المحرر موضوع: في التربية والثقافة السياسية حول صلة الحزب بالجماهير  (زيارة 1179 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل خوشابا سولاقا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2340
    • مشاهدة الملف الشخصي
في التربية والثقافة السياسية
حول صلة الحزب بالجماهير
خوشــابا ســولاقا
إن أي حزب سياسي ذي طابع جماهيري بوصفة القوة الطليعية المنظمة الذي يسعى الى قيادة وتوجيه نضال الجماهير الشعبية في المجتمع أنه بحكم هذا الواقع باتَ يضطلع بمسؤولية كبيرة وعالية المستوى أمام جماهير الشعب التي اتخذ منها الساحة الفعلية لعمله النضالي الطبيعي في تحقيق تطلعاتها وطموحاتها التي أقرها في منهاجه السياسي وألزم نفسه بتحقيقها ، لذا يكون من واجب هذا الحزب ومن المفروض عليه أن يُأمن لنفسه قيادة من العناصر الكفوءة والمخلصة والنزيهة والمثقفة من ذوي الخبرة والحنكة السياسية وبمختلف المستويات التنظيمية والتثقيفية لقيادة العمل لكي يَتمكن من تحقيق أهدافه الأستراتيجية بصورة دقيقة وصحيحة بالأستناد على قاعدة موضوعية راسخة لا تتناقض مع مبادئه وتصوراته الفكرية ومنطلقاته النظرية .
من هنا فإن الواجب الملقي على عاتق الحزب بكل منظماته وعلى عاتق كل الكوادر الحزبية بدون إستثناء من القِمة الى أصغر عضو عامل في القاعدة تفرض عليهم جميعاً أن تتقن فن كل أشكال النضال وطرق العمل التنظيمي باستمرار لغرض توسيع وتعزيز وتوثيق الصلات والعلاقات مع الجماهير الشعبية في المجتمع بتواصل ومن دون إنقطاع لأدامة زخم الدعم الجماهير للحزب والتفافها حوله في نضاله ، وهنا تعتبر الصلة الدائمة والمستمرة بالجماهير مصدر أساسي مهم لديمومة قوة الحزب وعنفوانه وتجدده ومناعته في المواجهة والتصدي للتحديات المختلفة التي تواجهه  في مسيرته النضالية ، لذلك تعتبر حجم قوة دعم الجماهير الشعبية له معياراً لفعاليتة وقوته وقدرته على العطاء ، وهي في ذات الوقت أكبر قوة في المجتمع ، فالذي يكسبها الى جانبه يكسب النجاح والاستمرار في تحقيق أهدافه ، والذي يخسرها سيخسر كل أدوات القوة في الصراع والتحدي وبالتالي يخسر كل شيء .
من المبادئ الأساسية في التربية والثقافة الحزبية أن تكون ثقة الحزب ومناضليه بكل مستوياتهم قوية وعميقة وراسخة بقوى جماهير الشعب الخلاقة والمبدعة بكل شرائحه وفئآته وطبقاته الاجتماعية ، أي بمعنى آخر أن تكون للحزب من خلال تنظيماته السياسية والمهنية امتدادات عميقة الجذور وواسعة الشمول والانتشار في المجتمع وذلك من خلال إقامة الصلات والعلاقات القوية والراسخة مع مكونات المجتمع ، ومن خلال هذه الصلات والعلاقات يكون الحزب وثيق الصلة بالجماهير الشعبية وبوجودها يتحول الى قوة نضالية وكفاحية جبارة وفعالة في المجتمع لايمكن زعزعته وقهره أو حتى عرقلة مسيرته النضالية ، وخصوصاً إذا كانت أهداف وتطلعات الحزب متناغمة ومتناسقة مع نفس أهداف وتطلعات الجماهير الشعبية ، وهنا تكمن قوة الحزب في الأستمرار والديمومة والسير بثبات راسخ نحو أهدافه عندما يتمكن من إقناع الجماهير الشعبية بأنه على تواصل معها وقريبٌ منها من خلال إنجازاته العملية على أرض الواقع وأن أهدافه وتطلعاته هي ذاتها أهدافهم وتطلعاتهم من دون خداعهم وتضليلهم إعلامياً ، وعليه يتطلب يتطلب الأمر من الحزب الغوص عميقاً في منابع الأبداع الشعبي المتدفق لجعل من تلك المنابع مصدراً ملهماً له ومدافعاً عنيداً عن أهدافه ومبادئه وحارساً أميناً له في ذات الوقت .
