وعليه اقول ان الصراع ليس في مخيلتنا نحن الجالسون امام الكومبيوتر فقط كما انت جالس ايضا وهي في مخيلتك ايضاوالا لماذا تناقش هكذا مواضيع،وفي مخيلة مئات الالاف من ابناء شعبنا ولكن لا تلاحظها بل قد تتحسسها.
لقد بقيت هذه الفقرة الوحيدة التي انا لم اعلق عليها حول لماذا انا اناقش هكذا مواضيع اذن, وهنا انا سافضل ان اشرح كيف اناقشها.
واعتقد بان جوابي التفصيلي عن هذه الفقرة موجود بشكل دقيق عن مساهمة لي في شريط اخر يدور حول المداخلة التالية وهي سانقلها ايضا هنا ليصبح شريطي هذا مجرد دعوة للتفكير بين القراء لا اكثر ولا اقل وادعوا مجدد بان يقوم كل قارئ بالتفكير بنفسه فهذا كله يمثل تفكيري الشخصي لا اخذ احد قالب لي ولا رغبة لي بان ياخذ احد ما اكتبه كقالب له:
اخي التاريخ لا يوصلك الى نتيجة لوحده ...
الدكتور رابي تحية
بكل تاكيد التاريخ لوحده من يقول لك ما هي النتيجة. وانا متاكد بانك كتبت بسرعة وما اردت ان تقصده هو "ليس علم التاريخ او المختصين بالتاريخ من يوصلك الى نتيجة وانما مختصين في علم الاجتماع والسياسة واخرين غيرهم ايضا".
الان انا ساعلق على هذه النقاط واؤكد بان غرضي ليس رد على اي شخص وانما ان اعطي للقراء افكار اخرى. اذ جمل مثل "نحن بحاجة الى مختصين ومفكرين الخ من جمل مشابهة" هي جمل مالوفة, كثيرة التكرار, وهي كلاسيكية قديمة... ما اريد ان اطرحه هو افكار جديدة للقراء...جديدة ليس غرضي محو القديم وبان عليها ان تطغي على الاخرى.. وانما فتح قنوات تفكير منافسة... وغرضي من ذلك ليس لاقول للقراء ما هو الصحيح وما هو مدحوض, وانما ان اعطي طريق وانعاش للتفكير بحيث كل شخص يفكر بنفسه ويقرر بنفسه. ولانني اريد ان افتح طريق للدعوة للنقاش والتفكير بطرح كل شئ تحت اسئلة فانني ساكتب التالي ايضا على شكل اسئلة واقدم جوابي لها واترك للقراء بان يجدو اجوبتهم بانفسهم.
سؤال: هل جملة مثل "المختصين في علم التاريخ ومختصين في علم الاجتماع والسياسة وغيرهم سيوصولونا الى نتيجة" شئ ممكن التحقيق؟
جوابي: قبل كل شئ انا لست مؤمن اطلاقا بوجود مشكلة اسمها مشكلة التسمية. ولكن لغرض المناقشة فانا سافترض وجود هكذا مشكلة والا فاننا لن نستطيع ان نناقش اي شئ.
ولاجاوب على السؤال المطروح فانني لن اجاوب فورا بنعم او كلا, وانما ساقول علميا ان هذه الجملة تتضمن في داخلها المخفي عدة فرضيات التي لا احد يريد ان يطرحها لنفسه, وهذه الفرضيات بحد ذاتها تحتاج الى عدة نقاشات لصعوبتها. ولكي ابرز الاسئلة حولها للقراء فاني ساختار ما يلي:
- كم يجب ان يكون عدد المختصين حتى نعتبر ما توصلوا اليه مقبول موضوعيا؟ 20 مختص؟ 500 مختص؟ اي رقم ساعطيه الان سيكون اعتباطي وعشوائي ولن استطيع لا انا ولا غيري بان يبرره.
- من قال بان المختصين سيتوافقون كلهم على صيغة واحدة؟ لماذا يتم اعتبار ذلك سهل التحقيق؟
- كيف سنبرهن ونقنع عامة الشعب بان المختصين كلهم لا يمتلكون انحياز معين؟
- واذا تم اخذ قرار والتوافق على صيغة واحدة بين المختصين؟ فما هي قيمتها؟ من يستطيع القول بانها اوتوماتيكيا ستكون مقبولة عند كافة ابناء شعبنا؟
اليست هذه كلها فرضيات التي تحتاج بحد ذاتها الى عدة نقاشات؟
الان سيقول لي القراء : ما العمل اذن؟ على ماذا نعتمد؟ من يقرر الصيغة ومن يتخذ القرار؟
جوبي: بكل تاكيد التاريخ هو اللذي يقرر بنفسه ولوحده.
