المحرر موضوع: الشاشة العائلية  (زيارة 849 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مارتن كورش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 129
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الشاشة العائلية
« في: 21:38 04/02/2019 »
الشاشة العائلية
من منا لا يتذكر أيام الستينيات إلى نهاية التسعينيات من القرن الماضي، في ليايلها كانت العائلة العراقية بكل أفرادها الجد والجدة والوالدي  والاولاد والبنات حتى صغار السن، وهم جالسون قبالة الشاشة العائلية ليراقبوا مشاهدة فلم السهرة! التي كانت تعرض في كل ليلة فلماً جديداً. لم يعرف المشاهدون وقتها إلا كل جديد ونافع لأفراد العائلة. بل الذي كان يجمع كل أفراد العائلة سوية هو جودة الفلم المعروض. ما كانت القنوات الأرضية وقتها تعرض فلماً مبتذلاً أو من غير فائدة بوجود الرقابة التي كان مقصها يقص كل مشهد غير أخلاقي. شتان ما بين البارحة واليوم صارت العائلة لا تجتمع قبالة شاشة التلفاز! لماذا يا ترى؟ ليس لأن الأذواق قد إختلفت. أو الرغبات قد تنوعت. بل لأن الفلم قد تغير. بعد أن كان يجمع أخذ يفرق. فلم البالغين أصبح يختلف عن فلم الشباب أو الصغار.تشاهد في الفلم الذي هو للكبار، قتلاً، خيانة، خلاعة، عنفاً وسبًا وشتماً... أما الفلم المخصص للذكور من الشباب ففي أحداثه الأكشن، الرعب، السطو المسلح ، التعدي من غير مبرر، فعل الجريمة والخلاعة. أما الإناث فممنوع عليهمنَّ الجلوس مع الكبار أو مع أشقائهنَّ! اذا أصبح المشاهد اليوم يشاهد فلما مسيئا للأخلاق، مضراً بالسلوك، مفسداً لكل علاقة إنسانية، هداماً للعادات والتقاليد ومسمماً للأفكار. هل يا ترى سأل المشاهد نفسه اليوم أين هو جالس؟ هو جالس في مسكن؟ أم في صالة عرض لكل ما يمتد إلى الشر بصلة؟ أنها آيدلوجية القبول بالمضر للنفوس والمسيء للسلوك للوقوع في شرك الرذيلة دون خجل أو خوف! أنظر حينما يجلس البعض من أجل مشاهدة مسلسل مدبلج! كيف يتعاطفون مع البطلة التي حبلت بالزنى؟ أو مع الإبن الذي  يعشق زوجة عمه! أنها مهزلة يتقبلها المشاهد! لماذا؟ لأنه رفض أن يقرأ ويطالع فذهب وقت فراغه الثمين في مهب الريح!
هل ممكن أن نجد حلاً لهذه الظاهرة التي أخذت تدمر الفكر الإجتماعي قبل الفردي؟
أنا متأكد بأني سأسمع ردوداً مخالفة للحل الذي سأطرحه! سيقول البعض:
•   ما عاد اليوم يشبه البارحة. ما عدنا نقوى على السيطرة على ريموند التلفاز. ما عدنا نقوى على التحكم بالهواتف الخلوية الذكية التي يقتنيها أولادنا. لا نفهم في حيثيات الشبكة العنكبوتية التي يتجول فيها أولادنا.
لكني أجيب قائلاً:
•   من السهل أن نجد حلاً نتشارك فيه جميعاً، العائلة مع جهات إجتماعية ورسمية وشبه الرسمية، كتاب ومؤلفين وفنانين ومثقفين نعمل بتكاتف لكي نطبق الحل ونلمس أثماره بأيدي فلاحية لا تفرقها عن تربة الوطن... تتقاسم كل هذه الجهات المسؤولية من أجل إعادة أفراد العائلة العراقية إلى سالف أيامها ولو لمدة ساعتين في اليوم ويفضل عند المساء أخذين بنظر الإعتبار مغناطيسية الهواتف الخلوية.
رأس خيط الحل الذي نبحث عنه يطلع من البيت ماراً بالمدارس إلى أن يصل إلى وزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة والأعلام، التي يفضل أن تسعى في حل من حلولها إلى إمتلاك فضائية تبث البرامج النافعة مستنبطة من واقع المجتمع العراقي بمختلف أطيافه. لنا في مجتمعنا العراقي ما لا يوجد في غيره من وجع، ألم، حزن وتهجير قسري وووو. من هذا الواقع ممكن أن يغرف الكاتب أو المنتج أو المخرج مسلسلاً أو فلماً أو برنامجاً وفقه يعود أفراد العائلة العراقية ليجتمعوا مساءً أمام الشاشة العائلية، عندئذ تعود الشاشة إلى سابق عهدها جامعة مفيدة لكل الأذواق والأعمار، وهي تعرض أثمار طيبة على مشاهديها ليخرج كل واحد منهم بفكرة مسعفة أو بدرس بليغ أو بفهم صحيح لعلاقة الحب أو حل لمشكلة عائلية أو.. كما يخرج الفلاح من حقله وهو سعيد بما حصد لأنه عرف كيف يزرع.
المحامي والقاص
مارتن كورش تمرس لولو