المحرر موضوع: رسالة مفتوحة الى رعاتنا البطاركة الأجلاء لمناسبة مقدمكم الميمون، أمنيات بقيت مؤجلة  (زيارة 1078 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الأب نويل فرمان السناطي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 169
    • مشاهدة الملف الشخصي
رسالة مفتوحة الى رعاتنا البطاركة الأجلاء
لمناسبة مقدمكم الميمون، أمنيات بقيت مؤجلة

الأب نويل فرمان السناطي
بغداد
 
منذ صدور بيان الموقع الالكتروني البطريركي الكلداني المرحب بقدوم  اصحاب الغبطة والنيافة البطاركة (26-30 تشرين الثاني 2018) ومع البهجة بلقائهم على أرض العراق الجريح، يفيض القلم بأمنيات بقيت مؤجلة، هذا بعض منها. وإني ممتن لهذا الموقع، في بطريركية بابل، وهي البطريركية الكاثوليكية الوحيدة في العراق، ممتن لهم إذا تفضلوا بنشر هذا المقال.
بادئ ذي بدء، ولما كان الحديث عن قدوم بطاركة الشرق، ربما رواد البعض وأنا أحدهم انطباع بسيط لحد السذاجة ان الحديث كان عن بطاركة كنائس الشرق، وليس البطاركة الكاثوليك حصرا. فنجم عن هذه الفرحة المؤجلة، هذه الاسطر الحبلى بالامنيات الانسانية والمكتنزة بالرجاء المسيحي.

فأن تأتوا يا رعاتنا الأحبة الى بغداد بعد كل ما عاشته بغداد، وأن تجتمعوا فيها، فهذه فرحة حققتموها بعد طول انتظار، مع أمنية أن يكون قدومكم نقطة انطلاق جديدة فيها الكثير من التطلعات:
 وأن تتداول الاخبار بأنه ضمن تطلعاتكم بشأن هذا اللقاء، هو التطلع الى الوحدة، مع احترام وجهات النظر والأفكار، فهذا تطلع يجعل المرء يضرب كفا بكف، متسائلا:

فأن يتعلق الأمر بوحدتكم وشركتكم التامة مع الكرسي الرسولي، فهذا أمر مفروغ منه بنعمة الرب.
 وأن تتطلعوا الى الوحدة مع الكنائس الشقيقة لكل من كنائسكم، فالمسار هذا بذاته، أخذ منحى التداول المباشر على قدم وساق بين تلك الكنائس الرسولية غير الكاثوليكية وبين الكرسي الرسولي؛ وفي هذا الصدد كان الكردينال روجيه ايتشيغاراي قد قال ما معناه: ما أن تتفق الكنائس الارثوذكسية مع الكرسي الرسولي على موقع البابا في الوحدة، فإن شقيقاتها الكنائس المتحدة بروما عابرة... وجاء الوصف ضمن عبارة
Se déraper
مما يصعب ترجمته بمجرد فعل العبور.

أما أن يكون التطلع الى وحدتكم فيما بينكم، فهذا بالفعل هو بيت القصيد، ولجملة ملاحظات:
عدد مبارك من بطاركتنا الاحبة يتجاوز عدد اصابع اليد، مع اننا، لم نحفظ  من اسمائهم الا ما هو أقل من النصف، وقلما نستطيع ان نضع الاسماء على وجوه عدد منهم. وخصوصا لما ترافق الاسماء قائمة من الاسماء الطقسية العريقة.
أما كمسيحيين في الشرق الاوسط، فنحن والحمد لله نتجاور ونتصاهر، نتعاشر ونتسامر. مع أن كنائسنا المتجاورة ايضا، كادت كل منها تواجه التحديات لوحدها، بين البقاء والزوال. وتكاد تحير كل منها لوحدها بشحة الكهنة، وقلة الدعوات الكهنوتية والرهباينة والعلمانية، مثلما تواجه الأعباء المادية في الصيانة والحماية كما في إدارة بيت مال المؤمنين.
أما في بلدان الانتشار، في المهجر، فيحاججني مؤسسو الخورنات الجديدة لتتجاور هي الاخرى مع الخورنات الكاثوليكية الشرق الاوسطية، والتي لا يفصل المؤمنين فيما بينها سوى شارع أو إشارة ضوئية، يحاججوني، بأن كلا من كنائسنا تحمل غناها الطقسي الليتورجي والتراثي وكنوز ميراثها الروحي.
في الحقيقة، أقرّ بأني لست أدرى، عن أي تميز يتكلمون، وعسى ألا يكون التميّز في الاعياد الوطنية والفولكلورية، فهذا تحققه المجتمعات المدنية والبلدان وتنظمه جمعياتها العلمانية في العالم.
أجل أتساءل عن أي تميّز يتكلمون، وقداديسنا جميعا، من بغداد إلى اقاصي الارض، إلى جانب ما يقام منها باللغة الطقسية، قداديسنا جميعا تستخدم اللغة العربية، وتترجم ترانيمنا الطقسية في مجمل كنائسنا المشرقية، الى اللغات العالمية المحلية.
وأتساءل والحال هذا على ما تتنافس الخورنات مع بعضها، وهي بمجملها الصلاة بالعربية أو اللغات المحلية.
إنها تتنافس على رؤوس مؤمنيها؛ ومؤمنوها حائرون مع انفسهم، وفيما بينهم، إلى اي كنيسة يذهبون.
 حائرون بين أن يذهبوا الى كنيسة قريبة، أم كنيسة ألفها أولادهم، ام كنيسة يجتذبهم كاهنها إليه بشتى الطرق، وفق مبدأ لا يوجد فرق بيننا كلنا من العائلة الكاثوليكية.