القراء قد يتسالون: التاريخ؟ الم نقل بان التاريخ ليس من يقرر لوحده؟
جوابي : المشكلة هي في سوء فهم الكثيرين للتاريخ. فانا لا اقول بان علم التاريخ او المختصين بالتاريخ هم من يقررون النتيجة , وانما اقول بكل وضوح بان التاريخ بنفسه من يقرر.
سؤال من القراء: ماذا تقصد بالتاريخ اذن؟
جوابي: اقصد بالتاريخ مشاركة كل فئات وافراد الشعب للمجتمع في صنع النتيجة التاريخية.
سؤال محتمل من القراء: ما هي صيغة النتيجة التي قررها التاريخ؟ اين ندرسها ؟ في اي كتاب؟
جوابي: المشكلة الاخرى وسوء الفهم الاخر لدى الكثيرين انهم يفهمون التاريخ بانه يتعلق فقط باحداث قبل فترة زمنية طويلة..قبل 100 سنة...او قبل 500 سنة...او قبل ستة الالاف سنة.
كل هؤلاء لا يعرفون ولا يتعاملون مع يومنا هذا ومع اللحظة الزمنية الحالية بانها جزء من التاريخ. هم لا يتعاملون باننا الان حاليا نعيش داخل التاريخ ونحن جزء من التاريخ وبان افعالنا وقراراتنا هي قرارات نصنع منها التاريخ ونتيجة التاريخ.
المشكلة التي يقع فيها الدكتور رابي هي انه في الوقت الذي يشرح فيه التركيبة المعقدة لتنشئة الانسان ويشرح مدى صعوبتها , وبانها تحتاج الى جهد كبير جدا, فانه في نفس الوقت يحذفها بجرة قلم ولا يعطي اية قيمة لكل شرحه, بقوله بان بضعة اشخاص يسمونهم مختصين يستطيعون ان يقرروا مسيرة حياة مئات الالاف بل ملايين وبان يتخذوا قررات بدلا عنهم ومن ثم يحددون صيغة وقرار التاريخ.
ساعطي بعض الامثلة عن التاريخ الان: هناك عدة ظواهر اجتماعية حول العالم وكتب عنها عدة علماء اجتماع وقاموا بدحضها وبضرورة تغييرها مثلا, ولكنها لا تزال موجودة لان البشر قرروا الاستمرار بها. في العلوم الطبيعية هناك الكثير من النظريات وكان هناك الكثير من النظريات التي تم اعتبارها مدحوضة ولكن لم يتم التخلي عنها, الاسباب: عدم وجود تقبل ثقافي للنظريات البديلة وبالتالي عدم الايمان بها... عوامل اقتصادية مثلا دولة لا تمتلك اموال لفتح مختبرات ضخمة التي قد تذهب هباء لو لن تصح الجديدة..او الانتظار لحين تظهر مفاهيم جديدة ومفرادات وموديلات جديدة ليتم قبولها ومنذ ثم تبنيها.. وايضا امثلة اخرى: المناهج العلمية بحد ذاتها ليست ثابتة خلال التاريخ, وكان هناك دائما ما يدحضها ومنها حتى منهجنا المعتمد الحالي, ولكن ما غيرها خلال التاريخ باستمرار (فذهبت مناهج وجاءت مناهج اخرى) لم تكن المبررات والكتب والحجج وانما التاريخ هو الذي يقرر متى يتخلى عنها ويتبع شئ جديد... هذه عملية معقدة تتداخل فيها عدة عوامل ومنها حتى معتقدات البشر. الذرة كابسط مثال كانت معروفة حتى قبل الميلاد ولكن ثقافة الشعوب ومعتقداتها رفضتها الى ان جاءت ثقافة اخرى ومعتقدات اخرى مثل المسيحية وقالوا لو اننا نؤمن بالرب الذي لا نراه فسنؤمن ايضا بوجود الذرة التي لا نراها. وهذه تطلبت ان يغير النسبة الاعظم للبشر في تلك المجتمعات من معتقداتهم وثقافاتهم وما يؤمنون به. والمثال الاخر: الالهة عند اليونانين تعرضت الى عدة دحوضات من قبل فلاسفة اليونان في وقتها ولكنها بقت وصمدت والذي جعلها تختفي اذن كانت ليست مبررات الفلاسفة ودحوضاتهم وانما التاريخ قرر ذلك. وحتى المسيحية , فمنذ 2000 سنة ولحد الان هناك افضل النخب العلمية من بايولوجين وكيميائين وفيزيائين وفلاسفة وعلى مر القرون ينتقدونها ويحاولون دحض وجود رب خالق ولكن كل المبررات والحجج العلمية الخ لا تفيد, فالتاريخ يقرر بنفسه ولوحده.
