المحرر موضوع: الإسلام هو الحل  (زيارة 1574 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سمير يوسف عسكر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 335
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الإسلام هو الحل
« في: 04:24 15/11/2018 »
الإسلام هو الحل؛ هو شعار تبناه جماعة الاخوان المسلمين وعدد من الحركات والأحزاب الإسلامية. ولقد استخدم للمرة الأولى بواسطة الاخوان المسلمين في مصر عام 1987 (سياسياً). ويهدف متبنيوه هذا الشعار الى تطبيق الشريعة الإسلامية والعمل بالمبادئ الإسلامية في المجتمع على أساس انه المصدر الرئيسي للتشريع. لِمَ لا؟ من أجل فكر إنساني عقلاني علمي تقدمي. (لِمَ لا؟ فيما إذا الدين سماته التعايش السلمي بين الشعوب وهو الذي يحفظ كرامة وحقوق الإنسان ويحرص على احترامه في منهجية قائمة على العدالة والمساواة واستيعاب جميع البشر ضمن مبادئ رفيعة للمجتمع. خضوعاً لقول الحق كما جاء في سورة الحجرات اية 13: يا أيها الناس إنّا خلقانكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لِتعارفوا ان أكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير... والقران يشيد بالرهبان وبالقساوسة ويعتبرهم أقرب مودة للذين آمنوا للذين آمنوا؛ المائدة 82. وايضاً القرآن يتحدث عن الانجيل بقوله: فيه هدى ونور؛ سورة المائدة 46... لذلك ان العلاقة بين المسلم والمسيحي تحديداً ليست علاقة تسامحيه ولكنها علاقة إيمانية مبنية على الإيمان في أساسه. اما العلاقة التسامحين ففيها فوقية المتسامح اتجاه المتسامح معه، وهذه لا تكون هناك في العلاقات بين الأديان علاقة تسامحيه بمعنى أنا كمسلم لا يمكن ان اتسامح في نص ديني من أجل استرضاء الآخر أيّاً كان دينه). هذه الجماعات والحركات والأحزاب الإسلامية ستجد نفسها أمام خيارين لا ثالث لها، إما ان تتبنى حكماً علمانيا ديمقراطياً كما في أحزاب الدول الإسلامية، لتخسر بهذا ما كانت تتمايز به الأحزاب الأخرى وتخسر قداستها، او تعاند الحقائق وتصطدم بحائط العناد والفشل وتنتهي من هذه الحكاية رغم فداحة الثمن، ويعرف الناس أين أوصلهم خيارهم. ورّد الكثير من الساخرين على الاخوان المسلمين الذين رفعوا شعار (الإسلام هو الحل)، قائلين: صحيح الإسلام هو الحل لكن أنتم المشكلة!! اقتصاديا، تبدو عقيدة الاخوان الاقتصادية حول المؤسسات والمشاريع الحرة التي لا يقيدها تدخل الدولة، وأنها متساوقة مع مبادئ الليبرالية الجديدة. وينطبق ذلك بشكل خاص على نسخة هذه العقيدة التي عبر عنها خيرت الشاطر الرأسمالي جداً والرجل الثاني في ترتيبه الاخوان بعد المرشد الثامن محمد بديع عبد المجيد في مصر، او تلك التي عرضها حسن المالك العضو البارز ومن كبار الثراء في الاخوان والذي يدير مع أبنه، بعد أول ظهور له في عالم الاعمال في شراكة مع الشاطر، كوكبة من الشركات في مجال المنسوجات والتجارة والاثاث اثناء حكم الاخوان المسلمين. ان ما هو موضوع شك، بكل وضوح، ليس ولاء جماعة الاخوان للرأسمالية النيوليبرالية الموروثة منذ عهد حسني مبارك، وإنما قدرة الاخوان على عرض أسوء خصائها. (النيوليبرالية هي فكرة أيديولوجي مبنية على الليبرالية الاقتصادية التي هي المكون الاقتصادي لليبرالية الكلاسيكية والذي يمثل الرأسمالية المطلقة وعدم تدخل الدولة في الاقتصادية). وأصبحوا أولئك الذين يتاجرون ب (أفيون الشعب) هم الحكومة. ويبدو ان القوة التنويمي لوعدهم قد تضاءلت حتماً نتيجة لذلك، وهو ما يتم -وهذا فرق آخر بين الخميني من جهة، وراشد الغنوشي ومرسي من جهة أخرى- لأنها ليست لديهم ميزة امتلاك ريع كبير لشراء موافقة او تسليم شريحة واسعة من السكان. وكان مكسم رودنسون قد طرح هذه القضية قبل أكثر من 30 سنة من الزمن حين قال: (ان الأصولية الإسلامية هي حركة انتقالية مؤقتة، ولكنها ممكن ان تستمر لعقود. وحيث لا تكون الأصولية في السلطة، فإنها ستضل تبدو وأنها