المحرر موضوع: تغيير النظام السياسي ورقة حزب الله للاستحواذ الكامل على لبنان  (زيارة 1083 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31478
    • مشاهدة الملف الشخصي
تغيير النظام السياسي ورقة حزب الله للاستحواذ الكامل على لبنان
المثالثة هدفها تقليص الدور المسيحي في مؤسسات صنع القرار، ومطلب شيعي مبطّن قد يدخل لبنان في دوامة الحرب الأهلية.
العرب / عنكاوا كوم

المسيحيون يتحدون لرفض دعوات الشيعة
تزامنا مع تصدّع الانقسام السياسي في لبنان بعدما عجز رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عن تشكيل حكومته إلى اليوم، تراهن أطراف سياسية في مقدّمتها حزب الله على إدخال لبنان في بلبلة ومآزق أخرى، عبر الدفع غير المعلن لوجوب تغيير النظام السياسي سعيا لإرساء قواعد قانونية جديدة لشكل الحكم المستند منذ عام 1989 على اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية. وتهدف المقترحات الجديدة إلى فرض صيغة المثالثة التي باتت تؤرق القادة المارونيين والمسيحيين بشكل عام في لبنان.

بيروت - سمح تعثّر المفاوضات الماراثونية وعدم توصّل رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري إلى الإعلان عن فريقه الحكومي، بظهور بعض المؤشرات السياسية التي تفيد بأن بعض الأطراف السياسية الشيعية تسعى إلى المزيد من دوائر الأزمة السياسية في البلاد بالدفع نحو إحداث تغييرات في النظام السياسي عبر التمرّد على اتفاق الطائف للمضي قدما في المرور من صيغة المناصفة إلى المثالثة.

وبعدما أطل نظام المثالثة برأسه من جديد على الساحة اللبنانية، تشير كل الكواليس السياسية في البلد إلى أن الأطراف الدافعة بقوة إلى ذلك تتمثل أساسا في حزب الله الذي يريد فرض ذلك بطريقة مبطنة دون أن يعلن ذلك على الملأ.

ويحذّر مراقبون للساحة السياسية اللبنانية من أن يأخذ جدل تشكيل الحكومة أبعادا خطيرة قد تتجاوز مطبّات العقد الطائفية لتصل إلى حدّ تفخيخ صلاحيات رئيس الحكومة وتوزيعها على المكونات السياسية المشكلة لها، ليتجاوز النقاش مسألة توزيع الحقائب ويصل إلى حد المطالبة بتغيير النظام السياسي المرتكز على اتفاق الطائف المبرم عام 1989 والذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية.

هذه التعديلات التي تروج في المشهد اللبناني، ترتبط أساسا بمؤتمر تأسيسي على غرار “اتفاق الطائف”، الذي أنهى حربا أهلية بين الفرقاء اللبنانيين دامت 15 عاما، وتم التوصل إليه في 1989، بوساطة سعودية.

وتماشيا مع اللوائح المعمول بها بعد الاتفاق، الذي أسس للمحاصصة الطائفية، يكون رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا، ورئيس مجلس النواب شيعيا، ورئيس مجلس الوزراء سنيا.

ويعتبر العديد من المشرعين اللبنانيين أن خطورة الأمر قد تعيد لبنان إلى مربع ملتهب ساهم في نشوب حرب أهلية دامت 15 عاما، وأن الرئيس ميشال عون الذي لم يعترف باتفاق الطائف عام 1989، يحاول اللجوء إلى ممارسات لتفخيخ صلاحيات الرؤساء الأخرى، ولاسيما رئيس الحكومة، من خلال أعراف لا تتسق مع النظام السياسي اللبناني الراهن.

وتهدف تعديلات المثالثة المطروحة إعلاميا، بحسب تخوفات المسيحيين، إلى تقليص الدور المسيحي في كافة مؤسسات صنع القرار، وهو ما جعل من الحديث عن تلك التعديلات كابوسا يراود الطوائف المسيحية في لبنان.

