هل اضحت الموصل موقعا للتاريخ المسيحي فحسب ..؟
عنكاوا كوم-سامر الياس سعيدبين الفينة والاخرى تطل مواقع الكترونية بابراز زيارات لرؤساء طوائف مسيحية يقومون بزيارات لبعض الكنائس في مدينة الموصل التي برغم مرور عام او نيف على تحريرها فقد بقيت على ما هي عليه من الخراب والدمار ليقوم رجال الدين باداء طقوس صلوات فحسب ثم ما يلبثون لمغادرتها لتبقى تلك الكنائس والاديرة مهجورة تحكي فصولا من الحضور المسيحي عبر التاريخ فيها دون ان تبزغ اي اشراقات لمعاودة ذلك الحضور وازدهاره مثلما كان في السابق ..ومع ان التاريخ الكنسي يدين بالكثير من المحطات البارزة لمدينة الموصل من ابرزها ان هنالك عدد من الحواضر المسيحية اقترن تاريخها بزمن الرسل اي مع بدايات المسيحية ولعل من بينها كنيسة مار توما التابعة لطائفة السريان الارثوذكس التي كانت في السابق دارا لاحد المجوس ومر بها الرسول توما قبل ان يمضي الى بلاد الهند لغرض التبشير فتحولت تلك الدارة الى كنيسة ظهرت في بعض المحطات كمحطة للجدل حينما اراد بعض المسلمين هدمها فارتفعت شكوى بشانها للخليفة المهدي الذي الغى امر هدمها وبقيت لتواصل الحديث عن حضور مسيحي مهم وبارز في المدينة ..وبالعودة الى مخرجات تنظيم داعش وما عكسه من غياب الحضور المسيحي بالمقارنة مع باقي المكونات التي عانت من تاثير هذا التنظيم المتطرف لاسيما بالمقارنة مع المكون الايزيدي الذي لم يملك اية حواضر في مركز مدينة الموصل حيث تركزت تلك الحواضر في اغلب مناطق سهل نينوى وكمثال ناحية بعشيقة التي ضمت الى جانب قضاء سنجار الحضور الايزيدي الابرز في محافظة نينوى لكن التساؤلات مرهونة بمدى بقاء الحواضر المسيحية كمصدر للتاريخ وبقائها بواقعها الذي انبته عناصر التنظيم فيها لاسيما من خلال التخريب والدمار مع غياب اية بوادر من جانب الحكومة في الالتفات الى تلك الحواضر وابرازها في سياق التغطيات والنتائج التي ابرزتها عند الحديث عما خلفه التنظيم في غضون السنوات التي كان فيها مسيطرا على اغلب مناطق المحافظة ..
وبالعودة للتاريخ فان الكثير من الجوامع التي انشئت في مدينة الموصل كانت في سابق عهدها حواضر مسيحية بالعودة لاشارات المؤرخين ومنها جامع النبي يونس الذي دمره تنظيم داعش في تموز(يوليو ) من عام 2014 الذي يحكي عنه المؤرخين بان كان في الاصل ديرا اشوريا باسم دير يونس بن امتاي فضلا عن الاستطراد بان ثنايا ذلك الدير ضم رفات بطريرك يدعى بختيشوع مر على رحيله اكثر من 1700 عام دون ان تتلف جثته بحسب المؤرخين كما برزت جوامع اخرى على اطلال اديرة وكنائس من اهمها الجامع النوري الذي انشاه نور الدين الاتابكي والي الموصل على اطلال كنيسة كانت تدعى بكنيسة الاربعين شهيدا وذلك في غضون الالف الاول الميلادي ..وتبث مثل تلك الاشارات التاريخية هواجس وارهاصات لدى مسيحيي الموصل في ظل العودة البطيئة والغير متناسبة مقارنة مع العدد الكبير للمسيحيين في مدينة الموصل الذي كان عليه قبل سيطرة تنظيم داعش ومقارنته ما بعد تحرير المدينة مع الاخذ بنظر الاعتبار ان حجم الاستهدافات التي نالت من ذلك الحضور المسيحي بدءا من عام 2003 ومرورا باعوام تالية وصل فيها اعداد الذين سقطوا نتيجة تلك الاستهدافات باعداد قاربت المائة او مايزيد مما اسهم بتشتت الكثير من مسيحيي المدينة واختيارهم لخيارات مغادرة البلد او اختيار بعض مدن الاقليم للاستقرار فيها مثلما هو الحال مع موجة النزوح التي تلت سيطرة تنظيم داعش والتي اسهمت بتشتت المتبقي من ذلك الحضور وبقاء اعداد يسيرة تتمنى معاودة حضورها في المدينة لاسباب وخيارات ابرزها توفر فرص العمل او فرص الدراسة بالنسبة لطلبة الجامعة ..
ومما يسهم بتناقص الاعداد وتضاءل امالها بالعودة لمدينتها هو غياب التوجه الجدي من قبل الحكومة في الاسهام بهذا الامر من خلال توفير فرص العيش الامن والمستقر في المدينة خصوصا لهذا المكون وغياب جديتها بالمباشرة بفرص الاعمار والتاهيل خصوصا للجانب الايمن المدمر تماما فمع اقتراب العام الاول على تحرير ذلك الجانب فقد بدت الجهود ملموسة في بعض المؤسسات ذات الصلة برفع الانقاض والبحث عن الجثث التي بقيت تحت تلك الاطلال في تلك المدينة القديمة التي شهدت اشرس المعارك واشدها لتنتهي بالخراب والدمار الذي بقي ماثلا دون ان تلتفت اليه جهود مؤتمر المانحين او بلورة صورة مهمة عن الجهود المطلوبة للاسهام برفع ذلك الخراب او بقاء ذلك الامر مرهونا ببعض المبادرات الشخصية التي لايمكن ان تترجم حجم الخراب او قدرة الشركات الاستثمارية في تحويل ذلك الخراب والدمار الى صورة اخرى مطلوبة من الاعمار والاسهام بتجميل المدينة القديمة دون المساس ببصماتها التاريخية ..لقد حملت وسائل الاعلام بعض الاشارات من قبل مؤسسات عالمية من ابرزها منظمة اليونسكو التي فكرت جديا بالالتفات للمدينة القديمة دون وجود اشارات موسعة عن جهود ذلك الاعمار وبعض التفاصيل الخاصة بمدى المساس بذلك التراث الذي تختزنه الابنية التي اسقطتها العمليات العسكرية الاخيرة لكن مع وجود تلك البوادر لابد من الاشارة لبعض اللقاءات التي اشارات لجهود تلك المنظمات الدولية نحو الكنائس واعادة اعمارها لكن السؤال يبقى مرهونا حول عودة الحضور المسيحي في المدينة بالتزامن مع عودة الجهود الخاصة باعمار وبناء تلك الكنائس واعادة الثقة التي اسقطها داعش حينما ارغم المئات من المسيحيين على الخروج من المدينة لافراغ تاريخها من هذا المكون المؤثر والفاعل في صيف عام 2014 ..