المحرر موضوع: الإسلام السياسي والانقلاب.. على الديمقراطية  (زيارة 1613 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31327
    • مشاهدة الملف الشخصي
الإسلام السياسي والانقلاب.. على الديمقراطية
الإسلام السياسي وصل إلى الحكم وبدأت مرحلة التمكين والتمكّن حتى راح يمارس إقصاءً عنصريا لسائر مكوّنات المجتمع العراقي وصار توزيع المناصب في الدولة يعتمد الواسطة والمحسوبية من خلال مظاهر إطالة اللحية للذكور ووضع الحجاب للإناث.
ميدل ايست أونلاين/ عنكاوا كوم

بدأ الشعب يدرك انقلاب حكومات الإسلام السياسي على القيم الديمقراطية وبدأت مرحلة مراجعة الجرائم التي ارتكبها بحق العراقيين
بقلم: ناصر الحجاج
"تمسكنَ حتَى تمكَن"، المثل الشعبي الأكثر صدقاً على واقع جماعات الإسلام السياسي، التي تبنت سياسة "المسكنة" والمظلومية، لكسب التعاطف والدعم المعنوي "والانتخابي" للجماهير التي كانت مغيّبة طيلة عمر الدولة العراقية، عبر فتاوى المؤسسة الدينية نفسها التي كانت تمنع "مقلديها" من المشاركة في الدولة وفي العمل السياسي، لأنها ، آنذاك، كان ترى "أن أية دولة قبل دولة الإمام هي دولة ضلالة". إلا أن الإسلام السياسي استغل الوسائل الديمقراطية التي وفرها وجود قوات الاحتلال الأجنبية بعد 2003، من جهة، ووجود مجاميع طائفية إرهابية من جهة ثانية، وراح يعمل على تغيير فهم الناخبين، باتجاه ضرورة الدخول إلى الدولة، و وجوب المشاركة في العمل السياسي، لأنّ الذين يمثّلون دولة الحق والعدل الإلهي سيرشحون أنفسهم للانتخابات، وأن انتخابهم يعدل في الأجر والثواب "بيعة الإمام عليّ يوم الغدير".

وما إن وصل الإسلام السياسي إلى الحكم وبدأت "مرحلة التمكين والتمكّن"، حتى راح يمارس إقصاءً عنصريا لسائر "مكوّنات" المجتمع العراقي، وصار توزيع المناصب في الدولة يعتمد الواسطة والمحسوبية، من خلال مظاهر إطالة اللحية للذكور ووضع الحجاب للإناث باعتبارهما أبرز مظهرين للانتماء إلى (الفئات الفاضلة) ـ بتعبير الشاعر أحمد مطر. وبدأت حملات العنف والتشهير في مرافق الدولة وفي الجامعات ضد غير المحجبات، وضد "حليقي اللحى"، وتم إحراق المحلات التي تبيع الآلات الموسيقية، وتحطيم الأكشاك التي تبيع المشروبات الروحية في العديد من مناطق العراق.

لم تتخذ سلطات الإسلام السياسي، وهي في الدولة، أية إجراءات تحفظ للطالبات غير المحجبات قرارهن وحريتهن الفردية، ولم تشرّع في البرلمان، الذي سيطرت عليه، أية قوانين تحول دون الانتقاص من الليبراليين والمدنيين، بل كان بعضها راعيا للحملات التي تنال من كرامة العلمانيين والطعن في أعراضهم، حتى وصل الأمر إلى تثبيت تلك المفاهيم العنصرية والإقصائية في مناهج التعليم الرسمية التي صارت ترى أن غير المحجبات نساء "مريضات".

وما أن رحلت قوات الاحتلال عن العراق، وجاءت الانتخابات حتى شعر الإسلام السياسي بزهو "التمكين" وراحت فئاته الفاضلة تكشف عن وجهها العنصري، متنكرة للقيم الديمقراطية، ومستهينة بالشعب، محتقرة أهليته للانتخاب، باعتباره شعباً جاهلا "لا ينفع معه إلا واحد مثل صدّام"، وإن أية دعوى للديمقراطية وحقوق الإنسان إنما تصدر من السفارات الغربية التي لا تريد للعراق خيراً.

صحيح أن الشعب العراقي دفع، طيلة 15 عاما الماضية، ثمنا باهظا من أرواح المواطنين وحياتهم، إلا أنه استطاع مؤخراً إدراك خطر ثقافة "الإسلام السياسي"، ومعنى انقلابه على القيم الديمقراطية التي أوصلته إلى السلطة، بما يذكّر بموقف معاوية بن أبي سفيان من النبي وأهل بيته (ع)، فقد وصل معاوية إلى السلطة عبر دين محمد (ص)، غير أنه انقلب عليه وراح يحارب أهل بيت النبوّة. يقول الإمام الحسين في رسالته لمعاوية: " أو لست يا معاوية قاتل الحضرميّين الذين كتب فيهم ابن سميّة أنّهم كانوا على دين عليّ، فكتبت إليه أن اقتل كلّ مَنْ كان على دين علي، فقتلهم ومثّل بهم بأمرك، ودين علي واللهِ الذي كان يضرب عليه أباك ويضربك، وبه جلستَ مجلسك الذي جلستَ، ولولا ذلك لكان شرفك وشرف أبيك الرحلتين؟ وإنّي لا أعلم فتنة أعظم على هذه الأمّة من ولايتك عليها، ولا أعلم نظراً لنفسي ولديني ولأمّة محمّد علينا أفضل من أن أجاهدك، فإن فعلتُ فإنّه قربة إلى الله، وإن تركتُه فإنّي استغفر الله لذنبي".

لقد بدأ الشعب يدرك انقلاب حكومات الإسلام السياسي على القيم الديمقراطية، وبدأت مرحلة مراجعة الجرائم التي ارتكبها بحق العراقيين وأموالهم وأعراضهم وكرامتهم، ولم يبق إلا شروع كل المضطهدين بالتصريح في المحاكم العراقية بكل ما تعرضوا له من جراء ثقافة الإسلام السياسي، تمهيداً لمثول "الانقلابيين" أمام القضاء.