وظهر ذلك جليا في صرخة أطلقها الكاردينال الماروني اللبناني، مار بشارة بطرس الراعي، قبل أيام، خلال لقاء جمع 34 شخصية مسيحية من رؤساء الكتل النيابية ونوابهم، في البطريركية المارونية شرقي العاصمة بيروت.

قال الكاردينال الماروني إن “من أسباب الأزمة السياسية عدم تطبيق الدستور واتفاق الطائف، مما جعل المؤسسات الدستورية ملك الطوائف لا الدولة، في حين يُحكى في السر والعلن عن مؤتمر تأسيسي ومثالثة في الحكم تضرب العيش المشترك”.

ويعترف العارفون بخبايا الأزمة السياسية بأن المثالثة هي مطلب مبطن لـحزب الله، فرغم أن الحزب الشيعي لم يطالب بذلك في العلن فإنه في المقابل لم يستنكره ولم يتمسّك باتفاق الطائف.

والمقصود بـ”المثالثة” هو تقسيم عملية صناعة القرار بين السنة والشيعة والمسيحيين، بدلا من المناصفة الحالية بين المسلمين والمسيحيين، مما يعني، بحسب تخوفات مسيحية، الانتقاص من الدور المسيحي.

وتناهض الطوائف المسيحية اللبنانيةُ المثالثةَ، باعتبار أن أي تغيير في النظام السياسي يعني بالضرورة تقليص تمثيلها، وتحجيم دور المسيحيين الفاعل في السياسة على مستوى القرار، عبر مثالثة تشكّل خطرا على الدور السياسي المسيحي.

مغامرة مزعجة

عماد واكيم: هناك تخوفٌ حقيقي لدى المسيحيين من الدعوة إلى صيغة المثالثة
تختلف التقييمات في لبنان بشأن صاحب الدعوة الأساسي المطالب بالمثالثة، ورغم الإجماع على أن حزب الله هو صاحب المبادرة الأصلي، فإن عدة أطراف أيضا تقر بأن ميشال عون وصهره جبران باسيل يحاولان إعادة إحياء دعوات سابقة أثارها حزب الله حول المثالثة والمؤتمر التأسيسي، من خلال مناورات جديدة لا تحمل هذه الأسماء لكن هدفها واحد هو العبور نحو نظام سياسي جديد يتوافق مع خطط حزب الله في الهيمنة على الحياة السياسية اللبنانية.

و يقول وزير الداخلية والبلديات الأسبق، زياد بارود، إن “الحديث اليوم عن أزمة نظام هو أمرٌ مبالغٌ فيه؛ فالأزمة السياسية في لبنان قائمة منذ زمن”، مضيفا أن “لبنان في أزمة نظام سياسي منذ عام 1943، تاريخ استقلاله عن الانتداب الفرنسي، مرورا بعام 1990، واتفاق الطائف، فالاستقرار السياسي عبر النظام لم يتحقق، بدليل المطالبات العديدة بتعديل أو معالجة الثغرات التي أنتجها النظام في لبنان”.

ورأى أن “ما يحصل اليوم لن يؤدي بالضرورة إلى تعديل هذا النظام في المدى المنظور، لسببَين على الأقل، أولا أن المناخ غير مُوَاتٍ إطلاقا لمغامرة كهذه، وثانيا لأن موازين القوى اللبنانية لا تسمح لأي فريق بأن يفرض على الآخرين نظاما جديدا أو آلية حكم جديدة”.

وأكد على أن  “إعادة النظر بالدساتير والأنظمة أمر مشروع في كل الدول، شرط أن يأتي بنتيجة توافق ونقاش وطني وليس بنتيجة انقلاب أو ضغط ما”.

وبرّر بارود توصيفه لتعديل الدستور بالمغامرة قائلا “على اعتبار أن الخلاف على تعيين وزير يعطّل تشكيل الحكومة في لبنان لأشهر، فكيف إذا كان الموضوع على مستوى النقاش في الدستور”، في إشارة إلى التوتر الذي يمكن أن ينتج عن هذا الأمر.