انظر عزيزي القارئ كيف يمكن وضع كل شئ تحت اسئلة وتقديم امثلة... وكيف يمكن شرح مواضيع معقدة بابسط طريقة بدلا من استعمال مصطلحات لا يفهمها الكثيرين. اذ انني كنت استطيع ان استعمل مصطلحات مثل "العقلانية النقدية والفلسفة الواقعية ومصطلحات منها وادع القراء يبحثون عنها في كتب طويلة.
سؤال: بعد كل هذا الشرح ما هي الصيغة التي قررها التاريخ الان؟
جوابي: حسنا, هذا كان ايضا سؤال للدكتور رابي حول كيف اذن انا اكتب عن التسمية.
التاريخ في يومنا هذا وفي لحظتنا التاريخية الحالية قرر بمشاركة افراد كل ابناء شعبنا وبقرار من كل واحد منهم باننا نمتلك ظاهرة قومية واحدة واضحة للعيان وقابلة للملاحظة والمشاهدة وهي ظاهرة القومية الاشورية.
التاريخ في يومنا هذا قرر بانه لا وجود لاية ظاهرة اسمها ظاهرة قومية كلدانية او سريانية.
اي انني عندما اتحدث عن التسميات فانني غير مهتم اطلاقا بالتاريخ القديم وما حدث في الماضي, وانا غير مؤمن بجدوى اي اجتماع يقوم به مختصين. انا مهتم بالتاريخ المحمول مع افراد ابناء شعبنا وكيف قرروا بان يبدوا في يومنا هذا.
اذ ان شخص ينتمي الى حزب كردي وكان عضو عن قائمة كردية في برلمان يفتح حزب فشل في عدة انتخابات لا يتم اعتباره جزء من ظاهرة قومية كلدانية... ووجود رابطة كلدانية التي لم نسمع عنها اي شئ منذ فترة طويلة والتي في بيان للبطريركية وصفتها ايضا بالنوم وبالتقاعس هي ايضا ليست جزء من اية ظاهرة قومية.
وفي احيان اخرى كان هناك من يقول بان القومية هي شعور.. انا في حينها تركتها تعبر لهم,, فانا شخصيا لو ادرت ظهري لطبيب الاسنان فهو لن يستطيع ان يعرف بهل انا لدي شعور بالالم في اسناني ام لا. انا كنت قد كتبت عن القومية الاشورية وقلت بانها الوحيدة التي تمتلك في داخلها مصدر للطاقة مخزون بشكل متراكم في تاريخ طويل لها وبان هذا المصدر للطاقة هو الذي يعطي الايمان القومي والتحفزيات. في وقتها كان هناك من حاول ان يرفض ما قلته, ولكن هم سرعان ما قالوا بانهم بحاجة الى تدخل البطريركية الكلدانية واعضاء السينودس كمصدر للطاقة؟ لماذا؟ لكي يتم نشر وعي قومي كلداني؟ لماذا ؟ لان الشعور ليس دليل على اي شئ.
هل انا ضد البقية؟ هل انا اكتب شماتة؟ هل انا ارفض او غرضي ان لا اعترف بالاخرين؟
جوابي: سؤال مضحك جدا. لماذا؟ لنفترض بان هناك الالاف الاشخاص من يمتلكون وعي قومي كلداني واضح للمشاهدة, من سيهمه اعترافي؟ بالطبع لا احد. ولكن هنا تكمن المشكلة. اذ لانه ليس هناك ظاهرة قومية كلدانية فهناك مشكلة نفسية, هناك شوق نفسي بان يحصلوا على اعتراف من احدهم, وهنا الافضل من القوميين الاشورين.
سؤال: وماذا كان سبب فشل المؤتمرات الكلدانية؟
جوابي: اذا كان المشتركين في هذه المؤتمرات قد امتلكوا منظرين او اعتمدوا على اي شئ نظري فانه كان شئ قديم, افكار نظرية قديمة. افكار تعتمد على افكار يسارية ماركسية: نخبة ومؤتمر واجتماع وكل شئ سيمتلك حل.