فإذا كانت الكثافة السكانية في بلدان الكرسي البطريركي، لم تزل تسمح بشيء من الاستقلالية وفرض الضوابط الادارية في منح الاسرار والتفسيح والبطلان، فإن الكثافة هذه باتت مهددة يوما بعد آخر، ومواجهة النقص في خدام الاسرار متزايدة خصوصا أمام تحديات وجودنا في ظروف بقيت بمرور الزمن استثنائية. فكيف الحال مع خورناتنا في المهجر سواء في المدن المركزية الكبرى أو المدن النائية؟ 

لا يرمي هذا المقال إلى يندب الحال، بل يحمل تمنيات باتت مؤجلة بحثا عن حلول جذرية، أمام الواقع هذا، الذي يكاد عائق الاختلاف فيه، يضاهي عائق الوحدة مع الكنائس غير الكاثوليكية. لقد تفرّق مسيحيونا في النواحي الطقسية والادارية خلوا من الحدّ الأدنى من التنسيق المركزي الراعوي لخدمة جميع مؤمنينا في كافة رعايانا، وذلك لذرائع ليس الآخر فيها الواعز المادي المالي، مما أدى إلى تشرذمهم إلى فئات مجهرية، تشرذم قد يكون السبب في تسرب الكثيرين من مؤمنينا الى الكنائس غير الكاثوليكية رسولية كانت أو انجيلية.
افكار كانت في ذهني، عندما قلت يوما في المطار لأسقف زائر من إحدى ابرشياتنا الكاثوليكية المشرقية: سيدنا اتفقوا فيما بينكم، بشأن التنسيق في الخدمات الكنسية والأسرارية، كرعاة ابرشيات، فنحن الكهنة متفقون اصلا.

لذلك فإن مثل هذه التطلعات، وككاهن في بلاد الانتشار، كنت قد سعيت الى عرضها في مقال سابق تحت عنوان: مع انضمام ابرشية سريانية الى الابرشيات المشرقية، ملف جزئي عن خارطة الابرشيات الكاثوليكية بكندا (في الرابط أدناه)

ومن المعروف أن بقاء خصوصية الكنيسة ذاتية الطقس والادارة، كان احدى تطمينات الكرسي الرسولي في محافظتها على اصالتها، لكن هذه الاصالة باتت، مع تواتر الزمن، شبه متحفية، ويمكن صونها بطرق ابتكارية ومعاصرة عدة.
لذلك لم يكن من فراغ ما بادر البطريرك الكردينال مار لويس روفائيل ساكو، عندما تمنى في أحد اللقاءات أن يصار الى انتخاب عميد للبطاركة الكاثوليك، وبتواضع اقترح غبطته واحدا منهم.

من ناحية أخرى، وللنظر في خبرات مماثلة إلى حد ما، يمكننا أن نقارن التباين الثقافي التراثي واللغوي في الخورنات العاملة ضمن الابرشيات الكاثوليكية (اللاتينية) عندئذ نجد أن هذه الابرشيات توفر مساحة مناسبة ومتكافئة من الخدمة، كما توفر الوئام بين الكهنة، والمناورة في الحاجة الادارية والخدمية:
ففي احدى الابرشيات الكاثوليكية ذات اللغة الانكليزية، توجد خورنات كاثوليكية منها المانية واسبانية واوكرانية وهنغارية وايطالية وبرتغالية، وفرنسية،  يلتم كهنتها مع بعضهم، وينسقون فيما بينهم في الخدمات حسب الحاجة، تحت اشراف مطران كاثوليكي واحد في المدينة، ولكل من هذه الكنائس تراثها، وعندما يغيب عنها كاهن، أو يرحل، يعوضها الاسقف بكاهن يعرف لغتهم او يتعلمها، فيما يدأبون على الاجابة والقراءات بلغاتهم الطقسية. ليستجد التساؤل الآتي:
 كيف يا ترى لا يمكن لاسقف كاثوليكي من الشرق أن ينسق في الخدمات الكهنوتية لرعاية شرقيين كاثوليك يتكلمون العربية ذاتها، في حين يصعب ايجاد كاهن طقسي لرعية ذات عدد ضئيل.

معالجة ما نعيشه من تشتيت للطاقات الخدمية الاسرارية قد تكون واحدة من هذه الامنيات المؤجلة، ويراود المرءَ العشمُ كل العشم، أن يصار الى حد أدنى من الحل بشأنها في اجتماع رعاتنا الأجلاء. فلو تحقق شيء، باتجاه توحيد الخدمات الاسقفية في المناطق النائية، ومنح الصلاحيات ثنائية الطقس للكهنة، لو حصل شيء منها، فمن المرجح انه سيتوفر المزيد من الكهنة لخدمة المؤمنين المشرقيين حسب الحاجة الفعلية لعددهم. ومع حلول في توأمة بهذا الاتجاه من المعتقد أنه سيتوفر عدد أكبر للاساقفة في أبرشيات جديدة منتشرة في بلدان المهجر. كل هذا في سبيل رؤية مسيحية مشرقية موحدة...
أمنيات من القلب موضوعة أمام الآنظار الأبوية لرعاتنا الأحبة

7 تشرين الأول 2018
رابط المقال المنشور سابقا في موقع عنكاوا دوت كوم بعنوان:
((مع انضمام ابرشية سريانية الى الابرشيات المشرقية، ملف جزئي عن خارطة الابرشيات الكاثوليكية بكندا))
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=807674.msg7463130#msg7463130