المحرر موضوع: الرئیس مسعود بارزاني و صیاغة نظریة التعایش السلمي في كركوك  (زيارة 799 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سامان سوراني

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 293
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الرئیس مسعود بارزاني و صیاغة نظریة التعایش السلمي في كركوك
یقال بأن الأحداث تخلق وقائع جديدة على الأرض، تخلط الأوراق وتغير قواعد اللعبة، فيخسر فيها لاعب ويفوز آخر. على هذا النحو يمكن قراءة التغییرات التي طرأت علی مسار و مصیر مدینة كركوك بعد أحداث السادس عشر من أکتوبر عام ٢٠١٧ وعودة إقلیم كوردستان مرة أخری للعب دوره علی المستوی العراقي والإقلیمي، بعد أن تراجع هذا الدور لمدة محدودة في فترة مابعد الإستفتاء من أجل الإستقلال.
وما زیارة وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الی أربیل عاصمة إقلیم كوردستان في التاسع من كانون الثاني عام ٢٠١٩ و لقاءه بفخامة الرئیس مسعود بارزاني و المرشحین لرئاسة الإقلیم والحکومة السیدان نیجرفان بارزاني و مسرور بارزاني، إلا تأکید على أهمية ومكانة إقليم كوردستان بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية و دوره الفعّال في المعادلات السیاسیة في الشرق الأوسط.
لقد عملت أطراف محلیة و إقلیمیة بشكل منظم علی مشروع تأجیج الصراع القومي والدیني في كركوك والمناطق الكوردستانیة خارج إدارة الإقلیم و قامت بتهدید التجربة الدیمقراطیة لحکومة إقلیم کوردستان والنیل من تطلعات شعبە لحمایة الأمن و الإستقرار وبالأخص تطلعات الحزب الدیمقراطي الكوردستاني الساعي علی إبقاء هذه المدینة الكوردستانیة كنموذج للتعایش السلمي الأخوي المشترك بین المکونات القومیة والدینیة.
للرئیس مسعود بارزاني دور رئیسي و مؤثر في تقلیل الضغوطات السیاسیة والإقتصادیة الممنهجة التي مورست من قبل جهات خارجیة و داخلیة علی شعب و حکومة إقلیم کوردستان، حیث تمكن بثباته و عزمه و حکمته و دبلوماسیته كمحرك أصلي للتعایش السلمي في كركوك إبطال خُطط من فكّر بشكل مقلوب وحسِب العجز معجزة و المشکلة حلاً.
وكان لموقفه الرافض للواقع العسکرتاري المفروض في كركوك و المناطق الكوردستانیة الواقعة خارج إدارة الإقلیم  وتأكیده المستمر علی عدم التنازل عن كوردستانية كركوك  المحسومة من النواحي التاريخية والجغرافية أثر كبیر علی تفنید الرؤیة الإسترجاعية للحکومات المتتالیة في بغداد، التي تعمدت عن سبق إصرار في تنفيذ المادة 140 من الدستور المتعلقة بالحل السلمي لقضية كركوك والمناطق الكوردستانية الأخری الخارجة عن إدارة إقليم كوردستان.
نحن نعلم بأن النظام السابق في العراق مارس أعنف أنواع العمليات الوحشية و الإبادة الجماعية ضد شعب كوردستان لکنه لم يتمكن من التقليل من إرادتها في الحرية والإستقلال، لذا نقول للجهات التي لم تستفد بعد من دروس الماضي والتي ترید أن تمارس الترويج لجحيم الآلة العسكرية، بأنه مع كل محاولة يائسة للنيل من شعب كوردستان يزداد إيمان الكوردستانيين في تلك المناطق بكوردستانية مدنهم و أقضيتهم و سوف يستمرون في الحوار كقاعدة للعيش و يستخدمون كافة الوسائل السلمية لإسترجاع حقوقهم المهضومة، بعد إدانتهم لكل فکر شوفیني میلیشیاوي  إستعلائي، تروّج ثقافات تراجعیة فاشلة وأساطیر السردیات الکبری، التي ستؤول الى الإنتهاء قريباً بفعل نظام عالمي جدید، تدعمه القوی الديمقراطية.
إن التأکید المستمر للرئیس مسعود بارزاني علی أهمیة السلام والتعایش السلمي و ضرورة تفعیل الهوية الكوردستانية لكركوك كوعاء وطني كبير يعترف ويوثق ويستوعب كل الطوائف ومكونات هذه المدینة  هو من أجل خلق كيان كبير وقوي يمثل الجميع ولايقصي أو يلغي أحداً، بل يقويه وينميه داخل الإطار الوطني العام الذي يقوي كل مكوناته ويهدف الی صنع نقطة تلاق وارتكاز وانطلاق واحدة للمجتمع لينطلق منها لتحقيق أهدافه العليا.
لتکن هذه الهویة التي ینظّر لها الرئیس مسعود بارزاني و یصوّغُه بأقواله و أفعاله دستور ضمني غير مكتوب وغير معلن تتشكل من اللغة والتراث التاريخي للمجتمع الكوردستاني ومن القيم الحاكمة له بالإضافة الی رٶیته وأهدافه المستقبلية المستندة الی القيم الإنسانية العالمية ، كالحرية والتسامح والإخاء الإنساني والعدل والمساواة، التي تعزز احترام وحماية حقوق الإنسان والتعايش السلمي وتصون الحريات الخاصة والعامة و تضمن الأمن والاستقرار المجتمعي، الذي یعد أحد أهم العوامل التي ساعدت على تطور الانسان على مر العصور.
لا جدوی بعد الآن من التشبث والإحتماء بالهويات المسيّجة و السيادات المصطنعة، إذا كانت تفضي الی تقويض معاني الآصرة والرابط بين النظراء والشركاء و الأجدی هو ما يسهم في بناء علاقات التعايش والتواصل أو التعلم والإفادة علی سبيل التداول والتبادل.
ختاماً نقول، نعم للحوار و الشراكة الحقیقیة في سبیل التعایش الأخوي و لا للسعي إلی نفي الآخر و محو خصوصيته.
لنعمل جمیعاً لهذه المدينة الكوردستانية المتآخية حتی وإذا أصرَّ الآخرون علی هدمها.
الدکتور سامان سوراني