ولكن الحياة ليست بهذه السهولة. عند علماء ليبرالين كما عند علي الوردي وفي الغرب فان القرار التاريخي عبارة عن مجموع القرارت الفردية. وهنا كيف هي الطبيعة المعقدة للانسان فقد شرحها الدكتور رابي. ولكن الخطاء الذي يقع فيه الدكتور رابي هو انه لا يتوجه الى الناس, وانما يفكر بانه يستطيع ان يضعهم في مختبر وبالتالي يعتبر نفسه المختص اللذي سقرر بدلا عنهم. ولكن دعني اطرح سؤال للقراء عن الانسان هكذا, سؤال عام عن انسان معين: كان هناك في الاخبار خبرعن شخص بريطاني كان يمتلك الملايين وتركها كلها وقرر ان يعيش حياة بسيطة في منطقة في افريقيا. السؤال الان هو لماذا قرر ذلك؟ هل يستطيع احد الاجابة؟ هل يمكن عقد مؤتمر بين المختصين لمعرفة السبب؟ بالطبع كلا. اذا اردنا ان نعرف السبب علينا ان نساله. والان مالذي يجعل شخص يهتم بشئ قومي , باللغة الام مثلا؟ بارض الاجداد مثلا؟ الجواب هو نفسه, ينبغي توجيه السؤال لهم ومن ثم التفكير ايضا في كيف يرون المحفزات المطلوبة...هكذا تكون المؤتمرات التي تمتلك اساس.
وعودة الى الفكر الليبرالي: المنظر في الفكر الحديث كان سيطلب من المؤتمرات الكلدانية ان لا تقوم بالقسم على كتاب مقدس, وانما ان يعترف بالحقيقة حتى لو كانت مرة. هكذا هو التفكير الليبرالي واقصد المناهج العلمية المستمدة من الفكر والمجتمع الليبرالي. فهم كانوا بحاجة الى منظر يقول لهم ما يلي: اعترفوا الان في بداية المؤتمر بعدم وجود اية ظاهرة قومية كلدانية. وبعد ان تعترفوا بذلك نناقش ما يجب عمله. هكذا اعتراف ما كان سيكون مذلة, وانما كان سيكون عبارة عن مؤتمر يمتلك اساس قوي لكونه يعتمد على الحقيقة. وكان يمكن الاستفادة من الوقت بدلا من تضيعه. فقضية خلق محفزات ووعي وطاقة وايمان تحتاج الى وقت طويل جدا. واعتقد بان الدكتور رابي كان من الافضل ان يخصص كتابه ليطلب من الاخرين بان يعترفوا بهكذا حقائق.
وبعد ان طرحت عدة اسئلة لنفسي, ساقوم انا الان بطرح سؤال : ما الذي سيفيد لو اعترف بضعة اشخاص في هذا الانترنت بوجود ظاهرة قومية كلدانية ؟ هل سيجعل منها ظاهرة في الواقع؟ هل هذا سيخلق لها اي اساس, ام سيكون عبارة اساس هش لكونه مبني عن اقناع النفس باوهام لا حقيقة لها؟ فاذا كان هناك جهة تريد ان تفرض امر على الاخرين فهي الجهة التي تريد من الاخرين بان يعترفوا بوجود ظاهرة لا وجود لها في يومنا هذا. واركز مجددا على التاريخ في يومنا هذا ولا رغبة لي بمناقشة اي تاريخ قديم.
واقول بانني لست فقط ضد وجود فكرة اسمها الصراع كما وضحتها بدقة في شريط خاص. وانما انا ايضا لا ارى اي وجود لظاهرة قومية كلدانية او سريانية حتى نكتب كتاب اسمه الاشوريين والكلدان والسريان المعاصرين. .
ولكن الجملة الاخيرة لم تكن جوهر ومركز كتابتي, وانما كنت اريد ان اركز بان التاريخ هو من يقرر كل شئ وليس المختصين بالتاريخ وليس علم التاريخ وليس علم الاجتماع ولا اية علوم اخرى .
كل فرد من ابناء شعبنا يقرر الان بنفسه, فكل فرد بالفعل يقرر هل لغتنا الام مهمة له ام لا؟ اذا لا ستموت واذا نعم ستحيا... وهكذا يكون بناء قرار التاريخ. وكل فرد من ابناء شعبنا يقرر ايضا بهل نريد ان نطالب بحقوقنا وارض اجدادنا ام لا, اذا لا فاحتمال كبير ان تختفي ارضنا ونخسرها الى الابد واذا نعم فاحتمال كبير ان نحافظ عليها... هكذا هو قرار التاريخ.
تحياتي للجميع