مختبر لتظهير الأفلام التي يصوروها.

الحياة الاجتماعية

يتطرق الباحث الى تأسيس نواد أجتماعية من قبل العائلات اليهودية،مثل نادي خضوري سنة 1925 ونادي الزوراءونادي الرافدينونادي الرشيد واسس عزرا مناحيم دانيال ملعبا للمدارس في محلة السعدون، وكانت دينيه دنكور أول ملكة جمال لبغداد عام 1947 وأول بيت طابوق بني في بغداد هو بيت شماس الذي هدم لبناء فندق بابل!

المزارات اليهودية

يذكر المؤلف اهم المزارات وهي قبر عزرا العزير ويقع ناحية ويطلق عليها ناحية الغدير بين القرنة وقلعة صالح ،وهو يعود إلى الكاهن اليهودي عزرا الكاتب،كذلك مدفن النبي حزقيالالكفل ويقع جنوبي الحلة وسمي بالكفل لأنه كفل اليهود بالنجاة من أسر البابليين،ثم مدفن يوشع كوهين -الكاهن الاعظم -يقع في جانب الكرخ بالقرب من مدفن الشيخ معروف الكرخي،ومدفن أسحق الغاووني هو اقدم كنيس يهودي في الرصافة يقع في محلة شيخ اسحق،واخيرا مزار “ناحوم الألقوشي” ويوجد في منطقة القوش قرب الموصل. ثم تطرق الكاتب الى المقبرة اليهودية  التي تقع في أطراف بغداد الشرقية.

كان يهدف الباحث من الفصلين الاول والثاني هو ان الطائفة اليهودية  في العراق قد مارست حقوقها المدنية لو لا المؤامرات التي استهدفت تلك الطائفة واجبرتها على الهجرة الى إسرائيل.

سرقة الإرشيف

حينما دخلت القوات الامريكية الى بغداد،سارعت لحماية المؤسسات التي تمثل مصلحتها الاقتصادية،فركزت جنودها لحماية وزارة النفط وهكذا باقي المنشآت التابعة لهذه الوزارة في كل العراق،واذا هي سمحت بتخريب باقي البلد فلا يمكن اغفال مشاركتها في استهداف المتحف الوطني وتخريبه! لذلك يرى الباحث فوزي في كتابه “بإن أحد أهداف الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 هو تدمير المرورث الحضاري والثقافي للبلد وتشويه هوية أبناء وادي الرافدين” ويرى الكاتب ان هذه المهمة لا تنجح  الا إذا “ضمت القوات الامريكية والبريطانية المحتلة للعراق الكثير من اليهود الأمريكيين والبريطانيين الذين لهم اهتمام بالبحث عن الآثار والتراث اليهودي في العراق من أجل نقله إلى إسرائيل” وتبرز اهمية الإرشيف اليهودي العراقي لأثبات ان الاسرائيلين هم صناع حضارة العراق !

محتويات الأرشيف يستشهد الباحث بمقولة المختصيين الامريكان في تحديد محتويات الارشيف اليهودي العراقي ،وبالذات تصريحات اليهودي العراقي أدون شكر الذي غادر العراق عام 1971 وعثر على شهادته المدرسية ضمن المعروضات في واشنطن :” يحتوي الأرشيف على عشرات الآلاف من الوثائق، وما يقرب من 2700 كتاب، تم عرض 24 قطعة منها فقط في المعرض” كما تشير المعلومات التي كشف عنها المعرض الذي حمل عنوان الاكتشاف والاسترداد: الحفاظ على التراث اليهودي العراقي  والذي اقيم عام 2013 في مركز الأرشيف الوطني الامريكي تضمنت “الكتاب المقدس مع تفاسير إلى عام 1568 بالإضافة إلى التلمود البابلي1793  التوارة من سفر التكوين، كتاب التصوف 1815 ووثائق اخرى.

الرواية الرسمية

يسرد مدير دار الكتب والوثائق العراقية سعد اسكندر للمؤلف رواية السرقة بقوله: إن الأمريكيين لم يعثروا على الأرشيف اليهودي كما يدعون، بل أن أحد كبار ضباط جهاز المخابرات العراقي السابق،تقرب من أحد رجال المعارضة بعد عودتهم إلى العراق وأخبره أنه كان مسؤولا عن أرشيف مهم جدا يعود الى النبي موسى،ويريد كشفه للقــــــــــوات الامريكية بشرط الحصول على ضمانات أمنية…ويتابع الكلام بالقول: أن ضابطا يهوديا كان يعمل في مكتب دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي،طلب نقل الأرشيف إلى أمريكا وكان في حالة يرثى لها، وكثير من مواده مغمورة بالمياه الآسنة”اما الرواية الثانية بقلم الكاتب لورين ماركو ي نشرت  صيحفة الواشطن بوست فتذكر انه ” بناء على معلومات سرية، قام 16 جنديا أمريكيا بإقتحام الطابق السفلي من مقر مخابرات نظام الرئيس السابق صدام حسين في بغداد في 6 آيار 2003  الذي غمرته المياه،حيث تم العثور على كمية من لفائف التوارة،وكتب الصلاة والتقويمات العبرية”

ومنذ ذلك الحين يقول المؤلف “جرى تسمية هذه المجموعة الكبيرة من الوثائق بالأرشيف اليهودي العراقي الذي خضع لعمليات معقدة من أجل الحفاظ عليه تحت إشراف مركز الأرشيف الوطني في واشنطن وهو مركز أبحاث ومتحف في واشنطن”

وفي عناوين مثيرة يتطرق فيها المؤلف عن التوارة العراقية..رحلة العودة إلى إسرائيل، ومواقف الأطراف المعنية بالارشيف اليهودي العراقي،وحاضر الأرشيف اليهودي العراقي ومستقبله،الجالية اليهودية تمنع اعادة الارشيف الى العراق ليصل الى الاستنتاجات والتوصيات نذكر اهمها:-

*إن نقل محتويات هذا الارشيف إلى الولايات المتحدة الأمريكية بحجة الصيانة والترميم عملية تستهدف تهريبه الى اسرائيل أو منع عودته الى العراق.

اما اهم التوصيات فهي تفعيل الاتفاقيات الدولية والثنائية بين العراق والولايات المتحدة للحفاظ على موجودات الأرشيف وإعــــادتها الى العراق.

و مراقبة المتاحف العالمية ومزادات بيع الآثار الدولية لمنع تسرب محتويات هذا الارشيف أو المتاجرة فيها.يعد هذا الكتاب من المصادر المهمة لكل المهتمين بالاثار العراقية والمحافظة على الارث الحضاري، كما هو يعطي حافزا للجهات المعنية في عدم نسيان هذا الارشيف والعمل الجاد لأعادته الى العراق.
أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية