المحرر موضوع: هل يتناقض تعليم بولس مع المسيح والرسل في موضوع الخلاص؟  (زيارة 757 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وردااسحاق

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1208
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • https://mangish.net
هل يتناقض تعليم بولس مع المسيح والرسل في موضوع الخلاص ؟

بقلم/ وردا أسحاق القلّو

( دراسة تحليلية لآراء المسيح والرسل ومار بولس حول الخلاص بالأيمان ، والأعمال ، والنعمة )

خلاص الأنسان يبدأ بالأيمان أولاً ، والأيمان هو أختيار وأنتماء يأتي كهبة للأنسان من السماء . لا يأتي عن طريق العقل والعلم والمنطق . الأيمان هو الذي يعطي الثقة بالهدف الذي يؤمن به وكما قال الرسول بولس ( أما الأيمان فهو الثقة بأن ما نرجوه لا بد أن يتحقق ، والأقتناع بأن ما لا نراه موجود حقاً ) " عب 1:11" ففي المسيحية يبدا بالأعتراف بيسوع المسيح أولاً ، ومن ثم تسليم الذات له ، وقبوله رباً ومخلصاً ، وكما تقول الآية ( ... لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية ) " يو 16:3 " نقول ، وهل الأيمان يكفي للخلاص ؟ هذا ما يعتقده الكثيرون مكتفين ببعض الآيات كهذه ( فسألوه : " ماذا نفعل لنعمل ما يطلبه الله هو أن تؤمنوا بمن أرسله ) " يو 6: 28-29 " أي آمن فقط ، بهذا ينكرون عمل المعمودية ، فلا يلتزمون حتى بالآية التي تقول ( من آمن وتعمد خلص ) " مر 16:16 " أي التوبة والأيمان أولاً ، ومن ثم المعمودية ، وحسب الآية ( توبوا ، وليعتمد كل واحد منكم بأسم يسوع المسيح .... ) " أع 38:2 " . أنهم يلجأون إلى مبدأ الحذف والتلخيص والترشيق علماً بأن هذه الآية تسبقها آية أخرى تحث المعمدين إلى العمل بعد العماد ، فتقول ( أذهبوا إلى العالم أجمع وبشروا الخليقة بالأنجيل ) 

 كذلك يستخدمون آيات في غير محلها لتمشية غاياتهم وأهدافهم لكنها لا تصمد أمام التفسير الصحيح للكنيسة الجامعة , هذا الأسلوب الهادف الى التمرد والأنشقاق ليس لصالح كنيسة الرب الذي يريدها واحدة موحدة كما هو والآب واحد , أستعمل مارتن لوثر ذات الأسلوب فأراد حذف رسالة يعقوب , لأنها توضح أهمية الأعمال مع الأيمان أكثر من كل الأسفار , والذي هو مدار بحثنا هذا . الكنيسة هي جسد المسيح التي تلج فيها الناس بالمعمودية كما من باب , أما الذي هو خارج الكنيسة فتقع ضرورة تبشيره على عاتق المؤمنين . إذاً على كل مؤمن معمد أعمال وواجبات ووزنات ، وهذه الأعمال ترافق ذلك الأيمان دائماً  لأنهما كجسد واحد مرتبط لا يجوز الفصل بينهما لأن غايتهما واحدة مقدسة لأجل خلاص الجميع ( الله يريد أن جميع الناس يخلصون ويبلغون الى معرفة الحق) " 1 تي 4:2" .  الأيمان نابع من تعليم الأنجيل ، وما كتب فيه ما هو الا رؤوس نقاط لأفكار الله اللامحدودة , أو عناوين لدروس عميقة وعظيمة تتسرب الى أذهان كبار المفسرين وحتى الصغار منهم , وما يؤدي الى سوء فهمهم للحقائق لدى البعض ، نشأت مذاهب وفلسفات لاهوتية خاطئة أدت بمفكريها للوصول الى مفاهيم ملؤها الكفر والهرطقة فتورطوا معهم أناس آخرين , كفلسفة آريوس وغيره . يجب أن يكون للمفسر رؤية ثاقبة مبنية على أساس من الأيمان والأطلاع واللجوء الى الروح القدس لكي يلهمه للوصول الى التفسير الصحيح , وإلا سيصطدم بجدار من الأخطاء دون أن يشعرفيصبح عثرة للآخرين , والرب يسوع يحذر الجميع من تلك الأخطاء التي تنقل الى صغار المؤمنين بقوله ( من سبب في عثرة واحد من هؤلاء الصغار كان الأجدر به بأن يعلق في عنقه حجر الرحى ويطرح في عمق البحر) . أذن علينا جميعاً أن نقرأ ونفهم كل آية تتحدث عن موضوع نريد أن نتناوله ولا نتوهم بأن تعليم يسوع يختلف عن تعليم بولس , وبولس عن يعقوب ويوحنا , ونركز الآن الى ما يعنيه موضوع الأيمان والأعمال وحسب أقوالهم لكي نعلم في الأخير بأن للرب والرسل جميعاً رأياً واحداً ولا يوجد مجال للأختلاف والتناقض بل الأختلاف يعشعش فينا لقلة أيماننا ولسبب تفسيرنا الخاطىء وكبريائنا الذي لا يسمح لنا بالتنازل للطرف الآخرلكوننا ننتمي الى فئة طائفية كنسية لا نريد أن نتنازل لغيرها وهكذا نهين الأنجيل المقدس لا وبل نتهم المسيح والرسل بأنهم هم الذين قالوا ذلك معززين كلامنا بآيات وأقوال دون أن نعرف المناسبة التي قيلت فيها تلك الآيات  ولماذا وما هي الغاية .أو لماذا تتناقض تلك الآيات ظاهرياً مع آيات أخرى عن نفس الموضوع وكيف تتلاقى مع بعضها لأنها لا بد وأن تلتقي في تفسير واحد  ، وعلى هذا الأساس نبحث عن رأي بولس مقابل رأي يسوع ويوحنا ويعقوب وغيرهم في موضوع الأيمان والأعمال. ما قاله الرسول بولس في رسالتيه الى روما "3: 20-31" وغلاطية "16:2" هدف واحد ومقصد واحد وهو أن معرفة الأنسان للشريعة غير كافي لنوال الخلاص , بل لربما أدت به تلك المعرفة الى المعصية , أضافة الى ما قصده بولس هنا كان لمقاومة فكر اليهود الداخلين الى المسيحية وكانت غايتهم العمل بالناموس كما كانوا وبتقديم الذبائح الموسوية لهذا قال لهم بولس أن أعمال الناموس لا تبرر لأن المسيح هو الذبيحة الحقيقية التي نتبرر بها لا بأعمال الناموس.كان فهم مارتن لوثر وتفسيره لها خاطئاً ومن هذه الفكرة أقتنع بأن الأنسان يخلص لمجرد الأيمان هكذا أستمرت أفكاره وتوسعت فكوَن له عقيدة للتمرد عن الكنيسة الكاثوليكية وقد ساعدته الظروف التي كانت تمر بها الكنيسة لكي تتبعه جموع من المؤيدين الذين تورطوا بأفكاره وبنوده التي وصلت الى (95) بند منها اسرار الكنيسة المقدسة كلها عدا المعمودية ، والأفخارستيا الذي مارسها كمجرد عمل تذكاري ليس الا . هكذا استمرت عقيدته بالأيمان المجرد من الأعمال ، الأعمال التي طلبها منا الرب أن نعملها لكي نمجد بها اسمه القدوس فيعلم العالم بأننا نور العالم وحسب قوله ( فليضيء نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات )" مت 16:5" . ما بينه بولس في "رو 7/ 7-12" قائلاً ( الشريعة اذاً مقدسة والوصية مقدسة عادلة صالحة) وحسب قول الرب (  أنني آتي لا لألغي الناموس بل لأكمله لذا يجب أن نحفظ الوصايا فالذي لا يحفظ الوصايا ويعمل بها فأنه كاذب على نفسه وعلى الناس ) . وكما يقول الرسول يوحنا ( فالذي يدعي أنه قد عرفه، ولكنه لا يعمل بوصاياه ، يكون كاذباً ولا يكون الحق في داخله. أما الذي يعمل بحسب كلمة المسيح، فأن محبة الله تكون قد اكتملت في داخله.... كل من يعترف أنه ثابت في المسيح , يلتزم أن يسلك كما سلك المسيح) " 1يو 2/ 4-6" . أما بولس فقال في غلاطية ( ولكننا اذ علمنا أن الأنسان لا يتبرر على أساس الأعمال المطلوبة بالشريعة بل فقط بالأيمان بالمسيح , آمنا نحن أيضاً بالمسيح يسوع لنتبرر على أساس الأيمان به لا على أساس أعمال الشريعة لأنه على أعمال الشريعة لا يتبرر أي أنسان) . لماذا قال بولس هذه الآيات والتي لا يعني فيها الأيمان المجرد من الأعمال وينفي من خلالها ما أوصى به يسوع بعدم الأكتفاء بالأيمان الخالي من الأعمال والمحبة والألفة والرحمة , هذه الرحمة التي أكد عليها الرب في "مت 18: 21-35"و " مت25: 34-46" و" 1بط 8:3" بأن الذي يرحم أخاه لا يخشى الدينونة لأن الله يعامله بالرحمة كما عامل الناس بالرحمة. (بالكيل الذي تكالون يكال لكم ) . ووضحها يعقوب في "13:2" قائلاً ( تكلموا واعملوا مثل الذين سيدانون بشريعة الحرية لأن الدينونة لا رحمة فيها لمن لم يرحم. فالرحمة لا تبالي بالدينونة ). اذاً كان قصد الرسول بولس هو محاربة أفكار اليهود المبنية على العمل بالشريعة لأجل الخلاص وهذه العقيدة كانت تشكل حاجزاً كبيراً بين اليهود وأبناء العهد الجديد , فما أراده بولس هو ازالة هذا الحاجز ومحاربته بقوة لكي يتسنى لليهود أن يروا ما وراء الحاجز من جديد, ولكي يقتنعوا ويؤمنوا بالمسيح وبما  في الأنجيل  . بولس يعلم جيداً وكما هو واضح من كلامه في الرسائل الأخرى وسنتناول قسماً من أقواله لاحقاً بأن هناك صلة بين الأيمان والأعمال وأن الأيمان لا يكون صادقاً صحيحاً إلا اذا اقترن بالأعمال الصالحة ، فكما أن الجسد بلا روح ميت , كذلك الأيمان بدون أعمال ميت كما قال الرسول يعقوب في " 26/2" . أما الرب يسوع فقال ( الغصن الذي لا يثمر يقطع ويطرح في النار) الأيمان لوحده عقيم وكما يوضحه لنا الرب في مثل السامري الصالح " لو 37/10"  أي أعملوا أعمالاً صالحة الى جانب أيمانكم وكذلك قصد الرب هو ( لم آتي لألغي الناموس بل لأكمله) .  قال عالم الشريعة ليسوع كيف أرث الحياة الأبدية فقال له ماذا قالت الشريعة فقال ( أحبب الرب الهك... واحبب قريبك كنفسك) فقال له ( أعمل هذا فتحيا) ولم يكفي العمل بالشريعة فقط بل ( من آمن وتعمد أيضاً ). كلام يسوع وبطرس ويعقوب ويوحنا يدعو الناس الى المحبة ( لا يناقضون تعليم بولس في رسالتيه الى روما وغلاطية) ومن المحبة تخرج الأعمال الصالحة لا من الأيمان لهذا يجب أن لا نقول من يؤمن يعمل أعمالاً صالحة, بل يجب أن يرتقي الأيمان الى مستوى المحبة ومن المحبة تخرج الأعمال الصالحة وكما وضحها بولس نفسه في أنشودة المحبة .  بعد ذلك اراد بولس أن يوضح ما يريده من اليهود بالتركيز الى موضوع المحبة التي تشمل مقطعي الشريعة ، أي محبة الله والبشر، اضافة الى الأيمان بيسوع المخلص، وهكذا سيتوحد كلامه وتعليمه مع يعقوب الذي يقول ان ذلك الأيمان لا يكون صادقاً صحيحاً الا اذا عمل صاحبه بتعليم المسيح, وهذا ما قاله الرب في آخر عظته على الجبل ( ... بل من يعمل بمشيئة أبي الذي في السموات)" مت 20/7" . القديسون نالوا المكافئة بسبب أيمانهم المقترن بأعمالهم وكما تقول الآية ( يقول الروح: أجل فليستريحوا منذ اليوم من المتاعب لأن أعمالهم تصحبهم ) "رؤ 13/14" هذه الأعمال مطلوبة من كل مؤمن وأكدها الرسول بولس بنفسه قائلاً ( لا بد أن نقف مكشوفين أمام عرش المسيح , لينال كل واحد منا استحقاق ما عمله حين كان في الجسد أصالحاً كان أم رديئاً )" 2 قو 10/5" وهكذا أكد لنا الرسول بولس على أهمية الأعمال الصالحة لكي نعلم بأن تعليمه وتعليم الرب والرسل تعليم واحد فقال (وأن يفعلوا خيراً ،  ويكونوا أغنياء بالأعمال الصالحة ...) " 1تيم 18:6" 

  هكذا يتكاتف الأيمان مع الأعمال النابعة من المحبة وبحجم المحبة التي فينا سنحاسب ، وكما قال أحد القديسين ( عندما يغيب هذا العالم سيحاسب كل واحد منا بقدر المحبة التي فيه) . وهذه المحبة هي  ( لله والبشر) و كما ذكرنا في مثل السامري. إذاً الله سيحاسبنا في يوم الدينونة الأخيرعلى الأيمان والمحبة التي تخرج منها الأعمال فيقول للمؤمنين به والمجردين من الأعمال والواقفين على يساره ( ابتعدوا عني أيها الملاعين الى النار الأبدية  ...) فيجيبه هؤلاء المؤمنين به قائلين( يا رب متى رأيناك جائعاً أو عطشاناً......وما أسعفناك؟) فيجيبهم قائلاً ( الحق أقول لكم :بما أنكم لم تصنعوا ذلك لواحد من هؤلاء الصغار فلي لم تصنعوه) . ( كذلك طالع مت 25:35-45).
