أبو مصطفى والزناديق
لطيف نعمان سياوش
حكايه من دفاتر مذكراتي في العسكريه
ابان الحرب العراقيه الايرانيه الوقت شهر آب ، المكان في اقصى اقاصي كردستان العراق ليس بعيدا عن حلبجه .. تحديدا في المنطقه الحدوديه بين العراق وايران وبين الجبال الشاهقه والوديان السحيقه والغابات الكثيفه للبلوط ، وينابيع الماء الصافي ، وفي الوديان اشجار الفاكهه المختلفه - قرى كرديه عديده يرثى لها تم تهجيرها في المنطقه وباتت بيوتها خالية من البشر ..
أبو مصطفي رجل مؤمن يتقي ربه يحرص على اداء الصلوات في اوقاتها - يسبّح دائما ..
أما الآخرين معي في السريه فلا احد بهم يصوم أو يصلي وهم خليط من المسلمين السنه ، والشيعه ، والكوردي ، والتركماني ، والكلدو آشوري ، والارمني ، واليزيدي ..
نعيش معا متحابين متجانسين لايفرق بيننا اي شيء ..
أبو مصطفى لم يكن راضيا علينا البته لكنه مع ذلك كان مرحا ، خفيف الظل ويمازحنا على الدوام وهو يقول :- كلكم ستذهبون الى جهنم خالدين طالما لاتصلّون ولا تصومون ايها الطراطير ، ايها الزناديق ...
كان الغسق رائعا لما وصلت الى اصدقائي وأنا عائد من الاجازه الدوريه ، وحقيبتي ممتلئه بما لذ وطاب من اطعمة مختلفة ..
تجمع الجميع حولي يقبلوني بشوق وفرح - وكانت هذه احدى الاعراف الجميله والرائعه لما يعود جنديا من اجازته الجميع يرحب به ويستقبله ببهجة وسرور وبالقبلات والاشتياق الكبير..
قال كاكه عمر :- كاكه لطيف نحن جوعى هات مالديك ..
فتحت حقيبتي وفاحت منها روائح الدجاج المشوي والكليجه مع الكيك ..
بينما كنا نهىء المائده قلت ياجماعه من الحلال والحرام يجب أن اكون صريح معكم .. الوالده عندما تعمل المعّجنات تحرص ان تضع قليلا من الويسكي معها لكي تقضي على النكهه الزفره الناجمه عن البيض - كذا الحال مع شوي الدجاج ..
كان أبو مصطفى قد أخذ سجادة الصلاة ليتهيء للصلاة . لما سمع الكلام تركنا وابتعد مسرعا لكي لايكون (جليسها) ، وهو يدردم بكلمات متقاطعة لم اسمعها لكني لمست انزعاجه وتذمره من كلامي ، وختمها بالكلمات القليلة التالية :- انعل ابوكم لابو الياكل وياكم ياكفره وزناديق !
عنكاوا