المحرر موضوع: تغطية نشاط الصالون الثقافي الكلداني في وندزر – كندا ليوم الخميس 9 آذار 2017 والموسوم : لمحات تاريخية عن سهل نينوى وإثنياته  (زيارة 1437 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الصالون الثقافي الكلداني

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 167
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
تغطية نشاط الصالون الثقافي الكلداني في وندزر – كندا
 ليوم الخميس 9 آذار  2017 والموسوم :
لمحات تاريخية عن سهل نينوى وإثنياته
إستضاف الصالون الثقافي الكلداني بكل فخر واعتزاز وللمرة الثانية المهندس الباحث حبيب حنونا من مشيكن أمريكا , لتقديم محاضرته الموسومة " لمحات تاريخية عن سهل نينوى وإثنياته " وذلك مساء الخميس الموافق 9 آذار 2017 على قاعة كنيسة القديس بطرس المارونية الكاثوليكية في وندزر كندا . وسبق أن قدم المحاضر لرواد الصالون محاضرته الموسومة  " هل حقاً اندثر الكلدان " في مساء الخميس 10 كانون الأول 2015 على قاعة كنيسة العائلة المقدسة الكلدانية الكاثوليكية في وندزر كندا .
إستقطب المهندس الباحث   جمهوراً جاوز السبعين شخصاً من الجنسين وبأعمار متفاوتة .  كان من بين الحضور ألمونسنيور المتقاعد لويس الديراني من الكنيسة الكلدانية , ألمونسنيور ايلي زوين من الكنيسة المارونية , والأب جان ايوب من الكنيسة البيزنطية الارثذوكسية , مع لفيف من الإخوة من مشيكن أمريكا .   
رحب الأخ الدكتور صباح قيّا بالحضور الكريم , وخص منهم بالذكر الآباء الأجلاء , ومن تجشم عناء الحضور من مشيكن . . كما شكر من ساهم في رفد اللقاء بالمعجنات اللذيذة وأيضاً من ساهم في تهيئة الشاي والقهوة . ثم دعا المحاضر والأخ كمال زورا لإدارة الأمسية .
إجاد الأخ كمال  في إدارة دفة النشاط الثقافي الدوري للصالون , واستهل كلامه بالترحيب بالحضور والمحاضر , ثم بدأ بسرد مقتضب لسيرة المحاضر الذاتية حسب ما خطها المحاضر بنفسه : 
من مواليد بلدة كرمليس ( كرملش ) في محافظة نينوى – العراق
كاتب و باحث في تاريخ بلاد ما بين النهرين ، له العديد من الكتب المطبوعة و المخطوطة و عشرات المقالات و البحوث التاريخية منشورة في العديد من وسائل الإعلام المختلفة 
الكتب المنشورة :
1.      " تاريخ كرمليس " بغداد 1988
2.      " كنيسة المشرق في سهل نينوى " سان دياكو 1992
3.      " لمحات من تاريخ كلدو وآثور " سان دياكو 1994
4.      " الكلدان و المسألة القومية "  ديترويت 2004
5.      " سفر الخروج الكلداني " ديترويت 2013 وهو من منشورات المنبر         الديموقراطي الكلداني الموحد
الكتب المخطوطة :
1.       " السورث و الأكدية " بغداد 1980 – 1990
2.      " ديموغرافية الكلدان " ديترويت 2004 منشور في حلقات
    3.      " سهل نينوى – لمحة تاريخية ودراسة بلدانية "
إضافة إلى العديد من المقالات و الأبحاث التاريخية في الشؤون القومية للكلدوأشوريون السريان منشورة على صفحات الأنترنيت و الصحف والمجلات 
مهندس مدني خريج جامعة الحكمة 1971
فنان تشكيلي  : له العديد من اللوحات الزيتية في الوطن و المهجر

بعدها بداَ الأخ المحاضر كلامه بشكر وتثمين دور الصالون الثقافي في خدمة التقافة المعرفية , وسعادته بالمساهمة في نشاطه الثقافي للمرة الثانية , كما أكد متابعته بشغف لكافة أنشطة الصالون الذي يعتبره , بجد وفخر  , صرحاً  ثقافياً مميزاً  .  , ومن ثم قدم محاضرته الرائعة حسب العرض التالي :

محاور المحاضرة 
الموقع : وصف عام
سهل نينوى يقع في  الجزء الشرقي من محافظة نينوى و يحده من الغرب نهر دجلة ومن الشرق و الجنوب نهر الزاب و من الشمال جبل باعذرة ( جبل ألقوش )
تكويناته الأدارية :
 يتكون سهل نينوى إداريا من أقضية الحمدانية  ، تلكيف ، الشيخان ، وعقرة . ويعتبر قضاء الحمدانية من أكبر أقضية الساحل الأيسر لمحافظة نينوى من حيث السكان
وسوف نركز في محاضرتنا هذه على قضائي الحمدانية و تلكيف و نلقي الضوء على تاريخ المنطقة و وإثنياتها المختلفة من جميع الأطياف والمذاهب والأعراق من الأمم التي إستوطنت سهل نينوى  وتعايشت معا ضمن إطار الوطن الواحد في محبة وتآلف مع  الكلدوأشوريين السريان ،  كالشبك ، والأيزيدية والعرب والكرد والتركمان وهي لوحة فسيفسائية جميلة معبرة للشعب العراقي بكافة مكوناته الإثنية و المذهبية .
سهل نينوى مهد الحضارة الأنسانية .
متى إستوطن الأنسان سهل نينوى ؟
تعتبر العديد من الحواضر والمواقع الأثرية في سهل نينوى من أقدم المستوطنات البشرية في العالم ، ففي عام 1942 م أجرت الجمعية الجغرافية الملكية البريطانية برئاسة السير اوريل شتاين تحريات أثرية في منطقة تل يربارة ، تلخصت نتيجتها أن منطقة كرمليس و ما حولها تعتبر من أقدم المستوطنات البشرية في العالم ( المصدر : المجلة الجغرافية التي تصدر في لندن العدد 100 لسنة 1943 ص 155 – 166 )
ولذلك لا نستطيع أن نضع سقفا زمنيا لتاريخ الأستيطان في منطفة سهل نينوى ، فإن الكثير من المواقع الأثرية يرجع تاريخ الأستيطان فيها إلى الأدوار ما قبل التاريخ حيث نشأت القرى الزراعية البدائية منذ بدايات الألف الثامن قبل الميلاد  ومن ثم تطورت و توسعت وأصبحت مدنا ثم زالت عن الوجود بفعل عوامل عدة  ثم نشأت مدن أخرى على أنقاضها  وهكذا هو الحال معظم بلدات سهل نينوى  ، وقد نجهل إسمها القديم بسبب عدم وجود مصادر تدلنا على ذلك ، مثل تلكيف
سهل نينوى : متحف مفتوح ، كل شبر فيه هو أثر يستحق المعاينة و الأستكشاف
في سهل نينوى هناك أكثر من 1000موقع أثري مسجل لدى مديرية الآثار ، نذكر منها : مدينة نينوى ، مدينة النمرود (كالح) ، مدينة خورساباد (دور شاروكين) ، بلاوات (إمكوربيل) ، تل غنم وتل بربارة (كار- مليس ) ، أربجية ، تل جنجي ، تبه كورا ، تل يارة ، شيبانيبا (بالقرب من بعشيقة) ، تل يرغنتي ، شيرو ملكثا (بهندوايا) ، خنس ، بافيان ، قناة جروانة (قضاء الشيخان)
وكان لورود أسم نينوى و كالح وألقوش  في الكتاب المقدس الحافز الرئيسي للأثاريين الأجانب للمجيئ إلى هذه المنطقة للبحث عن نينوى و غيرها من التلال و المواقع الأثرية مثل أوستن هنري لايارد عام 1842 م أميل بوتا ، هرمز رسام ، ماكس ملوان زوج الكاتبة العالمية المشهورة أجاثا كريستي . 

سهل نينوى بلد الخير و الطبيعة الخلابة ، فهو غني بمصادر المياه و الأنهار : نهر الزاب ، نهر الخازر ، نهر الكومل ، نهر الخوصر ، نهر بهندوايا ، جدول كرمليس ، عدد من العيون الطبيعية
 ومن الجبال : جبل مقلوب المعروف بجبل الشيخ متي وهو أعلى جبال المنطقة يزيد إرتفاعه عن ألف متر حيث يقع دير مار متي الناسك ، جبل عين الصفرة والمعروف بإسم جبل مار دانيال في قمته أثار دير الراهب دانيال ، جبل بازكرتان ، جبل بعشيقة ، جبل باعذرا والمعروف بجبل ألقوش ، جبل دهكان