قال يسوع لسمعان الأبرص" الذي كان مؤمناً فقط" : (أنت ما دهنت رأسي بزيت معطر أما هي فبالطيب دهنت قدمي...... ) " لو 7/ 45-46" . أي الأيمان والعمل الذي يعبر عن الأيمان الصادق، فلهذا يقول يسوع  ( فمثل من يسمع كلامي هذا فيعمل به كمثل رجل عاقل بني بيته على الصخرة....) " مت 7/ 18-22" . فالمؤمن هو كالشجرة الطيبة ، فليس للشجرة الطيبة أن تثمر ثماراً خبيثة وبالعكس، وكل شجرة لا تثمر ثمراً طيباً تقطع وتلقى في النار. فمن ثمارهم ( أعمالهم) تعرفونهم . أما المؤمن المجرد من الأعمال فيحتقره يسوع لأنه يشبه التينة المورقة الجميلة التي رآها بدون ثمر " أعمال " فلعنها وهكذا الغصن الذي لا يثمر يقطع من شجرة المسيحية . نعم المؤمن بالرب فقط يستطيع على أساس الأيمان أن يعمل المعجزات وحسب قول الرب ( لو كان لديكم أيمان بقدر ذرة خردل تستطيعون أن تنقلوا الجبال ) لكن الأيمان لا يكفي وقد وضح الرسول بولس ذلك لكي نعلم بأن تعليمه وتعليم المسيح والرسل واحد , وما قصده في رسالتي روما وغلاطية لا ينافي تعليم الأنجيل ورسائل الرسل , وأن الأيمان لوحده لا يكفي , فوضح مؤيداً قول الرب الذي قال للمؤمنين اللذين قالوا بأسمك تنبأنا وبأسمك طردنا الشياطين ...الخ , أي امتلاكهم للمواهب نتيجة الأيمان فقط أي تلك الأعمال غير نابعة من قلب محب وكما قال الرب في "مر 16/ 17-18"  . نستنتج من رأي الرب يسوع وبولس ما يلي:-
1- أنعم الروح القدس بهذه المواهب على الناس في الكنيسة لخير المسيحيين في ذلك العهد أذ كانت السلطة الكنسية في أول نشأتها لم تنظم شؤونها الا قليلاً .المواهب على اختلاف أنواعها وغرابة بعضها وما كان يصحبها من ضجة كان خطراً يهدد بوضوح الأضطراب بين المؤمنين. ذلك دعا بولس الى الكلام على المواهب وموجزه:-
أ- أنها كلها من الروح القدس الذي كان يحل بالمؤمنين.
ب- يعظم قدرها على قدر ما تخدم الجماعة.
ج- النبوة أعظم شأناً من التكلم بلغات في حين أن أهل قورنتوس كانوا معجبين بموهبة التكلم بلغات.
ت- المحبة تفوقها جميعاً.
2- الموهبة تخول من ينالها القدرة على شرح أسمى حقائق الديانة المسيحية, تلك التي تتصل في الذات الألهية وفي أنفسنا, (طالع عب 1/6 و 26/ 6-26) .
3- تشرح الحقائق الأولى للديانة المسيحية ولا سيما ما يتصل بالمسيح وهناك فضائل أخرى وهي الرجاء والمحبة ( طالع 1 قو 13 ) ما يقصده بولس فيها هو أن لا نبقى نتراوح في رقعة الأيمان بل علينا أن نتحرك بخطواتنا الى الأمام لكي نمر ونعبر من خلال مرحلتي الرجاء والمحبة وأن المحبة هي المرحلة النهائية التي قال عنها بولس بأنها أعظم الفضائل. يوضح بولس ذلك بأن المواهب النابعة من الأيمان كتكلم بلغات الناس والملائكة بدون محبة فما هي الا نحاس يطن أو صنج يرن . أي أن الأعمال الناتجة من الأيمان المجرد من المحبة لا تفيد , فقال  ( ولو وهبت لي النبوة.... ولي ألأيمان لنقل الجبال ...ولم تكن لي المحبة فما انا بشىء . ولو فرقت جميع أموالي وقدمت جسدي ليحرق  ولم تكن لدي المحبة فما يجديني ذلك نفعاً ). فعندما نقدم خدمة للرب يسوع أساسها المحبة لا الأيمان به فقط لا يرفضها. أذن الحياة المسيحية مراحل وكالتالي:
 الأيمان بالمسيح بأنه المخلص ونسلم ذاتنا له. بعد أن نعيش كمؤمنين به ن ثم ننتقل الى المرحلة الثانية وهي مرحلة الرجاء بالخلاص فيترعرع هذا الرجاء الذي أساسه الأيمان لكي يصل الى مرحلة أخرى وهي الثالثة التي هي المحبة . في هذه المرحلة تظهر فينا الأعمال الصالحة المطلوبة ، عندئذ سنحب كل الناس ونعمل لأجل الله أولاً ومن أجل الناس ثانياً وأخيراً من أجلنا وكما عمل الرب يسوع ليلاً ونهاراً. كان يصلي في الليل ويعمل للناس في النهار . هكذا يريد الرب من كل واحد بأن لا يؤمن به فقط بل يعمل أيضاً .  يسوع سلم لكل مؤمن وزنات من العمل لخدمة الأخرين ، فعلى المؤمن بأن يعمل بهذه الوزنات ويزيدها لآن الرب سيحاسبه عليها بشدة , وينزعها من كل مؤمن لا يعمل ، ويسلمها للمؤمنين الذين يعملون . الرب أعطى لكل مؤمن وزنات وحسب قدرته من أجل خدمة الغير بمحبة فقال ( ان أعظم عمل يقوم به الأنسان هو أن يضحي من أجل محبيه) فبالمحبة يعمل للمحبين وبالمحبة يخدمهم .  فما قصد بولس في "1 قو 13" وهو أروع ما كتبه لنا حيث أبرز فيه لب المسيحية وهدفها الذي هو المحبة , وليس المقصود بالمحبة الشهوة التي تتوخى منفعتها الضيقة . بل الفضيلة التي تحمل صاحبها على أبداء المعروف الى القريب وكما أراد الرب وحسب قوله ( كونوا رحماء كما أن أبوكم السماوي رحيم) " لو 6 / 36" . كما يعلمنا بولس أن الله هو ينبوع المحبة ، أيده يوحنا الأنجيلي في رسالته حيث يقول عنه ( الله محبة) لماذا؟ لأنه أحبنا قبل أن نحبه" 1يو 4/ 19" , فضحى بأبنه من أجل خلاص الخاطئين" رو 8/5 . 8/ 32-39" وهذه المحبة هي أيضاً لدى الأبن والروح القدس وتنتقل من الآب والأبن والروح القدس الى كل مؤمن معمد , أنها الوصية الكبرى أي المحبة هذه الوصية التي نادى بها كل الرسل . فعلى كل مسيحي أن يكون محب ومن المحبة تخرج الأعمال الصالحة كما تقول الآية ( الرجل الطيب " المحب" من الكنز الطيب في قلبه يخرج ما هو طيب. والرجل الخبيث من كنزه الخبيث يخرج ما هو خبيث, لأن لسانه يتكلم بما يفيض من قلبه) "لو 45/6". الرب يسوع أذاً لا يريدنا أن نلتزم بالأيمان فقط بل يجب أن نتصف ونلتزم بالفضائل الأخرى لكي تظهر المحبة في أعمالنا, هذه الأعمال التي تعبر عن صدق أيماننا لله والناس وهي ثمار المحبة ، والمحبة هي قمة الأيمان لهذا قال الرب للمؤمنيين به في "لو 46/6" ( لماذا تدعوني يا رب يا رب ولا تعملون بما أقول ؟ ) . كل من يأتي اليَ ، ويسمع كلامي فيعمل به .( اي الأيمان +الأعمال) , فكما أن الشجرة الجيدة تعرف من ثمارها هكذا الرجل الصالح يعرف من صلاحه في أفكاره وكلامه وأعماله.  قمة الأيمان هي المحبة وثمرة المحبة هي الخدمة الصالحة ، أي من المحبة تخرج الأعمال الصالحة. يسوع الرب يريدنا أن نعمل ما للروح أكثر مما للجسد فعلينا أن نوظف ما للجسد الفاني لخدمة الروح الخالد لهذا قال  ( بيعوا أموالكم وتصدقوا بها واجعلوا لكم أكياساً لا تبلى , وكنزاً في السموات لا ينفذ , حيث لا سارق يدنوا ولا سوس يفسد ...) " لو 33/12" . كذلك قال للشاب المؤمن الغني الذي حفظ الشريعة منذ حداثته ( بع لديك وأعطيه صدقة للآخرين واتبعني) . هذه الأعمال تأتي من الحنية والحنان والعطف ...ألخ وكل هذه لا تخرج من الأيمان بل هي صفات المحبة وتعبر عن المحبة الصادقة . وهذه المحبة يجب أن نعطيها لمن هو أكثر حاجة الى الرحمة والمساعدة لذا قال الرب  ( لا تدع الى وليمتك كل من يستطيع أن يدعوك الى وليمتك فتنال المكافأة عن صنيعك ولكن اذا أقمت مأدبة فأدع الفقراء والكسحان والعرجان والعميان. فطوبى لك اذ ذاك لأنهم ليس بامكانهم أن يكافئوك. فتكافىء في قيامة الأبرار) . أي هناك حساب ومكافأة على الأعمال . الذي يؤمن ويعمل يشبه ( طالع لو 6/ 47-49 ) . أيمان بولس وتعليمه لا يختلف أبداً عن تعليم يسوع وباقي الرسل في موضوع أهمية أعمال المؤمنين ، فيسوع قال ( فإن أبن الأنسان سوف يعود في مجد أبيه مع ملائكته ، فيجازي كل واحد حسب أعماله ) " مت 27:16 " وكذلك يقول بولس في رسالته إلى أهل روما ( فإنه سيجازي كل أنسان بحسب أعماله ) " رو 6:2 ) . كذلك قال في غل 6:5 (لا نفع للختان ولا لعدم الختان ، بل الإيمان العامل بمحبة ) .إذاً لا يعفى المسيحي المؤمن من الأعمال الى لحظة دخوله الى الحياة الأبدية وحسب الآية ( لأن من دخل في راحة الله يستريح من أعماله كما استراح الله من أعماله ...) " عب 10/4" . كما قال بولس ( جميع الناس قد خطئوا فحرموا مجد الله ن لكنهم برروا مجاناً بنعمته ) ويقصد بولس بأن الخلاص ليس بالأيمان ، بل بالمحبة ومصدره النعمة ، فالنعمة لا تأتي بالعطاء ، وقمة العطاء هي كل شىء ، أي الوصول إلى حالة الفقر والحاجة إلى الله ، والله لا يمكن أن يملاً كأسنا بالنعمة لكي نخلص إذا لم تكن فارغة ، بل كانت مملوءة بأفتخارنا بأعمالنا كالفريسيين ، والنعمة تتجدد وتتزايد بالمحبة والعطاء ( طالع لو 26:19 ) فحياة أيماننا عبارة عن تغذية مستمرة للروح وبناء الفرح الداخلي ، والذي يطمر النعمة فينا هي الخطيئة التي تمحي المحبة فتموت النعمة . نكرر قول الرسول يعقوب الذي هو خلاصة قصيرة ومفيدة لكل ما قاله يسوع والرسل وهو ( أن الأيمان بالله الواحد لا يكفي. لأن الشياطين أيضاً تؤمن بهذه الحقيقة ، لكنها ترتعد خوفاً وهذا يؤكد لك أيها الأنسان الغبي , أن الأيمان الذي لا تنتج عنه أعمال هو أيمان ميت. أبوسع الأيمان أن يخلص؟ ) . وهكذا بالنسبة الى الأعمال بدون الأيمان بالمسيح باطلة.
ولربنا يسوع الذي نؤمن به ونعمل له , كل التسبيح والمجد الى أبد الدهور.