المحرر موضوع: سـنا نـورك أضاء طريقـي (سناط)  (زيارة 923 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مال الله فرج

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 558
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مال الله فرج يقلب صفحات من حياة جميل زيتو

يستعد جميل زيتو عبد الاحد السناطي بوضع اللمسات الاخيرة على كتابه الجديد الذي يحمل عنوان (صفحات من حياتي) الذي كتب مقدمته الصحفي والكاتب السياسي مال الله فرج رئيس تحرير (مجلة المثقف الكلداني) والتي حملت عنوان (سنا نورك اضاء طريقي)
حاول عبرها تقليب صفحات هذا الكتاب الذي من المؤمل ان يصدر خلال الايام القادمة.
وفي الاتي نص المقدمة التي تفضل الاستاذ مال الله فرج بكتابتها لتكون مدخلاً للكتاب.


سـنا نـورك أضاء طريقـي
(سناط)

بقلـم : مال اللــه فــرج
Malalah_faraj@yahoo.com
    من بين ركام السنين الراحلة وما خلفته في الاعماق من ذكريات تفوح بعبير عقود مضت بكل تداخلات ومنعطفات وتفاعلات الحياة اللذيذة فيها برغم صعابها وتحدياتها ومشاقها ، يغمس ابن بار  ومربي فاضل قلمه بمداد الذكريات راسما بنبض القلب خطوط الطول والعرض في قريته محاولا ازالة غبار النسيان عن ادق تفاصيلها واعادتها الى واجهة الاحداث بالرغم من دورة عشرات السنين التي طوحت بها الى جزيرة النسيان لتبقى معلقة في الفضاء متارجحة بين تراكمات النسيان وعاصفة العودة الى ذاكرة الانسان عبر استذكارات دقيقة لاحد ابنائها وهو يحاول بابجدية الوفاء ان يرسم امام الانسانية لوحة بكل الوان العشق والمحبة لتلك القرية التي شاءت الظروف الصعبة ان تسقطها من ذاكرة التاريخ وكانها لم تكن يوما شريانا من شرايين الحياة المتجددة التي اغنت الانسانية بكوادر وكفاءات من مختلف الاختصاصات بعضهم امسى علما في سجل العلوم الانسانية والطبية والفلسفية والفضائية ، انها سناط ، وانه ابنها الوفي الذي تمازجت مشاعره في كل ذرة من تراب جبالها وسهولها وكنائسها وازقتها الضيقة وثلوج شتائها الذي لايرحم وبمشاعر ابنائها ، انه المربي الفاضل السناطي الوفي والصديق الصدوق جميل زيتو.
فها هو هذا الانسان الذي سجل عبر مسيرته الحافلة مثالا متفردا في الوفاء لتلك القرية الراحلة التي شهدت ولادته وملاعب طفولته وصلواته ومقالبه وحكايات اصدقائه وزهو شبابه وتطلعات احلامه وعلاقاته الاجتماعية يقف وهو يلتقط انفاسه من رحلة الحياة بكل افراحها واتراحها وبكل اخفاقاتها ونجاحاتها وبكل انكساراتها وانتصاراتها وبكل دموعها وابتساماتها ليتطلع عبر الذاكرة الى البعيد البعيد ، هناك حيث ترقد القرية التي احبها حد العشق بين احضان جبل شاهق وهو يستذكر كل خطوة خطاها على اديمها وكل شجرة فيها داعب اغصانها وكل رحلة مدرسية جلس عليها وكل طرفة سمعها وكل رسالة حب كتبها بنبض القلب ثم مزقها ، وكأنني من شدة حبه لها كان يتمنى لو ان لكل ذرة تراب فيها لها اسما مميزا لحفظ اسماء كل ذرات ترابها وتفاخر بها امام كل من يصادفه ، فهو عشق من نوع نادر وعجيب وغريب ومهيب.
    ففي كتابه الاخير (صفحات من حياتي) لم يترك المؤلف الصديق جميل زيتو اسما من سكان مدينته الحبيبة (سناط) الا وذكره ولم يترك موقعا ولا حادثة ولا واقعة ولا قصة دراسية ولا تقليدا شعبيا ولا مهنة ولا تفصيلا من تفاصيل الحياة اليومية وجزيئياتها الا ومر بذاكرته عليها حتى غدت قريته عشقا يباهي به العالم فلا نكاد نلتقي ونتبادل شتى الاحاديث حتى يكون لسناط حضورا بيننا حيث يتوجه في بعض احاديثه اليها مستذكرا بمحبة واعتزاز جانبا منها وكأن في اعماقه بركانا من الاشتياق واللهفة اليها يتفجر ويجعله يتمنى ان يعود الزمن قليلا الى الوراء ليرتمي باحضانها وليقبل كل ذرة تراب فيها ، ولعله في كل هذا السفر من الوفاء يؤمن بان كل نجاحاته في الحياة ما كان لها ان تتحقق لولا بذرة الحياة والتعلم والتحدي والاصرار والارادة التي والقيم النبيلة التي غرستها في اعماقه مدينته الحبيبة.
    واذا كان من الصعب الوقوف تفصيليا ازاء فصول الكتاب ومحتوياته نظرا لتنوعه وكثرة الاسماء والصور والحكايا والتقاليد والعلاقات الاجتماعية والاسرية الواردة فيه فيكفي ان نقول ان الاخ العزيز زيتو نجح في ان يصوغ من عشقه لمدينته مطبوعا ينبض بالحياة عن قرية منسية اعادها للحياة بكتابه هذا ونفض عنها غبار النسيان وكانها ما تزال حاضرة بصخبها وضجيجها ودورة الحياة فيها ، فمن يقلب هذه الصفحات سيتخيل نفسه وسط مدينة تكاد تضج بالحياة استطاعت ان تقهر النسيان  وان ان تنتزع لها مكانا في ذاكرة الاجيال القادمة ان هم  تصفحوا هذه الاوراق المتطايرة من اعماق عاشق فريد لبيئته وابن بار لقريته.
اخيرا يخيل لي ان السيد المؤلف اراد عبر هذا الكتاب وما سبقه رد الدين لقرية عشقها ووصل الى ما وصل اليه بفضلها وكانه يهمس لها ليل نهار وكل لحظة بمنتهى المحبة والامتنان (سنا نورك اضاء طريقي).
ولو جمعنا الحرف الاول من كل كلمة منها لعرفنا اي قرية محظوظة يقصدها الكاتب بهذا الحب النادر.