تأسيس الدولة الأشورية : ( 1813 ق م – 612 ق م )
خضعت المنطقة إلى السيطرة الأكدية في عهد سرجون الأكدي في أواخر الألف الثالث قبل الميلاد و إلى حكم السومرين في عهد نرام سن  حتى جاء الملك شمشي أدد الأول عام 1813 ق م  مؤسسا الدولة الأشورية بتوحيده أربعة أقاليم هي إقليم أشور ، إقليم نينوى ، إقليم أربا إيلو ، و إقليم أرابخا والتي إستمرت لغاية العام 612 ق م حينما سقطت نينوى على يد الكلدان بتحالفهم مع الميديين ، أي أن الدولة الأشورية عاشت 1200 سنة ، ويعتبر سهل نينوى قلب الدولة الأشورية ،
 و ضم ثلاثة عواصم رئيسية من عواصمها الأربعة وهي حسب تسلسلها الزمني :
 كالح نمرود : (883 – 717  ق م )
كلخو (كالح – نمرود) :  مدينة قديمة يرجع تاريخ الأستيطان فيها الى ما قبل الألف الثالث قبل الميلاد ، وكانت مدينة صغيرة مهملة حتى الربع الأخير من الألف الثاني قبل الميلاد عندما عمرها الملك (شلمانصر الأول) (1280- 1260 ق م  ) فأصبحت من أهم الأمصار الأشورية ، الا ان الدمار أصابها مجددا ، ولما جاء الملك ( أشور ناصربال الثاني) الى الحكم عام 883 ق م . بنى فوق انقاضها مدينة حديثة لتكون عاصمة له . وكان لأختيارها كعاصمة للدولة الأشورية أسبابا أستراتيجية ، من أهمها أولا كونها تقع في الشمال وتتمركز في قلب الدولة الأشورية ، وثانيا لموقعها الحصين اذ تقع عند التقاء نهري دجلة والزاب ، وبذلك يسهل الدفاع عنها . استمرت كالح عاصمة للدولة الأشورية لغاية العام 721 ق م . أي أنها إستمرت كعاصمة لمدة 162 سنة
كارموليسي : إتخذها سرجون الثاني عاصمة إنتقالية  ( 717 ق م – 706 ق م )
كار- مليسي ( Kar-Mullissi ) ( كرملش – كرمليس الحالية )  : عندما تولى الملك (سركون الثاني) عرش الدولة الأشوريةعام 721 ق م ، وكانت العاصمة أنذاك هي كالح – نمرود ، قرر أن يبني عاصمة جديدة له تحمل اسمه وتخلد ذكره ، فأختار موقعا يقع الى الشمال من مدينة نينوى ، فوضع الحجر الأساس لمدينته هذه في السنة الرابعة من حكمه (717 ق م ) ، واستنادا الى الألواح المسمارية التي أكتشفت في (سلطان تبه) في تركيا ومعبد الأله (مامو) في (بلاوات – أمكوربيل ) (Belawat) فان سركون نقل حكمه من (كالح) الى (كرمليس) عام (717 ق م ) مؤقتا متخذا من القصر الملكي الذي كان قد بناه الملك (شلمانصر الخامس) ( 727 – 722 ق م) مقرا اداريا له
 خورساباد دور شروكين ( 707 ق م – 705 ق م )
دور- شاروكين (Dur-Sharukin   ) - خورساباد :   بنيت هذه المدينة فوق أنقاض قرية صغيرة أقدم منها كانت تدعى (مكانيبا) اختارها سركون الثاني ( 721- 705 ق م ) لتكون عاصمة له ، واستغرق بناؤها فترة تزيد على العشر سنوات مستخدما ألاف العمال والبنائين والحرفيين الذين وفدوا اليها من انحاء الأمبراطورية ، اضافة الى الأسرى الكلدان الذين جلبهم سركون الثاني اثر حملاته العسكرية على الممالك الكلدانية وعلى بابل وغيرها من المناطق . فشيد فيها القصور الملكية والمعابد الفخمة التي زينها بالتماثيل والنقوش ، وأحاط المدينة بسور عالي منيع بلغ طوله سبعة أميال تخللته ثمان بوابات ، وتم تدشين العاصمة الجديدة في احتفال مهيب في 22 تشرين الثاني عام 706 ق م . دعي للأحتفال عشرات الآلاف من الضيوف و كان من ضمن الأكلات " كيباباتو " و المشروبات البيرة
 ، نينوى  : (  ق م 705 – 612 ق م )
نينوى (Nineveh  ) :  عروس المدن وسيدة العواصم  ، المدينة التي تجسد فيها التاريخ الأشوري بكل مجده وشموخه وعنفوانه ، تاريخها هو تاريخ الدولة الأشورية بأسره ، كانت فيها البداية حيث كانت من أهم الأمصار عند تأسيس الدولة الأشورية وشهدت ساحاتها النهاية . فيها انتصب المجد شامخا ، وأرتفعت على أرضها رايات العلم والفن والثقافة ، رفيعة العماد ، فسيحة الظلال . لم تكن نينوى كبقية المدن ، هامشا من هوامش التاريخ ، تنتهي بزوالها ويطويها الزمن ، بل هي المدينة التي كتبت اسمها بمداد من الذهب في سجل التاريخ  عندما تولى (سنحاريب) الحكم عام 705 ق م ، اتخذ من نينوى عاصمة لملكه ، فسعى في تعميرها ووسع اسوارها المحيطة بها ، وقد ورد في احدى حولياته ان سور المدينة كان من السعة بحيث يسع ثلاث عربات ، طوله ثمانية أميال وأرتفاعه أربعون قدما ، يتخلله عشرات الأبراج وفيه خمس عشرة بوابة تزين كل منها اربعة (لماسو) (الثور المجنح) يزن كل منها عشرون طنا . لقد عاشت نينوى أعظم امجادها أبان ملوكها العظام : سنحاريب (المحب للعمران) ، أسرحدون (الحليم) ، أشوربانيبال ( المحب للثقافة والعلم )  .
سقطت نينوى عام 612 ق م ، على يد الميديين و الكلدان ، وبسقوطها أسدل الستار عن أعظم  دولة في الشرق الأوسط ودامت 1200 سنة فأصبحت البلاد الأشورية ضمن الأمبراطورية الكلدانية التي سقطت هي الأخرى على يد قورش الفارسي عام 539 ق م . 

بسقوط الدولة الكلدانية إنتهى الحكم الوطني في بلاد ما بين النهرين و بدأت فترة الأحتلالات الأجنبية ، فقد إحتلها حسب التسلسل الزمني كل من الفرس (208 سنة )  و السلوقيون (191 سنة ) الفرثيون (254 سنة ) ، الرومان ، الفرثيون للمرة الثانية ، الساسانيون ( 409 سنة ) لغاية مجيء العرب عام 636 ميلادية بقيادة سعد بن أبي وقاص ودحرهم للساسانيين في معركة القادسية ، إستمر الحكم العربي 622 عاما حتى جاء هولاكو الذي إحتل بغداد عام 1258 م وأسقط الدولة العباسية
قبل أن أتطرق الى القسم الثاني من محاضرتنا هذه ، فاتني أن أذكر أن في سهل نينوى وقعت أكبر المعارك التي غيرت وجه التاريخ : معركة كوكاميلا ما بين الأسكندر المقدوني و داريوس دارا الثالث الفارسي عام 331 ق م ، أنتصر فيها الأسكندر ، قتل فيها أكثر من مائة ألف من الفرس ، و المعركة الثانية هي معركة الزاب عام 750 م ما بين العباسيين و الأمويين في المنطقة المحصورة ما بين نهري الزاب ودجلة ، ويقدر المؤرخون ان المعركة حدثت في مثلث برطلة –  كرمليس  - باخديدا عام 750 ميلادية ، وكانت الغلبة للعباسيين فانهزم جيش مروان وفر إلى مصر حيث قتل في مدينة أبى صير فكان آخر ملوك بني أمية في الشام .‏ وبمقتله انتهت عملياً الخلافة الاموية
إثنيات سهل  نينوى