مخاوف المسيحيين
أثارت الكواليس التي تشير إلى وجود أطراف سياسية دافعة نحو تعديل النظام السياسي، توجسات الأطراف المسيحية، ما أجبر الطائفة المارونية على الاجتماع في مقر البطريركية المارونية في منطقة بكركي، شرق العاصمة اللبنانية بيروت للتحذير من انفجار يطيح بالكيان اللبناني، ورفض المثالثة في إدارة الدولة.

هنا، لا ينكر النائب البرلماني في تكتّل “الجمهورية القوية”، عماد واكيم، وجود “تخوف حقيقي على المستوى المسيحي من خطوة المؤتمر التأسيسي”، مضيفا أن هناك “مجابهة لهذه الخطوة، لما تشكّله من خطورة على هوية لبنان، التي تميّزه عن غيره من دول الشرق الأوسط، وهي الوجود المسيحي كعمود فقري، وحرية المسيحيين في العمل السياسي”.

وأرجع التخوف المسيحي من أي تعديل قد يطرأ على النظام السياسي إلى “ارتباط التعديل بالمثالثة، التي تطالب بها بعض الأطراف سرا، أي تقليص التمثيل المسيحي من المناصفة، التي يضمنها النظام الحالي، إلى المثالثة”.

وحذر واكيم من أن “قضم (تقليص) الدور المسيحي على مستوى القرار في السياسة اللبنانية قد يؤسس لتغيير وجه لبنان المعروف بالتنوّع والتعايش المشترك”. ورأى أن “الحل يكون بتطبيق النظام الحالي، بدلا من تعديله، وقيام الدولة الحاضنة للجميع”.

الدستور اللبناني لا ينص على مهلة محددة لتشكيل الحكومة
وشدد على أن “مسيحيي لبنان ليسوا ضد أي تعديل في النظام، كالتوجه نحو دولة مدنية مثلا، بل ضد أي تعديل يمسّ بجوهر لبنان المرتبط بالحضور الفاعل للطوائف المسيحية، على عكس باقي الدول العربية”.

وسيشوب هذه المساعي -إن ظهرت على أرض الواقع- العديد من الخروقات والثغرات القانونية التي تتلاءم مع طبيعة الساحة السياسية اللبنانية التي تعيش على وقع أزمة خانقة.

ويعرّف الخبير الدستوري اللبناني، ماجد فياض، مصطلح “المؤتمر التأسيسي” بقوله “عندما يستعمل بعض السياسيين أو القانونيين الدستوريين هذا التعبير يعنون إعادة النظر في اتفاق الطائف، الذي باتت بعض بنوده موادا في الدستور اللبناني، في أيلول (سبتمبر) 1990”.

وتابع فياض قائلا “البعض يستعمل التهديد بالمؤتمر التأسيسي من وقت إلى آخر لتحقيق غايات سياسية، وأحيانا لتخويف الناس كي لا يحلموا ولا يأملوا في أن يكون هناك اتفاق بديل للطائف يؤمّن المواطنة الشاملة خارج القيود الطائفية والمذهبية”.

وأوضح أن “الدستور اللبناني القائم على التوافقات والتنازلات التي تمت في الطائف تنجلي فيه ثغرات عديدة تعيق الحكم الرشيد في البلد، ويجب إعادة النظر فيه بصورة تمكّن من تلافي الإشكالات السياسية والوطنية”.

وعلى سبيل المثال، قال فياض إن “المشاكل المتصلة بمهلة تأليف الحكومة وحق تأليفها بمعزل عن أي تدخل، هي من الثغرات التي تحتم بطريقة أو بأخرى إعادة النظر في الدستور اللبناني”.

يشار إلى أن الدستور اللبناني لا ينص على مهلة لتشكيل الحكومة. ومنذ مايو 2018 لم يتمكن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من تأليف الحكومة، وسط اتهامات متبادلة بين الفرقاء السياسيين؛ كل يتهم الآخر بأنه المسؤول عن هذا التعطيل.