مثالية طالما ظل الإحباط والسخط الاساسيان قائمان، ويقودان الناس الى اتخاذ مواقف متطرفة). ومنذ ظهور الشعار (الإسلام هو الحل) تصدى له العديد من المفكرين المستنيرين (من الإسلام وعلى رأسهم د. فرج فوذة) الذي كشف بذكاء وجرأة خطر ذلك الشعار وأوضح أنه لا يشتمل على أي مضمون حقيقي، لا تاريخي ولا معاصر، وأنه لا يرقي الى مستوى أي تطبيقات اجتماعية او سياسية فاعلة تخرج بالمجتمع الإنساني من أية إشكالية اقتصادية او اجتماعية او سياسية تواجهه. كتب ذلك في كتابه (الحقيقة الغائبة). منتقداً ذلك الشعار الذي لا يُقدّم أي حل للمشاكل التي يمر بها المجتمع. ويقول: (إنك إن انتقلت من عهد عثمان الى عهدنا الحاضر لا تجد شيئاً قد أختلف أو ستجد سواء لحل مشاكل المجتمع او بالنسبة لمواجهه السلطة إن انحرفت من خلال منظور إسلامي، وحل مشكلة المجتمع، ويقول: أسألني وأسأل نفسك؛ كيف ترتفع الأجور وتنخفض الأسعار إذا طبقت الشريعة الإسلامية؟ كيف تحل مشكلة الإسكان المعقدة بمجرد تطبيق الشريعة الإسلامية؟ كيف تحل مشكلة الديون الخارجية بمجرد تطبيق الشريعة الإسلامية؟ كيف يتحول القطاع العام الى قطاع منتج بما يتناسب وحجم استثماراته في ظل تطبيق الشريعة الإسلامية؟) هذه مجرد عينات من الاسئلة، وهم إن حاولوا الإجابة وجدوا أنفسهم أمام المأزق الذي يدور هذا الحوار حوله، وهو وضع برنامج سياسي كامل. بل إن تفرغهم للإبداع (النقلي) من اجتهادات القرن الثاني الهجري يمكن ان يقودهم الى تعقيدات المشاكل من حلّها. بالطبع لم تحتمل التيارات الدينية السياسية تلك المراجعات الذكية والاسئلة الصادقة التي ضربت في صميم دعوتها فما كان منها إلاّ أن أحالت المعركة الفكرية لساحات التخوين والتكفير والقتل فتواطأت جهات عديدة منها الاخوان أنفسهم على اصدار فتوى تصفية د. المرحوم فرج فوذة. وصدرت فتوى القتل من قبل الاخواني المعروف (د. محمود مزروعة) أستاذ العقيدة بجامعة الازهر والشاهد الرئيسي في قضية مقتل فوذة، وقام مسلحان بتنفيذها ينتميان للتنظيم. بعد 10 سنوات من الحكم المطلق للسودان، أعلن حسن الترابي فشل تطبيق الشعارات وقال انهم جاءوا لحكم بعد 14 قرناً من الزمان ولم يجدوا نموذجاً إسلامياً يحتذى في أمور الحكم والدولة والسلطان، وعندما سُئل في حوار معه صحيفة الاتحاد الإماراتية في نيسان/ 2004 عن شعار (الإسلام هو الحل) قال: (حينما قابلت عباس مدني الزعيم الإسلامي الجزائري في الدوحة نصحته واخوانه ألاّ يدخلوا الانتخابات الجزائرية وسألتهم ماذا أعددتم من برامج الحكم؟ وقلت لهم ان شعار الإسلام هو الحل لا يكفي). وأخيراً جاء الرجل الثاني من حركة النهضة التونسية (عبد الفتاح مورو) ليدُق المسمار الأخير في نعش ذلك الشعار بكلمات واضحة وذلك في الحوار التي أجرته معه مجلة (العربي الجديد في أكتوبر/2014) حين سُئل السؤال التالي: (ماذا يعني في ضوء ما تقول ان الإسلام هو الحل؟ فأجاب: الإسلام هو الحل شعار فارغ دُرج عل ألسنة الشعوب وعلى السُنّة قاده الحركات الإسلامية من دون وعي بمضامينه، وهو يشبه شخصاً مريضاً يأتي للعلاج فيُقال له بأن الطب هو الحل). ولكن على الرغم من هذا الإقرار الواضح بفشل الشعار بعد تجربة الحكم في السودان ومصر، ورغم الاعتراف بأنه شعار فارغ فإن جماعات كثيرة داخل تيار الإسلام السياسي ما تزال متعلقة به، مما يشير بعمق المأزق الذي يُعاني منه ذلك التيار وصعوبة الخروج منه. انه التعصب الديني يقوده إلى الاخوان، وهم بدورهم يضفون عليه مزيداً من التعصب. ما الحل الذي يعنيه؟ لا شيء إلاّ الشعار، والرأي في (الاخوان المسلمون) الدين طريقهم للسلطة.. ومشروعهم مجرد شعارات مطاطية. هذا الامر سيدفع للإطاحة بحركة النهضة في تونس، وبحركة حماس في غزة وفي سوريا، يبدو ان دور الإخوان قد انتهى ويُهمش كل الأصوليين في المنطقة.
                                                                      الباحث/ ســــمير عســــكر