من هنا تأتي أهمية بناء وتوطيد وتوثيق وتعزيز الصلات والعلاقات بين الحزب والجماهير ، ومن هنا تأتي أيضاً أهمية المبدأ الثابت الذي يجب ان يكون دائم الحضور في حياة الحزب السياسي ومناراً يسترشد به قيادييه وكوادره ، ألا وهو الحضور والوجود الدائمين مع الجماهير لتعزيز الروابط والدوافع التي تجذبها وتشدها بقوة إليه والأنخراط للعمل في صفوف منظماته . لذلك على الحزب أن يدعو كوادره القيادية وأعضائه وأنصاره وحتى أصدقائه وأن يطلب منهم بضرورة وحتمية التمسك بحزم وقوة بهذا المبدأ ، لأن القانون الأساس في أي حزب يقتضي بخدمة الجماهير الشعبية والسهر على تحقيق وتأمين الحاجات المادية والمعنوية لها ورفع من مستوى الوعي الحزبي لديهم وتطوير مستوى نشاطهم السياسي ، وكما ينبغي على الحزب أن يوجه كوادره العاملة من خلال سلوكهم وتصرفاتهم التقليدية في تعاطيهم مع الجماهير أن يَكّنوا إحتراماً عميقاً لأفكارهم وأرائهم ورغباتهم المطلبية المتجددة وأن يتمتعوا بسعة الصدر وبطول الصبر والأناة ، وعلى الحزب أن يعرف كيفية الأستفادة من التجربة النضالية التاريخية المتراكمة للجماهير الشعبية ، لأن الحزبي الذي لا يعرف كيف يستفيد من التجربة التاريخية للجماهير لا يساوي شيئاً في العمل الحزبي الجماهيري وفق معايير العمل السياسي المنضبط والرصين ، كما ينبغي ان لا يغيب عن ذاكرة المناضلين الحزبيين الحقيقيين أبداً أن العلاقات الوطيدة والراسخة التي تربط الحزب بالجماهير الشعبية تساعده لأن يُقَيّم بصورة موضوعية أفضل حاجاتها  ومصالحها وتطلعاتها ، وكما نؤكد على أن مناعة الحزب وقوته تكمن في صلاته وعلاقاته  المتينة مع الجماهير الشعبية والقائمة على أساس توفرالثقة المتبادلة بينهما ، وهنا يمكن أن نعطي تحديداً دقيقا وتعريفاً شاملاً لشكل العلاقة العضوية التي ينبغي أن تكون أو أن تؤسس وتنشأ بين الحزب والجماهير وكما يلي :-
" العيش في أعماق الجماهير بصورة دائمة ، محاولة معرفة عقليتهم ، محاولة معرفة كل شيء فيهم يخص حياتهم وطريقة تفكيرهم ، محاولة فهم مزاجهم وتطلعاتهم المستقبلية واهتماماتهم الآنية ، محاولة معرفة أساليب التعاطي والتعامل معهم واحترام خصوصياتهم ومعتقداتهم وتقاليدهم وطقوسهم الدينية والاجتماعية ، السعي الجاد لكسب ثقتهم المطلقة بأفكار ومبادئ وأهداف الحزب وولائهم له لكون الحزب منهم وإليهم " ، ولغرض وضع هذا المبدأ السامي في العمل الحزبي والحياة الحزبية موضع التطبيق العملي اليومي والتعايش معه ميدانياً ، على القادة الحزبيين بمختلف مستوياتهم في الهيكل التنظيمي أن يكونوا هم القدوة التي يقتدى بها ، وأن لا ينفصلوا عن الجماهير التي يقودونها ، وكما ينبغي على الطليعة الحزبية المناضلة ونخبها المتميزة في ضبطها وتضحياتها ونكران الذات أن لا تنفصل عن مجمل جيش العمل في الحياة الحزبية ، فالمطلوب إذن هو العيش في وسط وأعماق الجماهير ومعرفة عقليتها وفهمها ، وبالتالي معرفة كيفية العمل مع الناس والتعاطي معهم لكسب ثقتهم بمبادئ وأفكار وأهداف الحزب ، كما وينبغي أيضاً التعلم من الجماهير الشيء الكثير .. إن هذا النهج في العمل الحزبي المنضبط يجب أن يكون أحد أهم المبادئ الأساسية في سياسة الحزب الجماهيري ، وليس بامكان أحد كائن من يكون ومهما كانت قدراته الذاتية ومكانته القيادية في الحزب أن يقود الجماهير من الخارج ، أي من خارج وسطهم عن طريق إصدار الأوامر الفوقية إليها ، بل يمكنه ذلك عن طريق تقديم المثال النموذجي العملي لهم في الميدان بنشاطه الشخصي وتأثيره المعنوي وبقدرته على الأقناع وبقوة تنظيمه وحسه برصد توجه مزاج الجماهير ، حيث يجب على الحزبي المحترف أن يعطي من شخصه مثالاً حياً وانموذجاً عن القائد الملهم الحقيقي للجماهير من خلال تواجده الدائم في وسطهم ومشاركتهم همومهم وأحلامهم وتطلعاتهم المستقبلية وإرتباطه العضوي بهم .
هنا نؤكد أن المرتكزات الأساسية التي يجب أن يرتكز عليها الحزب لتحقيق وتعزيز وتقوية صلاته وعلاقاته بالجماهير الشعبية هي المنظمات الجماهيرية والتربوية مثل النقابات المهنية ، إتحادات الشباب والطلبة والنساء ، الجمعيات الفلاحية والخيرية الأنسانية ، وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني ، والمؤسسات الثقافية والأعلامية مثل الصحافة والأذاعة والتلفزيون والفضائيات والمواقع الألكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي من خلال شبكات الأنترنيت وغيرها من وسائل التواصل الحديثة التي وفرتها تكنولوجية المعلوماتية ، حيث تعتبر هذه الوسائل مجتمعة أحزمة النقل والتبادل والتواصل بين الحزب والجماهير في كل ما يتعلق بشؤون الحياة ، وعليه يعتبر العمل داخل هذه المنظمات والمؤسسات لأكتسابها الى جانب الحزب هو من أولى أولويات المناضلين الحزبيين ومن اهم واجباتهم ومهامهم النضالية ، وفي هدى هذه الرؤى النضالية في صفوف الجماهير تكتسب قضية أساليب ومبادئ قيادة الحزب للمنظمات المهنية والاجتماعية والثقافية والتربوية والأعلامية أهمية خاصة ذي بعد ثوري نابض بالحياة والحيوية ، لأنها تشكل الطريقة المثلى للتقرب من الجماهير الشعبية والعيش في وسطها عن قرب ومن ثم اكتسابها للانخراط في صفوف الحزب والارتباط المصيري به ، لأن الحزب من المفروض أن يكون قد تولى قيادة هذه المنظمات الجماهيرية وأصبح معلمها وموجهها في نضالها ، فهو الذي يرسم لها الخط السياسي الصحيح ويحدد المهام واتجاه النشاط العملي لها وينسق عملها ويمدها بالقوة عن طريق تزويدها بالملاكات الحزبية المقتدرة والواعية والمستوعبة لمبادئ ومهام وأهداف الحزب وللنظرية الفكرية التي يسترشد بها في عمله الفكري وكونه هو المعبر الحقيقي عن مصالح وطموحات وتطلعات الجماهير الشعبية بأسرها ، ومن حيث كون الحزب يمثل العقل المفكر الجمعي لها فهو بالتالي مؤهل وجدير بأن يوجه عمل كل هذه المنظمات وأن يسخرها ويضعها