تعدد الأثنيات في سهل نينوى ليس حديث العهد ، بل أن جذوره تاريخية عميقة ، يمتدد لقرون عديدة
 وبسبب عوامل سياسية و صراع الدول و الأمبراطوريات وإستحواذها على المنطقة وإحتلالها
لمئات السنين مثل الفرثيين  واليونانيين و الرومان و الفرس  و العرب و المغول و الأتراك ، الذين أثروا وتأثروا في المجتمع العراقي كثيرا في الثقافة والعادات و التقاليد والأعراف واللغة وحتى العقائد  . ورغم زوال معظم تلك الاحتلالات من أرض العراق إلا أن أعدادا ليست بالقليلة إستقرت في العراق وتكون نتيجة لذلك مجتمعا فسيفسائيا جميلا من مختلف الأعراق  ضمن إطار يحدده الأنتماء للوطن . فلنا في سهل نينوى  المسيحييون ( الكلدان ، الأشوريون ، ألسريان ) ، الشبك ، الإيزيديين ، الكاكائية أو الصارلية ، العرب والتركمان
مفهوم القومية : كان مفهوم القومية حسب النظرية الكلاسيكية القديمة يحدده إطار " الوطن " ، والتي يعني " المكان الذي يولد ويترعرع المرء فيه " ، فكان يتم تعريف القوم بأنهم " مجموعة من البشر تسكن في منطقة جغرافية محددة " ويتسمون بإسم تلك المنطقة ،  إلا ان النزعة القومية على أساس عرقي أو إثني بحسب ما يراه بعض علماء الأجتماع قد برزت وإستفحلت بقوة في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي عندما بدأت بعض الشعوب ذات الخصوصية العرقية أو الأثنية أو الدينية تنتفض ضد الأمبراطورية العثمانية وتنادي بإستقلالها ككيان وطني متميز عن بقية أجزاء الأمبراطورية . إذ لم يكن مفهوم القومية قبل القرن التاسع عشر ذات دلالة عرقية أو إثنية .
أن مفهوم القومية ، بلا شك ، هو موضوع معقد وشائك ، بسبب تشابك و تداخل العناصر والعوامل المكونة للهوية القومية ، منها العامل الجغرافي وعوامل التاريخ واللغة والتراث ، إضافة  الى " الأثنية " التي ترتبط بالعناصر البيولوجية ( رابطة الدم والأنساب ) والسوسيولوجية (التقاليد والأعراف)  ، فتضع الأنسان ضمن حدود الأنغلاق العرقي ( بتجذره التاريخي والتقليدي بما يكتنفه خليط من الأصالة والأساطير)  والتقوقع الأجتماعي والثقافي ، أما عامل الدين وتفرعاته المذهبية وعلاقته بهوية الأنسان وإنتمائه  القومي ، فهو عامل معقد وغامض في الغالب  . أن عامل المذهب الديني بلاشك هو من العوامل القوية التي تعطي للجماعات الدينية ذات المذهب الواحد مصادر قوة وتلاحم وتجاذب مع بعضها البعض ،  وقد يكون عاملا  في التباعد والتنافر بين الجماعات التي لها نفس التاريخ واللغة والتراث غير انها تختلف في المذهب أو العقيدة   وقد يساعد لاحقاً في تحول هذه الجماعة إلى كيان قومي منفصل أساسه المذهب ليس إلا .
 لضيق الوقت سوف نلقي الضوء على  إثنيتين من إثنيات سهل نينوى و هم الشبك و الأيزيديين إ
المسيحيون :
الكلدان – السريان – الأشوريون : هم أمة واحدة و إن أختلفت مسمياتهم نتيجة إنتماءاتهم الكنسية ليس إلا . 
البلدات التي غالبية سكانها من المسيحيين :
في قضاء الحمدانية : باخديدا (قره قوش) مركز قضاء الحمدانية – ، برطلة (ناحية) ، كرمليس ، بعشيقة (ناحية) ، بحزاني ، ميركي ، مغارة
في قضاء تلكيف :  تلكيف (مركز قضاء) ، باطنايا ، تللسقف ، باقوفا ، ألقوش ( ناحية ) ، بي مريم ، بهندوايا ، الشرفية ، بيوس ، باعويرا
العديد من القرى و البلدات المسيحية في سهل نينوى  إندثرت و زالت من الوجود بسبب الحروب و الكوارث نذكر منهم : أفرنتا ، إسطوان ، باجبارى بلدة البطريرك إيشوع برنون ، تل عيسى ، بيث بوري ، بيث قواز ،

أما القرى التي كانت غالبية سكانها من المسيحيين والتي ما زالت قائمة لحد الآن ، غير أنها خليت منهم تماما وهجرت نتيجة الحروب والغزوات التي طالت المنطقة وخصوصا حروب تيمورلنك في بداية القرن الخامس عشر ونادرشاه طهماسب قولي خان الفارسي عام 1743 م ، نذكر منها :
بيث جورباق ( باجربوعة ) ، بيث زاوا (بازاوايا) ، بيث دانيال ( بدنة ) وكانت هذه القرية أهم من باخديدا بالنسبة للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في القرن الرابع عشر الميلادي ، بيث شبيثا ( باشبيتا الحالية) حيث العديد من العائلات التلكيفية ترجع أصولها الى هذه القرية ، وبيث سحرايي ( باسخرا).

المزارات المسيحية
 دير الشيخ متي ، دير مار بهنام ، القديسة بربارة (كرمليس) ، دير الربان هرمزد (ألقوش) ، دير مار أوراها (باطنايا) ، دير مار كيوركيس (بعويرا) ، مزار مار قرياقوس (باخديدا) ، دير نقورتايا ، عدد من الكنائس الأثرية في معظم البلدات التي يقطنها المسيحيون .
الأديرة في سهل نينوى  : لن نغالي أبدا أذا قلنا ، انه ليس هناك منطقة في الشرق الأوسط بأسره تضاهي سهل نينوى بعدد الأديرة التي تأسست فيها ، فقد شهدت هذه المنطقة من جبال باعذرا شمالا الى إلتقاء الزاب الاعلى بنهر دجلة جنوبا عشرات الأديرة كان للكثير منها دورا رياديا وجوهريا على الصعد الدينية والثقافية والحضارية ، انارت بإشعاعها حياة المؤمنين عبر مسالك الديجور والظلام الذي خيم عليهم ، إلا أن أشهرهم إطلاقا هما دير الربان هرمزد في ألقوش الذي كان مقرا لجثالقة كنيسة المشرق  ( 1497 – 1804 ) و يضم أضرحة لتسعة بطاركة ،  والدير الاخر الذي لا يقل شهرة هو دير الربان برعيتا ( 562 م ) الذي كان أساسا لكل الأديرة في سهل نينوى ، إلا أنه مندرس

الشبك:
 أصلهم : كلمة الشبك تتكون من مقطعين " الشاه " و " بك " وهي من إندماج مفردتين شاه الفارسية و بك أو بكلر التركية  شاه بك ثم شاع لفظها بالشبك
تاريخ تواجدهم في المنطقة : هناك إختلاف كبير بين المؤرخين على أصولهم و تاريخ تواجدهم في العراق و خاصة في سهل نينوى ، إلا أن الغالبية ترجح انهم من بقايا قبائل القره ناز التركمانية الأصيلة و التي كانت جزءا من جيش جنكيزخان ( ت 1227 م )  في غزواته الى المشرق ،  والذين أسسوا بعد ذلك دولة الآق قويونلو وقره قويونلو التي حكمت العراق  ما بين 1410 و 1468 م و بعد سقوط دولتهم إستقرت بقايا تلك القبائل في مرج الموصل ،
فإذن إن الشبك هم من الأقوام التي قدمت من المشرق واستوطنت منطقة مرج الموصل و اختلطت و تصاهرت مع بعض العشائر العربية و الكردية والتركية ومع فلول و بقايا جيش نادر شاه الفارسي  إثر هزيمته في حصار الموصل عام 1743 ،  و انصهروا جميعا في بودقة الشبك .
كذلك يعتقد المؤرخ  أحمد الصراف أن الشبك أتراك اختلطوا مع عشائر باجوان والاكراد والتركمان والعرب، وان لسانهم خليط من الكردية والعربية والفارسية والتركية. والاخيرة غالبة على لسانهم. أن الأكراد يعتبرون الشبك ضمن القومية الكردية
 قياداتهم المحلية يؤمنون بأنهم قومية ومكون خاص هو الشبك ويرفضون كونهم جزءا من التركمان حتى لو كانت أصولهم واحدة
ليس لدينا إحصائيات عن عدد الشبك في العراق ما عدا ما أصدرته الحكومة العراقية في  إحصاء عام 1977 و هو 80 ألفا .  يسكنون في أكثر من ستين قرية في سهل  نينوى ويشكلون الغالبية في ناحية بعشيقة ضمن قضاء الحمدانية 
، والمناطق تلك هي: علي رش، بازكرتان، عمركان، كورة غريبان، كوكجلي، زهرة خاتون، مفتية، قرقشة، ابو جربوعة، خرابة سلطان، النوران، باريمة، بدنة كبير، بدنة صغير، بازوايا، خورسباد، العباسية، دراويش، تليارة، الفاضلية، منارة شبك، جليوخان، اورطة خراب، جنجي، باشبيتة، ديرج، بلاوات، بايبوخت، شهرزاد، طهراوة، ترجلة، السادة، بعويزة، الموفقية، قرة تبة شبك، طوبزاوة، اللك، شيخ امير، خزنة تبة، شاقولي، عمر قابنجي، ينكجة، خويتلة، السلامية، باصخرة، بئر حلان، قزفخرة، السماقية، طواجنة، طويلة، طبرق زيارة سفلى، طبرق زيارة عليا، قرة شور، كانوتة، كبرلي، النجفية، قرة تبة عرب
عقيدتهم :  الشبك مسلمون ، وينتمون غالبيتهم الى مذهب أهل البيت  ومن الكتب المعتبرة لديهم كتاب [بويروق] وهو مكتوب باللغة التركمانية ومعناه [ كتاب الأوامر ]
لغتهم :

