المحرر موضوع: " الدگة " العشائرية في العراق ظاهرة غیر حضارية  (زيارة 795 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبد الخالق الفلاح

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 772
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
" الدگة " العشائرية في العراق ظاهرة غیر حضارية
لا يخفى على الجميع أن النظام العشائري في العراق يعد من الأنظمة الاجتماعية التي دأبت الجماعة البشرية مدى التاريخ  الى تطويرهوالتمسك بهِ جيلاً بعد جيل . والعشيرة تطلق على مجموعة  اجتماعية من الناس تلتزم بتقاليد معينة فیما بینها حتى وان لم يكونوامتعارفين من جهة النسب بل يكفي التفافهم حول عشيرة معينة ليحسبوا عليها، وهم يؤدّون الطاعة لرئيس واحد هو كبير العشيرة، وتأخذالعشيرة اسمها في الغالب من اسم جدها الأعلى الذي تنسب إليه . وفيها من التقاليد السليمة التي تحمي مجتمع تلك العشيرة .
 والاسلام نظر الى العشيرة بأهمية كبيرة في نشر الرسالة السماوية أو التبليغ بأي مشروع يخدم الإنسانية فهي تعطي قوة للفرد وهوبحاجة إليها ولهذا أمر الله سبحانه وتعالى نبينا الكريم  (ص) أن ينذرعشيرته دون نظرة طائفية  ويعظهم وقال الطبري ما ملخصه: إنهلما نزل قوله تعالى: {" وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ (214 الشعراء )،دعا الرسول الكريم (ص) الامام علياً (عليه السلام) ؛ فأمره أن يصنعطعاماً، ويدعو له بني عبد المطلب ليكلمهم، ويبلغهم ما أُمِر به . ثم دعاهم، وهم يومئذٍ أربعون رجلاً، يزيدون رجلاً، أو ينقصونه، فيهمأعمام النبي (صلى الله عليه وآله): أبو طالب، وحمزة والعباس، وأبو لهب؛ فأكلوا....الخ...
وهذا يكفي في أن الإسلام لا يراها ظاهرة سلبية منحرفة  واذا لم تضع العشيرة وضع التعصب لها فوق قواعد الحق واعتبارات الدين،بل هو في الوقت الذي يدعو إلى التكافل مع العشيرة يحث على أن لا يكون ذلك على حساب الدين. وتغدو العشيرة كضرورة اجتماعيةتتطلبها الظروف التي تحيط بالفرد وحاجته الماسة للرعاية والحماية، وخاصة في أوقات الأزمات وغياب الأمن وعدم وجود مؤسساترعوية رسمية لازالة العوائق من أمامها أو تخفيف وتحييد العناصر الضاغطة وصولا في النهاية إلى المجتمع السليم. ولكن ومع الاسففقد استغل البعض العشيرة في غياب الاستقرار الامني في العراق بعد عام 2003 بشكله الغير صحيح مما اسقط العشيرة من هيبتهاوالتي برزت خلالها مشاكل ادت الى خلق الفوضى في الشارع العراقي . من جملة هذه الظواهر الغير مقبولة في المجتمع هو بروزظاهرة «الدكة العشائرية». حيث لا تمر ليلة ولا تكاد تخلو محلة أو زقاق أو منطقة أو محافظة من هذه الظاهرة . حتى باتت تهدد السلمالمجتمعي وسط ضعف واضح في تطبيق القانون. وقد سبق لوزير الداخلية السابق قاسم الأعرجي ان اعلن من جانبه أن وزارتهستتعامل مع «الدكات العشائرية» بوصفها إرهاباً و أمرت وزارة الداخلية العراقية، الأربعاء، 28 شباط، 2018 منتسبيها بإقامة شكوىضد كل من يطالبهم بالقضايا العشائرية نتيجة قيامهم بواجباتهم الرسمية واعتباره عملاً إرهابياً  بعد ان استغلت بشكل سلبي لكسب المالبعد سقوط النظام البائد و الفراغ الامني واضعاف الادارات الامنية بعد سقوطها تحت سيطرتهم . كما اكد البيان فيه " ان كل من يكتبعلى جدران الدور السكنية والمحال التجارية مطلوب عشائرياً او اي اتهام او أطلق النار على الدور بحجة العرف العشائري