في خدمة تحقيق أهدافه الأستراتيجية التي يناضل من أجلها ، وأن لا يَدعها أن تتحول الى ما هو أشبه بأن تكون مؤسسات ومكاتب تجارية ذات ملكية خاصة تُسخر من قبل البعض من القياديين المتنفذين في قيادة الحزب لأجل تحقيق مصالح ومنافع شخصية أنانية على حساب مصلحة الحزب والقضية الأساسية التي يناضل من اجلها كما هو الحال مع الأسف الشديد وكما بات معروفاً للقاصي والداني في الأحزاب التي تدعي تمثيل أمتنا وقضيتها القومية اليوم ، بل على الحزب وقيادته ان تضع هذه المؤسسات في خدمة جماهيرها وقضيتها المركزية التي تدعى النضال من اجلها ، ومن المفروض بالقائمين على قيادة تنظيمات الحزب بكل مستوياتهم أن لا يكونوا إلا مجرد موظفين لدى الحزب يؤدون ما عليهم من الواجبات الحزبية وليس إلا .

   خوشــابا ســولاقا
بغداد –  31 / ك2 / 2019       
 

غير متصل هنري سـركيس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 976
    • مشاهدة الملف الشخصي
استاذ المهندس رابي خوشابا سولاقا المحترم
تحية طيبة
شكرا على هذا الموضوع المميز والرائع والطرح المبدع. استاذ العزيز امامنا كم هائل من المشاكل التي اصبحت تنهش الوطن الجريح بسبب الجهل الحزبي والسياسي. لذلك هناك اولويات على الاحزاب الاخذ بها من اجل اتاحة الفرص لها لاقامة علاقات متوازنة مع الجماهير.وبالتالي لابد وان يكون هناك برامج سياسية مخطط لها مسبقا يمكنها ان تعطي انطباعا واضحا عن طبيعة نشاطها الفكري والعملي، ولا ينبغي ان تكون نشاطات الاحزاب فوضويا او غير محكومة بعمل تنظيمي واضح المعالم. نحن في الوطن لا نستطيع الاستغناء عن الاحزاب، لكن الموضوع ينبغي ان يبقى ضمن حدود المصلحة العامة، ولا تنحصر اهداف الاحزاب بتحقيق المكاسب الحزبية او الفردية. لذلك نحن نحتاج في الوطن لبناء نظام سياسي جديد يخدم الشعب. فاليوم فان الاحزاب مطالبة بالتخطيط جيدا لعملية التثقيف والبناء الانسان العراقي الجديد. وتقبل مروري مع فائق محبتي
اخوك هنري سركيس

غير متصل خوشابا سولاقا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2340
    • مشاهدة الملف الشخصي
الى الأخ والصديق العزيز الكاتب والمحلل السياسي المبدع الأستاذ هنري سركيس المحترم
تقبلوا محبتنا الأخوية مع خالص تحياتنا الصادقة
شرفنا مروركم الكريم كالعادة بمقالنا بهذه المداخلة الرائعة التي تشاركنا فيها الرأي حول أهمية بناء صلة قوية بين أي حزب سياسي جماهيري والجماهير وتمتين استمرارها ليكون ذلك هو مبدأ ترسيخ وجود الحزب كوسيلة للتغير لتحقيق الأهداف التي أسس من أجلها .... وليس لدينا ما نضيفه على مداخلتكم المكملة لموضوع مقالنا ، مرة أخرى نكرر لكم جزيل شكرنا وفائق تقديرنا على متابعتكم الدائمة لكل ما نكتبه وننشره في هذا الموقع الكريم ..... دمتم والعائلة الكريمة بخير وسلام .

                               محبكم أخوكم وصديقكم : خوشابا سولاقا - بغداد