الأيزيديين:
 يقطن الأيزيديون في منطقتين في سهل نينوى الأولى في ناحية بعشيقة – قضاء الحمدانية  و الثانية في قضاء الشيخان ، إلا ان تواجدهم في جبل سنجار هو الأكبر
يعتبر الأيزيديين أنفسهم من الشعوب العراقية القديمة ، و يدعون أن ديانتهم قد إنبثقت عن الديانة البابلية القديمة  وتحديدا الديانة الكلدانية  النابوية ، و يرى البعض أن ديانتهم خليط من زرادشتية و مانوية , كتابهم المقدس هو ( مصحف رش ) أي الكتاب الأسود ، و مكتوب باللغة السريانية القديمة .
الأيزيديون يدعون إنهم موحدون في عقيدتهم ، فهم يتعبدون لإله واحد و يسمونه ( خدا ) الذي خلق الكون وبما فيه و خلق سبعة ملائكة لأدارة شؤون الكون ، كبيرهم هو الملك طاووس ،  وان عيسى إبن النور الإلهي و إبن مريم هو أحد هؤلاء الملائكة
اليوم المقدس لدى اليزيديين هو يوم الأربعاء ، يصلون عند الفجر و عند الغسق ، يصومون مرتين في السنة كل منهما 3 أيام ، يحتفلون بعيد رأس السنة ( ساري صال) في أول يوم أربعاء من شهر نيسان – إسوة بالتقليد البابلي
مزاراتهم : معبد لالش في منطقة الشيخان  الذي كان في الأصل ديرا نسطوريا للراهب إيشوع سوران الذي استولى عليه عدي بن مسافر الاموي في حدود عام 1220 م ، لهم مزارين في بلدة بعشيقة و عدة مزارات في بحزاني .
  : البلدات التي يقطنها الأيزيديون :   
باحزاني (مقر هام للأيزيديين) وفيها العديد من مراقد أئمتهم ، باعذرا ( مقر أمير الأيزيدية ) ، بوزان ، الشيخ ابو بكر ، عين سفنى ، دوغات ، حتارة ، بيبان ، مام رشان ، محمد رشان ، نصيرية ، مجمع شاريا ، مجمع خانك ، مجمع رسالة ، نصيرية

 الكاكائية :
 هم مسلمون ، و يقدسون الأمام علي ، ويعتقدون أن روح الله نزلت عليه ، يصلون مرتين في اليوم قبل الشروق و قبل الغروب ، تعدد الزوجات محرم لديهم ، و الطلاق بينهم نادر جدا ، الرجال يحرم عليهم تقصير الشوارب مهما طال ،
 يسكنون في قضاء الحمدانية في  كبرلي ، زنكل ، وردك و لديهم مزار سيد هياس  الذي تم تفجيره . تل اللبن كزه كان ، مجيدية ،