سيحاسبمحاسبة الارهابي في بغداد وعموم المحافظات ويطبق عليه قانونه " ورغم المحاولات التي كانت الجهات الامنية قد بذلتها على هذاالطريق لكنها لم تشكل رادعاً في غياب التوصيف القانوني لها والتي تسيئ الى القيم العشائرية الكريمة بعد استغلالها من قبل بعضضعفاء النفوس تحت هذا المسمى الغير حضاري ويمس القيم والكرامة المجتمعية العراقية . هذه الظاهرة باتت تتكرر في مناطق مختلفةمن العراق تسبقها في العادة حضور مجموعة مسلحة من مختلف الاعمارلترمي وتطلق الرصاص بالقرب من  دار المطلوب لسببواخر و  التي هي عبارة عن إنذار بالذخيرة الحية لمواطن لديه نزاع مع مواطن آخر سرعان ما يتحول إلى قضية بين عشيرتين . ومنأجل توجيه إنذار صارم للشخص المعني بأن عليه تهيئة نفسه وزعماء عشيرته لـ«فصل عشائري» قد يبلغ أحياناً مئات الملايين منالدنانير وتأتي مجموعة ليلاً إلى منزله ويمطرونه في أماكن مختلفة من السياج بوابل من الرصاص ليخلق جواً مرعباً وهلعاً غير طبيعيلاهل البيت والمنطقة ومن هنا فقد أصدر رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان  في الايام الماضية توجيهاً بأن التعاملمع«الدكة العشائرية»  سيكون وفق قانون الإرهاب.
هنا لابد لنا ونحن نناقش ظاهرة  من الظواهر السلبية و التي ابتليت بها العشائر العراقية في اكثر المحافظات وغلبت عليها الجهالةوأصبحت كالبقع السوداء في ثياب عشائرنا الناصعة البياض و في أهمية العشيرة كأساس في تركيبة المجتمع ودورها في التاريخ قديماًوحديثا للدفاع عن العرض والارض .
 فلو تأملنا في التاريخ لوجدنا أن تاريخ العشائر قديم جداً حتى أن تأسيسها سابق على ظهور الإسلام ونبوة نبينا محمد (ص). وقد وبخالرسول العظيم  المنذر بن الجارود العبدي، وقد خان في بعض ما ولاّه من أعماله، قال له موبخاً (لا تَدَعْ لهواك انقياداً، ولا تُبقيلآخرتِكَ عتاداً، تعمُرُ دُنياك بخرابِ آخرتِك، وتصلُ عشيرتك بقطيعة دينك ).
أن السيادة للقانون وللعشيرة جذوراً ومكانة لكنها لا تكون فوق القانون ولا يجوز تبني العنصرية أو الإرهاب او التكفير او التطهيرالطائفي وكذلك ضرورة احترام الالتزامات بتاريخ العراق والدفاع عنه وعدم جواز القيام بأي تصرف يخالفه واحترام حق كل فرد فيالخصوصية الشخصية وحرمة المساكن (فلا يجوز حرقها وهدمها من قبل العشائر او الكتابة عليها عبارة مطلوب عشائريا وغير ذلكمن الاساليب ) لان الملكية الخاصة مصونة وان للأموال حرمة و ليس للعشيرة حق في ممارسة اي شكل من اشكال العنف والتعسف معالأسرة والمجتمع وكفالتها لحماية البيئة والتنوع المجتمعي والحفاظ عليها .لقد كانت لعشائر العراق في مختلف الأزمنة ولا زالت دورمهم ، حيث حافظت على هوية الدولة ، وعليها اليوم مسؤولية كبيرة من اجل اعادة الاصول التي كانت ولازالت العشائر الاصيلة تحافظعليها  وحفظ سيادة القانون والاعراف الحقيقية التي تقف مسنودة بها و شكلت جامعا وحاضنا لإثنيات أخرى داخل الدولة لذلك اي قضيةعشائرية تتعلق بتهديد انسان او عائلة بالموت والكتابة على الجدران  يجب ان تتعامل معها العشيرة بحكمة وتقف بوجهها ومنعها لانهاتخل بالموازين المجتمعية السليمة وخلافاً للقانون الذي هو فوق الجميع واذا كان هناك جنحة او جناية فان القانون يطبق على من يقومبهذا الفعل بعيداً عن اي اعتبارات عشائرية و الحكومة  كمعاملة الإرهاب المجتمعي...
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي