الكاردينال ساكو وبرلمانيي الحظ وسياسيي الصدفة!
ما يتعرض له شعبنا الكلداني السرياني الاشوري في العراق من تهميش واقصاء وتحريض وتكفير وعمليات تهجير قسرية ...الخ لا يبشر بالخير ابدا، لكن رغم كل ذلك كنا كشعب نتمسك ببصيص من الامل لرفع الغبن تدريجيا والعيش بكرامة في وطن بني بسواعد اباءنا واجدادنا، وبصيص املنا هذا لم يكن فانوسا سحريا لنمسحه فيخرج الجن فتلبى طلباتنا بلمح بصر!، بل بصيص املنا هذا كان المخلصين والصادقين من رجال الدين والسياسية الذين حملوا همومنا وشعروا بمصابنا ... لكن هيهات لشعب ان ينهض ويتعافى اذا كان دائه منه وفيه.
لا احد ولا شي يستطيع ان يكبح جموح وطموحات المغرورين والمصابين بداء العظمة، خصوصا عندما يكون هؤلاء المرضى في موضع القيادة فيهلكون ويفنون شعوبا لارضاء شهواتهم الشاذة، ويشبههم او يتطابق معهم في ذلك الانتهازيين الذين يكرسون الشعب وقضيته لخدمة مصالحهم ومنافعهم الشخصية.
ما دمر شعبنا واضاع مستقبله وافنى وجوده هو ابتلائه بالانتهازيين والجهلاء من الساسة الذين تعاملوا مع مآسينا كسلم لتسلق المناصب وحصد المنافع دون مراعاة ادنى حد لمصالح شعبنا النازف، فكان همهم الوحيد الوصول الى قمة المسؤولية ( اللامسؤولية ) والاغتناء، سالكين كل الطرق والدروب الملتوية متناطحين متنافسين بصورة لا شريفة على مناصب صورية وكارتونية فكانت النتيجة استفادة بضعة اشخاص من امتيازات هذه المناصب وبالمقابل ضياع وفناء شعب بالكامل.
معاناة شعبنا الكلدني السرياني الاشوري كثيرة بحيث اصبحت لا تعد ولا تحصى، والذين وقفوا معنا سواء من بيتنا القومي/الديني او من خارجه كانوا قلائل مقارنة بحجم المعاناة والمآسي، فكان من ابناء شعبنا ساسة ورموز قومية ورجال دين عملوا وضحوا بالكثير لاجل قضيتنا محاولين اخراجنا من الوحل الذي نتمرغ فيه منذ عقود طويلة، لكن النتيجة كانت التطاول عليهم والتشهير بهم وتجريحهم من قبل الذين لا يعرفون من السياسة والقضية سوى ما يدخل في جيوبهم من مال الحرام.
بعد كل المحن والصعوبات التي تعرض/يتعرض لها ابناء شعبنا كنا نتمنى وننتظر من المتاجرين بقضيتنا ان يصحو ضميرهم ووجدانهم ويتركوا الخلافات المصالحية جانبا ويحاولوا ولو ظاهريا توحيد خطابنا السياسي الذي هو شرط اساسي لتلبية مطاليبنا وحفظ وصيانة حقوقنا، لكن للاسف المناصب الصورية والمصالح الشخصية كانت اهم واسمى من كل عذاباتنا.