ألعرب :
وفي سنة 637 م  جاءها  العرب المسلمون  مستهدفين فتح الموصل  ضمن ما يسمى بالفتوحات الأسلامية فقاتلهم سكان الحصن الشرقي الواقع على تل التوبة  إلا أن العرب  إستولى على الحصن عنوة  ومن ثم عبر نهر دجلة مستهدفا حصنها الغربي المسمى حصنا عورايا ، فصالحه أهل الحصن مقابل دفع الجزية والأذن بالجلاء لمن يريد الجلاء ( التاريخ يعيد نفسه ) ، وفي هذه الفترة أطلق على منطقة حصنا عورايا تسمية الموصل ، لأنها ملتقى الطرق المؤدية الى الشرق وإلى الغرب .   وعندما تولى عتبة بن فرقد السلمي أمرالموصل  بنى عوضا عن الحصن أو القلعة  دارا للأمارة وإلى جانبها مسجدا ( المسجد الأموي )  ، يقول البلاذري في كتاب "  فتوح البلدان . . "  أن عمر بن الخطاب عين على الموصل عرفجة بن هرثمة البارقي ، فجاء هذا الى الموصل ، فوجد بها الحصن ، و بيعا للنصارى ، ومنازل لهم ، و محلة لليهود ... " . وأسكنها بأربعة آلاف من الأزد وطيّء وكندة وعبد القيس وكان هذا اول تواجد للقبائل العربية في حصنا عبرايا - مدينة الموصل  ، فقبل ذلك التاريخ لم يوجد عربيا واحدا في المنطقة ، في تسعينات القرن الماضي أعطت الحكومة العراقية آلاف القطع السكنية للقبائل العربية  في ناحية النمرود
التاريخ يعيد نفسه وبأبشع صوره :
1-   غزوات المغول :  1236 – 1262  لقد عانت بلدات سهل نينوى و خاصة المسيحية منها  ، مثل مجزرة كرمليس و تللسقف ( في عهد أوكتاي خان إبن جنكيز خان ) عام 1236 م  حيث قتل الالاف من سكانها ، ففي عام 1919 م إكتشف في دير مار يونان في كرمليس على سردابين مليئين بآلاف الهياكل العظمية ، أحدهما للجذوع و الآخر للجماجم ) وهي تعود لمجزرة المغول في كرمليس 1236 م
2-   غزوة نادر شاه  1743 : تم إحتلال و تدمير العديد من بلدات سهل نينوى وخاصة كرمليس التي ضربها بالمدافع لمدة أربعة أيام متتالية فأباد من سكانها الكثير و دمر غالبية بيوتها و لم يسلم من دورها سوى أربعين دارا . هجرت العديد من القرى و البلدات المسيحية و لم يرجع أهلها إليها بسبب إستيلاء الأخرين عليها مثل باشبيتا التي كانت مدينة كبيرة وإن العديد من العائلات التلكيفية ترجع أصولهم إلى باشبيتا ، باسخرا ، بدنة (بيث دانيال ) ، بيث جربوعة ،   
3-   غزوة داعش ( الموصل 10 حزيران 2014 ،  سهل نينوى 7 آب 2014) 
في العاشر من حزيران 2014  إحتلت الدواعش مدينة الموصل و في 7 أب 2014 زحفت نحو بلدات سهل نينوى مما إضطر سكانها الهرب نفاذا بجلدهم ( بلغ عدد النازحين من البلدات المسيحية  حوالي  12000 عائلة ) ( 7625 عائلة من بغديدا ، 1699 عائلة من برطلة ، 1139 عائلة من الموصل ، 762 عائلة من كرملش ، 302 من بعشيقة ... ) لقد أعاد التاريخ نفسه .
إستمتع رواد الصالون بالمعلومات الشيقة والغزيرة التي استعرضها المحاضر والتمس منه الإستمرار رغم انتهاء الساعة المخصصة لوقت المحاضرة . وكانت هنالك مداخلات متعددة أغنت الموضوع علماً وزادته بهاءً .
إختتم الأخ كمال زورا  مدير المحاضرة الأمسية بشكر المحاضر والحضور , ودعا الجميع للتواصل خلال الفترة الإجتماعية بعد أن أعلن عن المنهاج القادم .

تعتذر نواة الصالون الثقافي الكلداني عن خلو التغطية من اللقطات التصويرية للأمسية وذلك لحدوث ضرر غير قابل للتصليح في كارت الكاميرا .

-   موعدكم مع النشاط الثقافي لمساء الخميس  13 كانون الاول   2018 والموسوم "  إحتمالية التأثير الوراثي في الزواج " يقدمه الدكتور جان قاصد على قاعة كنيسة العائلة المقدسة الكلدانية الكاثوليكية في وندزر كندا .  .
 فأهلاً وسهلاً بالفكر النيّر والعقل الواعي الملتزم



ألأعزاء رواد الموقع
ينوه الصالون عن إعتماد الصورة الخاصة بالمحاضر ومدير المحاضرة من آرشيف نشاطه الثقافي