عندما كنت صغيرة....
أمل موسى بلحاج
عِنْدَمَا كنتُ صَغِيرَة
كُنتُ، أُوَزِّعُ فَاكِهَةً على ضُيُوفٍ يَأْتُونَ كلّ يَوْمٍ
وَأَمْلَأُ فِنْجَانَ عَمِّي بِقَطرَاتِ الزَّهْرِ
وَأُقشِّرُ الجَوْزَ.
أَقِفُ أَمامَ مِرْآتِي
وَأتَخّيلُنِي سَيِّدَة.
أَخْلَعُ عن شَعْرِي رَبْطَتهُ الوَرْديَّة
وَأَعْبَثُ في غِيَابِ أُمِّي بِفَسَاتِينِهَا السَّاهِرَة.
عِنْدَمَا كُنتُ صَغِيرَة
أُنادِي جَمِيعَ الرِّجَالِ أَعْمَامِي
وَالنِّسَاءَ خَالاتِي
وَكانَتْ تُذِيبُنِي شَمْسُ الحَياءِ
كُلَّمَا دَاعَبَتْ رِيحٌ فُسْتَانِي.
عِنْدَمَا كُنتُ صَغِيرَة
كَانُوا في كلّ يَوْمٍ يُذِيعُونَ ضَيَاعِي
ثُمَّ يَجِدُونَنِي
في الشُّرْفَةِ أُعَانِقُ وِسَادَتِي.
عِنْدَمَا كُنتُ صَغِيرَة
كانَ جَمِيعُ التَّلاَميذِ أَسَاتِذَة
وَأنا أَخْدِشُ وَرَقَتِي
يَمُرُّ مُعَلِّمِي وَيقُولُ :
"مَا سُؤَالُكِ يَا ابْنَةَ سُقْرَاط؟"
عِنْدَمَا كُنتُ صَغِيرَة
كُنتُ أَعْتَقِدُ أَننَا كَيْ نُنْجِبَ أَطْفَالاً
عَلَيْنَا أن نَشْرَبَ جِرَارًا من الحَلِيبِ
وَظَنَنْتُ
أَنِّي الأُخْتُ الصُّغْرَى لِأُمِّي وَأَبِي.
كُنتُ، أَخَافُ صَمْتَ الأَحَدِ
وَفِي الجُمُعَةِ أَسْأَلُ عَمَّا حَلَّ بِمَنْ حَوْلِي.
عِنْدَمَا كُنتُ صَغِيرَة
َوثِقْتُ في الزَّمَنِ كَثِيرًا...
وَانْتَظَرْتُ أَنْ أَظَلَّ كَمَا كُنتُ كَبِيرَة!