ليس خافيا على احد جهود واعمال ونشاطات غبطة الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو اللامتناهية من اجل المسيحيين، فكان بمعية سيادة المطران مار بشار متي وردة رئيس اساقفة ايبارشية اربيل الكلدانية من الاوائل والقلائل الذين واصلوا الليل بالنهار لاحتواء ازمة النازحين ابان احتلال داعش لمحافظة نينوى وسهل نينوى ولم يبخلوا بجهد لمساعدتهم ماديا ومعنويا للخروج من هذه المحنة فدقوا جميع الابواب وناشدوا الدول والمنظمات لتقديم المساعدات اللازمة للنازحين... ولا تزال انشطتهم مستمرة لتعمير قرانا وبلداتنا المدمرة، اضافة الى ذلك كان غبطة الكاردينال العين الساهرة على مصالح المسيحيين وما يمس معتقداتهم الدينية من انتقاص فرفض بكل جرأة الخطابات التكفيرية والتحريضية وانتقد المناهج الدراسية التي تحض على الكراهية ...الخ، وبالمقابل قام بضعة سياسيين طارئين على السياسة وعلى الشعب الذين دخلوا البرلمان بضربة حظ بنقده وفي بعض الاحيان بالتطاول عليه والتشهير به وتعاملوا معه كخصم وعدو وليس كمرجعية دينية يجب احترامها والتشاور معها في ما يخص قضية شعبنا، ليس لكونه مرجعية دينية فقط بل للعمل الجبار الذي يقوم به غبطته ومتابعته المستمرة لكل ما يخص شعبنا ومحاولة تحسين احواله لبعث روح الامل في نفسه من جديد.
الاحتفال من قبل بعض النواب المسيحيين! الحاليين والسابقين لعدم توزير مرشحي غبطة الكاردينال في كابينة السيد عادل عبد المهدي وعد ذلك ( من قبل هؤلاء النواب ) انتصارا للعلمانية في العراق يثير القرف والاشمئزاز ويدعو الى الضحك خصوصا عندما تطلق هكذا تصريحات من اقليات دينية مسحوقة تعرف حجمها وقدرتها في حكومة طائفية ( دينية ) بامتياز، لان الجميع على علم ودراية بكيفية واسس تشكيل الحكومة العراقية. اما بخصوص عدم جواز تدخل غبطة الكاردينال بالسياسة لانه رجل دين، ولشعبنا المسيحي عشرات الاحزاب ومئات السياسيين المخلصين !! الذين يعرفون جيدا كيف يقايضون معاناتنا ودمائنا بالمناصب وامتيازاتها ( هل يستطيع هؤلاء ان يوضحوا ويشرحوا لنا الفرق بين الدين والسياسية؟ ولماذا يحرم على رجل الدين التدخل في السياسة وممارستها خصوصا عندما لا يخلط بين الاثنين ولا يدعو الى فرض وتطبيق معتقداته الدينية عنوة وبالقوة؟ )، فانا اتفق معهم كليا ليس لايماني بصحة طروحاتهم ونظرياتهم! بل بالعكس لان جهود واعمال غبطة الكاردينال اسمى واعلى واشرف من السياسة! التي يتبعها هؤلاء والتي تعني الكذب والتضليل والخداع والمتاجرة.
اخر الكلام:- العظمة بالاعمال وليس بالكلمات الكبيرة، لذلك نطلب من المنتقدين ان يكشفوا لنا اوراقهم لما قدموه لشعبنا من خدمات طيلة فترة مكثوهم في قبة البرلمان؟ وان يوضحوا لنا كيف وقفوا مع محن شعبنا ومسلسل تهجيره المبرمج؟ وماذا فعلوا وكيف ساعدوا ابناء شعبنا ابان غزوة داعش؟ وما هي خططهم لتحسين حاضرنا وضمان مستقبلنا في وطن كنا اصلائه؟ ولماذا يبكون على المادة 26 من قانون البطاقة الوطنية وغيرها من التشريعات والقوانين المجحفة بحق المسيحيين الان وهم نفسهم وافقوا عليها ومرروها دون اعتراض عندما كانوا في البرلمان؟ الم يكن لديهم خيار اخر مثل الانسحاب الجماعي ( اقصد النواب المسيحيين ) من الجلسة المعنية واصدار بيان اعتراض موحد من قبلهم على هذه المادة وغيرها لتقوية موقفنا؟
يقينا ان الاجابة على هذه الاسئلة صعب ان لم يكن مستحيلا لذلك اطلب من المزايدين والمتاجرين بقضيتنا ان لا يكونوا حجر عثرة امام الاعمال الخيرة والمثمرة للمخلصين من ابناء شعبنا، وعليهم ان يعرفوا جيدا ان العظمة والريادة لا تأتي بتقزيم اعمال الجبابرة بل بتقديم الافضل.
كوهر يوحنان عوديش
gawher75@yahoo.com